خطبة: إلا القرآن.
وليد بن محمد العباد
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة: إلا القرآن.
الخبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
القرآنُ الكريمُ هو كلامُ اللهِ تعالى المتعبّدُ بتلاوتِه، المنزّلُ على خاتَمِ الأنبياءِ والمرسلين، بلسانٍ عربيٍّ مبين، كتابٌ مُعجزٌ فريد، مُنزّهٌ عن التّحريفِ والتّقليد، وكلُّ ما فيه حقٌّ وعدلٌ ووعدٌ ووعيد (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) كثيرُ البركةِ لمن تَمسّكَ به وعَمِلَ بما فيه وأكثرَ مِنْ تلاوتِه (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) كتابُ عقيدةٍ وشريعةٍ وهدايةٍ ورحمةٍ وأخلاقٍ وحياة، فيه مجدُنا وعزُّنا وكرامتُنا (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) مَنْ عظّمَه عَظُمَ أمرُه وطابَ ذكرُه وارتفعَ قدرُه وعلا شأنُه، ومَنْ أهانَه أهانَه اللهُ فما له مِنْ مُكرِم، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ. (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) إنّه كتابُ اللهِ، فيه نَبَأُ ما قبلَكم، وخَبَرُ ما بعدَكم، وحُكْمُ ما بينَكم، هو الفَصْلُ ليس بالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَه مِنْ جبَّارٍ قَصَمَه اللهُ، ومَن ابتغى الهُدَى في غيرِه أَضَلَّه اللهُ، وهو حَبْلُ اللهِ المَتينُ، وهو الذِّكْرُ الحكيمُ، وهو الصّراطُ المستقيمُ، وهو الذي لا تَزِيغُ به الأهواءُ، ولا تَختلفُ به الآراءُ، ولا تَلتبسُ به الألسُنُ، ولا يَخلَقُ عن كثرةِ الرَّدِّ، ولا تَنقضي عجائبُه، ولا يَشبعُ منه العلماءُ، مَن قالَ به صدَق، ومَن حَكمَ به عَدَل، ومَن عَمِلَ به أُجِر، ومَن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيمٍ. يَزدادُ به المؤمنونَ هُدىً وسكينةً وإيمانًا، ويَزدادُ به الكافرونَ كُفْرًا وضَلالًا وخُسرانًا (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) وسيبقى نورًا لمن تَمَسَّكَ به، وأمّا مَن أَعرضَ عنه أو انتقصَه باستهزاءٍ أو إحراق، أحرقَه اللهُ وأطفأَ نورَه ونُورُ اللهِ باق (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) إلا القرآنَ أيّها الأنجاسُ الجبناء، فإنّه محفوظٌ بحفظِ ربِّ الأرضِ والسّماء (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) إنّه كلامُ الخالق، والقرآنُ الخالد، والكتابُ المُقدّس، إذا حاربوه اشتدّ، وإذا تركوه امتدّ، واللهُ بالمرصادِ لمن عنه صدّ، وهو غنيٌّ عمّن يَرتدّ، وبأسُه عن المجرمينَ لا يُردّ، ونورُ اللهِ قاهر، ودينُه ظاهر، وكتابُه طاهر، وجندُه منصورون، وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ مُنقلبٍ ينقلبون. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وتمسّكوا بكتابِ ربِّكم وعظّموه، وأكثروا مِن تلاوتِه وانصروه (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأُصلي وأُسلّمُ على خاتمِ النّبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله
اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
اللهمّ إنّا عبيدُك، بنو عبيدِك، بنو إمائِك، نواصينا بيدِك، ماضٍ فينا حكمُك، عدلٌ فينا قضاؤُك، نسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمّيتَ به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو علّمتَه أحدًا مِن خلقِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أنْ تجعلَ القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلوبِنا، ونورَ صدورِنا، وجلاءَ أحزانِنا، وذهابَ همومِنا وغمومِنا، اللهمّ انفعْنا وارفعْنا بالقرآنِ العظيم، اللهمّ اجعلْنا ممّن يُحِلُّ حلالَه ويُحَرِّمُ حرامَه ويعملُ بمحكمِه ويؤمنُ بمتشابِهِه ويتلوه حقَّ تلاوتِه، اللهمّ بلّغْنا شهرَ رمضانَ شهرَ الصّيامِ والقيامِ والقرآن، شهرَ التّوبةِ والبِرِّ والإحسان، اللهمّ بلّغْنا رمضانَ ونحن بأحسنِ حالٍ مِن الدّنيا والدِّينِ والأمنِ والإيمان، برحمتِك يا رحيمُ يا رحمن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 12/ 7/ 1444هـ