خطبة: أَقْدَارُ اللهِ وَالعَلاقَةُ بِهِ سُبْحَانَهُ
بندر المقاطي
أَقْدَارُ اللهِ وَالعَلاقَةُ بِهِ سُبْحَانَهُ
03/07/1446ه
﴿الخُطْبَةُ الأُوْلَى﴾
الحَمدُ للهِ كُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، سُبحانَهُ يَقضِي وَلا يُقضَى عَليهِ، لا إِلهَ إِلا هُوَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ وَلا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِمَامُنَا وَسَيِّدُنا وَسَيِّدُ أَهلِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ:
فَاتَّقُوا اللهَ U؛ فَإِنَّهُ مِنْ اتَّقَاهُ كَانَ مَعَهُ وَزَادَهُ مِنْ فَضْلِهِ، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ١٠٢﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الإِنسَانَ فِي هَذِهِ الحَياةِ، لَيسَ لَهُ مِنَ الأمرِ شَيء، وَدَائِرَةُ تحكُّمِهِ في حياتهِ وفي الأحداثِ التي حَولهُ صِفر، لأَنهُ لا يُمكنُ لأَحدٍ أَنْ يُدرِكَ مَا سَيحدثُ لهُ وللدُّنيا، ﴿وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ﴾.
لا يُمكِنُ لأَحدٍ أَنْ يُغَيِّرَ الأَحْدَاث، لَا يُمكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ أَقدَارِ الله، دَورُ الإنسَانِ هُوَ مُجردُ فَاعلٍ للأسبابِ، أَمَّا جَرَيانُ المقادِيرِ فَبِيَدِ مُجرِيها سُبحانَهُ، وَكُلُّنَا دَاخِلُونَ في دَائِرَةِ مَا يَشَاؤُهُ اللهُ وَيُدَبِّرُهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَم يَشَأْ لَم يَكُنْ، فَما عَلَيْنا إِلا الأخذَ بالأَسبابِ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيهِ، ﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٢١﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
كُونُوا إلى جانبِ مُقَدِّرِ الأقدَارِ؛ يُنَجِّيكُمْ مِنْ سِهَامِ الأقدارِ الـمُؤلمة، كُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُمْ، اتَّقُوهُ يَخلُقُ لَكُم المخَارِجَ الآمِنَةِ، وَيَصنَعُ لَكُم الأَقدارَ الجَمِيلَةِ، فَمَا قَرَنَ اللهُ نَجاةً إلا بِالتَّقوَى فَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا٢﴾، وَلَيسَ المخْرَجُ هُوَ مَا تُفَكِّرَ فِيهِ؛ بَلْ مَخَارِجُ لا تَخْطُرُ عَلى بَالٍ؛ وَمِنْ غَيرِ تَوَقُّعٍ، كَمَا قَالَ تَبَاركَ وَتَعَالى: ﴿وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ﴾.
وَأَهلُ التَّقوَى لَهُمْ مَخَارِجُ خَاصَّة، اقْرَؤُوا قَولَ اللهِ U: ﴿وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ٦١﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: لَمَّا أَرسَلَ اللهُ مُوسَى وَهَارُونَ عَليهِمَا السَّلامُ؛ لِمُواجَهَةِ فِرعَونَ أَشَدُّ النَّاسِ جَبَرُوتاً وَطُغَياناً؛ قَالَ مُوسَى لِرَبِّهِ: ﴿ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ٤٥﴾، فَأَجَابَهُمُ الرَّبُ: ﴿ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ٤٦﴾. ثُمَّ تَأَمَّلُوا وَصِيَّةَ اللهِ بَعدَ تَطمِينِهِ لَهُمَا بِأَنَّهُ مَعَهُمَا فَقالَ: ﴿ٱذۡهَبۡ أَنتَ وَأَخُوكَ بَِٔايَٰتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكۡرِي٤٢﴾، أي: اسْتَعِينا بِذِكرِي عَلَى مُواجَهَةِ عَدُوِّكُمَا، وَلا تَضعُفَا في ذِكرِي، اذكُرُونِي في سَيْرِكُمْ وَفي مُوُاجَهَةِ مَا تَخافُونَ مِنهُ أُنَجِّيكُمْ بِذِكْرِي، فَمَنْ أَرادَ مَعِيَّةَ اللهِ وَالأَمانَ مِن المخَاوُفِ وَفَوَاجِعَ الأقدَارِ؛ فَعَليهِ بِذِكرِ رَبِّهِ وَمَولاهُ في الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَكَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ ﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ العَلاقَةَ الوَحِيدَةَ الَّتِي مِنَ الْمُستَحِيلِ أَنْ تَجُورَ عَليكَ الدُّنيا، أَوْ يُهْلِكَكَ أَهلُهَا وِهِيَ مَعَكَ؛ هِيَ عَلاقَتُكَ بِاللهِ، فَأَصْلِحْ عَلاقَتَكَ مَعَهُ تَصْلُحُ لَكَ الدُّنيا، وَتُضمَنُ لَكَ الآخِرَةُ، وَاجعَلْ بَينَكَ وَبَينَ اللهِ رَصِيداً صَالحاً، حَتَّى إِذَا دَاهَمَتكَ أَزمَةٌ أو نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ وَجِئتَ إِلى بَابِهِ؛ وَجَدْتَهُ أَمَامَكَ مَفتُوحاً، فَبَابُهُ هُوَ البَابُ الَّذِي لَنْ يُغلَقَ فِي وَجهِكَ أَبَداً. ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ١٢٨﴾.
إِنَّ الدُّنيَا في جَوفِهَا مُفَاجَآتٌ لا نَجَاةَ مِنهَا؛ إِلَّا بِالفَزَعِ إِلى خَالِقِنَا وَخَالِقَهَا، وَلِذَا يَقولُ e: «مَنْ نَزَلَتْ بهِ فَاقَةٌ ــ أَي حَاجةٌ أَو كُربَةٌ ــ فَأَنْزَلَهَا بِاللهِ فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرزْقٍ عَاجلٍ أَو آجِلٍ».
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: سَفَينَةُ التَايتنِكْ؛ صَنَعَها مِئَاتُ المهندسينَ وَالعُمَّالُ وَصُرِفَتْ فِيهَا الأَموالُ، حَتى أَصبَحَتْ أَكبرَ سَفينةٍ سِياحِيَّةٍ في العَالم، وَقالَ قَائِدُهَا: هَذِهِ السَّفِينَةُ تَتَحَدَّى أَمواجَ الدُّنيا وَلَنْ تَغرَقَ أَبداً؛ فَغَرِقَتْ مِنْ أَوَّلِ رِحلَةٍ، بَينَما سَفِينةُ نُوحٍ u صَنَعَها شَخصٌ وَاحِدٌ وَبِطَريقَةٍ بِدَائِيَّةٍ: ﴿وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡرٜىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ﴾، فَغَرِقَ العَالمُ كُلَّهُ؛ وَهِيَ الوَحِيدَةُ الَّتي لَمْ تَغْرَق، هَكذَا تَكُونُ النتَائِجُ حِينَما يَكُونُ الْمَسِيرُ بِاسْم ِاللهِ، وَالضَّامِنُ هُوَ اللهُ، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ﴾. فَسِيرُوا بِاتِّجَاهِ بَابِهِ، وَاركَبُوا مَركَبَ العَمَلِ الصَّالِحِ.
فَاللَّهُمَّ عَظِّمْ تَوَكُلَنَا عَلَيكَ، وَعَظِّمْ حُسنَ ظَنِّنَا بِكَ، وَاملأْ قُلُوبَنَا اعتِمَاداً عَلَيكَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الأَقدارِ وفَوَاجِعَ الدَّهرِ، يَارَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.
﴿ الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ ﴾
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسُوُلِهِ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ. أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ:
فَاتَّقُوْا اللهَ U، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنِ اِسْتَرْشَدَهُ هَدَاهُ، ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ٢٨١﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: مَنْ كَانَتْ عَلاقَتُهُ مَعَ اللهِ صَادِقَةٌ؛ صَدَقَهُ اللهُ وَأَحسَنَ عَاقِبَتَهُ، وَدَبَّرَ لَهُ مِنَ المقَادِيرِ مَا تَحارُ فِيهِ العُقُول، فَالصِّدُق مَعَ اللهِ هُوَ أَوَّلُ اشتِرَاطَاتِ السَّلامَةِ؛ وَآمَنُ المخَارِجِ مِنَ الأَزَمَاتِ وَسُبُلِ النَّدَامَةِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: دَعُونَا نَتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ القِصَّةِ الصَّحِيحَةِ، عَنِ الصَّادِقِ المصدُوقِ e؛ حِينَمَا يُحَدِّثُنا عَليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: (عِنْ ثَلاثَةِ أَشخَاصٍ، خَرَجُوا في يَومٍ مَطِيرٍ، يَمشُونَ في الصَّحرَاءِ فَأَظلَمَ عَلَيهِمُ الليلُ، فَتَلَفَّتُوا فَرَأَوا غَاراً فَأَوَوا إِليهِ وَدَخَلوا، وَاشتَدَّ نُزُولُ المطَرِ حَتى سَقَطَتْ صَخرَةٌ مِنْ أَعلَى الجَبَلِ عَظَيمَةٌ؛ سَدَّتْ عَليهِمْ بَابَ الغَارِ فَعَجِزُوا عَنِ الخُرُوجِ أَو زَحْزَحَةِ الصَّخرةِ، فَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَينَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنَجِّيكُمْ مِمَّا أَنتُمْ فِيهِ؛ إِلَّا أَنْ تَدْعُو اللهَ بِصَالِحِ أَعمَالِكُمْ، فَقاَلَ الأَوَلُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنتُ لا أَغْبِقُ ـــ أي لا أَسْقِي ـــ قَبلَهُمَا لَا أَهلاً وَلا مَالاً ـــ الغَبُوقُ: حَلِيبُ النَّاقَةِ فِي المساء ـــ يَقولُ: فَحَلَبتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدتَهُمَا نَائِمَينِ، فَكَرِهتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا أَوْ أَنْ أَغْبِقَ قَبلَهُمَا، وَوَلَدَيَّ يَتَضَاغَيَانِ ـــ أي: يَصِيحَانِ تَحتَ قَدَمَيَّ مِنَ الجُوعِ ـــ فَوَقَفتُ وَالقَدَحُ عَلى يَدَيَّ حَتى استَيْقَظَا حِينَ بَرِقَ الفَجرُ، فَشَرِبَا ثُمَّ سَقَيتُ نَفسِي وَوَلَدَيَّ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنتُ فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، فَارتَفَعَتِ الصَّخرةُ قَلِيلاً، غَيرَ أَنّهُمْ لا يَقدِرُونَ عَلى الخُرُوجِ، ثُم قَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابنةُ عَمٍّ؛ كُنتُ أُحِبُّها أَشَدَّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِسَاء، فَرَاوَدتُها عَنْ نَفْسِهَا فَامتَنَعَتْ، حَتى جَاءَتْ سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ أَلَمَّتْ بِها حَاجَةٌ وَفَقرٌ، فَجَاءَتْنِي فَسَأَلَتنِي مِائةً وَعِشرِينَ دِيناراً، فَقُلتُ لَها: أُعطِيكِ إِيَّاها عَلَى أَنْ تُمكْنِينِي مِنْ نَفْسِكِ، فَفَعَلَتْ؛ حَتى إِذَا قَعَدْتُ بَينَ رِجلَيْها بَكَتْ وَقَالتْ: اتَّقِ اللهَ وَلا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهَ، فَقُمتُ عَنها وَهِيَ أَحبُّ النَّاسِ إِليَّ، وَتَرَكتُ لَها الذَّهبُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنتُ فَعلتُ ذَلِكَ ابتغِاءَ وَجهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ، يَقُولُ e: فَانفَرَجَتِ الصَّخرَةُ غَيرَ أَنَّهُمْ لَا يَستَطِيعُونَ الخروجَ مِنهَا، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَراءَ وَأَعطَيْتُهُم أَجرَهُم، غَيرَ وَاحدٍ ذَهَبَ وَتَركَ الَّذِي لَهُ، فَثمَّرْتُ لَهُ أَجْرَهُ حَتى أَصبَحَ وَادِياً مِنَ الإِبِلِ، وَوَادياً مِنَ البَقَرِ، وَوَادياً مِنَ الغَنَمِ وَشَيئاً مِنَ الذَّهَبِ، فَجَاءَنِي بَعدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبدَ اللهِ أَدِّ إِليَّ أَجرِي، فَقُلتُ: كُلَّ مَا تَراهُ فِي هَذا الوَادي هُوَ أَجْرُكَ، فَقالَ: أَتهزأُ بي، قُلتُ: لَا وَاللهِ، فَأَخذَهُ واستَاقَهُ وَلم يَترُكْ مِنهُ شَيئاً، اللَّهُمَّ إِنْ كُنتُ فَعَلتُ هَذَا ابتغَاءَ وَجهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَارتَفَعَتِ الصَّخرَةُ وَخَرَجُوا يَمشُون).
عِبَادَ اللهِ: لَوْ تَأَمَّلنا هَذِهِ القِصَّةَ، لَوَجَدنَا أَنَّ أَعمَالَ أَهلِ الغَارِ الَّتي نَجَوْ بِها؛ كَانَتْ في وَقتِ عَافِيتهِم وَرَخائِهِم وَسِعَةِ أَحوَالِهِمْ، فـــــ «احفظِ اللهَ يحفظْك، احفظِ اللهَ تجدْهُ أمامَك، تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ».
عَبْدَ اللهِ: بِرُّكَ بِوَالِدَيكَ هُوَ مَا سَيَرفَعُ الصَّخُورَ الَتي تَسُدُّ أَبوابَ النَّجَاحِ وَالتَّوفِيقَ وَالنَّجَاِة، إِعطَاءُ الحُقُوقِ لأَهلِهَا هُوَ مَا سَيُخرِجُكَ مِنْ مَغَارَاتِ الهَلاك، العِفَّةُ عَنِ الحَرامِ بِكُلِّ صُوَرِهِ هُوَ مَا سَيُنَجِّيكَ مِنَ المتَاهَاتِ وَيَضَعُكَ عَلى طَريقِ السَّلامَةِ، وَاعلَمْ أَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ أَعمَالُكَ الصَّالِحَةِ؛ كَثُرَتْ مَخَارِجُ نَجَاتِكَ،وَتَعَدَّدَتْ أَسبَابُ خُرُوجِكَ مِنَ المآزِقِ، وَاحذَرُوا أَنْ تَسُدَّ صُخُورَ مُفَاجَآتِ الدُّنيا؛ الغَارَ الَّذِي تَأْمَنُونَهُ وَتَأْوُونَ إِليهِ، وَليسَ لَدَيكُمْ رَصيدٌ يُساعِدُكُمْ فِي النَّجَاةِ، وَكَمَا قَالَ e: « إِنَّهُ لَا يُنَجِّيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُو اللهَ بِصَالِحِ أَعمَالِكُمْ».
وَفي النِّهَايَةِ: ﴿ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ ﴾،كُلَّهُ لَا بَعضَهُ، فَاعتَمِدْ وَتَوَكَلْ عَليهِ.
عِبَادَ اللهِ: صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى سَيِّدِ المُتَوَكِّلينَ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ بِـمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسلامَ وَالمسلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّركَ وَالمشرِكِينَ، وَانصُرْ عِبَادَكَ الْـمُوحِّدِينَ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَهُمَا في رِضَاكَ، وارزُقْهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمَا عَلَى الْحَقِّ وَتُعِيْنُهُمَا عَلَيهِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيْعِ الـْمُسْلِمِيْنَ وَالْـمُسْلِمَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ١٨٠ وَسَلَٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِينَ١٨١ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ١٨٢﴾.
المرفقات
1735850158_أقدار الله والعلاقة به سبحانه.pdf
1735850180_أقدار الله والعلاقة به سبحانه.doc
بندر المقاطي
تعديل يسير
المرفقات
1736427459_أقدار الله والعلاقة به سبحانه.pdf
تعديل التعليق