(خطبة ) أول خطبة في شوال وعداوة الشيطان
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( أول خطبة بعد رمضان وعداوة الشيطان ) 7/11/1443
أما بعد فيا أيها الناس : نحمد لله على التمام ، ونسأله سبحانه القبول ، هذه حال المؤمن مع كل موسم خير ، يفرح بتمامه ، ويسأل الله أن يتقبله منه ، كما يسأله سبحانه أن يعينه على الاستقامة بعد رمضان والسير على وفق ما تعلمه في شهر الخير .
معاشر المؤمنين : لقد كان المسلم في رمضان معانا على الطاعة ، حيث كانت الشياطين مصفدة ، وكان الشر وأهله فيه مقهورون ، و أهل الخير يجدون على العمل الصالح أعوانا ، والكل يتسابق لفعل الخير ، وأما الآن وبعد أن انقضى زمن الخير ، وخرج شهر رمضان ، فقد عادت الأمور كما كانت ، واطلقت الشياطين ، وبدأت الحرب في إضلال الناس ، فكن على حذر ، وجاهد عدوك .
عباد الله : لنحذر من الشيطان ، فقد حذرنا الله من السير خلف الشيطان واتباع خطواته فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ) النور/21 .
وإذا أعرض الإنسان عن الله تولاه الشيطان وجره إلى الفساد والطغيان : ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً ) مريم/83 .
وكل من أعرض عن الله وسار خلف الشيطان فإنما يهلك نفسه ويخسر دينه و آخرته : ( ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً ) النساء/119 .
وقد سلك الشيطان طرقاً عجيبة في الإغواء فأفسد كثيراً من الناس وزين لهم سوء أعمالهم فأوردهم جهنم وبئس المصير : ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً ، أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصاً ) النساء/120 - 121 .
وعداوة الشيطان لآدم وذريته قديمة فقد أسكن الله آدم وزوجته في الجنة فجاء الشيطان إلى آدم وزين له المعصية فأطاعه آدم يظنه صادقاً فعصى آدم ربه وأخرج من الجنة ثم تاب الله عليه وقد حذرنا الله من طاعة الشيطان فقال : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ) الأعراف/27 .
ولما كانت عداوة الشيطان للإنسان ظاهرة بينة أمرنا الله بالحذر منه , وإعلان الحرب عليه ونصب العداوة له فقال : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) فاطر/6 .
وقد أرشدنا الله إلى أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كلما هممنا بمعصية فقال : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت/36 .
وفي يوم القيامة يوم الصدق والعدل يعترف الشيطان بجريمته فيعلن أمام الخلائق أن الله صادق وأنه كاذب وأنه لا لوم عليه وإنما الملامة على من اتبعه فيندم كل من اتبعه ولكن حينذاك لا ينفع الندم : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ) إبراهيم/22 .
أيها المؤمنون : كونوا على حذر ممن أقسم بعزة الله أن يغوينا أجمعين ، واستعينوا بالله عليه ، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا على عباد الله المتقين .
اللهم أعذنا من نزغات الشياطين ، ونعوذ بك ربنا أن يحضرون ، أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : الناس بعد خروجهم من رمضان ، لا شك أنهم قد تعلموا أمورا من الدين ، واستفادوا من الطاعات التي عملوها في رمضان ، وتغيرت النفوس للأفضل ، واكتسبت النفوس خيرا كثيرا ، فالله الله أن نعود للمربع الأول كما كنا قبل رمضان ، لابد من بقايا آثار على العبد من رمضان ، فعلينا جميعا أن نستقيم على أمر الله ، وأن نكون قد تجدد إيماننا ، وقويت عزيمتنا على الخير ، فتغيرت احوالنا للأفضل بعد رمضان ، ونستمر عليه برهة من الزمن ، وقد يثبت ذلك الخير للأبد ، ولكن الخسارة العظيمة الرجوع للخلف من أول ليلة من ليالي شوال ، وكأن الإنسان لم يعمل في رمضان خيرا قط ، فأين أثر الصلاة وقيام الليل ، وصيام النهار ، وتلاوة القرآن ، والصدقة ، أين أثر تلك الدموع التي سكبت في رمضان .
معاشر المؤمنين : لنلزم الخير الذي عملناه في رمضان ، ولنحافظ عليه ، ولنجاهد أنفسنا في ذلك ، فالشيطان حريص على سلخ العبد من كل خير استفاده في رمضان ، فليجاهد العبد نفسه وشيطانه ، حتى لو قلت الأعمال ولكن لا تضمحل ، فمن كان يصلي مع الإمام كل ليلة صلاة التهجد ، فلا يترك ذلك بالكلية حتى الوتر يتركه ، بل حافظ على الوتر ولو بركعة بعد العشاء ، ومن كان يختم في رمضان ، ويقرأ كل يوم الصفحات الكثيرة ، لا تترك قراءة القرآن ولو صفحات يسيرة كل يوم ، وكذلك الصدقة والذكر والصيام ، حافظ على شيء منها ، ولا تكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، ففي هذا الشهر حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على صيام ستة أيام من شوال ، وكأنه تدريب على الاستمرار في الصيام والعمل الصالح ، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري قال صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر )
فبادروا عباد الله على المحافظة على أخلاق رمضان وعباداته ، فلا زالت النفس مستعدة للخير ، ولا تتركوها فتمل وتستثقل الخير .
اللهم تقبل منا الصيام .....
المرفقات
1651760382_أول خطبة بعد رمضان وعداوة الشيطان.docx