خطبة: الاغتسالُ، صفةُ الإِجزاءِ والكمال.

وليد بن محمد العباد
1443/04/27 - 2021/12/02 11:29AM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: الاغتسالُ، صفةُ الإجزاءِ والكمال.

الخطبة الأولى                                                                                   

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله                      

لقدْ شَرعَ اللهُ تعالى لعبادِه الطّهارةَ من الحدثِ الأكبرِ بالاغتسال، قالَ اللهُ تعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ) والغُسْلُ ثلاثةُ أنواع: واجبٌ ومُستحبٌّ ومُباح، فالغُسلُ الواجبُ ما كانَ من جَنابةٍ بجِماعٍ أو احتلامٍ أو غيرِه ممّا يُوجِبُ الغُسل، وتزيدُ المرأةُ من طُهْرٍ من حيضٍ أو نِفاس، والغُسلُ المستحبُّ مثلَ غُسلِ يومِ الجُمُعة، ويكونُ قبلَ الخروجِ إلى صلاةِ الجُمُعة، وهو سنّةٌ مؤكّدةٌ، والغُسلُ المُباحُ ما كانَ للتبرُّدِ والنّظافة، وللغُسلِ الواجبِ صفتان، صفةُ إجزاءٍ وصفةُ كمال، أمّا صفةُ الاجزاءِ فهي أنْ يَغسلَ المسلمُ جميعَ بدنِه بالماء، ويَدخلَ فيه المضمضةُ والاستنشاق، مع استحضارِ النّيةِ بقلبِه لمَا يريدُ من الطّهارةِ من غيرِ أنْ يتلفّظَ بلسانِه، وأمّا صفةُ الكمالِ، فهي الطّريقةُ النبويّةُ في الاغتسال، فعن أمِّ المؤمنينَ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عنها قَالَتْ: كانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّمَ إذا اغتسلَ من الجنابةِ، يبدأُ فيغسلُ يديه، ثمّ يُفْرِغُ بيمينِه على شمالِه فيغسلُ فَرْجَهُ، ثمّ يتوضأُ وضوءَه للصّلاة، ثمّ يأخذُ الماءَ، فيُدخِلُ أصابعَه في أصولِ الشّعرِ، حتّى إذا رأى أنّه قد استَبْرَأَ حَفَنَ على رأسِه ثلاثَ حَفَنَات، ثمّ أفاضَ على سائرِ جسدِه. رواه مسلم. فتلك هي صفةُ الكمالِ رحمكم الله، فاقتدوا بنبيِّكم عليه الصّلاةُ والسّلام، فإذا أرادَ المسلمُ الطّهارةَ من الحدثِ الأكبرِ بصفةِ الكمال، فإنّه ينوي بقلبِه ثمّ يسمّي ويَغسْلُ كفَّيه ثلاثَ مرّات، ثمّ يَغسْلُ فَرْجَه وما حولَه باليدِ اليسرى، ثمّ يغسْلُ يديه من الأذى، ثمّ يتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثمّ يَصُبُّ الماءَ على رَأْسِهِ ثلاثًا ويُخَلِّلُ شَعَرَهُ بيدِه، حتّى يصلَ الماءُ إلى أصولِ شعرِه. ثمّ يغسلُ بقيَّةَ بدَنِه، مُبتدئًا بشقِّه الأيمنِ ثمّ الأيسر. ولا بدَّ أنْ يتحقّقَ من وصولِ الماءِ إلى جميعِ بدنِه، ويتعاهدُ الأماكنَ التي يَخشى عدمَ وصولِ الماءِ إليها بِدلكِها بيدِه، مثلَ مَعاطفِ بطنِه وإبْطيِه وسُرّتِه وأُذُنيه وبينَ أصابعِه. ثمّ يقولُ في آخرِه: أشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهمّ اجعلني من التوّابينَ واجعلني من المتطهّرين. عبادَ الله، وممّا ينبغي التنبيهُ عليه أنّ مَن اغتسلَ غُسْلًا واجبًا من الحدثِ الأكبرِ بصفةِ الإجزاءِ أو الكمالِ كفاه عن الوُضوء، وأمّا الغُسلُ المستحبُّ كغُسلِ الجمعةِ فإنّه لا تحصلُ به الطّهارة، وعليه أنْ يتوضأَ مع الغُسل، وإن اغتسلَ بصفةِ الكمالِ كفاه لاشتمالِها على الوُضوء. فاتقوا اللهَ رحمكم الله، وبادروا إلى الطّهارةِ من الحدثِ الأكبرِ بالاغتسال، متحرِّينَ صفةَ الاعتدالِ والكمال، مع الحذرِ من الإسرافِ في ماءِ الوُضوءِ والاغتسال، ومن البقاءِ وقتًا طويلًا في الحمّام، فإنّ ذلك من وساوسِ الشّيطان، ليوقعَكم في الحَرَجِ ويبطلَ أعمالَكم، فاقتصدوا في الماءِ بعلمٍ وإسباغٍ وإتقان، متّبعينَ هَديَ نبيِّكم من غيرِ زيادةٍ أو نُقصان، واسألوا أهلَ الذِّكرِ إنْ كنتم لا تعلمون.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعد: عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار. اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

دعاءُ الاستسقاء: اللهمّ أَغِثْنا ،،،

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.                                                               

    إعداد / وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين 

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض  28/ 4 /1443 هـ 

المشاهدات 573 | التعليقات 0