خطبة : ( أدومه وإن قل )
عبدالله البصري
1432/10/03 - 2011/09/01 23:43PM
أدومه وإن قل 4 / 10 / 1432
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُم لِلَّذِينَ أَحسَنُوا في هَذِهِ الدُّنيَا حَسَنَةٌ وَأَرضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفىَّ الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، كُنَّا في شَهرِ رَمَضَانَ ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَّا عَلَى مُستَوًى عَالٍ مِنَ الإِيمَانِ ، وَكَانَتِ النُّفُوسُ قَرِيبَةً مِمَّا يُرضِي الرَّحمنَ ، بَعِيدَةً عَمَّا يُسخِطُ رَبَّهَا وَخَالِقَهَا ، تَطلُبُ الخَيرَ جُهدَهَا ، وَتَبحَثُ عَن أَسبَابِهِ مَا أَمكَنَهَا ، وَتَهَشُّ إِلَيهِ وَتَرتَادُ أَمَاكِنَهُ ، وَتَتَبَاعَدُ عَنِ الشَّرِّ وَتَتَّقِي بَوَاعِثَهُ ، وتَتَحَاشَاهُ وَتُجَانِبُ أَهلَهُ ، وَكُنَّا نَرَى الحِرصَ عَلَى فِعلِ كُلِّ مَا يُدني إِلى الجَنَّةِ وَيُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ ، مِن طَاعَةٍ للهِ وَحِفظِ أَلسِنَةٍ وَجَوَارِحَ ، وَفِعلٍ لِلحَسَنَاتِ وَحَذَرٍ مِنَ السَّيِّئَاتِ ، وَحُسنِ خُلُقٍ مَعَ النَّاسِ وَطِيبِ تَعَامُلٍ مَعَ الآخَرِينَ ، وَبَذلٍ لِلمَالِ وَعَطَاءٍ وَإِنفَاقٍ وَتَصَدُّقٍ ، وَتِلكَ حَالٌ لِلمُؤمِنِينَ مُبَارَكَةٌ ، وَبُستَانٌ وَارِفُ الظِّلِّ وَافِرُ الثَّمَرَاتِ ، يَتَمَنَّى كُلُّ عَارِفٍ بِرَبِّهِ لَو دَامَ لِلمُؤمِنِينَ طُوَالَ عَامِهِم ، لِيَقطِفُوا مِن ثَمَرَاتِهِ وَيَتَفَيَّؤُوا ظِلَّهُ ، غَيرَ أَنَّ ممَّا يُلحَظُ في كُلِّ سَنَةٍ وَيَعرِفُهُ كَثِيرُونَ مِنَّا عَن أَنفُسِهِم ، وَلا يَخفَى عَلَى مَن نَصَحَ لِذَاتِهِ مِنهُم ، أَنَّهُ مَا يَخرُجُ رَمَضَانُ في كُلِّ عَامٍ ، حَتَّى تَعُودَ تِلكَ القُوَّةُ في الحَقِّ خَوَرًا وَضَعفًا ، وَحَتَّى يَغدُوَ ذَلِكَ الحِرصُ عَلَى الخَيرِ عَجزًا وَتَرَاجُعًا ، بَل قَد يَصِيرُ التَّجوِيدُ وَالإِتقَانُ إِلى تَقصِيرٍ وَرَوَغَانٍ ، فَتَرَى الَّذِي حَافَظَ عَلَى الصَّلَواتِ يَعُودُ لِخَرمَ ذَلِكَ العَهدِ العَظِيمِ ، وَيَنقُضُ غَزلَهُ بَعدَ قُوَّةٍ ، وَتَرَى صَاحِبَ الخُلُقِ الحَسَنِ مَعَ النَّاسِ قَد رَجَعَ إِلى سَابِقِ عَهدِهِ بِسُوءِ التَّعَامُلِ ، وَعَادَ إِلى مَا كَانَ عَلَيهِ مِن فَاحِشِ القَولِ وَحِدَّةِ الغَضَبِ ، وَتَجِدُ مَن بَسَطَ يَدَهُ في إِنفَاقٍ وَعَطَاءٍ قَد تَرَاجَعَ وَعَزَمَ عَلَى أَن يَقبِضَهَا طُوَالَ سَنَتِهِ . وَالحَقُّ أَنَّ هَذَا مِمَّا لا يُحِبُّهُ اللهُ مِن عَبدِهِ ، كَيفَ وَقَد أَمَرَ ـ سُبحَانَهُ ـ مَن أَمَرَ مِن أَنبِيَائِهِ وَأَوصَى مِنهُم مَن أَوصَى بِاستِدَامَةِ العِبَادَةِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ حَتَّى يَأتِيَهُ المَوتُ وَتُفَارِقَ الرُّوحُ الجَسَدَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ " وَقَالَ عَن عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : " وَأَوصَاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيًّا "
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِن عَبدِهِ المُدَاوَمَةَ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " أَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ ، وَعِندَ مُسلِمٍ : " أَحَبُّ العَمَلِ إِلى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ قَلَّ "
وَقَدِ امتَثَلَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَمرَ رَبِّهِ لَهُ بِاستِدَامَةِ العِبَادَةِ ، وَأَتَى بما يَرضَاهُ ـ تَعَالى ـ وَيُحِبُّهُ مِنَ المُدَاوَمَةِ عَلَى صَالِحِ العَمَلِ ، فَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثبَتَهُ ، وَحِينَ سُئِلَت عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ عَن عَمَلِهِ قَالَت : كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً . رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
وَقَد أَمَرَ بِذَلِكَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ بَعضَ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ لِيَكُونَ لَهُم وَلِمَن بَعدَهُم مَنهَجًا يَسِيرُونَ عَلَيهِ ، ثَبَتَ في الصَّحِيحَينِ عَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَالَ لي رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " يَا عَبدَاللهِ ، لا تَكُنْ مِثلَ فُلانٍ ، كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ "
وَبِهَذَا المَنهَجِ النَّبَوِيِّ الكَرِيمِ وَالتَّوجِيهِ المُحَمَّدِيِّ العَظِيمِ ، أَخَذَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَسَارُوا عَلَى طَرِيقٍ وَاضِحٍ مُستَقِيمٍ ، فَكَانَ أَحَدُهُم يُعرَفُ بِالعَمَلِ الوَاحِدِ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ مَدَى عُمرِهِ كُلِّهِ لا يَترُكُهُ وَلا يُفرِّطُ فِيهِ ، كَانَ مِنهُم مَن لم تَفُتْهُ تَكبِيرَةُ الإِحرَامِ مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسجِدِ أَربَعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ مِنهُم مَن خَتَمَ القُرآنَ في بَيتِهِ آلافَ المَرَّاتِ ، وَمِنهُم مَن كَانَ يَحُجُّ كُلَّ عَامٍ ، وَمِنهُم مَن أَدَامَ الصِّيَامَ ، وَمِنهُم مَن ظَلَّ غَازِيًا طُولَ عُمُرِهِ مُجَاهِدًا في سَبِيلِ رَبِّهِ ، وَمِنهُم مَن لم يُرَ إِلاَّ وَهُوَ عَاكِفٌ عَلَى كُتُبِهِ وَبَينَ مُجَلَّدَاتِهِ ، يَبحَثُ مَسَائِلَ العِلمِ وَيُحَرِّرُهَا لِلمُسلِمِينَ ، وَمِنهُم مَن عَاشَ وَاهِبًا نَفسَهُ لِتَعلِيمِ طُلاَّبِهِ وَتَربِيَتِهِم في حِلٍّ وَتَرحَالٍ ، أَوِ الدَّعوَةِ إِلى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَمَا زِلنَا نَرَى تِلكَ السِّمَةَ في قَلِيلٍ مِن عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ حَتَّى زَمَانِنَا هَذَا ، فَتَجِدُ أَحَدَهُم عَلَى جَادَّةِ الحَقِّ مُستَقِيمًا عُقُودًا مِنَ الزَّمَانِ ، مُوَلِّيًا وَجهَهُ صَوبَ آخِرَتِهِ مُنذُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ ، صَامِدًا عَلَى الحَقِّ ثَابِتًا ، لا يَرُوغُ عَنهُ رَوَغَانَ الثَّعَالِبِ ، ولا يَتَرَدَّدُ في الازدِيَادِ مِن تَقوَى اللهِ بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَلا يَتَغَيَّرُ خُلُقُهُ الحَسَنُ عَامًا بَعدَ عَامٍ ، وَلا تَسُوءُ عِلاقَتُهُ مَعَ الآخَرِينَ يَومًا وَرَاءَ آخَرَ ، أَمَّا الكَثِيرُ مِنَّا حَتَّى مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَن سِيمَاهُمُ الاستِقَامَةُ ، فَقَد عَادُوا يَشعُرُونَ بِالتَّقصِيرِ وَتَأنِيبِ الضَّمِيرِ ؛ لِكَثرَةِ مَا يَرَونَ مِن أَنفُسِهِم وممَّن حَولَهُم مِن تَرَاجُعٍ بَعدَ تَقَدُّمٍ ، وَضَعفِ هِمَّةٍ بَعدَ قُوَّةِ حَمَاسَةٍ ، وَطُولِ تَكَاسُلٍ بَعدَ صَادِقِ عَزِيمَةٍ , إِنَّهَا آفَةٌ قَبِيحَةٌ قَد تَعتَرِي بَعضَنَا وَخَاصَّةً بَعدَ مُرُورِ مَوَاسِمِ الخَيرِ وَانقِضَائِهَا , فَيَذهَبُ فَجأَةً مَا جَاءَ فَجأَةً ، وَيَزُولُ سَرِيعًا مَا أَتَى سَرِيعًا ، وَمِن هُنَا كَانَ ممَّا لا بُدَّ مِنهُ أَن يُحَاسِبَ كُلٌّ مِنَّا نَفسَهُ وَيُجَاهِدَهَا وَيُؤَدِّبَهَا ، فَلا يَترُكَ عَمَلاً صَالِحًا فَعَلَهُ وَبَدَأَ بِهِ ، وَلا يَقطَعَ خَيرًا ذَاقَ لَذَّتَهُ وَحَلاوَتَهُ ؛ بَل عَلَيهِ أَن يُدَاوِمَ وَلَو عَلَى القَلِيلِ , مَاشِيًا عَلَى تِلكَ القَاعِدَةِ النَّبَوِيَّةِ الذَّهَبِيَّةِ : " أَحَبُّ العَمَلِ إِلى اللهِ أَدوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ "
نَعَم ، إِنَّ هَذِهِ القَاعِدَةَ يَجِبُ أَن تَكُونَ لَنَا نِبرَاسًا وَمَنهَجَ حَيَاةٍ , سَوَاءٌ في أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ وَهُوَ مَا لا يَحتَمِلُ مِنَّا التَّركَ وَلا التَّأجِيلَ وَلَو مَرَّةً وَاحِدَةً ، أَو في التَّزَوُّدِ مِنَ السُّنَنِ وَالمَندُوبَاتِ ، وَهُوَ الزَّادُ الَّذِي لا يَحسُنُ بِمُؤمِنٍ عَلِمَ قِصَرَ الحَيَاةِ أَن يُقَصِّرَ فِيهِ وَلا يَأخُذَ مِنهُ بِحَظٍّ وَافِرٍ وَنَصِيبٍ كَبِيرٍ .
أَلا فَلْنُحَاسِبْ أَنفُسَنَا دَائِمًا ، وَلا نَتَسَاهَلْ في ذَلِكَ أَبَدًا ، فَإِنَّ القَلِيلَ الدَّائِمَ خَيرٌ مِنَ الكَثِيرِ المُنقَطِعِ ، ثُمَّ إِنَّ استِدَامَةَ العَمَلِ الصَّالِحِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَفِعلَ العِبَادَةِ بَعدَ العِبَادَةِ ، وَالمُحَافَظَةَ عَلَى الطَّاعَةِ بَعدَ الطَّاعَةِ ، إِنَّ ذَلِكَ لَعَلامَةٌ عَلَى تَقَبُّلِ اللهِ مِنَ العَبدِ مَا قَدَّمَ ، وَقَد ذَكَرَ العُلَمَاءُ أَنَّ مِن عَلامَةِ قَبُولِ الحَسَنَةِ فِعلَ الحَسَنَةِ بَعدَهَا , وَأَنَّ اللهَ إِذَا رَضِيَ عَنِ العَبدِ وَفَّقَهُ إِلى عَمَلِ الطَّاعَةِ بَعدَ الطَّاعَةِ وَسَهَّلَ عَلَيهِ فِعلَهَا ، وَعَصَمَهُ مِنَ المَعصِيَةِ وَهَوَّنَ عَلَيهِ تَركَهَا .
وَمَزِيَّةٌ أُخرَى لِلمُدَاوَمَةِ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ وَجَائِزَةٌ رَبَّانِيَّةٌ كُبرَى ، تُضَافُ إِلى كَونِهِ أَحَبَّ العَمَلِ إِلَيهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ وَأَنَّهُ مِن هَديِ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ ، ذَلِكُم هُوَ مَا أَخبَرَ بِهِ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَولِهِ : " إِذَا مَرِضَ العَبدُ أَو سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثلُ مَا كَانَ يَعمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
إِنَّهَا جَائِزَةٌ لا يُحَصِّلُهَا إِلاَّ مَن كَانَ لَهُ عَمَلٌ يُدَاوِمُ عَلَيهِ وَيُوَاظِبُ عَلَى الإِتيَانِ بِهِ في يَومِهِ وَلَيلَتِهِ .
فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاحرِصُوا عَلَى التَّزَوُّدِ مِمَّا يُقَرِّبُكُم إِلى رَبِّكُم ، وَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا " يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ . مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَمَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ يُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ حِسَابٍ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ فَإِنَّ تَقوَاهُ خَيرُ زَادٍ ، وَاستَعِدُّوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لِيَومِ المَعَادِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ العِبرَةَ في حَيَاةِ المُؤمِنِ إِنَّمَا هِيَ بِحُسنِ العَمَلِ لا بِكَثرَتِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ "
وَإِنَّ مِن حُسنِ العَمَلِ وَبَرَكَتِهِ أَن يَكُونَ دَائِمًا مُستَمِرًّا ، لا أَن يَكُونَ مُتَقَطِّعًا أَو مَتبُوعًا صَالِحُهُ بِسَيِّئٍ مِنهُ ، وَقَد ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلعَمَلِ الصَّالِحِ المَتبُوعِ بِالعَمَلِ السَّيِّئِ فَقَالَ : " أَيَوَدُّ أَحَدُكُم أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وَأَعنَابٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحتَرَقَت كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرُونَ "
أَلا فَلا يَكُنْ مِنكُم ـ عِبَادَ اللهِ ـ إِتبَاعٌ لِصَالِحِ الأَعمَالِ في رَمَضَانَ بِأَعمَالٍ سَيِّئَةٍ ، فَيَحتَرِقَ بُستَانُ الحَسَنَاتِ وَتَذهَبَ نُضرَتُهُ وَبَهَاؤُهُ ، اِتَّقُوا اللهَ وَدَاوِمُوا عَلَى عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ ، وَاسأَلُوهُ الإِعَانَةَ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَكثِرُوا مِن ذَلِكُمُ الدُّعَاءِ العَظِيمِ الَّذِي أَوصَى بِهِ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ مُعَاذًا حَيثُ قَالَ لَهُ : " يَا مُعَاذُ ، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَن تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
المشاهدات 4885 | التعليقات 4
جزاك الله خيرا
حياكما الله ـ أخوي الكريمين أبا عمر وفهدًا ـ وتقبل دعاءكما وشكر لكما حسن ظنكما ، وجعلنا وإياكما من الفائزين المقبولين ، وأحسن للجميع الخواتيم وثبتهم على الحق حتى يأتيهم اليقين .
جزاك الله خيرا وبارك فيك ولك وضاعف مثوبتك ووالدينا وأرحامنا وأحبابنا .
أبو عمر الشهراني
تعديل التعليق