خطبة احذر أن تفوتك العشر، وتخسر ليلة القدر

عادل بن عبد العزيز الجهني
1446/09/20 - 2025/03/20 15:19PM

.

 

الحمدُ لله الذي ختم رمضان بخير أيّامه، ومنّ على هذه الأمّة بأجزل هباته، وأعطاهم من الثواب والأجور ما على مثله يُحمد سبحانه.

وأصلي وأسلم على خير من اجتهد في ختامه ، صلى اللهُ عليه وعلى من اقتفى أثرهم من العُبّاد المجتهدين، أمّا بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله.

أيّها المؤمنون

استقبلنا الليلة الماضية أوّل ليالي العشر الأواخر من رمضان، وهي عشر مباركة، هي واسطةُ عِقْدِ الشهر، وخير أيامه ولياليه، وكان نبيُّنا ﷺ يحتفي بها احتفاءً عظيمًا، ويجتهدُ فيها اجتهادًا كبيرًا.

ومن رحمة الله أن جعل آخر الشهر أفضلَ من أوله ووسطه؛ لتُعوّض النفوسُ ما فاتها، ولينشط مَن تكاسل، وليُدركَ من فاته رَكْبُ الصالحين.

لقد كان رسولُنا -عليه الصلاة والسلام- يعطي هذه العشرَ عنايةً خاصةً، ويجتهد في العمل الصالح فيها أكثر من غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهدُ في العشر الأواخرِ ما لا يجتهدُ في غيرها".
وقالت أيضًا: "كان إذا دخل العشر شَدَّ مئزرَه، وأحيا ليلَه، وأيقظ أهلَه". متفق عليه.
وفي المسند عنها قالت رضي الله عنها: "كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخلِطُ العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشرُ شَمَّر وشَدَّ المئزر".

أيّها الصائمون

إنّ المؤمنَ الصادق لَيزدادُ نشاطًا في هذه العشر؛ لعلمه أنّها مواسمُ عظيمة, والنفحات فيها كريمة, ويرى أنّ من الغَبْن البيِّن، والتفريط الظاهر تفويتَ هذه الأيام وتضييعَها.

وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيامَ، فأيَّ موسم نغتنم؟
وإن لم نفرِّغ الوقتَ الآن للعبادة، فأيَّ وقت نفرِّغُه لها؟
وإنْ تسلط الشيطانُ على بعضنا بالتسويف، وتأجيل العمل الصالح في كثير من أوقاتنا, فها هي العشر قد نزلت بنا، أبَعْدَ هذا نسوِّفُ ونؤجل؟


لنتذكر أنّ:
غدًا توفَّى النفوسُ ما كسبت ويحصدُ الزارعون ما زرعوا
إنْ أحسنوا أحسنوا لأنفسهم وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

لنتذكَّرْ مع دخول هذه العشر أنّها عشْرُ ليال فقط تمرُّ كطيفٍ زائرٍ في المنام، تنقضي سريعًا, وتغادرنا كلَمْح البصر, فليكن استقصارُك المدةَ مُعينًا لك على اغتنامها.

لنتذكَّرْ أنّها لن تعود إلا بعد عام كامل لا ندري ما اللهُ صانعٌ فيه وعلى من تعود؟!

لنتذكرْ أنّ فيها ليلةَ القدر التي عظَّمها الله, وأنزل فيها كتابَه, وأعلى شأنَه.

تذكّرْ وأنت تغتنمها أنك متأسٍّ بخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم, وقد تقدّم بعض هديه خلال العشر، وكيف كان اجتهاده عظيمًا؛ وهو عبدٌ قد غُفر له، فكيف بمن به حاجةٌ للمغفرة مثلنا؟!

فاستعن بالله ولا تعجِزْ، وقل: اللهم أعنِّي في العشر على ذكرك وحسن عباداتك

عباد الله

المؤمن يجتهد في كل عملٍ صالحٍ في هذه الأيّام لعلمه بفضلها، وفضل العمل الصالح فيها، وثمّت أعمالًا على الخصوص كان النّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يحرص عليها في هذه العشر، فمن ذلك الاعتكاف فيها كلها، فقد كان هذا هديُه -عليه الصلاة والسلام- فيها, فإن لم يستطع أحدُنا أن يعتكفها كلها، فلا أقلَّ من اعتكاف الليالي أو ليالي الوتر منها.

 

 

ومن الأعمال الصالحة الجليلة في هذه العشر إحياؤها بالقيام, فهذه العشر فيها ليلة القدر جزمًا، فمن قامها كلَّها أدرك فضيلة قيام ليلة القدر -بإذن الله-، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثرَ النّاس اجتهادًا في قيام ليالي العشر، فقد "صلَّى معه حذيفةُ رضي الله عنه ليلةً في رمضان، فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران؛ لا يمرُّ بآيةِ تخويفٍ إلا وقف وسأل، فما صلى الركعتين حتى جاءه بلالٌ فآذنَه بالصلاة – أي: أعلمَه بدخول وقت صلاة الفجر". أخرجه أحمد.

واتّبعه في ذلك السلفُ الصالح الذين كانوا يجتهدون في هذه العشر في القيام اجتهادًا ظاهرًا يعلمه كلُّ مُطَّلِعٍ على أحوالهم, ومن عُبَّاد زماننا من سار على هديهم في الإجتهاد، فلا زال الخير في أفراد الأمّة باق إلى قيام الساعة.
لنعلم -يا عباد الله- إنّ السبب الرئيس للاجتهاد فيها: هو اليقين التام بموعود الله الذي وعد به أهل القيام؛ خصوصًا هذه الليالي التي تميّزت عن غيرها في الثواب, إضافةً إلى اللذَّة التي وجدوها حتى آثروا القيام, وما أجملَ ما قاله بعض العلماء: "لذة المناجاة ليست من الدُّنيا، إنّما هي من الجنّة، أظهرها الله تعالى لأوليائه، لا يجدُها سواهم".
واعلم- يا رعاك الله- أنّ للبعد عن الذنوب والمعاصي الأثرَ البيِّنَ في التوفيق للطاعة, فالطاعةُ شرفٌ ورحمةٌ من الرحمن لا ينالُها إلا الطائعون.

صَلِّ صلاة العشاء والفجر في جماعة، فمن صلاهما فكأنما قام الليل كلَّه، وصلاتهما في جماعةٍ تعوِّضُ كل تقصير.

صلِّ صلاة التراويح والقيام مع إمامك حتى ينتهي من صلاته؛ ليُكتَب لك أجرُ قيام الليلة كلها.

اغتنم هذه العشر بكثرة الدُّعاء والتضرّع؛ فدعاء هذه الليالي من مواطن الاستجابة، وتذكَّر حاجتَك لربك ومولاك.

اغتنم ساعاتِ السَحَر فيها؛ فهذه العشر كثيرٌ من النّاس يكونون مستيقظين فيها, وهو وقتٌ شريفٌ مباركٌ, وتعجَبُ ممن يُـمضون هذه الساعات في الأحاديث الجانبية زاهدين في هذا الوقت؛ أمّا الموفَّقون الذين عرَفوا قيمة هذه الساعات وعلوَّ مكانتها، فلا تجدهم إلا منكسرين ومُخْبِتين فيها، قد خلا كلُّ واحد منهم بربه، يطرح ببابه حاجتَه, ويسأله مطلوبَه, ويستغفرُه ذنبَه, ألا ما أجَلَّها من ساعة!

وما أعظمَه من وقت!

فأين المغتنمون له؟

وأوصيك أخي بتطهير قلبك من كل ما يُسْخِطُ اللهَ، فهذه أيّام الطهارة والتسامح, واجعل حظَّ النفس ورغبةَ الانتقام لها جانبًا, فأنت ترجو المغفرة, وتأمُلُ عفو ربك, وليكنْ شعارُك العفوَ عن الناس وعمَّن ظلمك, واجعل هذا من أرجى أعمالك في هذه الليالي, ولله دَرُّ ابن رجب -رحمه الله- حيث قال تعليقًا على دُعاء: "اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني"؛ إذ يقول: "مَن طمِع في مغفرة الله وعفوه فليعفُ عن الناس؛ فإن الجزاء عنده من جنس العمل".

تذكَّرْ قِصَرَها؛ فهي عشْرُ ليالٍ فقط، سرعان ما تنتهي.

انظر لكل ليلةٍ منها على أنّها هي ليلة القدر فاجتهد، فاللهُ أخفاها لنجتهد فيها كلِّها.

أكثِرْ من تلاوة القرآن، فالحسناتُ في هذه الليالي مضاعَفة، واعقِدِ العزم أن تختم القرآن كل ثلاث ليالٍ، وهو ميسَّر -بإذن الله- للصادقين.

انظر إليها على أنّها خير ليالي العام، وأنّها ليالي التعويض، فاجتهد لتعويض ما سبق من تقصير في الشهر.

جاهِدِ النفسَ؛ فالطاعاتُ تحتاجُ إلى مجاهدة وصبر.

تعاوَنْ مع أهل بيتك على اغتنامها، وشجِّعهم، وذكِّرهم بفضلها.

عليك بالتخلص عما يصرفك من اغتنامها خصوصاً أجهزة الجوال ووسائل التواصل، فكل شيء نستطيع تعويضه إلا هذه الليالي، فإنّها إن فاتت فليس لها عِوَضٌ.

أكثِرْ من قول: (لا إله إلا الله)، والذكرِ المضاعف "سبحان الله وبحمده؛ عددَ خلقه، ورضا نفسه، وزِنَةَ عرشه، ومدادَ كلماته"، ومن الأذكار بشكل عام، فهذه الليلة ثواب العمل الصالح فيها مضاعَفٌ.

نوِّعْ في عباداتك حتى لا تمَلَّ النفسُ، وإن استطعت أن تنفعَ إخوانك بوسائل التواصل فافعل؛ بشرط عدم الانشغال بها كبيرة، والعناية بالعبادة الخاصة بك.

إيّاك والكسلَ مع مُضيِّ الليالي، فكثيرٌ من المسلمين يجتهدون أوّل ليلة أو ليلتين ثمّ يعتريهم الكسلُ؛ مع أنه ينبغي أن يكون العكس؛ لأنّه كلما مضت ليلةٌ قلَّتِ الفرصة لهم.

تذكَّرْ آخِرَ ساعات رمضان، وكيف يكون فرحك وقد اغتنمتَها.

اللهم أعنّا في هذه العشر على مرضاتك، واجعلنا فيها من الموفقين المرحومين الفائزين.

بارك الله لنا في القرآن الكريم….

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية/

الحمد لله الذي خصّ هذه الأمّة بخصائص لم يجعلها لغيرهم، ومن هذه الخصائص اصطفاءهم لليلة القدْر.
وليلةُ القدْر هي خير ليالي العام بلا خلاف.
وهي الليلةُ العظيمةٌ التي أكرم الله بها هذه الأمَّةَ، وتفضَّل بها عليها من بين سائر الأمم، وعوَّضهم بها عن قِصَر أعمارهم بليلةٍ العبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، أمّا من وفقه الله فقام ليلة القدْر عشر سنوات، وقبلها اللهُ منه، فمثله يكون قد فاز بعبادة أكثر من ثمان مئة وثلاثين عامًا، فكيف لو وُفِق لعشرين عامًا أو ثلاثين أو أربعين أو أكثر من ذلك، إنّه لفضل لكبير من الله لمنِ اصطفى من خلقه، اللهم اجعلنا منهم.

فينبغي للمؤمن أن يسعى جهده لإدراك مثل هذا الفضل العظيم، وهذا يكون بصدق الدُّعاء، وقيام العشر كلها، والجدِّ والاجتهاد فيها.

وسُمِّيت هذه الليلة بهذا الاسم من (القَدْر)؛ وهو الشرف؛ كما نقول: فلان ذو قدر عظيمٍ؛ أي: ذو شرف ومكانة.

وقيل: سُمّيت ليلةَ القدْر؛ لأنّه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السَّنة، فيُكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، كما قال تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان ٤] وهذا من حكمة الله -عزّ وجل-، وإتقان صُنْعه لخلقه، وتدبيره لهم.

ومن معانى القدر: التعظيمُ، فهي ليلةٌ ذاتُ قدْر عند الله، وعند المؤمنين المعظِّمين لأمر ربهم، ولذا كان الذي يُحييها يصيرُ ذا قدْر عند الله تعالى.

وقيل: القَدْرُ هو التضييقُ، ومعنى التضييق فيها: إخفاؤها عن العلم بتعيينها؛ وأنّ الأرض تَضيق بالملائكة لكثرتهم فيها.

وهي في ليالي العشر الأواخر من رمضان جزمًا، فعن عائشة -رضي الله عنها- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان". رواه البخاري.

وفي ليالي الأوتار أرجى، فعن عائشة -رضي الله عنها-: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". رواه البخاري.

ولمّا جاءت الروايات مختلفةً في تحديد ليلة القدر دلَّ ذلك على تنقُّلِها كلَّ عام، يقول النووي –رحمه الله-: "وهذا هو الظاهر المختار؛ لتعارُض الأحاديث الصحيحة في ذلك، ولا طريقَ إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها"، وقال ابن تيمية –رحمه الله-: "وبعضهم يُعَيِّن لها ليلةً من العشر الأواخر، والصحيح: أنّها في العشر الأواخر تنتقل"، وقال الشيخُ ابنُ بازٍ –رحمه الله-: "وهذا هو الصواب؛ أنّها تنتقل في العشر"، فالناصحُ لنفسه يجتهد في العشر كلها؛ ليضمن- بإذن الله – الفوزَ بفضلها.

ولعظمة هذه الليلة كان نبيُّنا ﷺ يعتكف العشرَ الأواخرَ كلَّها طلبًا لإدراك فضلها، بل إنّه كان في أوّل أمره كان يعتكفُ العشر الأواسط من رمضان، حتى جاءه جبريل -عليه السلام-، وقال له: "إنَّ ما تطلب- يعني ليلة القدر- أمامَك" أخرجه البخاريُ ومسلم، فصار يعتكف العشر الأواخر.

ومن فضلها: أنّ من قامها غُفِر له ما تقدَّم من الذنوب، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه". أخرجه الشيخان.

ومَن عظَّم هذه الليلةَ حقَّ التعظيم لا يكتفي بقيامها مع الإمام فقط– مع أنّه خير كثير– بل تجدُه لا يضيع لحظةً منها؛ وإنّما يُسابق الدقائق فيها ليملأها بالطاعات، فالعبادةُ فيها تعدِلُ عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنةً، قال تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: ٣] والمعنى: (أنّه لو قُدِّرَ لعابدٍ أن يعبُدَ ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنةً طَوالَ ليلها ونهارها ليس فيها ليلة القدر، وقام عابدٌ موفَّقٌ هذه الليلةَ وقُبِلت منه, لكان عملُ هذا العابد الموفَّقِ في ليلة القدر خيرًا من ذاك العابد في غيرها).

وعبادةُ الساعة الواحدة فيها فقط تعدلُ عبادةَ أكثرَ من ثمان سنوات، فما أعلى قَدْرَ هذه الليلة ،وما أظهرَ تفريطَ من فرَّط فيها، وشدة حسرته، وعظمة خسارته.

والدُّعاء في هذه الليلة يُرجى قَبولُه، فاجتهد فيه متأدِّبًا بآدابه، مُحضرًا قلبُك فيه، ومظهرًا فقرَك وحاجتَك لرحمة الله.

سَلْ ربَّك مطالبَك كلَّها من خيرات الدنيا والآخرة ،فكم استُجيبت فيها دعواتٌ للسائلين، وكتبت لهم بها الخيرات، ونالوا فيها البركات.

ومن الدعوات التي ينبغي الإكثارُ منها في هذه الليلة: ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر؛ ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو، فاعفُ عني". رواه الترمذي وابن ماجه.

تذكَّر كلما كسِلْتَ عن العبادة فيها أنّها ليلة لا عِوض لها فجاهِدْ نفسك على الطاعة، ولئن فرَّط أحدُنا في مواسمَ كثيرةٍ، فلا يُفرّط في مثل هذه اللياليَ.

وإذا ضعُفْتَ عن العمل فيها، فاستحضر أنّها عشر أو تسعُ ليالٍ فقط.

في هذه الليالي يكون العِتْقُ من النار، فتعرَّض لهذه النفحات لعلها أن تكون لك هي ليلة السعادة الأبدية والفوز الكبير.

اللهم عاملنا بفضلك وإحسانك، اللهم اجعلنا ممن يوفَّق لقيام الليلة فتَغفِر له ما تقدم من ذنبه، اللهم اجعلنا ممن أُعْتق فيه من النيران.

صلوا عباد الله على خير من اجتهد في مواسم الخيرات، واقتدوا به، فالاقتداءُ به سبيل المؤمنين، اللهم صلِّ وسلم على نبيك وخليلك محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين…..

المشاهدات 1683 | التعليقات 1

  1.  

المرفقات

1742473196_‎⁨خطبة احذر أن تفوتك العشر، وتخسر ليلة القدر.⁩.pdf