خُطْبَةُ استسقاء للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله بتصرف

بندر المقاطي
1436/04/23 - 2015/02/12 07:45AM
هذه خطبة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله
وأضفتُ لها أبياتاً لإمام الحرم المكي الشيخ سعود الشريم
مع تصرف يسير من عندي،،
نفع الله بها،،
) خُطْبَةُ الاسْتِسْقَاء(
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمين، الرَّحمَنِ الرَّحيم، مَالكِ يَومِ الدِّين،والحَمْدُ للهِ مُغيثِ المستغيثين، وَمجيبِ دَعوةَ المُضطرِّينَ، وَكاشِفِ الكَربِ عَنِ المكروبين، وَمُسبِغِ النِّعمةِ عَلَى العِبَادِ أَجمعين، لا إِلهَ إِلا اللهُ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيحكمُ مَا يرُيدُ، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيختارُ وَهُوَ الوَليُّ الحَمِيد، فَسُبحَانَهُ مِنْ إِلهٍ كَرِيمٍ، شَمِلَ بكِرَمِهِ وَرِزْقِهِ وَإِحسَانِهِ القَريبُ وَالبعيدُ، فَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ حَفَيظ، ولكنهُ يُعطي لحكمةٍ، ويمنعُ لحكمةٍ، إنَّ ربي على صراطٍ مستقيم، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَإِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شهادةً أرجُو بها النَّجَاةَ يومَ الوعيد، وَأشهدُأَنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أفضلُ الرُّسلِ، وَخُلاصةُ العبيد، صلى اللهُ وسلم عليه وعلى أصحابِهِ، ومن تبعهم في هَديهُمُ الرشيد، وسلم تسليماً كثيراً. أَمَّا بَعْدُ:

فأُوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله سبحانه، إذ بها المُلتزَمُ، وعَليها المُعوَّلُ والمُعتصَم، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(.
فبتقوى اللهِ سبحانهُ تصلُحُ الأحوال، وتحسُنُ العاقبةُ ويحلُو المآل.
عِبَادَ الله:
قال الله عزَّ وجل: )إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ(وَقال سبحانه: )وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيد(وَقَالَ تَعَالى: )أَفَرَأَيْتُمْ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحنُ المُنْزِلُون(.
عباد الله:
لقد أَنزَلَ الله تعالى غيثينِ لعباده، أحدهما أهمُ من الآخر، وَالنَّاسُ يحتاجونَ إليهِ أَشَدَّ منَ الآخر، أَمَّا الغيثُ الأولُ، فهوَ غَيثُ القلوبِ بما أَنزَلَ اللهُ مِنَ الوَحي عَلَى رُسُلِهِ، وهذا الغيثُ مَادةُ حياةِ القُلوبِ، وسعادةُ الدنيا والآخرة، وبه يُستجلبُ الغيثُ الثاني، وَهُوَ غَيثُ الأرضِ بما يُنزلُهُ اللهُ مِنَ المطر، وَلقد خَرجتم تَستغيثونَ رَبَّكم لهذا الغَيث، وَإِنَّهُ لجديرٌ بنا أنْ نهتمَّ بالغيثِ الأولِ قبلَ الثَّاني، لأَنَّ بهِ سعادةُ الدُّنيا وَالآخرة، وَحُصولِ الغَيثِ الثَّاني قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: )وَلَو أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقُوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَركَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ(، وَقَالَ تَعَالى عَلَى لِسَانِ نُوحٍ e: )فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا(.
وَقَالَ تَعَالى عِنْ هُودٍ عَليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَومِهِ: )وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلُوا مُجْرِمِيْنَ(.
ألا قُوموا فَنَدعُوا اليومَ ربًّا..
رحيمًا مُحسنًا برًّا بفالِ
ونبدأُ في الدعابالحمدِ إِنَّا..
لنحمدُ بالغدوِ والآصالِ
إلهي إِنَّ في الأمطارِ شُحًّا..
ونزرًا لايدانيـهِ مقـالي
وَإِنَّ الأرضَ تشكو اليومَ جدبًا..
وتشكو غَورَ ذا الماءِ الزُّلالِ
أيها المسلمون:
يجبُ علينا أن نتفقد قلوبنا، هل رُوِيتْ من هذا الغيثِ أم هي ظامئة؟! يجبُ علينا أن ننظرَ في صحائفنا، هل هي ربيعٌ بهذا الوحيِّ أم هي مُجدبةٌ منه؟، يجبُ علينا أَنْ نُصلحَ مَا فَسَدَ، وَأَنْ نُطَهِّرَ قُلُوبَنَا من الغلِّ والحقدِ والحسدِ، يجبُ علينا أداءُ الصَّلاةِ وَإيتاءُ الزَّكاةِ، وَالقِيَامُ بإصلاحِ الأَهلِ وَإصلاحِ المجتمعات، يجبُ علينا أنْ نَتُوبَ إلى اللهِ من جميعِ الذُّنوبِ، وَأَنْ نُحسنَ الظَّنَّ باللهِ عِندما نتوب، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول: )قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبِ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيْم(.
أغثنا يا إلهَ الكونِ إِنَّا..
عبيدٌ نبتغي حُسنَ النَّوالِ
وَإِنَّ بنا من اللأواء جَهداَ..
وَإِنَّكَ عَالمٌ عن كُلِّ حالِ
فلا تمنعْ بذنبِ القومِ قطرًا..
ولا تمنعْ عبادكَ من سِجَالِ
أَلا رَبَّاهُ أرسلها رِياحًا..
تُقِلُّ بها من السُّحبِ الثقالِ
وسُقهَا رَحمةً في أرضِقفرٍ..
تباكتْ طولَ أيامٍ عِضالِ
ألا غَيثًا مَغيثًـا يا إلهي..
وسحًّا نافعًايا ذا الجلالِ
هنيئًا في ثناياهُ مَريئاً..
مَغيثاً أو مَريعاً في الكمالِ
وأغدقهُ وأطبقهُ وجللّ..
مَواقعَ قَطرهِ بين التلال

فارفعوا أيديكم واتجهوا بقلوبكم إلى ربكم، داعين مؤملين منه الفرجَ، وإزالةَ الشِّدة.
اللَّهُمَّ إِنَّا نستغفرَك إنَّكَ كنتَ غَفاراً، فأرسلْ السماءَ علينا مدراراً، اللَّهُمَّ وفقنا للتوبة النصوح التي تمحو بها ما سلف من ذنوبنا، وتصلح بها أحوالنا وقلوبنا.
اللَّهُمَّ تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واكشفِ الضُرَّ عن المستضرين، وأسبغ النعم على المؤمنين.
اللَّهُمَّ اسقنا الغيث والرحمة، ولا تجعلنا من القانطين.
اللَّهُمَّ أغِثْنا، اللَّهُمَّ أغِثْنا، اللَّهُمَّ أغثْنا، غيثا مُغيثاً، هنيئًا مَريئًا، غَدَقًا واسعاً، طبَقًا عامًّا مجلِّلاً، دائمًا نافعًا غيرَ ضارٍ، عاجلاً غيرَ آجلٍ، اللَّهُمَّ اغثنا غيثاً تحيي به البلادَ، وترحم به العبادَ، وتجعلْه بلاغًا للحاضِرِ والبادِ.
اللَّهُمَّ سقيا رحمةٍ، لا سقيا عذابٍ، ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ.
اللَّهُمَّ أنبِتْ لنا الزرعَ، وأدِرَّ لنا الضّرعَ، وأنزِلْ علينا من بركاتِ السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.
اللَّهُمَّ وسع أرزاقنا ويسر أقواتنا واجعل ما رزقتنا
قوّةً لنا على طاعتِكَ ومتاعاً إلى حين.
اللَّهُمَّ إنا عبيدك مضطرون إلى رحمتك،خائفون من عذابك، فارحمنا برحمتك ونجنا من عذابك، ولا تؤاخذنا بما فعلنا فإنك أهل العفو والإحسان.
اللَّهُمَّ تقبل منا دعواتنا بمنك وكرمك وصلِّ اللَّهُمَّ على عبدك ورسولك محمد.
عبادَ اللهِ:
اقتَدوا بسنّةِ نَبيُّكُمْe، فقد كان يقلِبُ رداءَهُ حين يستسقي، تفاؤلاً بقَلبِ حالِ الشّدّةِ إلى الرخاءِ، والقحطِ إلى الغيثِ، وادعوا اللهَ وأنتم مُوقنونَ بالإجابةِ، فمن كان له رداءٌ كبشتٍ أو فروة فليقلبه وليقتدي بسنَّة نبيه e، ثم ليتوجه إلى القبلةِ ويدعو ربه عز وجلَّ، ولا بأس بقلب الشماغِ أو الغترة، وَأَمَّا الكوتَ والقبوعَ فَلاَ تُقلَب.
نستغفرُ الله.. نستغفرُ الله.. نستغفرُ الله ونتوبُ إليه..
المشاهدات 3233 | التعليقات 1

خطبة استسقاء