خطبة الإستسقاء 23-4-1444 ھ

حسام الحجي
1444/04/21 - 2022/11/15 10:27AM

الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الْغَفَّار، خَيْرُهُ مِدْرَارٌ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُوَرَسُولُهُ الْمُرْتَضَى الْمُخْتَار، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَطْهَارِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ .

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَبِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى تَحُلُّ الْبَرَكَاتُ وَتَنْزِلُ الرَّحَمَاتُ، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَاعَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).

 


أَيُّهَا الْمُسْتَسْقُونَ: الْغَيْثُ نِعْمَةٌ عُظْمَى وَمِنَّةٌ كُبْرَى، رَسُولُ الرَّحَمَاتِ وَبَشَائِرُ الْخَيْرَاتِ وَبَهْجَةُ الْقُلُوبِ، أَغْلَى مَفْقُودٍ وَأَرْخَصُ مَوْجُودٍ،سِرُّ الْبَقَاءِ وَالْوُجُودِ، نِعْمَةٌ مِنْ اللهِ جَلِيلَةٌ وَهِبَةٌ مِنَ الْمَوْلَى جَمِيلَةٌ، فَيَا لَهُ مِنْ خَلْقٍ عَجِيبٍ، سُبْحَانَ مَنْ أَنْزَلَ الْمِيَاهَ وَرَوَى بِهَاالْأَجْسَادَ وَالْأَفْوَاهَ.

(وَلَقَد صَرَّفنَاهُ بَينَهُم لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا).

وَإنَّ لِلْغَيْثِ أَسْبَابًا جَالِبَةً وَأُخْرَى مَانِعَةً، هَلْ سَألْنَا أَنْفُسَنَا وَنَحْنُ فِي مَوَاسِمِ الْغَيْثِ هَلْ أَخَذْنَا بِأَسْبَابِ نُزُولِهِ، أَمْ نَحْنُ بِأَفْعَالِنَاسَبَبًا فِي مَنْعِهِ؟ لِنُحَاسِبْ أَنْفُسَنَا أَلَمْ نُقَصِّرْ فِي تَحْقِيقِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى؟ مَا مِيزَانُ الصَّلَاةِ وَهِيَ ثَانِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَالْفَارِقُبَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ؟! لَقَدْ خَفَّ مِقْدَارُهَا، وَطَاشَ مِيزَانُهَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ.

وَإِذَا سَأَلْتَ عَنِ الزَّكَاةِ وَإِخْرَاجِهَا أَفْزَعَكَ بُخْلُ بَعْضِ النَّاسِ وَتَقْصِيرُهُمْ فِي أَدَائِهَا، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: [لَمْ يَنْقُصْ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ وَجَورِالسُّلطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنِ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا].

 


ولَقَدْ ظَهَرَتِ الْمُنْكَرَاتُ وَعَمَّتِ الْمُحَرَّمَاتُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ، سَادَتْ مَظَاهِرُ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ وَالِاخْتِلَاطِ، وَضَعُفَتِ الْغَيْرَةُ فِيالنُّفُوسِ، وَقَلَّ التَّآمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالتَّنَاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ، فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ، وَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى، ولَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

(أَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللهِ).

ارْفَعُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى بَارِئِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى مَوْلَاكُمْ وَرَبِّكُمْ، وَالْهَجْوَا بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ -سُبْحَانَهُ - طَالِبِينَ الْغَيْثَ مِنْهُ، رَاجِينَ لِفَضْلِهِ، مُؤَمِّلِينَلِكَرَمِهِ، مُلِحِّينَ عَلَيْهِ بِإِغَاثَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ وَسَقْيِ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ.

لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ غَيَّاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَرَاحِمُ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَمُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّين، وَجَابِرُ كَسْرِ الْمُنْكَسِرِينَ.

نَسْتَغْفِرُ اللهَ، نَسْتَغْفِرُ اللهَ، نَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ.

 


اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا وَأَغِثْنَا، اللَّهُمَّ يَا مُغِيثُ أَغِثْنَ، اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، فَلَا تَمْنَعْ عَنَّا بِذُنُوبِنَافَضْلَكَ، اللَّهُمَّ أَغِثْ قُلُوبَنَا وَأَرْوَاحَنَا بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِين، وَبِلَادَنَا بِالْخَيْرَاتِ وَالْأَمْطَارِ وَالْغَيْثِ الْعَمِيمِ يَا رَبَّ الْعَالَمَيْنَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَاخَيْرَ مَا عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا عِنْدَنَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا سَحَّا غَدَقًا طَبَقًاعَامًا وَاسِعًا مُجَلِّلاً، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ، عَاجِلاً غَيْرَ رَائِثٍ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا بَلَاءٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَاغَرَقٍ.

 


أَيُّهَا الْمُسْتَسْقُونَ: اعْزِمُوا عَلَى قَلْبِ حَالِكُمْ إِلَى الْحَالِ الَّتِي تُرْضِي رَبَّكُمْ، وَاقْتَدُوْا بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ بِقَلْبِ أَرْدِيَتِكُمْ، مُتَفَائِلِينَ رَاجِينَفَضْلَ رَبٍّ كَرِيمٍ .

(سُبحَـانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَـامٌ عَلَى المُرسَلِينَ وَالحَمدُ للهِ رَبّ العَـالَمِينَ).

المشاهدات 731 | التعليقات 0