خطبة : ( إتقان العمل )
عبدالله البصري
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، عِشتُم أَيَّامًا مَعلُومَاتٍ وَأُخرَى مَعدُودَاتٍ ، وَأَدرَكتُم عِيدَ الأَضحَى وَضَحَّيتُم ، وَمِنكُم مَن حَجَّ بَيتَ اللهِ الحَرَامَ فَأَدَّى فَرضًا وَقَضَى تَفَثًا . وَقَد كَانَ مِن فَضلِ اللهِ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الأَيَّامِ مَرَّت وَالنَّاسُ في إِجَازَةٍ مِن أَعمَالِ الدُّنيَا ، فَحَصَلَ لهم التَّفَرُّغُ لِلعِبَادَةِ وَالإِقبَالُ عَلَى الطَّاعَةِ ، فَيَا لَهُ مِن فَضلٍ مِنَ الرَّحمَنِ مَا أَعظَمَهُ ! وَيَا لَهَا مِن نِعمَةٍ تَستَوجِبُ شُكرَ المُنعِمِ وَحَمدَهُ ، وَتَستَدعِي الثَّنَاءَ عَلَيهِ بما هُوَ أَهلُهُ .
وَإِذَا كَانَتِ الإِجَازَةُ لِلعَاقِلِ كَالاستِرَاحَةِ لِلمُسَافِرِ ، يَستَجِمُّ فِيهَا قَلِيلاً ثم يَعُودُ لِمُواصَلَةِ طَرِيقِهِ بِجِدٍّ وَنَشَاطٍ ، فَإِنَّ هَذَا مَا يَأمَلُهُ أُنَاسٌ كَثِيرُونَ ، اِنقَطَعَت في الإِجَازَةِ مَصَالِحُهُم أَو تَأَخَّرَت أَو تَعَثَّرَت ، فَصَارُوا إِلى أَيَّامِ الدَّوَامِ في انتِظَارٍ وَشَوقٍ ، لِيَتِمَّ لهم مُرَادُهُم وَتُقضَى حَاجَاتُهُم .
غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ أَمرًا يَلحَظُهُ المُتَابِعُ لِحَيَاةِ النَّاسِ في سِنِيِّهِمُ المُتَأَخِّرَةِ ، وَهُوَ ذَلِكُمُ الإِصرَارُ العَجِيبُ مِن عَدَدٍ مِنَ المُوَظَّفِينَ وَالعَامِلِينَ ، عَلَى استِبَاقِ كُلِّ إِجَازَةٍ بِأَيَّامِ بَطَالَةٍ وَتَهَرُّبٍ ، ثم إِتبَاعِهِا بِأَيَّامِ كَسَلٍ وَخُمُولٍ ، حَتى صَارَتِ الإِجَازَةُ شَبَحًا مُخِيفًا لِكُلِّ عَاقِلٍ وَمُرِيدٍ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ أَو تَحقِيقِ مَصلَحَتِهِ ، بَل صَارَ مِنَ المُضحِكِ أَن يَأتيَ المَرءُ مِن إِجَازَةٍ ، فَيَحتَاجَ بَعدَهَا لِلرَّاحَةِ لِيَتَهَيَّأَ لِلعَمَلِ مِن جَدِيدٍ .
وَإِنَّهُ إِذَا عَلِمَ المُسلِمُ بِأَنَّهُ مَخلُوقٌ لِعِبَادَةِ اللهِ ـ تَعَالى ـ وَعِمَارَةِ هَذَهِ الأَرضِ ، مُطَالَبٌ بِاستِيفَاءِ شُرُوطِ الخِلافَةِ فِيهَا بِالسَّعيِ في مَنَاكِبِهَا وَالاستِفَادَةِ ممَّا فِيهَا مِن خَيرَاتٍ وَثَرَوَاتٍ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَن يُوقِنَ أَنَّهُ لا يُمكِنُهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالعَمَلِ الجَادِّ المُتقَنِ ، وَتَركِ حَيَاةِ الهَزلِ وَنَبذِ اللَّعِبِ .
وَكَم هُوَ قُصُورٌ في الفَهمِ كَبِيرٌ ، أَن يَظُنَّ مُسلِمٌ أَنَّ العَمَلَ الصَّالحَ مَحصُورٌ في صَلاةٍ أَو حَجٍّ أَو أُضحِيَةٍ ، أَو مَحدُودٌ في صَومٍ أَو زَكَاةٍ أَو صَدَقَةٍ ، بَينَمَا تَرَاهُ في مِهنَتِهِ وَوَظِيفَتِهِ ومُعَامَلاتِهِ مُنقَادًا لِهَوَى نَفسِهِ تَابِعًا لِرَغَبَاتِهَا ، أَو مُستَسلِمًا لِلشَّيطَانِ مُنقَادًا لِنَزَغَاتِهِ ، غَافِلاً عَن أَنَّ المُؤمِنَ في حَيَاتِهِ كُلِّهَا ، مُلزَمٌ أَن يَكُونَ عَبدًا للهِ ـ تَعَالى ـ في كُلِّ أَقوَالِهِ وَأَعمَالِهِ ، مُتَّقِيًا رَبَّهُ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ ، مُرَاقِبًا لَهُ في كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ ، ثَابِتًا عَلَى صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ الَّذِي هَدَاهُ إِلَيهِ ، مُتَمَسِّكًا بِهِ حَتى يَلقَاهُ عَلَى إِيمَانٍ صَادِقٍ وَعَمَلٍ صَالحٍ ، مُخِفًّا مِنَ السَّيِّئَاتِ وَالخَطَايَا ، مُوفِيًا بِالعَهدِ مُؤَدِّيًا لِلأَمَانَةِ ، سَالِمًا مِن حُقُوقِ الآخَرِينَ بَعيدًا عَنِ الخِيَانَةِ . قَالَ ـ تَعَالى ـ : " قُلْ إِنَّ صَلاتي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد عُنِيَ الإِسلامُ عِنَايَةً كَبِيرَةً بِكُلِّ مَا يُقِيمُ حَيَاةَ النَّاسِ وَيُصلِحُ شَأنَهُم ، وَكَمَا جَاءَت في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نُصُوصٌ وَتَوجِيهَاتٌ لإِقَامَةِ الدِّينِ وَالعِبَادَاتِ وَالقُرُبَاتِ ، فَقَد نَزَلَت أُخرَى لإِصلاحِ الدُّنيَا وَإِتقَانِ المُعَامَلاتِ وَضَبطِ العِلاقَاتِ , وَلم يَخلُ جَانِبٌ اقتِصَادِيٌّ أَوِ اجتِمَاعِيٌّ أَو سِيَاسِيٌّ ، إِلاَّ وَجَاءَ في دِينِ اللهِ مَا يُنَظِّمُهُ وَيَضبِطُهُ ، ممَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ مَنهَجُ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٌ ، سَوَاءٌ فِيمَا هُوَ عِبَادَةٌ للهِ مَحضَةٌ ، أَو فِيمَا هُوَ عَمَلٌ دُنيَوِيٌّ أَو عَادَةٌ بَحتَةٌ ، وَإِذَا كَانَ العَبدُ يَجني ثَمَرَةَ عِبَادَاتِهِ المَحضَةِ حَيَاةً طَيِّبَةً في الدُّنيَا وَنَعِيمًا خَالِدًا في الأُخرَى ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَتِمُّ لَهُ حتى يَتَّقِيَ اللهَ في أَعمَالِهِ الدُّنيَوِيَّةِ الَّتي بَينَهُ وَبَينَ النَّاسِ ، وَيُوفيَ بِالعُقُودِ وَالعُهُودِ ، وَيُؤَدِّيَ أَمَانَتَهُ وَيَتَحَمَّلَ مَسؤُولِيَّتَهُ ، مَعَ نِيَّةِ نَفعِ الآخَرِينَ وَإِيصَالِ الخَيرِ لهم ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا .
إِنَّ المُسلِمَ مَأمُورٌ بِإِتقَانِ عَمَلِهِ وَإِحسَانِهِ ، عِبَادَةً كَانَ أَم عَادَةً ، دِينِيًّا كَانَ أَم دُنيَوِيًّا ، لِنَفسِهِ كَانَ أَم لِغَيرِهِ ، وَإِتقَانُ العَمَلِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ يَكُونُ بِالإِخلاصِ للهِ ـ تَعَالى ـ وَاتِّبَاعِ هَديِ نَبِيِّهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ ثم إِحسَانِ العَمَلِ بِحَسبِهِ ، وَأَدَاءِ الأَمَانَاتِ إِلى أَهلِهَا ، وَبَذلِ العَامِلِ جُهدَهُ في الوَفَاءِ بِالمَطلُوبِ مَنهُ وَعَدَمِ التَّقصِيرِ وَتَلَمُّسِ المَعَاذِيرِ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُم عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ " رَوَاهُ البَيهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَإِذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنكُم يُحِبُّ الخَيرَ لِنَفسِهِ وَيُرِيدُ أَن يَأخُذَ حَقَّهُ وَافِيًا ، فَلْيٌؤَدِّ حُقُوقَ عِبَادِ اللهِ وَلْيُوَفِّهِم مَا لَهُم ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى ، واجتَمِعُوا عَلَى تَحقِيقِ مَصَالِحِ مُجتَمَعِكُم وَأَتقِنُوا أَعمَالَكُم ، فَإِنَّهُ بِالاجتِمَاعِ وَالإِتقَانِ تَتِمُّ مَصَالِحُ البِلادِ وَالعِبَادِ ، وَأَحسِنُوا فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ , اِنصَحُوا لِوُلاةِ أَمرِكُم وَلإِخوَانِكُم ، وَاحذَرُوا التَّخَاذُلَ وَالتَّكَاسُلَ ، وَكُونُوا في جَمِيعِ أَعمَالِكُم مُخلِصِينَ وَلَهَا مُتقِنِينَ ، وَأَدُّوا الأَمَانَةَ وَاجتَنِبُوا الخِيَانَةَ ، وَاحرِصُوا في وَظَائِفِكُم وَأَعمَالِكُم وَمُعَامَلاتِكُم عَلَى الصِّدقِ وَالإِتمَامِ وَالبَيَانِ ، وَاحذَرُوا الغِشَّ وَالخَدِيعَةَ وَالكِتمَانَ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسلِمِينَ وَعَامَّتِهِم " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن غَشَّنَا فَلَيسَ مِنَّا " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن وَلِيَ مِن أَمرِ المُسلِمِينَ شَيئًا فَغَشَّهُم فَهُوَ في النَّارِ " رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " المَكرُ وَالخِدَاعُ في النَّارِ" رَوَاهُ الطَّبرانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا إِيمَانَ لِمَن لا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلا دِينَ لِمَن لا عَهدَ لَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَهَا وَأَشفَقنَ مِنهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً . لِيُعَذِّبَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشرِكِينَ وَالمُشرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَرَاقِبُوهُ وَاخشَوهُ وَلا تَنسَوهُ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لا يُنكِرُ عَاقِلٌ مدرك لِلوَاقِعِ ، مَا انتَشَرَ في السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ في كَثِيرٍ مِنَ المُؤَسَّسَاتِ حُكُومِيَّةً أَو أَهلِيَّةً ، مِن خِيَانَاتٍ وَتَضيِيعِ أَمَانَاتٍ ، وَتَدلِيسٍ وَغِشٍّ في المُعامَلاتٍ ، وَتَطفِيفٍ في الحُقُوقِ وَإِخلالٍ في تَنفِيذٍ المَشرُوعَاتٍ ، مِمَّا أَحَلَّ بِالبِلادِ عَدَدًا مِنَ الكَوَارِثِ وَالنَّكَبَاتِ , وَرَفَعَ عَنِ العِبَادِ السَّعَادَةَ وَالخَيرَ وَالبَرَكَاتِ ، جَزَاءً وِفَاقًا " وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ " " وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم "
وَإِنَّ حَادِثَتَي اليَومَينِ المَاضِيَينِ في الرِّيَاضِ وَفي المِنطَقَةِ الشَّرقِيَّةِ ، وَمَا رَاحَ فِيهِمَا مِن أَنفُسٍ بَرِيئَةٍ وَمَا نَتَجَ عَنهُمَا مِن إِصَابَاتٍ مُوجِعَةٍ ، إِنَّهُ لَمُؤَشِّرٌ عَلَى تَهَاوُنِ كَثِيرِينَ في مَسؤُولِيَّاتِهِم ، وَتَضيِيعِهِم أَمَانَاتِهِم ، وَتَمَادِيهِم في المُجَامَلَةِ وَعَدَمِ تَطبِيقِ الأَنظِمَةِ بِجِدٍّ ، أَلا فَلْيَرجِعِ المُسلِمُونَ إِلى النَّصِيحَةِ وَالإِخلاصِ ، وَلْيَعُودُوا إِلى المُثَابَرَةِ وَالإِتقَانِ ، وَلْيُؤَدُوا الأَمَانَةَ وَلْيَحذَرُوا الإِهمَالَ وَالخِيَانَةَ ، وَلْيَجتَنِبُوا الغِشَّ وَالخَدِيعَةَ ، وَلْيَحرِصُوا عَلَى نَفعِ بَعضِهِم وَاحتِسَابِ الأَجرِ في خِدمَةِ كُلٍّ مِنهُم لِلآخَرِ ، فَإِنَّ في ذَلِكَ سَعَادَةً لَهُم في دُنيَاهُم ، وَنَجَاةً في أُخرَاهُم .
وَإِذَا كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلى اللهِ أَنفَعَهَم لِعِبَادِهِ وَأَحرَصَهُم عَلَى قَضَاءِ حَاجَاتِ النَّاسِ وَتَفرِيجِ كُرُبَاتِهِم ، فَإِنَّ مِن أَبغَضِهِم إِلَيهِ مَن وَعَدَ فَأَخلَفَ وَلم يُنجِزْ ، أَو عَاهَدَ فَغَدَرَ وَلَم يَفِ بما عَلَيهِ . قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَا مِن أَمِيرٍ يَلِي أُمُورَ المُسلِمِينَ ثم لا يَجهَدُ لَهُم وَيَنصَحُ لَهُم إِلاَّ لم يَدخُلْ مَعَهُمُ الجَنَّةَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن وَلاَّهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ شَيئًا مِن أَمرِ المُسلِمِينَ فَاحتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِم وَخَلَّتِهِم وَفَقرِهِم ، احتَجَبَ اللهُ عَنهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقرِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَإِنَّهُ لا يُمكِنُ أَن يَحصُلَ لِبِلادٍ رُقِيٌّ وَلا تَقَدُّمٌ ، وَلا أَن تَقُومَ لِمُجتَمَعٍ حَضَارَةٌ زَاهِرَةٌ ، وَلا أَن يَتَحَقَّقَ هَدَفٌ وَلا يُوصَلَ لِغَايَةٍ ، وَالنَّاسُ تَتَهَرَّبُ مِن أَعمَالِهَا وَلا تَحرِصُ عَلَى إِتقَانِهَا ، في فَوضى عَارِمَةٍ وَتَسَيُّبٍ ظَاهِرٍ ، وَتَوَاكُلٍ وَتَكَاسُلٍ وَخَرقٍ لِلنَّظَامٍ ، وَمَا لم يَكُنْ ثَمَّةَ شُعُورٌ في أَثنَاءِ العَمَلِ بِأَنَّ اللهَ يَرَانَا أَو كَأَنَّنَا نَرَاهُ ، فَلَن يَكُونَ هُنَاكَ إِحسَانٌ وَلا إِتقَانٌ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاعلَمُوا أَنَّهُ مَعَكُم أَينَمَا كُنتُم ، وَأَنَّكُم " إِنْ أَحسَنتُم أَحسَنتُم لأَنفُسِكُم وَإِن أَسَأتُم فَلَهَا "
المرفقات
إتقان العمل.doc
إتقان العمل.doc
المشاهدات 6598 | التعليقات 6
أسأل الله جلا وعلا أن يبارك فيكم وفي علمكم وينفع بكم المسلمين شيخ عبدالله هذا الأمر العضال الي نعيشه في مؤسساتنا نحتاج إلى طرقه باستمرار لعل الله يحي قلوب ميته وينتبه قلوب غافله
موضوع مهم جدا
وخطبة موفقة
سلمت يمينك .. وثقلت موازينك ..
موضوع جد مهم .. وطرح رائع ملم ..
لا عدمناك شيخ عبدالله .. جبلا في مجالك .. اكثر الله من أمثالك ..
دمت مسدداً موفقا
اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ اللهم انصرهم وأيدهم بجندك يارب اللهم انت حسبنا وملاذنا انصر اخواننا في سوريا على من بغى واعتدى عليهم يا الله يارب ياقوي ياجبار اللهم دمر طائراتهم وصواريخهم والياتهم واجعلها في نحرهم يا الله و جزاك الله خير
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
منصور الفرشوطي
بارك الله فيك وفي علمك
تعديل التعليق