خُطْبَةُ الجُمُعَةِ، الثَّانِي عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَةِ 1444هـ
محمد بن مبارك الشرافي
إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}, {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكَلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَة، وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّار.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا هُوَ الثَّانِي مِنَ الأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْحَجِيجِ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، وَهَذِهِ الْأَيَّامُ تُسَمَّى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنَ الْأَحْكَامِ الْبَاقِيَةِ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ: التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَمِنْ أَحْكَامِهَا أيضا: أَنَّهَا وَقْتٌ لِذَبْحِ الأَضَاحِي فِي نَهَارِهَا وَلَيْلِهَا، وَلَكِنْ يَحْرُمُ صَوْمُهَا إِلَّا لِلْحاَجِّ الْمُتَمَتِّعِ أَوِ الْقَارِنِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، فَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ اَلْهَدْيَ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
وَعَلَيْهِ فَمَنْ كَانَ مُعْتَادًا أَنْ يَصُومَ الأَيَّامَ الْبِيضَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَلْيَتْرُكِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلا يَصُومَنَّهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَصُومُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا تَأَمَّلَ فِي الْأَيَّامِ وَرَأَى تَعَاقُبَ الدُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ عَرَفَ أَنَّ الْحَيَاةَ مَاضِيَةٌ وَأَنَّهَا لا تَبْقَى، فَاسْتَعَدَّ لِمُغَادَرَتِهَا، وَعَزَمَ وَحَزَمَ عَلَى الْفَوْزِ بِالآخِرَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
فَهَذِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ مِنَ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَيُعْتَبَرُ حِينَهَا مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَعَظَهُ بِأَنْ لا يَطْمَعَ فِي الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَعْتَبِرَ نَفْسَهُ فِيهَا غَرِيبًا بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْغَرِيبَ يَمَلُّ مِنْ حَالِهِ وَيُرِيدُ تَغْيِيرَهَا، أَوْ يَكُونُ كَالْمُسَافِرِ الذِي نَزَلَ بَلَدًا سُرْعَانَ مَا يُغَادِرُهَا.
وَقَدْ تَأَثَّرَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تَأَثُّرًا بَالِغًا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ لِطُلَّابِهِ وَمَنْ حَوْلَهُ: اسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ، فَحِينَ تُصْبِحُ اعْتَبِرْ نَفْسَكَ سَوْفَ تَمُوتُ قَبْلَ الْمَسَاءِ وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَاسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ فَقَدْ لا تُدْرِكُ الصَّبَاحَ.
فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا - أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ – أَنْ نَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنْ نَسْتَعِدَّ لِلانْتِقَالِ إِلَى الآخِرَةِ، التِي هِيَ الْحَيَاةُ الْبَاقِيَةُ، التِي لا زَوَالَ بَعْدَهَا، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِاْلَعَمَلِ الصَّالِحِ الْمُوَافِقِ لِهَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَنَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَنُصَلِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَوْقَاتِهَا وَنَتَزَوَّدَ مِنَ النَّوَافِلِ مَا اسْتَطَعْنَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ قَدْ بَدَأُوا فِي الْإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ، وَهِيَ إِجَازَةٌ تَمْتَدُّ إِلَى بِدَايَةِ شَهْرِ صَفَرَ، وَالْإِجَازَةُ مِنْ أَعْمَارِنَا، وَالْإِنَسَانُ يَقْضِي فِيهَا حَقَّ نَفْسِهِ وَحَقَّ أَهْلِهِ وَحَقَّ أَقَارِبِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ : هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِمَّا تُسْتَغَلُّ فِيهِ الْأَوْقَاتُ عُمُومًا، وَهَذِهِ الإِجَازَةُ خُصُوصًا هُوَ حُضُورُ الْبَرَامِجِ الْعِلْمِيَّةِ مِنَ الدُّرُوسِ وَالدَّوْرَاتِ الصَّيْفِيَّةِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالْمُتُونِ الْعِلْمِيَّةِ حِفْظًا وَشَرْحًا، التِي تُقَامُ فِي مُخْتَلَفِ مُدُنِ وُمَحَافَظَاتِ بِلادِنَا عَسَى اللهُ أَنْ يُتِمَّ عَلَيْنَا نِعْمَتَهُ مِنَ الْأَمْنِ وَالْأَمَانِ، وَأَنْ يُبْقِيَ التَّوْحِيدَ وَالسُّنَّةَ، وَأَنْ يَحْفَظَ وُلاةَ أَمْرِنَا وَعُلَمَاءَنَا وُيَسَدِّدَ خُطَاهُمْ لِنُصْرَةِ الدِّينِ وَالْعَقِيدَةِ.
وِإِنِّي أَحُثُّ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ – وَلاسِيَّمَا الشَّبَابَ – بِالْإِقْبَالِ الصَّادِقِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، فَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَجْرِ الْأُخُرَوِيِّ وَالسَّعَادَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَفِيهِ مِنَ الْأُنْسِ وَالطُّمْأَنْيِنَةِ وَرَاحَةِ النَّفْسِ مَا لا يَعْلَمُهُ إِلَّا مَنْ جَرَّبَهُ بِصِدْقٍ، كَيْفَ لا ؟ وَهُوَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الدَّينِ؟ كَيْفَ لا ؟ وَأَنْتَ تَعِيشُ مَعَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالسَّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ بِالتَّزَوُّدِ مِنَ الْعِلْمِ فَقَالَ {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي؟ قَالَ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ ؟ قَالَ: لَا، مَا جِئْتُ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ, قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)، فَتَأَمَّلُوا هَذَا الحَدِيثَ أَيُّهَا الشَّبَابَ, وَاقْتَدُوا بِسَلِفَنَا الصَّالِحَ فِي طَلَبِ العِلْمِ وَبَذْلِ الأَوْقَاتِ فِيهِ, وَشَارِكُوا فِي حُضُورِ حَلَقَاتِ القُرْآنِ وَمَجَالِسِ العِلْمِ, وَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمُ تَكْسَبُونَ الْأَجْرَ، وَتسْعَدُون فِي دنياكم وأخراكم.
فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُسلِمِينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا وَأكْرِمنَا ولا تُهنَّا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين.
المرفقات
1687789372__خُطْبَةُ الجُمُعَةِ، الثَّانِي عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَةِ 1444هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق