خطبة استغلال العشر

عبدالوهاب بن محمد المعبأ
1437/09/18 - 2016/06/23 20:05PM
خطبة الجمعة
استغلال العشر الأواخر
اعداد عبدالوهاب المعبأ
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ للهِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ, وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا, الحمد لله خالق الزمان, ومسير الأكوان, ومكورِ الليلِ على النهار ومكورِ النهارِ على الليل, نحمده فقد تجلت قدرته في كل شيء, ووصلت نعمته إلى كل حي, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبدالله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه, فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر. .أما بعد..
فها هي أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هي أيام العشر تحل لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفى فيما مضى.
أيها الأحبة، العشر الأخيرة من شهر رمضان سوق عظيم يتنافس فيه المتنافسون، وموسم يضيق فيه المفرّطون، وامتحان تبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا، طالما تحدث الخطباء وأطنب الوعاظ وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي، ويستجيب لهذا النداء قلوب خالطها الإيمان، فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الراكعين الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، وما ربك بظلام للعبيد. أما الفئة الأخرى فتسمع النداء وكأنه لا يعنيها، وتسمع المؤمنين وهم يصلون في القيام لخالقهم وكأنه ليس لهم حاجة، بل كأنهم قد ضمنوا الجنة. فهل يتأمل الشاردون؟! وهل يعيد الحساب المفرطون؟!
أيها المسلمون، معاشر الصائمين والصائمات ، هذه أيامُ شهركم تتقلص، ولياليه الشريفةُ تنقضي، شاهدةٌ بما عملتم، وحافظةٌ لما أودعتم، هي لأعمالكم خزائن محفوظة، ينادي ربكم يوم القيامة: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) رواه مسلم.
هذا هو شهركم وهذه نهاياته، كم من مستقبلٍ له لم يستكملهُ، وكم من مؤمل بعود إليه لم يدركهُ، هلا تأملتم الأجل ومسيرَهُ، وهلا تبينتم خداع الأمل وغرورَهُ.
معاشر الصائمين، هذه العشر الأواخر من رمضان كأني بها واقفة تناديكم فتقول: أنا العشر الأواخر من رمضان، قد حللت بكم فهل عرفتم ماذا يعني قدومي؟! إن أول معنًى لقدومي هو إنذار لكل ذي بصيرة ولب بأن شهركم هذا قد آذن بالرحيل، وحق لكل من أحب هذا الشهر أن يحزن على فراقه لما وجد فيه من لذة العبادة وشفافية القلب وصفاء وارتقاء الروح. أعرفتم معنى الأواخر؟! أي: خاتمة الشهر، وقد أخبر نبيكم وحبيبكم بأن الأعمال بالخواتيم، وذلك فيما أخرجه الإمام البخاري حيث قال:صلى الله عليه وسلم ((إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم)) رواه البخاري. فعجبًا لقوم من بني الإيمان اجتهدوا في أول الشهر ثم لما اقتربت نهاية الشهر وخاتمته شغلوا بما لايفيدهم في الاخرة وغفلوا عن فرصتهم
السانحة فما لهم نسوا أن الأعمال بخواتيمها؟!
الله أكبر .. إنها بساتين الجنان قد تزينت .. إنها نفحات الرحمن قد تنزّلت .. فحري بالغافل أن يعاجل ، وجدير بالمقصر أن يشمر .
يتفضَّل ربُّنا على عبادِه بنفحَاتِ الخيراتِ ومواسِمِ الطاعات، فيغتنِم الصّالحون نفائِسَها، ويتدارَك الأوّابونَ أواخِرَها .
عباد الله:
إن هذه الليالي العظيمة في قدرها وشرفها تنادي أصحاب الهمم العالية، وأصحاب القلوب المؤمنة، والراغبين في الدار الآخرة أن هلموا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الأرض والسماوات، فأين الصادقون الراغبون إلى نعيم القرب من الحليم الكريم، والتلذذ بمناجاته ودعائه، والعمل على بذل الجهد من أجل إرضائه،
أين رهبان الليل ليتلذذوا بالقيام والركوع والسجود بين يدي مولاهم لينالوا الأجر والثواب يوم الجزاء، أين أصحاب الحاجات والكربات ليرفعوا أيديهم لرب الأرض والسماوات ليكشف عنهم ما هم فيه، أين المذنبون الذين يرجون العفو والرحمات ومغفرة الزلات، أين المرضى والمبتلون من دعاء من بيده الشفاء والدواء؟.
عباد الله فحريٌّ بالمؤمن أن لا يفرّط في هذه الليالي, وأن لا يفتح بابًا للشيطان في التهوين من شأنها, فهي ليالٍ فاضلة, إنْ مَضَت على المؤمن دون أن يستغلها فإنه محروم؛ لأنه فوَّت على نفسه أسبابًا كثيرة لتكفير الذنوب ومضاعفة الحسنات والعتق من النار, وفوق ذلك أنه قد لا يدرك هذه الليالي في العام المقبل.
ومن كان مقصرًا فيما مضى من أيام رمضان أو مُفَرِّطًا ومذنبًا فلا يجوز له أن يقنط من رحمة الله، ولا يجوز له أن يقول: ما دمتُ قد فرَّطتُ في أكثرِ أيامِ الشهر فلن أستفيد منه فيما بقِي. فإن هذا هو القنوط الذي حرَّمَه الله ونهى عنه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

عباد الله، كان رسول الله يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره, ويجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها, فيعتكف فيها, ويَشُدُّ مِئزَرَه, وَيُحْيِي ليلَه, ويوقظُ أهله, وما ذاك إلا لفضل هذه الليالي, وطمعًا في موافقة ليلةِ القدر التي شَرَّفَها الله وبارك فيها.
فهي الليلة التي يُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم، يعني يُفصَل من اللوح المحفوظِ إلى الْكَتَبةِ ما هو كائنٌ مِنْ أمرِ الله سبحانَه في تلك السنةِ من الأرزاقِ والآجالِ والخير والشرِّ وغير ذلك من كلِّ أمْرٍ حكيمٍ من أوامِر الله المُحْكَمَةِ المتْقَنَةِ التي ليس فيها خَلَلٌ ولا نقصٌ ولا باطلٌ, ذلك تقديرُ العزيز العليم.
وهي الليلة التي نزل فيها القرآن العظيم, والملائكة فيها أكثر من الحصى؛ لكثرة بركتها ونزول الرحمة فيها, وهي سلام للمؤمنين من كُلِّ مَخُوف لِكَثْرَة العتقاء فيها من النار, والسالمين من العذاب.
وعبادة المسلم لله في هذه الليلة خير من العبادة ألف شهر فيما سواها من الليالي, إلا في حالة واحدة, وهي ما إذا وقف العبد مجاهدًا في سبيل الله, لقوله عليه الصلاة والسلام: ((موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود)).
وصدق الله العظيم: [لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ].
فهي تعادل عمر من يبلغ الثمانين فإذا عبدنا الله فيها كأننا عبدناه ثلاثاً وثمانين سنة، فهنيئاً لمن وفق لقيامها وقبل الله منه فقد أخبر رسولنا صلى الله عليه وسلم بمغفرة ذنوبه وصدق الرسول الكريم القائل: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

عباد الله، من رحمة الله بعباده أن أخْفَى عليهم عِلْمَ ليلة القدر,
كُلُّ ذلك رحمةً بِعِبَادِه ليَكْثُر عملُهم في طلبها في ليالي العشر بالصلاةِ والذكرِ والدعاءِ, فيزدادُوا قُرْبةً من الله وثوابًا، وأخفاها اختبارًا لهم أيضًا ليتبيّنَ بذلك مَنْ كانَ جادًّا في طلبها حريصًا عليها مِمَّنْ كانَ كسلانَ متهاونًا، فإنَّ مَنْ حرصَ على شيءٍ جدَّ في طلبِه وهانَ عليه التعبُ في سبيلِ الوصولِ إليهِ والظَفر به.
فاعقدوا العزم على إحيائها بالقيام والذكر والدعاء وتلاوة القرآن وتنافسوا فيها في كثرة الأعمال الصالحة فوالله أنها التجارة الرابحة
أيها المسلمون، أوقاتكم فاضلة اطلبوا الليلةَ العظيمة التي لا يحرم خيرها إلا محروم ، ليلةُ العتق والمباهاة ، ليلةُ القرب والمناجاة ، ليلةُ نزول القرآن ، ليلةُ الرحمة والغفران ، ليلةٌ هِيَ أمّ الليالي، كثيرةُ البرَكات، عزِيزَة السّاعات، القليلُ منَ العمَلِ فيها كَثير، والكثيرُ منه مضَاعَف
ليلة (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فيها) ، خَلقٌ عَظيم ينزِل من السماءِ لشُهودِ تلك اللّيلة من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4] ولا يهلك على الله إلا هالك. فاتقوا الله رحمكم الله واعملوا وجددوا
واجتهدوا فيما بقي من شهركم وتسابقوا في طاعة ربكم وأدوا ما أوجب الله عليكم من رعاية للأهل والأولاد وزينوا نهاركم بالصيام وليلكم بالقيام وتخلقوا بأخلاق نبيكم وإمامكم في هذه العشر وغيرها لعل الله جل وعلا أن يجمعنا وإياكم به وصحبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
اللهم متعنا بالعشر الفاضلات، وبلغنا ليلة القدر، وتقبل منا يا ارحم الراحمين
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك, واغفر لنا ولوادينا ولجميع المسلمين, إنك أنت الغفور الرحيم.

الخطبة الثانيه:
عباد الله لقدِ اهتمَّ السَّلف بهذه العشْر، وهذه الليلة أيّما اهتِمام.
يَا رِجَالَ اللَّيْلِ جِدُّوا
رُبَّ صَوْتٍ لا يُرَدُّ
لا يَقُومُ اللَّيْلَ إِلاَّ
مَنْ لَهُ عَزْمٌ وَجِدُّ

ومن فرْط حبِّهم لهذه اللَّيالي المباركة: أنَّهم كانوا يستحبُّون أن يغتسِلوا كلَّ ليلةٍ من لياليها -
كان ثابتٌ البناني وحميدٌ الطَّويل يلبَسان أحسنَ ثيابِهما، ويتطيَّبان ويطيِّبان المسجد بالنَّضوح في اللَّيلة التي تُرْجَى فيها ليْلة القدر.
وقال ثابتٌ: وكان لتميم الدَّاريِّ حُلَّة اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.
أيها الغافلون المعرضون .. اهجروا ملذات انفسكم وتركوا جحيم الكسل ، وانصبوا أقدامكم ، وارفعوا هممكم ، وادفِنوا فتوركم . وكونوا ممن قال الله فيهم: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) .. ولا تنسَوا أن تأمروا بهذا أولادكم وزوجاتكم ، كما كان هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم .
والصالحون لَم يكونوا يقتصِرون في إحياء العشر على أنفسهم، بل كانوا يوقظون نساءهم وأبناءهم، تأسِّيًا برسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال ابن رجب: "ولم يكُن النبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إذا بقي من رمضان عشَرة أيَّام، يدَع أحدًا من أهلِه يُطيق القيام إلاَّ أقامه".

كيف ورسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يقول: ((يتنزَّل ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلة إلى السَّماء الدنيا، حين يبقى ثلُث الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألُني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟))؛ متَّفق عليه.
ومن ذا الذي ليس بحاجة الى خالقه ومولاه

وكانوا يهتمُّون مع الصَّلاة بالقُرآن الكريم؛ فقد نقَلَ الذَّهبي عن الأسودِ بن زيْد: "أنَّه كان يَختم القرآن في رمضان في كلِّ ليلتَين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يَختم القُرآن في غير رمضان في كلِّ ستِّ ليال".

وكان قتادة - رحِمه الله - يَختم القُرآن في كلِّ سبع ليالٍ مرَّة، فإذا دخل رمضان ختمَ في كلِّ ثلاث ليال مرَّة، فإذا دخل العشْر ختم في كلِّ ليلة مرَّة.

وهذا من خصائصِ هذا الشَّهر المبارك، الَّذي يبارك الله فيه للمخْلصين في أوقاتِهم وعبادتِهم، فلا عجب
في ذلك
• بل إنَّ الشَّافعي كان يَختم القُرآن في شهْر رمضان ستِّين ختمة، وفي كل شهرٍ ثلاثين ختمة، يَختمه في صلاة، وليس قراءة، والخبر مشْهور في كتُب السير.
أخي المؤمن .. في كلِّ لَيلةٍ ساعةُ إجابَةِ، الأبوابُ فيها تفتَح، والكريم فيها يمنَح، فسَل فيها ما شئتَ فالمعطِي عظيم، وأيقِن بالإجابةِ فالرّبّ كريم، وبُثَّ إليهِ شَكواك فإنّه الرّحمنُ الرّحيم، وارفَع إليه لأواكَ فهوَ السّميع البصير، يقول عليه الصلاةُ والسلام: ((إنّ في اللّيلِ لساعةً لا يُوافقها رجلٌ مُسلم يسأل اللهَ خيرًا مِن أمرِ الدّنيا والآخرة إلاّ أعطاه إيّاه، وذلك كلَّ ليلة)) رواه مسلم.
ونسَماتُ آخرِ الليلِ مظِنّة إِجابةِ الدّعوات، قيلَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : أيّ الدعاءِ أسمَع؟ قال: ((جوفُ اللّيل الآخِر ودُبر الصّلواتِ المكتوباتِ)) رواه الترمذيّ وصححه الألباني.
وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عما تدعو به في ليلة القدر إن هي علمتها، فأرشدها أن تقول: ((اللهم إنك عفو، تحب العفو، فاعف عني)) .
عباد الله إن الله تبارك وتعالى حييٌ كريم؛ يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا" كما صح بذلك الحديث.
دخل موسى بنُ جعفر بن محمد مسجد رسول الله - فسجد سجدة في أول الليل، فسُمِعَ وهو يقول في سجوده: عظمُ الذنبُ عندي، فليحسنِ العفوُ عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة" فما زال يرددها حتى أصبح.
وإن من الخطأ أن يترك المرء الدعاء لأنه يرى أنه لم يستجب له، ورسول الله –صلى الله عليه - يقول: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي" متفق عليه
قال مُورِّقٌ العجلي: "لقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة فما شفَّعني فيها، وما سئمت من الدعاء".
واجتنابُ المعاصي والذنوب سبب لإجابة الدعاء، قال يحيى بن معاذ: " لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طريقها بالذنوب"
عباد الله يجتهد الناس في العشر الاواخر في الصلاة وقراءة القرآن وهناك أمر يغفلون عنه، ألا وهو الصدقة في هذه الليالي العظيمة فالصدقة مضاعفة الاجر كبيرة القدر ومما أحب ان اشير اليه احسنوا لمن حولكم من الضعفاء والمساكين
اذا قمت بكسوة ولدك اكسي ولد جارك العاجز
اجعل البسمة تعلوا على شفاة المحتاجين والضعفاء
واليتامى والارامل بصدقتك ولوكانت قليلة فمضاعفتها تجعلها كبيرة عندالله
عباد الله .. إن من آكد السنن في هذه العشر ، السنةَ التي كان يحافظ عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يتركها حتى مات ، سنة الإعتكاف ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف هذه العشر ، طلباً لليلة القدر حتى توفاه الله، ثم اقتدى به في ذلك أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين .
فمن تيسرت له هذه السنة فلا يحرم نفسه هذه السنة المحمدية ، والخلوة الربانية ، فإنها بلسمٌ للقلوب ، ودواءٌ لآفاتها ، فإن لم يتيسر له اعتكاف العشر فليعتكف بعض الأيام .. فإن لم يتيسر له فليعتكف ليلة ، فمن دخل المسجد قبل المغرب وخرج بعد الفجر كتب له اعتكاف ليلة .. فإن لم يتيسر له الاعتكاف فليتشبه بالمعتكفين ، فيكثر المكث في المسجد وقراءة القرآن ، ويشهد صلاة القيام . ويقطع علاقته بفضول الدنيا ، ويؤجل كل ما يمكن تأجيله من الحاجات والمصالح، وليعشْ في خلوة بربه، ولو كان في بيته ومتجره وعمله .
فاتقوا الله عباد الله، وأنيبوا إليه، وأخلصوا له ، ولازموا التوبة والاستغفار، واشكروا الله الذي هداكم للإيمان وبلّغكم شهر الصيام وأعانكم على صيامه وقيامه، واغتنموا هذه العشر الأواخر بالاجتهاد في العبادة متأسّين برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، لتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.
فلربما جاهد العبدُ نفسه في هذه الأيام القلائل، فقبل الله تعالى منه، وكتب له سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، وهي تمرُّ على المجتهدين واللاهين سواءً بسواء؛ لكن هيهات! التساوي عند الله
( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) .
وهذه الآية تسمى مبكاة العابدين .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا أَجْمَعِينَ، وَهَبْ الْمُسِيئِينَ مِنَّا لِلْمُحْسِنِينَ، اللهم لاتحرمنا في هذا الشهر من واسع فضلك ومن جميل إحسانك وعفوك
اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النّارِ، اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النّارِ، اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النّارِ.

اللهم َلاَ يَغْفِرُ الذُّنوُبَ إِلاَّ أَنْتَ،فَاغْفِرْ لِنا مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِا إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِنا مَا قَدَّمْنا وَما أَخَّرْنا، وَما أَسْرَرْنا وَما أَعْلَنْا، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّا، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. اللهم إنا نَسْأَلُكَ نَعِيمَاً لاَ يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَنسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ، وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنسْأَلُكَ اللهم لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.اللَّهُمَّ زَيِّـنّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.

اللهم إنا نسألك علما نافعا، وقلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا واسعا، وعملاصالحا متقبلا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية،اللهم أحيينا الحياة الطيبه اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين

اللهم اجعل هذه الساعة لَنا سَاعَةَ رِضَا، اللهم هَبْها لَنا سَاعَةَ تَوْبَةٍ، اللهم هَبْها لَنا سَاعَةَ عتق.
اللَّهُمَّ اعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَإِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا وَأَهْلِينَا وَعُلَمَائِنا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ النَّارِ.

أخوكم عبدالوهاب المعبأ
جوال 773027648
المشاهدات 1457 | التعليقات 0