خطبة : ( إنه لا يحب المستكبرين )
عبدالله البصري
1436/05/22 - 2015/03/13 05:02AM
إنه لا يحب المستكبرين 22 / 5 / 1436
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، صَلاحُ الإِنسَانِ وَفَلاحُهُ ، مِن صَلاحِ قَلبِهِ ، وَطَهَارَةُ ظَاهِرِهِ مِن نَقَاءِ بَاطِنِهِ ، وَإِنَّهُ لا نَجَاةَ يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلاَّ لِمَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ ، وَصَلاحُ القَلبِ وَسَلامَتُهُ ، لا تَكُونُ إِلاَّ بِتَركِ الذُّنُوبِ كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا ، وَالتَّخَلُّصِ مِنهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، قَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكسِبُونَ الإِثمَ سَيُجزَونَ بما كَانُوا يَقتَرِفُونَ "
وَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَتَوَقَّى الآثَامَ الظَّاهِرَةَ وَيَجتَنِبُهَا ، فَإِنَّ كَثِيرِينَ يَنسَونَ خَطَايَا البَوَاطِنِ وَيَتَغَافَلُونَ عَنهَا ، بَل قَد لا يَنتَبِهُونَ لَهَا وَلا يَهتَمُّونَ بها ، مَعَ أَنَّهَا أَشَدُّ فَتكًا بِالقَلبِ وَأَعظَمُ خَطَرًا عَلَى الإِيمَانِ ، إِذْ إِنَّهَا تَذهَبُ بِالأَجرِ أَو تُنقِصُهُ ، وَقَد تُبطِلُ العَمَلَ وَتُحبِطُهُ ، فَلا يُقبَلُ وَلا يُرفَعُ ، مِن ذَلِكَ الشِّركُ بِاللهِ ، الَّذِي لا يَقبَلُ اللهُ مِن صَاحِبِهِ قَلِيلاً وَلا كَثِيرًا ، وَمِنهُ الحَسَدُ ، الَّذِي يَأكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأكُلُ النَّارُ الحَطَبَ ، وَمِنهُ الشَّحنَاءُ وَالخِصَامُ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " تُعرَضُ الأَعمَالُ في كُلِّ اثنَينِ وَخَمِيسٍ ، فَيَغفِرُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ في ذَلِكَ اليَومِ لِكُلِّ امرِئٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا ، إِلاَّ امرُؤٌ كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ ، فَيَقُولُ اترُكُوا هَذَينِ حَتى يَصطَلِحَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَإِنَّ ثَمَّةَ صِفَةً قَبِيحَةً مَمقُوتَةً ، وَخَطِيئَةً خَفِيَّةً غَائِرَةً ، وَوِزَرًا ثَقِيلاً بَغِيضًا ، قَد يَكُونُ هُوَ الأَصلَ في كَثِيرٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتي تَعصِفُ بِالقُلُوبِ ، وَتُبعِدُهَا عَن رَحمَةِ عَلاَّمِ الغُيُوبِ ، ذَلِكُم هُوَ الذَّنبُ الَّذِي عَصَى بِهِ إِبلِيسُ رَبَّهُ ، وَابتَدَأَ بِهِ التَّمَرُّدَ عَلَى خَالِقِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَإِذْ قُلنَا لِلمَلاَئِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ أَبى وَاستَكبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ " إِنَّهُ الكِبرُ ، الَّذِي أَبى اللهُ ذُو الجَلالِ وَالكَمَالِ إِلاَّ أَن يَتَفَرَّدَ بِهِ ، فَأَرَادَ كَثِيرٌ مِنَ الخَلقِ النَّاقِصِينَ في ذَوَاتِهِم وَصِفَاتِهِم ، أَن يُنَازِعُوا رَبَّهُم فِيهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ عَن نَفسِهِ : " فَلِلَّهِ الحَمدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرضِ رَبِّ العَالَمِينَ . وَلَهُ الكِبرِيَاءُ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ " وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ يَقُولُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " العِزُّ إِزَارُهُ وَالكِبرِيَاءُ رِدَاؤُهُ ، فَمَن نَازَعَني بِشَيءٍ مِنهُمَا عَذَّبتُهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ لَقَد جَمَعَت صِفَةُ العُلُوِّ وَالكِبرِيَاءِ أَهلَ الإِعرَاضِ في القَدِيمِ وَالحِدِيثِ ، وَسَيطَرَت عَلَيهِم نَوَازِعُ الكِبرِ وَالجَبَرُوتِ ، فَشَمَخُوا بِأُنُوفِهِم ، وَتَعَاظَمُوا في أَنفُسِهِم ، وَتَعَجرَفُوا وَتَغَطرَسُوا وَذَهَبَ بِهِمُ التَّيهُ كُلَّ مَذهَبٍ ، حَتَّى أَعرَضُوا عَنِ الهُدَى وَاستَنكَفُوا عَنِ الحَقِّ ، فَقَومُ نُوحٍ " جَعَلُوا أَصَابِعَهُم في آذَانِهِم وَاستَغشَوا ثِيَابَهُم وَأَصَرُّوا وَاستَكبَرُوا استِكبَارًا " وَعَادٌ قَومُ هُودٍ ، اغتَرُّوا بِقُوَّتِهِم " فَاستَكبَرُوا في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَن أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً " وَأَمَّا فِرعَونُ وَجُنُودُهُ وَبِطَانَتُهُ ، فَقَد بَلَغُوا مِن ذَلِكَ مَا لم يَبلُغْهُ غَيرُهُم " وَاستَكبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ " وَلِذَا فَقَدِ استَعَاذَ مِنهُم كَلِيمُ الرَّحمَنِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ بِرَبِّهِ فَقَالَ : " إِنِّي عُذتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤمِنُ بِيَومِ الحِسَابِ " وَعَلَى نَهجِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ في التَّكذِيبِ سَارَت قُرِيشٌ ، فَاستَحَبُّوا العَمَى عَلَى الهُدَى ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَنهُم ـ : " إِنَّهُم كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُم لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَستَكبِرُونَ " وَبِالكِبرِ تَخَلَّقَ اليَهُودُ ، فَتَخَلَّفُوا عَنِ الإِيمَانِ بِالنَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مَعَ أَنَّهُم كَانُوا يَتَحَيَّنُونَ خُرُوجَهُ ، فَلَمَّا رَأَوهُ عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ ، وَلَكِنَّهُم كَفَرُوا بِهِ حَسَدًا وَكِبرًا ، وَعَلَى طَرِيقِهِم بَرَزَ المُنَافِقُونَ في المَدِينَةِ ، فَحَسَدُوا رَسُولَ اللهِ " وَإِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالَوا يَستَغفِرْ لَكُم رَسُولُ اللهِ لَوَّوا رُؤُوسَهُم وَرَأَيتَهُم يَصُدُّونَ وَهُم مُستَكبِرُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الكِبرَ صِفَةٌ مَقِيتَةٌ ، يُبغِضُهَا اللهُ وَلا يُحِبُّ أَهلَهَا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُستَكبِرِينَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ " وَالمُستَكبِرُونَ مِن أَبعَدِ النَّاسِ عَنِ الهِدَايَةِ وَسُلُوكِ طَرِيقِ التَّقوَى ، لأَنَّهُم مُتَّبِعُونَ لأَهوَائِهِم مُنقَادُونَ إِلَيهَا ، يَنظُرُونَ إِلى أَنفُسِهِم بِعَينِ الكَمَالِ وِإِلى غَيرِهِم بِعَينِ النَّقصِ ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ قُلُوبَهُم مَصرُوفَةٌ عَنِ الحَقِّ مَطبُوعٌ عَلَيها ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " سَأَصرِفُ عَن آيَاتيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ " وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " كَذَلِكَ يَطبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ " المُستَكبِرُونَ هُم أَهلُ الصَّدِّ عَن دِينِ اللهِ ، وَعَلى أَيدِيهِم يَكُونُ إِضلالُ النَّاسِ عَنِ الخَيرِ ، وَهُم أَهلُ الاستِهزَاءِ بِالدِّينِ وَالسُّخرِيَةِ بِالمُؤمِنِينَ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَلَو تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِم يَرجِعُ بَعضُهُم إِلى بَعضٍ القَولَ يَقُولُ الَّذِينَ استُضعِفُوا لِلَّذِينَ استَكبَرُوا لَولا أَنتُم لَكُنَّا مُؤمِنِينَ " وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " قَد كَانَت آيَاتي تُتلَى عَلَيكُم فَكُنتُم عَلَى أَعقَابِكُم تَنكِصُونَ . مُستَكبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهجُرُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مَصِيرَ المُستَكبِرِينَ هُوَ النَّارُ ، وَمَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ القَرَارُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " أَلَيسَ في جَهَنَّمَ مَثوًى لِلمُتَكَبِّرِينَ " وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَن كَانَ في قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن كِبرٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " أَلا أُخبِرُكُم بِأَهلِ النَّارِ ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُستَكبٍرٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " احتَجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتِ النَّارُ : فِيَّ الجَبَّارُونَ وَالمُتَكَبِّرُونَ ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ : فِيَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَمَسَاكِينُهُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن تَعَظَّمَ في نَفسِهِ أَوِ اختَالَ في مِشيَتِهِ ، لَقِيَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَهُوَ عَلَيهِ غَضبَانُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمِ ـ : " يُحشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَومَ القِيَامَةِ أَمثَالَ الذَّرِّ في صُورَةِ الرِّجَالِ ، يَغشَاهُمُ الذُلُّ مِن كُلِّ مَكَانٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . بَل إِنَّ مِن بُغضِ اللهِ لِلكِبرِ وَأَهلِهِ ، أَنَّهُ قَد يُعَجِّلُ لِبَعضِهِمُ العُقُوبَةَ في الدُّنيَا قَبلَ الآخِرَةِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي في حُلَّةٍ تُعجِبُهُ نَفسُهُ مُرَجِّلاً رَأسَهُ ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ ، فَهُوَ يَتَجَلجَلُ في الأَرضِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَعَن سَلَمَةَ بنِ الأَكوَعِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِندَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِشِمَالِهِ ، فَقَالَ : " كُلْ بِيَمِينِكَ " قَالَ : لا أَستَطِيعُ . قَالَ " لا استَطَعتَ " مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبرُ ، قَال : فَمَا رَفَعَهَا إِلى فِيهِ . رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَأَمَّا أَسوَأُ الكِبرِ وَأَشنَعُهُ ، فَهُوَ كِبرُ الفَقِيرِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِم وَلا يَنظُرُ إِلَيهِم وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُستَكبِرٌ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُم مِنَ الكِبرِ ، وَمَن نَسِيَ أَو غَرَّتهُ نَفسُهُ ، أَو رَفرَفَ الكِبرُ بَينَ جَوَانِحِهِ ، فَلْيَتَذَكَّرْ بِدَايَتَهُ وَنِهَايَتَهُ ، وَقَولَ اللهِ فِيهِ : " مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ . مِن نُطفَةٍ خَلَقَةُ فَقَدَّرَهُ . ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ . ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقبَرَهُ . ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ . كَلَّا لَمَّا يَقضِ مَا أَمَرَهُ " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرضِ وَلَا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تعالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهَ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الجَنَّةُ هِيَ مَطلَبُ المُؤمِنِينَ وَغَايَةُ المُوَحِّدِينَ ، لَكِنَّهَا حَرَامٌ عَلَى مَن كَانَ في قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن كِبرٍ ، نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ هِيَ حَرَامٌ عَلَى مَن كَانَ في قَلبِهِ أَقَلُّ القَلِيلِ مِنَ الكِبرِ ، فَكَيفَ بِمَن حَيَاتُهُ كُلُّهَا كِبرٌ في كِبرٍ ، وَتَعَالٍ وَتَعَاظُمٌ وَفَخرٌ ، يُصَعِّرُ خَدَّهُ وَيَشمَخُ بِأَنفِهِ ، وَيُعرِضُ ثَانِيًا عِطفَهُ ، هَمُّهُ إقَامَةُ جَاهِهِ وَكَسرُ غَيرِهِ ، يَمِيلُ إِلى الانتِقَامِ وَيَستَنكِفُ عَنِ العَفوِ ، وَلا يُذكَرُ عِندَهُ أَحَدٌ إِلاَّ انتَقَصَهُ وَذَكَرَ عُيُوبَهُ ، وَنَسِيَ فَضَائِلَهُ وَجَحَدَ حَسَنَاتِهِ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم ، وَإِيَّاكُم وَالتَّطَاوُلَ عَلَى عِبَادِ اللهِ بِحَقٍّ أَو بِغَيرِ حَقٍّ ؛ فَإِنَّ المُؤمِنُ لا يَكُونُ إِلاَّ مُتَوَاضِعًا مُتَطَامِنًا ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ أَوحَى إِلَيَّ أَن تَوَاضَعُوا حَتى لا يَفخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلا يَبغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
وَلا تَمْشِ فَوق الأَرضِ إِلاَّ تَوَاضُعًا *** فَكَم تَحتَهَا قَومٌ هُمُ مِنكَ أَرفَعُ
وَإِنْ كُنتَ في عِزٍّ وَحِرزٍ وَمَنعَةٍ *** فَكَم مَاتَ مِن قَومٍ هُمُ مِنك أَمنَعُ
وَإِنْ كُنتَ في عِزٍّ وَحِرزٍ وَمَنعَةٍ *** فَكَم مَاتَ مِن قَومٍ هُمُ مِنك أَمنَعُ
المرفقات
إنه لا يحب المستكبرين.doc
إنه لا يحب المستكبرين.doc
إنه لا يحب المستكبرين.pdf
إنه لا يحب المستكبرين.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق