خطبة : ( اغتنام الأجر فيما بقي من العشر )
عبدالله البصري
1437/12/07 - 2016/09/08 18:22PM
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر 7 / 12 / 1437
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَيسَ شَيءٌ في هَذِهِ الأَيَّامِ أَوجَبَ عَلَينَا مِن حَمدِ اللهِ – تَعَالى - وَشُكرِهِ عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَينَا وَوَفَّقَنَا إِلَيهِ مِن بُلُوغِ أَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ ، هِيَ أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَهُ ، وَالعَمَلُ فِيهَا مِن أَحَبِّ العَمَلِ إِلَيهِ ، وَالأَجرُ فِيهَا مِن أَتَمِّ الأَجرِ وَأَعظَمِهِ ، وَالحَسَنَاتُ فِيهَا مِن أَكمَلِ الحَسَنَاتِ وَأَفضَلِهَا وَأَزكَاهَا عِندَهُ ، عَرَفنَا ذَلِكَ وَتَأَكَّدَ لَنَا بِيَقِينٍ مِمَّا صَحَّ عَنِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ وَالنَّاصِحِ الأَمِينِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – حَيثُ قَالَ : " مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِن هَذِهِ الأَيَّامِ " يَعني أَيَّامَ العَشرِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ : " وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ "
أَجَلْ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – إِنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ في هَذِهِ العَشرِ المُبَارَكَةِ ، لا يَعدِلُهُ عَمَلٌ في غَيرِهَا مِن أَيَّامِ السَّنَةِ الأُخرَى حَتى في العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ، وَإِذَا استَثنَينَا الصَّومَ الوَاجِبَ في عَشرِ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعمَلُهُ المُسلِمُ في عَشرِ ذِي الحِجَّةِ ، وَكُلَّ قُربَةٍ يَتَقَرَّبُ بها ، وَكُلَّ صَدَقَةٍ يَبذُلُهَا ، وَكُلَّ ذِكرٍ يَتَحَرَّكُ بِهِ لِسَانُهُ ، وَكُلَّ دُعَاءٍ يَرفَعُهُ إِلى رَبِّهِ وَخَالِقِهِ ، وَكُلَّ صِلَةِ رَحِمٍ يَحتَسِبُهَا ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَفضَلُ مِن مَثِيلِهِ في عَشرِ رَمَضَانَ الأَخِيرَةِ ، هَذَا هُوَ صَرِيحُ قَولِ نَبِيِّنَا – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – الَّذِي هُوَ أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ ، وَلَكِنَّنَا في الحَقِيقَةِ عَن هَذَا في غَفلَةٍ ، فَبَينَمَا يَنشَطُ أَحَدُنَا في عَشرِ رَمَضَانَ – وَهَذَا أَمرٌ مَحمُودٌ وَلا شَكَّ – نَجِدُهُ يُصَابُ بِالخُمُولِ في هَذِهِ العَشرِ الكَرِيمَةِ وَيُبتَلَى بِالكَسَلِ ، وَتَمُرُّ عَلَيهِ مُرُورَ الكِرَامِ دُونَ أَن يَنتَبِهَ لها ، وَرُبَّمَا خَرَجَت وَهُوَ لم يُقَدِّمْ فِيهَا شَيئًا يَحتَسِبُ أَجرَهُ عِندَ رَبِّهِ ، فَلا صِيَامَ وَلا قَيَامَ وَلا ذِكرَ وَلا دُعَاءَ ، وَلا قِرَاءَةَ قُرآنٍ وَلا صِلَة َرَحِمٍ وَلا صَدَقَةَ وَلا عَطَاءَ . وَمَهمَا يَكُنْ مِن أَمرٍ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَحَتَّى وَإِن مَضَى أَكثَرُ العَشرِ عَلَى بَعضِنَا وَهُوَ لم يُحدِثْ زِيَادَةً في التَّعَبُّدِ ، وَلم يُضَاعِفِ الجُهدَ وَالعَمَلَ ، فَإِنَّهُ لم يَزَلْ في الأَمرِ مُتَّسَعٌ لِمَن مَدَّ اللهُ في عُمُرِهِ وَأَيَّدَهُ بِتَوفِيقٍ مِنهُ ، وَلم تَزَلْ ثَمَّةَ بَقِيَّةٌ عَظِيمَةٌ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ وَأَيَّامٍ بَعدَهَا ، وَلَو لم يَكُنْ إِلاَّ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ العِيدِ لَكَفَى بِهِما فَضلاً وَشَرَفًا ، كَيفَ وَهُمَا أَمَامَنَا ، وَمِن وَرَائِهِمَا أَيَّامُ التَّشرِيقِ ؟! قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ " أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فَهُوَ يَومُ عِيدٍ لِلحُجَّاجِ ، وَمَن ثَمَّ لم يَصُمْهُ النَّبيُّ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَأَمَّا يَومُ النَّحرِ فَهُوَ عِيدٌ لأَهلِ الأَمصَارِ مِمَّن لم يَحُجُّوا ، وَأَمَّا أَيَّامُ التَّشرِيقِ فَهِيَ أَيَّامُ عِيدٍ لِلجَمِيعِ . وَلأَنَّ هَذِهِ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ تَفَضَّلَ اللهُ بها عَلَى عِبَادِهِ ، كَانَ وَاجِبُ الشُّكرِ مِنهُم لِرَبِّهِم ، يَستَدعِي التَّقَرُّبَ إِليهِ فِيهَا بما يُحِبُّهُ وَيَرضَاهُ ، مِمَّا شَرَعَهُ مِن أَعمَالٍ وَأَقوَالٍ ، وَأَن يَكُونَ ذَلِكَ بِاحتِسَابٍ لِلأَجرِ وَتَعظِيمٍ لِلشَّعائِرِ ، وَطَلَبٍ لمَا عِندَهُ مِن جَزِيلِ الأَجرِ وَمُضَاعَفِ الثَّوَابِ ، لا أَن يَكُونُوا كَمِثلِ سَائِرِ الطَّغَامِ مِنَ الأَنَامِ ، الَّذِينَ لا يُفَرِّقُونَ بَينَ المَوَاسِمِ وَالأَيَّامِ ، وَإِنَّمَا هَمُّهُم فِيهَا تَنَاوُلُ الشَّرَابِ وَتَنوِيعُ الطَّعَامِ .
إِنَّ المُسلِمَ يَعلَمُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِغَيرِ الحَاجِّ صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ ، وَيَحسِبُ لِذَلِكَ حِسَابًا وَلا يُفَرِّطُ فِيهِ أَبَدًا ، لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِن أَجرٍ عَظِيمٍ وَفَضلٍ كَبِيرٍ ، يَحصُلُ بِصَبرِ سَاعَاتٍ مَعدُودَةٍ يَكُفُّ فِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، فَيَحصُلُ لَهُ بِفَضلِ اللهِ مَا صَحَّ عِندَ مُسلِمٍ عَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَن صَومِ يَومِ عَرَفَةَ ؟ قَالَ : " يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ "
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالشَّعَائِرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ صَلاةُ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ في يَومِ العِيدِ ، وَشُهُودُ الخَيرِ وَدَعوَةِ المُسلِمِينَ ، وَمُشَارَكَةُ إِخوَانِهِ فَرحَتَهُم في يَومِ اجتِمَاعِهِم وَفَرَحِهِم ، قَالَ - تَعَالى - : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ "
وَرَوَى الشَّيخَانِ عَن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَت : أُمِرنَا أَن نُخرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَينِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ ، فَيَشهَدنَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ وَدَعوَتَهُم ، وَيَعتَزِلُ الحُيَّضُ عَن مُصَلَّاهُنَّ . قَالَتِ امرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِحدَانَا لَيسَ لَهَا جِلبَابٌ ! قَالَ : " لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلبَابِهَا " وَالأَمرُ بِإِخرَاجِ الحُيَّضِ وَهُنَّ لا تَجِبُ عَلَيهِنَّ الصَّلاةُ ، وَإِنَّمَا لِيَشهَدنَ الخَيرَ وَدُعَاءَ المُسلِمِينَ , فِيهِ أَنَّ القَصدَ إِظهَارُ شِعَارِ الإِسلامِ بِالمُبَالَغَةِ في الاجتِمَاعِ ، وَلِتَعُمَّ الجَمِيعَ البَرَكَةُ ، وَمِن ثَمَّ فَكَم هُوَ عَجِيبٌ أَن يُفَرِّطَ رِجَالٌ غَيرُ مَعذُورِينَ وَيَتَثَاقَلُوا وَيَتَكَاسَلُوا ، فَلا يَحضُرُوا صَلاةَ العِيدِ وَلا يَشهَدُوا الخَيرَ مَعَ المُسلِمِينَ ، وَيُحَقِّرُوا أَنفُسَهُم وَيُدَسُّوهَا ، إِذْ يَتَسَاهَلُونَ وَلا يُقِيمُونَ لِشَعَائِرِ اللهِ وَزنًا وَلا يَرفَعُونَ بها رَأسًا ، استِجَابَةً لِدَاعِي النَّومِ ، أَوِ اتِّبَاعًا لِشَهَوَاتِ النَّفسِ وَإِملاءَاتِ الشَّيطَانِ . فَالحَذَرَ الحَذَرَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – مِنَ التَّكَاسُلِ عَن حُضُورِ صَلاةِ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ ، وَإِيَّاكُم وَمَا يَفعَلُهُ بَعضُ مَن يَحضُرُ مِنَ الاستِعجَالِ وَالخُرُوجِ مِنَ المُصَلَّى بَعدَ الصَّلاةِ وَقَبلَ انتِهَاءِ الخُطبَةِ ، الَّتي فِيهَا المَوعِظَةُ وَالدُّعَاءُ وَذِكرُ اللهِ ، وَكُلُّهَا مِنَ الخَيرِ المَندُوبِ لِلمُسلِمِ شُهُودُهُ .
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ وَيَحرِصُ عَلَيهِ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ ذَبحُ الأُضحِيَةِ في يَومِ العِيدِ وَفي أَيَّامِ التَّشرِيقِ بَعدَهُ ، وَالأُضحِيَةُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ وَسُنَّةٌ مَؤَكَّدَةٌ ، يُكرَهُ تَركُهَا مَعَ القُدرَةِ عَلَيهَا ، قَالَ – تَعَالى - : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ "
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ "
وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : خَطَبَنَا النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَومَ النَّحرِ قَالَ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبدَأُ بِهِ في يَومِنَا هَذَا أَن نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرجِعَ فَنَنحَرَ ، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد أَصَابَ سُنَّتَنَا ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : ضَحَّى النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَلا تَكُونُ الأُضحِيَةُ إِلاَّ مِن بِهِيمَةِ الأَنعَامِ ، بِشَرطِ أَن تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَةَ شَرعًا ، وَتَكُونَ سَالِمَةً مِنَ العُيُوبِ الَّتي تَمنَعُ الإِجزَاءَ ؛ لِقَولِ اللهِ – تَعَالى - : " لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ "
وَلِقَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لا تَذبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً ، إِلاَّ أَن يَعسُرَ عَلَيكُم فَتَذبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأنِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَلِقَولِهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " أَربَعٌ لا يُجزِينَ في الأَضَاحِي : العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالعَرجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَالعَجفَاءُ الَّتي لا تُنقِي " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَوَقتُ الذَّبحِ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ حَتَّى مَغِيبِ الشَّمسِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " كُلُّ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ذَبحٌ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَيُسَنُّ الأَكلُ مِنَ الأُضحِيَةِ ، والإِهدَاءُ لِلأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ ، وَالتَّصَدُّقُ مِنهَا عَلَى الفُقَرَاءِ ، قَالَ - تعالى - : " فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ "
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ وَيَحرِصُ عَلَى الإِكثَارِ مِنهُ لِسُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ التَّكبِيرُ ، مُطلَقًا كَانَ في سَائِرِ الأَوقَاتِ في أَيَّامِ العَشرِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ ، أَو مُقَيَّدًا في أَدبَارِ الصَّلَوَاتِ مِن فَجرِ يَومِ عَرَفَةَ إِلى عَصرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، قَالَ - تَعَالى - : " وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَاذكُرُوا اللهَ في أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ وَلا أَحَبُّ إِلَيهِ العَمَلُ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ " أَخرَجَهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحمَدُ شَاكِر .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاعمَلُوا صَالِحًا تُفلِحُوا " إِنَّ المُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَالقَانِتِينَ وَالقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالخَاشِعِينَ وَالخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ بِما يُحِبُّ وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ ، فَإِنَّهُ – جَلَّ وَعَلا – قَرِيبٌ مُجِيبٌ يُحِبُّ المُتَقَرِّبِينَ وَيَجزِيهِم بِخَيرٍ مِمَّا عَمِلُوا ، يَقُولُ – تَعَالى – في الحَدِيثِ القُدسِي المُتَّفَقِ عَلَيهِ : " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني ، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي ، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً "
وَيَقُولُ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الآخَرِ : " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا ، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
إِنَّهُ لَحَرِيٌّ بِالمُسلِمِ أَن يَستَثمِرَ مَوَاسِمَ الخَيرِ عَامَّةً بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ ، وَالإِقلاعِ عَن جَمِيعِ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ ، وَأَخذِ النَّفسِ بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ ، وَالحَذرِ مِنَ التَّكَاسُلِ وَالتَّسوِيفِ ، أَوِ الإِعرَاضِ عَن مَوَائِدِ الخَيرِ وَالزُّهدِ فِيهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ وَاصدُقُوهُ يَصدُقْكُم ، وَأَحسِنُوا يَكُنْ مَعَكُم ، فَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانَهُ - : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ "
إِنَّ الدُّنيَا أَيَّامٌ قَلائِلُ ، فَاصَبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاعمَلُوا ؛ لِيُقَالَ لَكُم غَدًا : " كُلُوا وَاشرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسلَفتُم في الأَيَّامِ الخَالِيَةِ "
المرفقات
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.doc
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.doc
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.pdf
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق