خطبة استسقاء للمدارس الابتدائية
مبارك العشوان 1
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }
كُلُّ النَّاسِ فُقَرَاءُ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ الصِّغَارُ وَالكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَالأَغْنِيَاءُ وَالفُقَرَاءُ؛ وَالأَصِحَّاءُ وَالمَرْضَى؛ الجَمِيعُ فُقَرَاءُ إِلَى اللهِ؛ الجَمِيعُ مُحْتَاجُونَ إِلَى اللهِ فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ حَيَاتِهِمْ.
وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الخَلْقَ، وَهُوَ مَالِكُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يُرْزُقُهُمْ كُلَّ أَنْوَاعِ الرِّزْقِ.
رَزَقَهُمُ العُقُولَ وَالأَسْمَاعَ وَالأَبْصَارَ.
رَزَقَهُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَاللِّبَاسَ وَالسَّكَنَ.
رَزَقَهُمُ القُوَّةَ وَالصِّحَّةَ.
رَزَقَهُمُ الأَمْنَ وَالإِيمَانَ.
فَلِلَّهِ تَعَالَى الحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَهُ الشُّكْرُ كُلُّهُ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [الروم 40]
اِسْتَمِعُوا مَعِيَ - بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ - وَتَأَمَّلُوا هَذَا الحَدِيثَ القُدْسِيَّ العَظِيمَ؛ لِتَعْرِفُوا شِدَّةَ حَاجَتَنَا إِلَى رَبِّنَا، لِتَعْرِفُوا شِدَّةَ فَقْرَنَا إِلَى الغَنِيِّ الكَرِيمِ جَلَّ وَعَلَا.
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ( يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًــا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِـرْ لَكُمْ ... ) الخ الحديث. [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ]
وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ }[ الشعراء 78- 81 ]
اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ الرَّازِقُ لِعِبَادِهِ، وَلَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرْزُقَهُمْ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ؛ وَلَوْ أَمْسَكَ عَنْهُمْ رِزْقَهُ وَمَنَعَهُ عَنْهُمْ؛ لَهَلَكُوا؛ قَالَ تَعَالَى: { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ } [سبأ 24] وَقَالَ تَعَالَى: { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ } [الملك 21]
وَإِذَا عَلِمْتُمْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - أَنَّ أَرْزَاقَكُمْ بِيَدِ اللهِ تَعَالَى فَأَبْشِرُوا بِالخَيْرِ؛ فَرَبُّنَا رَحِيمٌ بِنَا؛ يَقُولُ تَعَالَى: { إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } وَيَقُولُ تَعَالَى: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } وَيَقُولُ تَعَالَى: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }[ الأعراف 156]
نَعَمْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَاسِعَةٌ؛ فَاسْأَلُوهُ دَائِمًا أَنْ يَرْحَمَكُمْ، وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ، وَاحْذَرُوا مَعْصِيَتَهُ.
حَافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ الخَمْسِ، اِحْرِصُوا عَلَى الطَّهَارَةِ لَهَا؛ فَالصَّلَاةُ مِنْ غَيرِ طَهَارَةٍ لَا تُقْبَلُ.
صَلُّوا كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَعَلَيهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا اسْتَيْقَظَ أَوْ تَذَكَّرَهَا.
أَطِيعُوا وَالِدَيْكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ، وَقُومُوا بِخِدْمَتِهِمْ وَاحْذَرُوا مَعْصِيَتَهُمْ وَإِغْضَابَهُمْ.
أَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَاحْذَرُوا إِيذَاءَهُمْ.
اِحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَلَا تَقُولُوا إِلَّا خَيرًا.
اِحْرِصُوا عَلَى الصِّدْقِ، وَاحْذَرُوا مِنَ الكَذِبِ؛ حَتَّى وَلَوَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ المِزَاحِ.
اِحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الأَلْفَاظِ البَذِيئَةِ السَّيِّئَةِ مِنَ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَاللَّعْنِ وَالسُّخْرِيَةِ بِالنَّاسِ وَغَيرِ ذَلِكَ.
لَا تَعْتَدُوا عَلَى أَحَدٍ، وَلَا تُؤْذُوا أَحَدًا؛ لَا بِأَلْسِنَتِكُمْ وَلَا بِأَيْدِيكُمْ؛ فَإِنَّ المُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ.
لَا تَأْخُذُوا مَا لَيْسَ لَكُمْ مِنْ أَدَوَاتِ زُمَلَائِكُمْ أَوْ نُقُودِهِمْ.
اِحْفَظُوا أَبْصَارَكُمْ عَنِ الصُّوَرِ المُحَرَّمَةِ وَالمَقَاطِعِ السَّيِّئَةِ.
اِحْفَظُوا أَسْمَاعَكُمْ عَنِ الأَغَانِي وَالمُوسِيقَى وَالشِّيْلَاتِ.
عَلَيْكُمْ بِالجُلَسَاءِ الصَّالِحِينَ، وَاحْذَرُوا جُلَسَاءَ السُّوءِ؛ حَتَّى وَلَوْ كَانُوا مِنَ الأَقَارِبِ أَوْ مِنَ الجِيرَانِ أَوْ مِنَ الزُّمَلَاءِ.
فَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّـى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَحَذَّرَ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ؛ وَشَبَّهَهُمَا بحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الكِيرِ، وَقَالَ: ( فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) [ رواه البخاري ومسلم ]
ثُمَّ اعْلَمُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ وَبَارَكَ فِيكُمْ - أَنَّا إِذَا اِسْتَقَمْنَا عَلَى دِينِ اللهِ، وَعَمِلْنَا بِطَاعَتِهِ، وَاجْتَنَبْنَا مَعْصِيَتَهُ؛ أَصْلَحَ لَنَا الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُـــواْ يَكْسِبُونَ }96 الأعراف
جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ.
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ: اِجْتَمَعْنَا فِي هَذَا الوَقْتِ، وَصَلَّيْنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ اِقْتِدَاءً بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَسْتَغِيْثُ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا نَدْعُوهُ تَعَالَى وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، البَرُّ الرَّحِيمُ.
فَلْنَرْفَعْ أَيدِيَنَا بِدُعَائِهِ تَعَالَى أَنْ يُنْزِلَ المَطَرَ عَلَى بِلَادِنَا.
اللهُمَّ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللهُمَّ اسْقِنَا وَأَغِثْنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا وَأَغِثْنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا وَأَغِثْنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيْثاً هَنِيْئاً مَرِيئاً غَدَقاً، سَحَّاً طَبَقاً، عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ، اللهُمَّ اسْقِ عِبَادَك وَبِلَادَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، اللهمَّ أنْزِلْ عَلَينَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء، وَاجْعَلْ مَا أنْزَلْتَهُ قوةً لَنَا عَلَى طَاعَتِكَ وَبَلَاغاً إلى حِينٍ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.
الَّلهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا؛ فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا.
اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلى يَومِ الدِّين.
المرفقات
1706710790_خطبة استسقاء للمرحلة الابتدائية 1445.pdf