خطبة : ( أقوال الصلاة )
عبدالله البصري
1440/05/25 - 2019/01/31 10:58AM
أقوال الصلاة 26 / 5 / 1440
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الصَّلاةُ كَمَا عَرَّفَهَا الفُقَهَاءُ هِيَ : أَقوَالٌ وَأَفعَالٌ مَخصُوصَةٌ ، مُفتَتَحَةٌ بِالتَّكبِيرِ ، مُختَتَمَةٌ بِالتَّسلِيمِ ، نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – الصَّلاةُ أَقوَالٌ وَأَفعَالٌ ، وَلَو تَأَمَّلنَا لَوَجَدنَاهَا تُفتَتَحُ بِقَولٍ وَتُختَتَمُ بِقَولٍ ، وَكُلٌّ مِنهُمَا رُكنٌ مِن أَركَانِهَا ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهمِيَّةِ أَقوَالِ الصَّلاةِ وَوُجُوبِ العِنَايَةِ بِهَا وَالتَّفَقُّهِ فِيهَا ، وَمَعرِفَةِ مَا هُوَ مِنهَا رُكنٌ وَمَا هُوَ وَاجِبٌ وَمَا هُوَ مَسنُونٌ ، كَيفَ وَقَد قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ : " صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي " وَأَوَّلُ الأَقوَالِ المَشرُوعَةِ في الصَّلاةِ تَكبِيرَةُ الإِحرَامِ ، وَهِيَ قَولُ المُصَلِّي : اللهُ أَكبَرُ ، وَبِهَا تَنعَقِدُ الصَّلاةُ ، وَقَد نَصَّ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا يُجزِئُ المُصَلِّيَ غَيرُ هَذِهِ الجُملَةِ (اللهُ أَكبَرُ) فَلا يَصِحُّ أَن يَأتيَ بِجُملَةٍ غَيرِهَا ، وَلا تَنعَقِدُ صَلاتُهُ إِلاَّ بِهَا بِلَفظِهَا ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " مِفتَاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ ، وَتَحرِيمُهَا التَّكبِيرُ ، وَتَحلِيلُهَا التَّسلِيمُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَبَعدَ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ يُسَنُّ لِلمُصَلِّي أَن يَستَفتِحَ بِوَاحِدٍ مِن أَدعِيَةِ الاستِفتَاحِ الثَّابِتَةِ ، وَمِنهَا مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ أَنَّهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – كَانَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيني وَبَينَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدتَ بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِن خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوبُ الأَبيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغسِلْنِي مِن خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلجِ وَالبَرَدِ " وَمِنهَا الدُّعَاءُ المَشهُورُ الَّذِي رَوَاهُ أَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، وَهُوَ قَولُ : " سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسمُكَ وَتَعَالى جَدُّكَ ، وَلا إِلَهَ غَيرُكَ " وَثَمَّةَ أَدعِيَةُ استِفتَاحٍ أُخرَى صَحَّت عَنهُ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – يَحسُنُ بِالمُسلِمِ أَن يَبحَثَ عَنهَا وَيَحفَظَهَا ، ثم يُنَوِّعَ بَينَهَا في صَلَوَاتِهِ ؛ لِيَنَالَ أَجرَ العَمَلِ بِالسُّنَّةِ . وَبَعدَ دُعَاءِ الاستِفتَاحِ يَستَعِيذُ المُصَلِّي مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ قَائِلاً : " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " أَو " أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " أَو " أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ مِن هَمزِهِ وَنَفخِهِ وَنَفثِهِ " كُلُّهَا صِيَغٌ وَارِدَةٌ ، وَالاستِعَاذَةُ عِندَ بَعضِ العُلَمَاءِ وَاجِبَةٌ ؛ لأَمرِ اللهِ – تَعَالى - بِهَا قَبلَ قِرَاءَةِ القُرآنِ . وَبَعدَ ذَلِكَ يَقُولُ المُصَلِّي : بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ ، ثُمَّ يَقرَأُ الفَاتِحَةَ ، وَهِيَ رُكنٌ مِن أَركَانِ الصَّلاةِ ، لا تَتِمُّ الصَّلاةُ إِلاَّ بِقِرَاءَتِهَا في كُلِّ رَكعَةٍ ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ : " لا صَلاةَ لِمَن لم يَقرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ " وَمِنَ السُّنَّةِ أَن يُقَطِّعَ قِرَاءَتَهَا آيَةً آيَةً ، وَلا يَقرَأُ المَأمُومُ في الصَّلاةِ الجَهرِيَّةِ خَلفَ إِمَامِهِ إِلاَّ الفَاتِحَةَ ؛ لِقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنصِتُوا " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَإِذَا انتَهَى الإِمَامُ مِن قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ سُنَّ لَهُ أَن يَقُولَ : " آمِينَ " يَجهَرُ بِهَا وَيَمُدُّ صَوتَهُ كَمَا رَوَى ذَلِكَ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ ، وَقَد أَمَرَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - المَأمُومِينَ بِالتَّأمِينِ بُعَيدَ تَأمِينِ الإِمَامِ فَقَالَ : " إِذَا قَالَ الإِمَامُ : غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِم وَلا الضَّالِّينَ فَقُولُوا : آمِينَ ؛ فَإِنَّهُ مَن وَافَقَ قَولُهُ قَولَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَبَعدَ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ ، يُسَنُّ لِلإِمَامِ وَلِلمُنفَرِدِ ، وِلِلمَأمُومِ في الصَّلاةِ السِّرِّيَّةِ أَن يَقرَأَ كُلٌّ مِنهُم شَيئًا مِنَ القُرآنِ ، وَقَد كَانَ مِن سُنَّتِهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – أَن يَقرَأَ في كُلِّ رَكعَةٍ سُورَةً ، أَو يُعِيدَ سُورَةً وَاحِدَةً في كِلا الرَّكعَتَينِ ، أَو يَقسِمَ سُورَةً وَاحِدَةً بَينَ الرَّكعَتَينِ ، وَقَد يَجمَعُ في الرَّكعَةِ بَينَ سَورَتَينِ أَو أَكثَرَ ، كُلُّ ذَلِكَ صَحَّ عَنهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَمِن سُنَنِ القِرَاءَةِ جَهرُ الإِمَامِ وَالمُنفَرِدِ بها في صَلاةِ الفَجرِ ، وَفي الرَّكعَتَينِ الأُولَيَينِ مِن صَلاتَيِ المَغرِبِ وَالعِشَاءِ ، وَالإِسرَارُ بها فِيمَا عَدَا ذَلِكَ ، وَبَعدَ الانتِهَاءِ مِنَ القِرَاءَةِ يَركَعُ المُصَلِّي قَائِلاً : اللهُ أَكبَرُ ، وَهَذِهِ التَّكبِيرَةُ وَمِثلُهَا تَكبِيرَاتُ الانتِقَالِ الَّتي تَكُونُ بَينَ أَركَانِ الصَّلاةِ ، كُلُّهَا مِن وَاجِبَاتِ الصَّلاةِ ، وَأَمَّا في الرُّكُوعِ فَيَجِبُ أَن يَقُولَ : سُبحَانَ رَبي العَظِيمَ ، أَقَلُّ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَإِن قَالَهَا ثَلاثًا فَحَسَنٌ ، وَأَمَّا المُنفَرِدُ فَلَهُ أَن يُكَرِّرَهَا مَا استَطَاعَ ، وَبَعدَ ذَلِكَ يَقُولُ الإِمَامُ وَالمُنفَرِدُ : سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ ، وَأَمَّا المَأمُومُ فَلا يَقُولُ : سَمِعَ اللهُ لَمِنَ حَمِدَهُ ، وَإِنَّمَا يَكتَفِي بِقَولِهِ : رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ ، لِقَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في الإِمَامِ : " وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ ، فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَقَولُ سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الحَمدُ بَعدَ الرُّكُوعِ كِلاهُمَا مِن وَاجِبَاتِ الصَّلاةِ ، وَفي قَولِ رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ صِيَغٌ صَحِيحَةٌ ، فَإِمَّا أَن يَقُولَ : رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ ، أَو رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ ، أَو اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ ، أَو اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ . وَلَهُ أَن يَزِيدَ قَائِلاً : " مِلءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلءَ الأَرضِ ، وَمِلءَ مَا شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ ، أَهلُ الثَّنَاءِ وَالمَجدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبدٌ ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعطَيتَ وَلا مُعطِيَ لِمَا مَنَعتَ وَلا يَنفَعُ ذَا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ " رَوَاهُ بِنَحوِهِ مُسلِمٌ . وَبَعدَ ذَلِكَ يَسجُدُ المُصَلِّي وَيَقُولُ : اللهُ أَكبَرُ ، وَهِيَ مِن وَاجِبَاتِ الصَّلاةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَيَقُولُ في سُجُودِهِ : سُبحَانَ رَبِّي الأَعلَى ، أَقَلُّ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَأَدنى الكَمَالِ ثَلاثًا ، وَأَمَّا المُنفَرِدُ فَيُكَرِّرُهَا كَثِيرًا ، وَهُوَ في ذَلِكَ تَابِعٌ لِلسُّنَّةِ وَعَلَى أَجرٍ ، وَثَمَّةَ أَذكَارٌ وَأَدعِيَةٌ أُخرَى لِلرُّكُوعِ وَلِلسُّجُودِ ، يَحسُنُ أَن يَتَعَلَّمَهَا المُسلِمُ وَيَحفَظَهَا وَيُنَوِّعَ بَينَهَا أَخذًا بِالسُّنَّةِ وَتَحصِيلاً لِلأَجرِ ، وَأَمَّا بَينَ السَّجدَتَينِ فَيَقُولُ المُصَلِّي : رَبِّ اغفِرْ لي ، وَهُوَ وَاجِبٌ مِن وَاجِبَاتِ الصَّلاةِ أَيضًا ، يَقُولُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَإِن كَرَّرَهُ فَهُوَ حَسَنٌ ، وَلَهُ أَن يَقُولَ : رَبِّ اغفِرْ لِي وَارحَمْني وَاجبُرْني وَارفَعْني وَاهدِنِي وَعَافِنِي وَارزُقنِي . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَمِمَّا نَهَى عَنهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَن يُقرَأَ فِيهِمَا بِالقُرآنِ ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَن أَقرَأَ القُرآنَ رَاكِعًا أَو سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجتَهِدُوا في الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَن يُستَجَابَ لَكُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
وَمِن أَقوَالِ الصَّلاةِ التَّحِيَّاتُ ، وَتُقَالُ في كُلِّ رَكعَتَينِ ، كَمَا رَوَى مُسلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يَقُولُ في كُلِّ رَكعَتَينِ التَّحِيَّةَ ، وَرَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القَرآنِ . وَلِلتَّشَهُّدِ صِيَغٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، عَلَّمَهَا النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَصحَابَهُ ، وَمِن أَصَحِّهَا التَّشَهُّدُ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيخَانِ ، وَهُوَ مَا عَلَّمَهُ النَّبيُّ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – ابنَ مَسعُودٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – وَهُوَ قَولُهُ : " التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبيُّ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ ، أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ " وَحُكمُ هَذَا التَّشَهُّدِ أَنَّهُ وَاجِبٌ مِن وَاجِبَاتِ الصَّلاةِ ، إِذَا نَسِيَهُ المُصَلِّي وَجَبَ عَلَيهِ أَن يَجبُرَهُ بِسُجُودِ السَّهوِ .
وَمِن أَقوَالِ الصَّلاةِ المَشرُوعَةِ الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – وَالمَشهُورُ أَنَّهَا تَكُونُ في التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ قَبلَ السَّلامِ ، وَقَد عَدَّهَا عُلَمَاؤُنَا مِن أَركَانِ الصَّلاةِ ، وَلَهَا صِيَغٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، مِنهَا الصِّيغَةُ المَشهُورَةُ الَّتي رَوَاهَا البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ ، وَهِيَ قَولُ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكتَ عَلَى إِبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "
وَمِن أَقوَالِ الصَّلاةِ المُهِمَّةِ مَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيرُهُمَا عَنهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُم مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ ، فَلْيَستَعِذْ بِاللهِ مِن أَربَعٍ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِن عَذَابِ القَبرِ ، وَمِن فِتنَةِ المَحيَا وَالمَمَاتِ ، وَمِن شَرِّ فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ، ثم يَدعُو لِنَفسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ " وَقَد ذَهَبَ بَعضُ أَهلِ العِلمِ إِلى وُجُوبِ هَذَا الدُّعَاءِ ؛ لأَنَّهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – أَمَرَ بِهِ ، وَثَمَّةَ أَدعِيَةٌ أُخرَى تُقَالُ قَبلَ السَّلامِ ، مِنهَا مَا عَلَّمَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَن يَقُولَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمتُ نَفسِي ظُلمًا كَثِيرًا وَلا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنتَ ، فَاغفِرْ لِي مَغفِرَةً مِن عِندِكَ وَارحَمنِي إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَعِندَ مُسلِمٍ أَنَّهُ كَانَ مِن آخِرِ مَا يَقُولُ بَينَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسلِيمِ : " اللَّهُمَّ اغفِرْ لي مَا قَدَّمتُ وَمَا أَخَّرتُ ، وَمَا أَسرَرتُ وَمَا أَعلَنتُ وَمَا أَسرَفتُ ، وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنِّي ، أَنتَ المُقَدِّمُ وَأَنتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ " وَآخِرُ أَقوَالِ الصَّلاةِ التَّسلِيمُ ، وَهُوَ قَولُ المُصَلِّي : السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ اللهِ عَن يَمِينِهِ وَعَن شِمَالِهِ ، وَهُوَ رُكنٌ مِن أَركَانِ الصَّلاةِ ، وَبِهِ تُختَتَمُ وَيَخرُجُ المُصَلِّي مِنهَا .
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ أَقوَالَ الصَّلاةِ كُلَّهَا عِبَادَاتٌ ، وَالأَصلُ في العِبَادَاتِ التَّوقِيفُ ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَينَا تَحَرِّي الأَلفَاظِ الَّتي صَحَّت عَنهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَالاقتِصَارُ عَلَيهَا بِنُصُوصِهَا ، بِلا زِيَادَةٍ فِيهَا وَلا نَقصِ شَيءٍ مِنهَا ، وَلا تَلفِيقٍ بَينَ صِيغَتَينِ أَو أَكثَرَ ، وَبَعضُ النَّاسِ قَد يَستَحسِنُ أَلفَاظًا فَيَزِيدُهَا في أَذكَارِ الصَّلاةِ ، كَقَولِ بَعضِهِم بَعدَ الرُّكُوعِ : رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ وَالشُّكرُ بِزِيَادَةِ كَلِمَةِ (الشُّكرِ) وَكَقَولِ بَعضِهِم : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا محمدٍ بِزِيَادَةِ كَلِمَةِ (سَيِّدِنَا) ، وَكَقَولِ بَعضِهِم في الدُّعَاءِ الَّذِي بَينَ السَّجدَتَينِ : (وَاستُرْ عَورَتي) وَقَولِ بَعضِهِم في الدُّعَاءِ الَّذِي بَعدَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ : (وَأَعُوذُ بِكَ مِن ضِيقَةِ الصَّدرِ) ، وَلَيسَ المَقَامُ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - مَقَامَ حَصرٍ لِلزِّيَادَاتِ غَيرِ المَشرُوعَةِ ، وَمَا ذُكِرَ أَمثِلَةٌ ، وَالوَاجِبُ أَن يَتَعَلَّمَ المُسلِمُ الأَقوَالَ الوَارِدَةَ وَيَحفَظَهَا بِنَصِّهَا ، وَيَأتِيَ بها كَمَا هِيَ لِيُؤجَرَ ... وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ في أَقوَالِ الصَّلاةِ مِن قِرَاءَةِ القُرآنِ وَالتَّكبِيرِ وَالدَّعَاءِ وَسَائِرِ الأَذكَارِ ، أَنَّهَا لا بُدَّ أَن يُحَرَّكَ فِيهَا اللِّسَانُ ، وَلا يَكفِي أَن يَقَرَأَهَا الإِنسَانُ بِقَلبِهِ دُونَ أَن يُحَرِّكَ بِهَا لِسَانَهُ وَشَفَتَيهِ ؛ لأَنَّهَا أَقوَالٌ ، وَالأَقوَالُ لا تَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِتَحرِيكِ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَينِ ، فَلْيُنَتَبَهْ لِذَلِكَ .
المرفقات
الصلاة-20
الصلاة-20
الصلاة-21
الصلاة-21
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق