خطبة الجمعة الثالث من المحرم 1445هـ عن فضل شهر الله المحرم ويوم عاشوراء
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/01/02 - 2023/07/20 17:56PM
الحَمدُ للهِ نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيرًا
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَيرَ الهَدْيِ هَدِيُ مُحَمَّدٍ ﷺ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلَّ ضلالةٍ في النارِ عِبَادَ الله قَبْلَ يَومْينِ وَدَّعْنَا عامًا هِجْرِيًا مَضَى شَاهِدًا لَنَا أَو عَلَينا بِمَا أودَعْنا فِيهِ (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) قَالَ اِبنُ كَثَيرٍ رَحِمَهُ اللهُ أيْ حَاسِبُوا أنفُسَكُمْ قَبْلَ أنْ تُحَاسَبُوا وَانْظُرُوا مَاذَا ادَّخَرْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِيومِ مَعَادِكُمْ وعَرْضِكُمْ عَلَى ربِّكُمْ ا.ه
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ وَمِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ أَنْ جَعَلَ آخِرَ شَهْرٍ فِي العَامِ شَهْرَ عِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ وَأَوَلَ شَهْرٍ فِي العَامِ شَهْرُ عِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ لِيَفْتَتَحَ المَرْءُ عَامَهُ بإِقْبَالِ وَيَخْتَتَمَهُ بِإقْبَالٍ قَالَ اِبْنُ رَجَب رَحِمَهُ اللهُ مَنْ صَامَ مِنْ ذِي الحِجَةِ وَصَامَ مِنْ المُحَرَّم فَقَدْ خَتَمَ السَّنَةَ بِالطَّاعَةِ وَافْتَتَحَهَا بِالطَّاعَةِ فَيُرْجَى أَنْ تُكْتَبَ لَهُ سَنَتَهُ كُلَهَا طَاعَةً فَإِنَّ مَنْ كَانَ أَوْلُ عَمَلِهِ طَاعَةً وَآخِرُهُ طَاعَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ اِسْتَغْرَقَ بِالطَّاعَةِ مَا بَينَ العَمَلَين ا.ه عِبَادَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عز وجل وَأَمَدَّ فِي أَعْمَارِنَا حَتَّى أَظَلَّنَا هَذَا الشَّهْرُ الْعَظِيمُ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ الْهِجْرِيَّةِ شَهْرٌ أَضَافَهُ ﷺ إِلَى اللهِ فَسَمَّاهُ شَهْرَ اللهِ الْمُحَرَّمَ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَأَحَدُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهَا (( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ))
وَقَدْ وَرَدَ الْفَضْلُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ صِيَامِ النَّافِلَةِ فِي شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : إِنَّمَا كَانَ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلَ الصِّيَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ فَكَانَ اسْتِفْتَاحُهَا بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ نَجَّى اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ لَمَّا قَدِمَ ﷺ المَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ﷺ مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَأَغَرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ إِنَّهُ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ وَيُوَافِقُ هَذَا العَامِ يَوْمَ الجُمُعَةِ الْقَادِمِ فَاحْرِصُوا عَلَى صَومِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ وَاحْتِسَابًا لِلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ قَالَ ﷺ ( صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءِ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التِي قَبْلَهُ ) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَمُخَالَفَةً لِليَهُودِ اسْتَحَبَّ ﷺ أَنْ نَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَو يَومًا بَعْدَهُ فَيُصَامُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مَعَ الْعَاشِرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ( لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ إِفْرَادُ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَيرَ الهَدْيِ هَدِيُ مُحَمَّدٍ ﷺ وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلَّ ضلالةٍ في النارِ عِبَادَ الله قَبْلَ يَومْينِ وَدَّعْنَا عامًا هِجْرِيًا مَضَى شَاهِدًا لَنَا أَو عَلَينا بِمَا أودَعْنا فِيهِ (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) قَالَ اِبنُ كَثَيرٍ رَحِمَهُ اللهُ أيْ حَاسِبُوا أنفُسَكُمْ قَبْلَ أنْ تُحَاسَبُوا وَانْظُرُوا مَاذَا ادَّخَرْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِيومِ مَعَادِكُمْ وعَرْضِكُمْ عَلَى ربِّكُمْ ا.ه
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ وَمِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ أَنْ جَعَلَ آخِرَ شَهْرٍ فِي العَامِ شَهْرَ عِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ وَأَوَلَ شَهْرٍ فِي العَامِ شَهْرُ عِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ لِيَفْتَتَحَ المَرْءُ عَامَهُ بإِقْبَالِ وَيَخْتَتَمَهُ بِإقْبَالٍ قَالَ اِبْنُ رَجَب رَحِمَهُ اللهُ مَنْ صَامَ مِنْ ذِي الحِجَةِ وَصَامَ مِنْ المُحَرَّم فَقَدْ خَتَمَ السَّنَةَ بِالطَّاعَةِ وَافْتَتَحَهَا بِالطَّاعَةِ فَيُرْجَى أَنْ تُكْتَبَ لَهُ سَنَتَهُ كُلَهَا طَاعَةً فَإِنَّ مَنْ كَانَ أَوْلُ عَمَلِهِ طَاعَةً وَآخِرُهُ طَاعَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ اِسْتَغْرَقَ بِالطَّاعَةِ مَا بَينَ العَمَلَين ا.ه عِبَادَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عز وجل وَأَمَدَّ فِي أَعْمَارِنَا حَتَّى أَظَلَّنَا هَذَا الشَّهْرُ الْعَظِيمُ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ الْهِجْرِيَّةِ شَهْرٌ أَضَافَهُ ﷺ إِلَى اللهِ فَسَمَّاهُ شَهْرَ اللهِ الْمُحَرَّمَ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَأَحَدُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهَا (( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ))
وَقَدْ وَرَدَ الْفَضْلُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ صِيَامِ النَّافِلَةِ فِي شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : إِنَّمَا كَانَ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلَ الصِّيَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ فَكَانَ اسْتِفْتَاحُهَا بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ نَجَّى اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ لَمَّا قَدِمَ ﷺ المَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ﷺ مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَأَغَرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ إِنَّهُ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ وَيُوَافِقُ هَذَا العَامِ يَوْمَ الجُمُعَةِ الْقَادِمِ فَاحْرِصُوا عَلَى صَومِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ وَاحْتِسَابًا لِلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ قَالَ ﷺ ( صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءِ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التِي قَبْلَهُ ) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَمُخَالَفَةً لِليَهُودِ اسْتَحَبَّ ﷺ أَنْ نَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَو يَومًا بَعْدَهُ فَيُصَامُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مَعَ الْعَاشِرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ( لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ إِفْرَادُ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات
1689864943_خطبة الجمعة الثالث من المحرم 1445هـ عن فضل شهر الله المحرم ويوم عاشوراء.pdf
1689864959_خطبة الجمعة الثالث من المحرم 1445هـ عن فضل شهر الله المحرم ويوم عاشوراء.docx