خطبة الاستسقاء ليوم الإثنين القادم 1439/3/30هـ
محمد بن سليمان المهوس
1439/05/24 - 2018/02/10 18:49PM
إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ / اِتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ فِي سَرَّائِكُمْ وَضَرَّائِكُمْ, وَتَعَرَّفُوا إِلَيْهِ جَلَّ وَعَلَا فِي شِدَّتِكُمْ وَرَخَائِكُم ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا" قَالَ أَنَسٌ :وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ قَالَ :فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ :هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" قَالَ :فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ .
فَقَوْلُ الرَّجُلِ : فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا ، دَلِيلٌ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي قُلُوبِهِمْ, مِنْ أَنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يُفَرِّجُ الْكُرُوبَ, وَهُوَ الَّذِي يُجِيبُ دَعْوَةَ الـمُـضْطَرِّ, وَهُوَ الْـمَفْزَعُ عِنْدَ الشِّدَّةِ وَالضِّيقِ , قَالَ تَعَالَى ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ )) وَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ بِدُعَائِهِ, وَجَعَلَ الدُّعَاءَ, عِبَادَةٌ وَوَعَدَ بِالإِجَابَةِ, فَقَالَ ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) وَقَالَ تَعَالَى ((ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )) وَقَالَ تَعَالَى ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) فَادْعُوا عِبَادَ اللهِ الكَرِيمَ الأَكْرَم الَّذِي يُعْطِي بِلَا حِسَابٍ, وَيَمُنُّ عَلَى عِبَادَةٍ بِلَا مُقَابِلٍ, القَائِلُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (( قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا ))
فَاُدْعُوا رَبَّكُمْ وَأَلِـحُّوا بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ ، وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ ، وَأَمِّلُوا وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاُكْثِرُوا مِنْ التَّوْبَةِ والاِسْتِغْفَارِ، وَاُهْجُرُوا الذُّنُوبَ وَالأَوْزَارَ, فَمَا اُسْتُنْزِلَتِ الأَمْطَارُ بِمَثَلِ التَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ.
اَللَّهُمَّ أَنْتَ الْـَمـَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسَانٍ, الْـمَقْصُودُ فِي كُلِّ آنٍ, لَا اِلَهِ إِلَّا أَنْتَ, غَافِرُ الخَطِيئَاتِ, لَا اِلَهَ إِلَّا أَنْتَ كَاشِفُ الْكُرُبَاتِ, لَا اِلَهَ إِلَّا أَنْتَ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَمُغِيثُ اللَّهَفَاتِ, أَنْتَ إِلـهـُنَا, وَأَنْتَ مَلَاذُنَا, وَأَنْتَ عِيَاذُنَا, وَعَلَيْكَ اِتِّكَالُنَا, وَأَنْتَ رَازِقُنَا, وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ, يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
، يَا خَيْرَ الغَافِرِينَ, يَا أَجْوَدَ اْلأَجْوَدِيِنَ, يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِيِنَ, لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَأَ مَنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ, نَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْـمـَسَاكِينِ, وَنَبْتَهِلُ إِلَيْكَ اِبْتِهَالَ الخَاضِعِينَ الذَّلِيلِينَ, وَنَدْعُوكَ دُعَاءَ الخَائِفِينَ الْوَجِلِينَ, سُؤَالَ مِنْ خَضَعْتْ لَكَ رِقَابُهُمْ, وَرَغِمْتْ لَكَ أُنُوفُهُمْ, وَفَاضَتْ لَكَ عُيُونُهُمْ, وَذَلَّتْ لَكَ قُلُوبُهُمْ.
اَللَّهُمَّ أَنْتَ اللهُ لَا اِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ, أَنْتَ أَلْغِنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ, أَنْزَلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ, اَللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ, اللّهُمَّ أَغِثْنَا, اللّهُمَّ أغِثْنَا, اللّهُمَّ أغِثْنَا, اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا وَأَغِثْنَا ، اَللَّهُمَّ أَغِثْ قُلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ, وَبِلَادَنَا بِالخَيْرَاتِ وَالأَمْطَارِ والْغَيْثَ الْعَمِيمِ, اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلُقٌ مِنْ خَلْقِكَ, فَلَا تَـمْنَعْ عَنَّا بِذُنُوبِنَا فَضْلَكَ, اَللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا, فَأَرْسَلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا, اَللَّهُمَّ أَغَثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا سَحًّا طَبَقًا وَاسِعًا مُـجَلِّلاً نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ, عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ, اَللَّهُمَّ سُقْيًا رَحْمَةٍ, اَللَّهُمَّ سَقْيًا رَحْمَةٍ, لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ, اَللَّهُمَّ أَسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ, وَأَنْشَرْ رَحْمَتَكَ, وَأحْيِ بَلَدَكَ المَيِّت, اَللَّهُمَّ أَغَثْنَا غَيْثًا مُبَارَكًا, تُحَيِي بِهِ البِلَادَ, وَتَرْحَمُ بِهِ العِبَادَ, وَتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلحَاضِرِ والْبَلادِ, اَللَّهُمَّ أَنَبْتْ لَنَا الزَّرْعَ, وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ, وَاِسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ, وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ, وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ, اَللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَّا القَحْطَ وَالجَفَافَ وَالجُوعَ وَالْـجَهْدَ, وَاِكْشِفْ مَا بِالْـمـُسْلِمِينَ مِنَ الْبَلَايَا, فَإِنَّ بِهِمْ مِنَ الْـجَـهْدِ مَا لَا يَكْشِفُهُ إِلَّا أَنْتَ, اَللَّهُمَّ اِكْشِفْ الضُّرَّ عَنْ المُتَضَرِّرِينَ, اَللَّهُمَّ اِكْشِفْ الضُّرَّ عَنْ المُتَضَرِّرِينَ, وَالكُرَبَ عَنْ المَكْرُوبِينَ, وَأَسْبَغِ النِّعَمَ عَلَى عِبَادَكَ أَجْمَعِينَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ, يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
أَيُّهَا الْمُـسْلِمُونَ / لَقَدْ كَانَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ أَنْ يَقْلِبَ رِدَاءَهُ, فَاقْلِبُوا أَرْدِيَتَكُمْ إِقْتِدَاءًا بِسُنَةٍ نَبِيكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَتَفَاؤُلًا أَنْ يَقْلِبَ اللهُ حَالَكُمْ مِنَ الشِّدَّةِ إِلَى الرَّخَاءِ, وَمِنَ القَحْطِ إِلَى الْغَيْثِ, وَأَلِحُّوا عَلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ, فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ الْـمـُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ, وَاِغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ يَارَبَّ الْعَالَمِيِنَ .
(( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ . (( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
المرفقات
الاستسقاء-ليوم-الإثنين-1439هـ
الاستسقاء-ليوم-الإثنين-1439هـ