خطبة الجمعة الأول من ذي الحجة 1445هـ عن فضل العشر وتذكير الحجاج بسبل الوقاية

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/12/01 - 2024/06/07 00:26AM

الحمدُ للهِ لهُ من الحمدِ أسْمَاهُ وأسْنَاهُ ولهُ من الشُّكرِ أجزاهُ وأوفاه ولهُ من الثناء الحسنِ أجملهُ وأبهاهُ سبحانهُ وبحمده لا تُحصى نِعمُهُ ولا تُكافئُ مِنَنُهُ (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )) وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا ربَّ لنا سواهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ ومصطفاهُ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ واتباعه ومن اهتدى بهداهُ وسلِّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمنتهاه أمّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِي مَوسِمٍ عَظِيمٍ وَأَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّهَا أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ المُبَارَكَةِ فَضَّلَهَا اللَّهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ فَعَظَّمَ شَأْنَهَا وَأقْسَمَ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ )( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُمَا اللهُ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ وَصَحَّ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ ) يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْفَتْحِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأْتَى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ
فَيَنْبَغِي للْمُسْلِمِ أَنْ يُكْثِرَ فِي هَذِهِ الْعَشْرَ الْمُبَارَكَةَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَمِنْ ذَلِكَ المُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي وَقْتِهَا وَالْإِكْثَارُ مِنَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ كَالسُّنَةِ الرَّاتِبَةِ وَرَكْعَتِي الضُّحَى كَمَا يُسْتَحَبُّ الصِّيَامُ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَثَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ وَالصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَسُنُّ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ الْعَشْرِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالطُّرُقَاتِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ ﷺ ( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ العَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ) وَفِيْ عَشْـرِ ذِيْ الحِجَّةِ تُؤَدَى فَرِيضَةُ الحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )) فَيَا مَنْ عَزَمْتَ عَلَى أدَاءِ الحَجِّ تَفَقه في المناسك واسأل العلماءَ عمَّا أشكل عليك وكَم مِنْ حاجٍّ شرع في أداء نُسُكه وهو لا يدرِك أحكامه فترَك ركنًا أو أسقط شرطًا أو ارتكب محظورًا أو أتى محذورًا احرصْ عَلَى الْاِلْتِزَامِ بِسُبُلِ الْوِقَايَةِ الصِّحِّيَّةِ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْخُضَارِ قَبْلَ الْأَكْلِ وَتَجَنُّبِ الْأَطْعِمَةِ الْمَكْشُوفَةِ وَأَكْثِرْ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ وَالسَّوَائِلِ وَاحْرِصْ عَلَى الْجُلُوسِ فِي أَمَاكِنِ الظَّلِ وَأَخْذِ قِسْطٍ كَافٍ مِنَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ وَحَمْلِ الْمِظَلَّةِ وَارْتِدَاءِ الْكِمَامَةِ فِي الزِّحَامِ وَالْعِنَايَةِ بِالنَّظَافَةِ وَاتِّبَاعِ التَّعْلِيمَاتِ وَإِرْشَادَاتِ السَّلاَمَةِ الصِّحِّيَّةِ وَتَجَنُّبِ الزِّحَامِ وَالتَّدَافُعِ يَسَّرَ اللهُ لِلحُجَاجِ حَجَّهُمْ وَتَقَبَلَ مِنْهُمْ وَجَزَى اللهُ وُلَاةَ أَمْرِنَا خَيْرَ الجَزَاءِ عَلَى مَا يَقُومُونَ بِهِ خِدْمَةً للِحَرَمِينِ الشَّرِيفَينِ ولِحُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحَمْدُ لِلهِ حَمْداً كَثِيراً كَمَا أَمَرْ وَأَشْكُرُهُ وَقَدْ تَأَذَنَ بِالزِيَادَةِ لِمَنْ شَكَرْ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِرْغَاماً لِمَنْ جَحَدَ بِهِ وَكَفَرْ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ السَّادِةِ الغُرَر أَمَّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا الوُقُوفُ فِي الشَّمْسِ وَالتَّعَرُّضُ لِأَضْرَارِهَا وَضَرَبَاتِهَا فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فَسَبَبُ وَقْفَتِهِ نَذْرٌ جَعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ ﷺ ( مُرْهُ وَلْيَسْتَظِلَّ ) مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَقَدْ أَمَرَهُ ﷺ بِالطَّاعَةِ واليُسْرِ والاسْتِظْلَالِ وَالقُعُودِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ))
وَالإِنْسَانُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَحْمِيَ نَفْسَهُ مِنْ حَرارَةِ الشَّمْسِ وَحِمَايَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَةٌ وَعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ بِالْعَمَلِ تَحْتَ هَذِهِ الْحَرارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي نَفْسِهِ وَفِي عُمَالِ شَرِكَتِهِ
وَالْمُنَظَّمَاتُ الصِّحِّيَّةُ تُوصِي بِعَدَمِ الْمَشْيِ فِي الشَّمْسِ لِكَيْلَا يَتَعَرَّضَ الشَّخْصُ لِضَرْبَةِ شَمْسٍ تُخِلُّ بِدِمَاغِهِ حِفَاظًا عَلَى صِحَّتِهِ وَعَقْلِهِ مِنْ حَرارَةِ الشَّمسِ الشَّدِيدَةِ وَالْمُلْتَهِبَةِ صَيْفًا وَعَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى الحَجِّ اتِّبَاعِ التَّعْلِيْمَات الصَّادِرَةِ مِنْ وِزَارَةِ الصِّحَّةِ بِشَأْنِ التَّعْلِيْمَات الخَاصَّةِ بِالوِقَايَةِ مِنْ ضَرَبَاتِ الشَّمْسِ حَفِظَ اللهُ حُجَّاجَ بَيتِ الله ِالحَرَام ِوَأَعَانَهُمْ عَلَى أَدَاءِ مَنَاسِكِهِمْ
بِكُلِّ يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ وَأَعَادَهُمْ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَبِلَادِهِمْ وَدِيَارِهِمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مَأْجُورِينْ وَجَعَل حَجَّهُم مَبرورًا وسَعْيَهُم مَشكورًا
عِبَادَ اللهِ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِفَضْلِكَ وَإِحْسَانِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللهمَّ يَسِّرْ للحجَّاجِ حَجَّهُم وأَعِنْهُمْ علَى أَداءِ مَناسِكِهِمْ واجْعَلْ حَجَّهُم مَبرورًا وسَعْيَهُم مَشكورًا وذَنبَهُمْ مَغفورًا اللهمَّ اجْزِ ولَاةَ أَمْرِنَا خَيرَ الجَزاءِ على مَا يُقَدِّمُونَهُ لِلحُجَاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ واجْعَلْ ذَلِكَ فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِهِم عِبَادَ اللهِ (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))

 

المرفقات

1717709120_خطبة الجمعة الأول من ذي الحجة 1445هـ عن فضل العشر والتذكير بسبل الوقاية الصحية.pdf

المشاهدات 2170 | التعليقات 0