خطبة ابن المنير (رائعة) مناسبة للاستفادة منها في هذه الأيام

عبد لله
1433/04/22 - 2012/03/15 10:40AM

هذه الخطبة لابن المنيِّر المالكي المعروف قاضي الاسكندرية
خطب بها لما دخل هولاكو بلاد الشام مناسبة للاستفادة منها في هذه الأيام


تاريخها 15/4/658



" الحمد لله الَّذِي يرحم العيون إذا دمعت، والقلوبَ إذا خَشَعت، والنَفوسَ إذا خَضَعت، والعزائم إذا اجتمعت، الموجود إذا الأسباب انقطعت، المقصود إذا الأبواب امتنعتْ، اللّطيف إذا صدمت الخطوب وصدَّعت، رُبَّ أقضيةٍ نزلت فما تقدّمت حتّى جاءت ألطافٌ دفعت، فسُبحان من وسِعت رحمته كلَّ شيء، وحقّ لها إذا وسِعت، وسعت إلى طاعته السماوات والأرض حين قَالَ {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} فأطاعت وسمعت، أحمده لصفاتٍ بَهَرتْ، وأشكره عَلَى نعمٍ ظهرتْ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك لَهُ، شهادةً عَنِ اليقين صدرتْ، وأشهدُ أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله، بعثَهُ والفتنةُ قد
احتدَّت والحاجة قد اشتدَّت، ويدُ الضَلالِ قد امتدَّت، وظُلُمات الظُّلم قد اسودَّت، والجاهليّة قد أخذت نهايتها وبلغت غايتها، فجاء بمحمدٍ صَلَّى الله عليه وسلم، فملك عِنانها وكَبَت أعيانها, وظهرت آياته فِي الجبابرة، فهلكت فرسانها، وفي اشلقياصرة فنكّست صُلبانها، وفي الأكاسرة فصدّعت إيوانها، فأوضح عَلَى يده المحجة وأبانها، صلى اللَّه عَلَيْهِ وعلى آله فروع الأصل الطّيّب، فما أثبتها شجرة وأكرم أغصانها.
أيها النّاس، خافوا اللَّه تأمنوا فِي ضمان وعده الوفي، ولا تخافوا الخلق وإن كثروا، فإن الخوف منهم شركٌ خفيّ، ألا وإنّ من خاف اللَّه، خاف منه كل شيء، ومن لم يخفِ اللَّه خاف من كل شيء, وإنما يخاف عزّ الربوبيّة من عرف من نفسه ذُلّ العبوديّة، والاثنان لا يجتمعان فِي القلب، ولا تنعقد عليهما النية، فاختاروا لأنفسكم، إما الله وإمّا هذه الدنيا الدَّنية، فمن كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهموماً، ومن كانت زهرتها نُصب عينه لم يزل مهزومًا، ومن كانت جِدّتها غاية وَجْده لم يزل مُعْدَمًا حتّى يصير معدومًا، فالله اللَّه عباد اللَّه، الاعتبار الاعتبار، فأنتم السُّعداء إذا وُعظتم بالأغيار، أصلِحوا ما فَسد، فإنّ الفساد مقدّمة الدّمار، واسْلكُوا الْجِدّ تنجوا فِي الدّنيا من العار، وفي الآخرة من النار، اتقوا اللَّه وأصلِحوا تُفْلحوا، وسلموا تَسلموا، وعلى التّوبة صمّموا واعزموا، فما أشقى من عقد التّوبة بعد هذه العِبَر ثمّ حلّها، ألا وإنّ ذنبًا بعد التّوبة أقبح من سبعين قبلها ".
المصدر: تاريخ الإسلام للإمام الذهبي (51/ 137)، ذيل مرآة الزمان لليونيني (2/82)
المشاهدات 5072 | التعليقات 7

رحم الله ابن المنير وأسكنه فسيح جناته

وجزاك الله خيرا أخانا عبدالله ونفع بك


لا زلتُ متأملاً في خطب السلف والعلماء من بعدهم
وخطبة ابن المنيّر أحدها ..
وآخر من أتأمل خطبَه هو الشيخ عبدالرحمن السعدي..
لا تتجاوز الخطبتان الدقائق الخمس إلى سبع دقائق..؟!


صدقت أخي الشيخ محمد ، ولكنهم كانوا يخطبون في قوم إذا قالوا لهم : ( اتقوا الله ) انتفضوا وارتعدوا وارتدعوا ، ثم هم رجال قد أوتوا البيان وأمسكوا زمامه ، فعذرًا إن نحن أطلنا قليلاً ، فنحن أهل فهاهة وبين قوم لا يفهمون إلا بالتفصيل ، فالله المستعان .


أخي عبد الله (أحمد الربعي)
شكر الله لك هذه الدلالة على هذه الخطبة المدفونة في طي صفحات التاريخ
يا أخي العزيز
والله أشعر أنك أجليت لنا كنزًا أغلى من الذهب
في الحقيقة:
ما أبرك وأرتب وأبلغ مواعظ السلف
((( كلامٌ موجز وقولٌ معجز)))
باختصار:
كانت لدلالتك أخي عبد الله أثرها المباشر في خطبتي
فقد جعلتها برمتها - مع حذفٍ يسيرٍ - خطبتي الثانية
في جمعة هذا اليوم 23/4/1433هـ
((( وسوف أكتبها في المنتدى الليلة برابطٍ صوتيٍّ بمشيئة الله ،،
فربَّما يودُّ أحدٌ أن يخطب بها الأسبوع القادم)))
ودعني أبلغك سرور المستمعين اليوم لها
فجزاك الله خيرا
وفي انتظار ما تجود به شركتك المباركة في الحفر والتنقيب عما في تراثنا الثرِّ الرحيب


من رأيي وقد يكون خاطئا أن مثل هذه العبارات الجزلة في خطبة ابن المنير لن يفهمها عامة الناس في عصرنا :
فملك عِنانها وكَبَت أعيانها ... فأوضح عَلَى يده المحجة وأبانها .
أيها النّاس ، خافوا اللَّه تأمنوا فِي ضمان وعده الوفي ... وإنما يخاف عزّ الربوبيّة من عرف من نفسه ذُلّ العبوديّة ... ومن كانت جِدّتها غاية وَجْده لم يزل مُعْدَمًا حتّى يصير معدومًا ... فأنتم السُّعداء إذا وُعظتم بالأغيار ...

مثل هذه الخطبة تصلح لطبقة مثقفة أما سائر الناس فقد لا تصلح لهم ،،، والله أعلم ...


لا أوافقك أخي "مرور الكرام"
فالعوام قد نظنهم لا يفهمونها
ولكن تتفاجأ أن الأطفال يفهمونها
وهذا ما حصل معي
فقد تفاعل معها بعض الأطفال بشكلٍ عجيب
وأقترح تحاشي السطور التي فيها صعوبة


تحقق الوعد
فقد كتبتُ الخطبة وأضفتُها مع مرفقٍ صوتي
على الرابط:
https://khutabaa.com/forums/موضوع/138167
أسعد بمروركم وملاحظاتكم
ولكم جميعًا وللأخ عبد الله (أحمد الربعي) الشكر الجزيل