خطبة أحكام الاستخارة

حسين بن حمزة حسين
1445/12/25 - 2024/07/01 15:55PM

إخوة الإيمان: رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : " إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

عبادَ اللهِ :أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ , والحِكْمَةُ من مَشْرُوعِيَّتها هِيَ التَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللَّهِ , وَالالْتِجَاءُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلا شَيْءَ أفضل لِذَلِكَ مِنْ الصَّلاةِ وَالدُّعَاءِ ; لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ , وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ , وَالافْتِقَارِ إلَيْهِ في جميع أمورنا.

ويستخير الإنسان فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَدْرِي الْعَبْدُ وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا، أَمَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ خَيْرَهُ أَوْ شَرَّهُ كَالْعِبَادَاتِ وَصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، أو الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ فَلا حَاجَةَ إلَى الاسْتِخَارَةِ فِيهَا , وينْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخِيرُ خَالِيَ الذِّهْنِ , غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّنٍ , فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ : " إذَا هَمَّ " يُشِيرُ إلَى أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ تَكُونُ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ , بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ الْأَمْرُ عِنْدَهُ, وَقَوِيَتْ فِيهِ عَزِيمَتُهُ وَإِرَادَتُهُ ، فلا يستخير، ويستخير الإنسان لنفسه ولا يصح أن يستخير لغيره لا ولدٍ ولا والدٍ ولو وكّله.

إخوة الإيمان : لا مكان للأحلام والأوهام في الاستخارة وتقديم الأمر وتأخيره، إنما ما يرد في القلب من انشراح  وتيسير للأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله ...

الخطبة الثانية :

عبادَ اللهِ: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقد اختلف العلماء هل المقدّم المشورة أو الاستخارة؟ والصحيح أن المقدم الاستخارة، فقدّم أولا الاستخارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليصل ركعتين" إنتهى، وذلك ابتداءً فيستخير ثم يستشير من هو أهل في أمانته ودينه ورجاحة عقله وخبرته في الأمر، قَالَ تَعَالَى : "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ويكرر الاستخارة مرّات حتى يطمئن ويرتاح،  فَإِذَا اسْتَشَارَ وَظَهَرَ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ، فليمْض لما وُفّق ولا يتردّد فالخير وكل الخير فيما كتبه الله، نسأل الله تعالى السداد والتوفيق، في كل أمور ديننا ودنيانا

 

 

 

المشاهدات 94 | التعليقات 0