خطبة الجمعة أحكامها وآدابها في الفقه الإسلامي //الدكتور نزار عبد الكريم الحمداني

احمد ابوبكر
1437/11/13 - 2016/08/16 13:09PM
[align=justify]الملخص
الإسلام دين الله الخالد، ومن فضائله أن الفكر به يستقيم، وبه تزدهر الثقافة وتزهو، وبثوابته العقيدة راسية، وبمُثُله الأخلاقية الشماء يُعصم الفكر من الزيخ والإنحراف والثقافة من التزييف والضلال. ومنذ فجر الإسلام كانت خطبة الجمعة فيه معلماً حضارياً مهماً، وشاهد حق وعدل على أن الإسلام دين العلم، والمدنية، والثقافة المتجددة المتطورة. فخطبة الجمعة هي الدرس الفقهي، والمحاضرة العلمية، والموعظة البليغة، والتربية المصلحة، والدعوة الرائدة، والنقد البناء، والتوجيه السديد، والحل الأمثل لمشاكل الإنسان المتكاثرة.. منبرها المركز الفكري والثقافي لعموم المسلمين. ولأهمية الخطبة ومنزلتها في الإسلام أضحت شعيرة من شعائره، وشريعة من تشريعاته، وعبادة من جملة عباداته، لها أصولها ونظامها، ولها شروطها وأركانها، ولها مستحباتها وآدابها، كان لزاماً على قاصدها –خطيباً كان أو مستمعاً- أن يتفقه في أحكامها ويتعلم آدابها. فما هي تلك الأحكام والآداب؟ هذا الكتيب يجيب على هذا التساؤل باختصار، ويبين الجوانب المتعلقة بخطبة الجمعة باقتضاب، والله المستعان.



المقدمة

الحمد لله الذي أرسل محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليُظهرهُ على الدين كلّه، فهدى به من الضلالة، وعلّم به من الجهالة، وبصّر به من العمى، وأرشد به من الغيّ، وفتح به آذاناً صُما، وأعُيناً عمياً، وقلوباً غلفاً، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:
فليس هناك أصدق لهجة، وأنظف طوية، وأنبل مقصداً، وأشرف غاية - في دائرة الإعلام- من الإعلام الإسلامي.

فهو إعلام وبلاغ رباني يتخذ من كتاب الله العزيز وسنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- قاعدة انطلاق، ومحور عمل، وركيزة بناء.

والخطبة في مناسباتها المتنوعة - هي أقدم الوسائل الإعلامية في التاريخ البشري عامة، وفي التاريخ الإسلامي بخاصة، ففي الإسلام كان للخطبة مناسبتها الخيّرة ووقتها الشريف ومكانها الطاهر، ومقصدها النبيل، وجمهورها العريض.

فمناسبتها: عيد، واستسقاء، وكسوف شمس، وخسوف قمر، وحج، وبيعة خلافة، وجهاد، وفتح، ونكاح.

وأما مكانها : فمسجد، أو مصلى، أو مشعر حرام، أو ساحة جهاد، أو مكان طاهر.

وأما مقاصدها : فإصلاح، وبناء، ودعوة إلى الله، ومحبة وإخاء، وتعاون على البر والتقوى، وتقرب إلى الله - تعالى - بصنوف الأعمال الصالحة، وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بأعمال العباد.

وأما جمهورها: فهم عباد الله الصالحون، المؤمنون بالله الموحّدون، المسلمون لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- بالطاعة والاتباع، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

هذا شأن الخطبة المشروعة في الإسلام من حيث الجملة سواء كانت خطبة جمعة أو غيرها من ذوات السبب.

فأما خطبة الجمعة فإنها من شعائر الإسلام وفرائضه، لا تصح صلاة الجمعة - في الجملة - إلا بها، ومنبرها منبر العقيدة والشريعة السمحة الغراء، ومنارة الثقافة الأصيلة البنّاءة، والفكر النيّر الصحيح، فهي المحاضرة وهي الدرس، وهي الموعظة، وهي الذكرى الأسبوعية التي يحضرها المسلمون واجباً شرعياً - إلا ما استثناه الدليل - يحضرونها في بيوت الله الطاهرة المباركة، يتعبدون الله بسماعها والإنصات إليها.

ومن هذه الخطبة الشرعية، والكلمة الوضيئة الوضاءة - بما حوت من أحكام وحكم شرعية، وتوجيهات وإرشادات ربانية ونبوية،وتحليلات ومواقف متعقّلة متزنة ومتوازنة على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة - من هذه الخطبة يستلهم المسلمون أفكارهم الصحيحة، ويعلمون عقيدتهم الراشدة، وأحكام شريعتهم الغراء.

يتثقفون بثقافتها، ويتوعّون بتوعيتها، ويصدرون عنها في اتخاذ مواقفهم من الأحداث المختلفة والنوازل المتجدّدة.

ولخطبة الجمعة في الفقه الإسلامي شروط وأركان، وأحكام وآداب، ومعالم وصفات؛ وقد رغبت في جمعها ونظمها في نظام واحد مرتبة مفصلة، وعرضها على راغبي المعرفة ورواد العلم والحكمة، علّي ولعلهم أن ننتفع بذلك في الدنيا والآخرة، وما ذلك على الله بعزيز.
[/align]
المشاهدات 4124 | التعليقات 0