خطبة الجمعة الثالث من ربيع الثاني 1444هـ
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
أما بعد فاتقوا الله عباد الله (( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) قال الطبري رحمه الله (( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ )) قال الذي أَمَرَكُم ربُّكُم بفِعْلِهِ. أيها المسلمون إنَّ من فضلِ اللهِ علينا أن نوَّعَ لنا أبواب الخير في كتابه المبين وسنةِ نبيه الكريم قال صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ( على كُلِّ مُسلمٍ صَدَقَةٌ فقالُوا يا نبيَّ اللهِ فمَنْ لم يَجِدْ قالَ يَعْمَلُ بيَدِهِ فيَنْفَعُ نفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالوا فإن لم يَجِد قالَ يُعِينُ ذا الحاجةِ الملْهُوفَ قالوا فإنْ لم يَجِدْ قالَ فلْيَعْمَلْ بالمعروفِ ولْيُمْسِكْ عنِ الشَّرِّ فإنها لَهُ صَدَقَةٌ ) متفق عليه ومن أبواب الخير كذلك نفعُ أخيكَ المسلم فعن عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ عن بعضِ أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ قيلَ يا رسولَ اللهِ مَن أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ قالَ أنْفَعُهُم للنَّاسِ وإنَّ أحَبَّ الأعمالِ إلى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُؤمِنٍ تَكْشِفُ عنهُ كَرْباً أو تَقْضِي عنهُ دَيْناً أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعاً ولأَنْ أَمْشيَ معَ أخي المسلمِ في حاجةٍ أَحَبُّ إليَّ من أنْ أعْتَكِفَ شهرينِ في مسجدٍ ومَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ ومَن كَظَمَ غَيْظَهُ ولو شاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رِضىً ومَنْ مَشَى معَ أخِيهِ المسلمِ في حاجةٍ حتى يُثْبِتَها لهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يومَ تَزِلُّ الأقدامُ وإنَّ سُوءَ الخُلُقِ لَيُفْسِدُ العَمَلَ كمَا يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ ) رواه ابن أبي الدُّنيا ومن أبواب الخير أن تكون مفتاحاً للخير قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ( إنَّ مِنَ الناسِ مفاتيحَ للخيرِ مغاليقَ للشَّرِّ وإنَّ منَ الناسِ مفاتيحَ للشَّرِّ مغاليقَ للخيرِ فطُوبَى لِمَن جَعَلَ اللهُ مفاتيحَ الخيرِ على يَدَيْهِ ووَيْلٌ لمن جَعَلَ اللهُ مفاتيحَ الشَّرِّ على يَدَيْهِ ) رواه ابن ماجه وصحَّحه ابن حبان ومن أبواب الخير أن تكُفَّ شرَّكَ عن الناسِ فعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قالَ قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ الأعمالِ أفضَلُ قالَ الإيمانُ باللهِ والجِهادُ في سبيلِهِ قالَ قُلتُ أيُّ الرِّقابِ أفضَلُ قالَ أَنْفَسُهَا عندَ أهْلِهَا وأَكْثَرُها ثَمَناً قالَ قُلتُ فإن لَم أَفْعَلْ قالَ تُعِينُ صانعاً أوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ قالَ قلتُ يا رسولَ اللهِ أرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بعضِ العَمَلِ قالَ تَكُفُّ شَرَّكَ عنِ الناسِ فإنهَا صَدَقَةٌ منكَ على نَفْسِكَ ) رواه مسلم فاتقوا الله عباد الله (( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ))
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيهِ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
أمَّا بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنَّ لفعل الخير ثمرات ومن ذلك صرف البلاء عن العبد قال صلى الله عليه وسلم) مَن نفَّسَ عَن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدُّنيا نفَّسَ اللهُ عنهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يومِ القيامَةِ ومَنْ يَسَّرَ على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليهِ في الدُّنيا والآخِرَةِ ومَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ ) وأُمُّ المؤمنين خديجةُ رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : واللهِ لا يُخزِيكَ اللهُ أبَداً إنكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وتَصْدُقُ الحدِيثَ وتَحْمِلُ الكَلَّ وتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ على نوائِبِ الحَقِّ( متفق عليه ويقول عليه الصلاة والسلام ( صَنائِعُ المعرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ وصَدَقَةُ السِّرِّ تُطفئُ غَضَبَ الرَّبِّ وصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في الْعُمُرِ ) ومن ثمرات فعل الخير حصول العفو والمغفرة قال صلى الله عليه وسلم : ( أُتِيَ اللهُ بعبْدٍ مِن عِبادِهِ آتاهُ اللهُ مالاً فقالَ لَهُ ماذا عَمِلْتَ في الدُّنيا قالَ ولا يَكْتُمُونَ اللهَ حدِيثاً قالَ يا رَبِّ آتَيْتَنِي مالَكَ فكُنْتُ أُبايعُ الناسَ وكانَ مِن خُلُقِي الجَوَازُ فكُنْتُ أتَيَسَّرُ على الْمُوسِرِ وأُنْظِرُ المُعْسِرَ فقالَ اللهُ أنا أَحَقُّ بذا مِنْكَ تجاوَزُوا عَن عَبْدِي ) رواه مسلم.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى نبيِّكُمْ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اللَّهُمَّ وَارْضَ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ
اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات
1666817740_خطبة الجمعة 3 ربيع الثاني 1444هـ.pdf
1666817755_خطبة الجمعة 3 ربيع الثاني 1444هـ.docx