خطبة : ( أحاسنهم أخلاقًا )

عبدالله البصري
1433/06/05 - 2012/04/26 08:35AM
أحاسنهم أخلاقًا 6 / 6 / 1433




الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الِّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، كَثِيرًا مَا يَرَى أَحَدُنَا الرَّجُلَ فَتُعجِبُهُ هَيئَتُهُ وَمِشيَتُهُ ، وَيَأخُذُ بِهِ سَمتُهُ حَالَ صَمتِهِ ، وَقَد يَغبِطُهُ عَلَى حُسنِ عِبَادَةٍ أَو طُولِ قُنُوتٍ وَكَثرَةِ قِرَاءَةٍ ، فَإِذَا مَا حَادَثَهُ وَأَخَذَ مَعَهُ وَأَعطَى ، أَو عَامَلَهُ وَبَاعَ إِلَيهِ وَاشتَرَى ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ في صَدرِهِ قَلبًا في جَنَاحَي طَائِرٍ ، تُغضِبُهُ كَلِمَةٌ أَو نَظرَةٌ ، وَيَضِيقُ لِبَادِرَةٍ أَو هَفوَةٍ ، وَيُكَدِّرُ صَفوَهُ خَطَأٌ أَو زَلَّةٌ ، ثم لَيتَهُ يَقِفُ عِندَ ثَورَةٍ لَحظَةٍ ثُمَّ يَنطَفِئُ غَضَبُهُ بَعدَهَا وَتَذهَبُ سَورَتُهُ ، دُونَ أَن يَطوِيَ عَلَى حِقدٍ كَشحًا ، أَو يَمتَلِئَ صَدرُهُ غَيظًا وَحَنَقًا ، فَيَتَصَرَّفَ بِنَاءً عَلَيهَا بما يُفسِدُ إِخَاءً وَيُذهِبُ وُدًّا ، أَو يَقطَعُ رَحِمًا وَيَهجُرُ قُربى . إِنَّكَ حِينَ تَرَى مِثلَ هَذَا ، تَعلَمُ أَنَّ ثَمَّةَ فَهمًا لِلإِسلامِ غَيرَ صَحِيحٍ ، وَمُجَانَبَةً حَقِيقِيَّةً لِلاستِقَامَةِ ، وَنَبذًا لِبَعضِ مَا جَاءَ بِهِ الشَّرعُ الحَنِيفُ ، وَسَيرًا عَلَى مَا تُملِيهِ الأَنفُسُ وَتُوجِبُهُ الأَهوَاءُ ، وَمُتَابَعَةً لما تَقضِي بِهِ بَعضُ العَادَاتِ وَالأَعرَافِ ، دُونَ احتِسَابِ أَجرٍ أَو نَظَرٍ في عَوَاقِبَ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد جَاءَ الإِسلامُ وَأَعجَبُ أَخلاقِ العَرَبِ إِلَيهِم مَا تَغَلَّبُوا بِهِ عَلَى غَيرِهِم وَقَهَرُوا بِهِ مَن سِوَاهُم ، مِن قَتلٍ وَبَطشٍ ، وَأَخذِ مَالٍ وَنَهبٍ ، وَإِرغَامِ أُنُوفٍ وَسَفعٍ بِالنَّوَاصِي ، في جَاهِلِيَّاتٍ وَقَومِيَّاتٍ وَعَصَبِيَّاتٍ ، وَأَخلاقٍ مَرذُولَةٍ وَصِفَاتٍ قَبِيحَةٍ ، فَهَدَمَ الإِسلامُ تِلكَ الرَّذَائِلَ وَأَمَاتَهَا ، وَأَقصَى الأَخلاقَ الدَّنِيئَةَ وَحَذَّرَ مِنَ الدَّنَايَا وَنَهَى عَنِ السَّفَاسِفِ ، وَأَشَادَ بُنيَانَ الأَخلاقِ الفَاضِلَةِ وَأَرسَى دَعَائِمَهَا ، وَحَثَّ عَلَى أَشرَافِهَا وَأَتَمَّ صَالِحَهَا ، حَتى جَعَلَ أَحسَنَ النَّاسِ أَخلاقًا في الدُّنيَا هُم أَقرَبَهُم مَجلِسًا مِن نَبيِّ الرَّحمَةِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَومَ القِيَامَةِ ، وَحتى تَكَفَّلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِبَيتٍ في أَعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ ، وَبَيَّنَ أَنَّ أَكمَلَ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا ، وَأَنَّ المُؤمِنَ يَألَفُ وَيُؤلَفُ ، وَلا خَيرَ فِيمَن لا يَألَفُ وَلا يُؤلَفُ ، وَأَنَّ حُسنَ الخُلُقِ هُوَ أَثقَلُ مَا يُوضَعُ في المِيزَانِ ، وَقَرَّرَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَنَّ المُؤمِنَ يَبلُغُ بِحُسنِ الخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ ، وَأَنَّ حُسنَ الخُلُقِ مَعَ التَّقوَى أَكثَرُ مَا يُدخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ ، وَأَنَّ حُسنَ الخُلُقِ هُوَ البِرُّ ...
بِكُلِّ هَذَا صَحَّتِ الأَحَادِيثُ عَنهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ في تَرغِيبٍ في حُسنِ الخُلُقِ لا يَعدِلُهُ تَرغِيبٌ ، وَمَدحٍ لَهُ لا يُمَاثِلُهُ مَدحٌ . وَإِنَّهُ لَيَكفِي حُسنَ الخُلُقِ مَدحًا ، وَيَكفِي المُؤمِنَ الصَّادِقَ تَشوِيقًا إِلَيهِ وَحَثًّا عَلَى الاتِّصَافِ بِهِ ، أَنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ قَد وَصَفَ بِهِ المُختَارَ مِن خَلقِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ فَقَالَ في حَقِّهِ : " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " وَصَحَّ في وَصفِ أَصحَابِهِ لَهُ أَنَّهُ كَانَ أَحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا . وَإِنَّهُ لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ في العِبَادَاتِ الَّتي جَاءَ بها الإِسلامُ ، لَوَجَدَهَا كُلَّهَا تَصُبُّ في مَصَبِّ مَحَاسِنِ الأَخلاقِ وَتَربِيَةِ النُّفُوسِ عَلَى المَكَارِمِ وَتَزكِيَتِهَا ، فَالصَّلاةُ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ ، وَقِيَامُ اللَّيلِ مَنْهَاةٌ عَنِ الإِثمِ ، وَالصِّيَامُ حَبسٌ لِلنَّفسِ عَنِ المُسَابَّةِ وَالمُقَاتَلَةِ ، وَالحَجُّ تَأدِيبٌ لها عَنِ الرَّفَثِ وَالفُسُوقِ وَالجِدَالِ حَتى في أَضيَقِ الطُّرُقِ وَأَشَدِّ المَوَاقِفِ .
بَل لََقَد بَدَأَتِ الدَّعوَةُ إِلى مَكَارِمِ الأَخلاقِ وَمَحَاسِنِهَا مُنذُ بَدءِ الدَّعوَةِ إِلى الإِسلامِ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ لَمَّا بَلَغَهُ مَبعَثُ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ لأَخِيهِ : اِركَبْ إِلى هَذَا الوَادِي فَاسمَعْ مِن قَولِهِ ـ يَعني النَّبيَّ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ فَرَجَعَ ، فَقَالَ : رَأَيتُهُ يَأمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخلاقِ .
وَفي قِصَّةِ هِرَقلَ حِينَ سَأَلَ أَبَا سُفيَانَ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : مَاذَا يَأمُرُكُم ؟ قَالَ أَبُو سُفيَانَ : يَقُولُ : اعبُدُوا اللهَ وَحدَهُ وَلا تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا ، وَاترُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُم ، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالصِّدقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَلَمَّا هَاجَرَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ إِلى المَدِينَةِ كَانَ مِن أَوَّلِ مَا قَالَهُ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفشُوا السَّلامَ ، وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَلَمَّا قَدِمَ وَفدُ عَبدِ القَيسِ ، وَكَانَ فِيهِمُ المُنذِرُ بنُ عَائِذٍ المَعرُوفُ بِالأَشَجِّ ، أَثنى عَلَيهِ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَولِهِ : " إِنَّ فِيكَ خَصلَتَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ : الحِلمُ وَالأَنَاةُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا الفَائِدَةُ مِنَ العِبَادَةِ حِينَ لا تُقَوِّمُ سُلُوكَ صَاحِبِهَا ؟
وَأَيُّ أَثَرٍ لِلصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ وَالصَّدَقَةِ إِذَا لم يَعقُبْهَا حِلمٌ وَصَبرٌ وَبَشَاشَةٌ وَعَفوٌ وَتَسَامُحٌ ؟
أَلَمْ يَقُلِ اللهُ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ " ؟
أَلَمْ يَقُلْ ـ تَعَالى ـ : " لاَ تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى " ؟
أَلَمْ يَقُلْ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " خُذْ مِن أَموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بها " ؟
أَلَمْ يَقُلْ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ " ؟
أَلَمْ يَقُلْ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ : " مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " ؟!
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ العِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ ، لَتُقَوِّمُ السُّلُوكَ وَتُهَذِّبُ الأَخلاقَ , وَتَجعَلُ المُؤمِنَ في تَعَامُلِهِ مَعَ إِخوَانِهِ عَلَى أَرقَى مَا يَكُونُ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَحسِنُوا " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ " وَجَاهِدُوا أَنفُسَكُم عَلَى حُسنِ الخُلُقِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُبَارِكُ اللهُ بِسَبَبِهِ في قَلِيلِ العَمَلِ ، وَإِيَّاكُم وَسُوءَ الخُلُقِ فَإِنَّهُ مُفسِدٌ لِلعِبَادَاتِ مَاحِقٌ لِبَرَكَةِ الطَّاعَاتِ ، مُحبِطٌ لِلأَعمَالِ مُذهِبٌ لِلحَسَنَاتِ ، عَن أَبي هُرَيرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ فُلانَةَ يُذكَرُ مِن كَثرَةِ صَلاتِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصِيَامِهَا ، غَيرَ أَنَّهَا تُؤذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا . قَالَ : " هِيَ في النَّارِ " قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَإِنَّ فُلانَةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَلاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤذِي جِيرَانَهَا . قَالَ : " هِيَ في الجَنَّةِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَلا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ "



الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوا أَمرَهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ حُسنَ الخُلُقِ وَإِن كَانَ يَسِيرًا عَلَى مَن يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيهِ مِمَّنَ يَطلُبُ الذِّكرَ الجَمِيلَ في الدُّنيَا وَالرِّفعَةَ وَالأَجرَ في الآخِرَةِ ، إِلاَّ أَنَّهُ يَحتَاجُ مِنَ المَرءِ إِلى أَن يَأطِرَ نَفسَهُ عَلَيهِ أَطرًا وَيَحمِلَهَا عَلَيهِ حَملاً ، وَيَأخُذَهَا بِالجِدِّ وَيُجَاهِدَهَا عَلَى قَبُولِ الحَقِّ وَلَو عَلَى نَفسِهِ ، وَيَسمُوَ بها لِلمَعَالي قَبلَ أَن تَهبِطَ بِهِ لِلحَضِيضِ ، وَفي الحَدِيثِ : " إِنَّ اللهَ ـ تَعَالى ـ يُحِبُّ مَعَاليَ الأُمُورِ وَأَشرَافَهَا وَيَكرَهُ سَفسَافَهَا " رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِنَّمَا العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، وَإِنَّمَا الحِلمُ بِالتَّحَلُّمِ ، وَمَن يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعطَهُ ، وَمَن يَتَّقِّ الشَّرَّ يُوقَهُ " رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَإِنَّ الطَّرِيقَ لِذَلِكَ أَن يَرزُقَ اللهُ عَبدَهُ امتِثَالَ مَا في القُرآنِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الأَوَامِرِ وَالكَفِّ عَمَّا فِيهِمَا مِنَ النَّوَاهِي ، وَأَن يَمُنَّ عَلَيهِ بِحُسنِ الاقتِدَاءِ بِمَن كَانَ خُلُقُهُ القُرآنَ ، فَيَنظُرَ أَيسَرَ الأُمُورِ فَيَختَارَهَا ، وَيَترُكَ الانتِقَامَ لِنَفسِهِ ، وَيَتَعَوَّدَ كَظمَ الغَيظِ وَحَبسَ النَّفسِ وَالعَفوَ ، فَعَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ أَنَّهَا قَالَت : مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بَينَ أَمرَينِ إِلاَّ اختَارَ أَيسَرَهُمَا ، مَا لم يَكُنْ إِثمًا ، فَإِذَا كَانَ إِثماً كَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنهُ ، وَمَا انتَقَمَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لِنَفسِهِ إِلاَّ أَن تُنتَهَكَ حُرمَةُ اللهِ ـ تَعَالى ـ فَيَنتَقِمَ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بها . رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَا تَجَرَّعَ عَبدٌ جَرعَةً أَفضَلَ عِندَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِن جَرعَةِ غَيظٍ يَكظِمُهَا ابتِغَاءَ وَجهِ اللهِ ـ تَعَالى ـ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ ، وَقَالَ أَحمَدُ شَاكِر : إِسنَادُهُ صَحِيحٌ .

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ صِحَّةً في إِيمَانٍ ، وَإِيمَانًا في حُسنِ خُلُقٍ ، وَنَجَاحًا يَتبَعُهُ فَلاحٌ ، وَرَحمَةً مِنكَ وَعَافِيَةً وَمَغفِرَةً مِنكَ وَرِضوَانًا .
المشاهدات 5577 | التعليقات 9

وهنا ملف الخطبة على (الوورد )

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/أحاسنهم%20أخلاقًا.doc

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/أحاسنهم%20أخلاقًا.doc


جزاك الله خيرا ونفع بعلمك


بارك الله فيك ونفع بك..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.
إفادة من علمكم-بارك الله فيكم-: هل الصحيح: ابن ماجة-بالتاء المربوطة- أو ابن ماجه-بالهاء المربوطة-؟


أخوي الكريمين شبيب القحطاني والشمراني ، شكر الله لكما المرور والدعاء ، وبارك فيكما ، إنه جواد كريم .


محب لأمة الإسلام;10870 wrote:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.
إفادة من علمكم-بارك الله فيكم-: هل الصحيح: ابن ماجة-بالتاء المربوطة- أو ابن ماجه-بالهاء المربوطة-؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،، وجزاك الله خيرًا ـ أخي محب ـ فكم تمتعنا مثل هذه الملحوظات والتساؤلات ، إذ هي منبع للفوائد ، وسائق للبحث والتثبت .

وابن ماجه ـ رحمه الله ـ مما كثر الخطأ في اسمه بين عامة طلاب العلم ، حتى إني لا أكاد أسمعهم ينطقون (ماجه) إلا بتاء التأنيث ، في حين أن (ماجه) اسم أعجمي ينطق بالهاء ساكنة .

قال في القاموس : وماجَهْ لَقَبُ والِدِ محمدِ بنِ يَزِيدَ القَزْوِينِيِّ صاحِبِ " السُّنَنِ " ، لا جَدُّه .

قال شارحه ( الزبيدي في تاج العروس ) :
" وماجَهْ " بسكون الهاءِ كما جَزَمَ به الشَّمْسُ ابنُ خِلَّكانَ : " لقب والدِ " الإِمام الحافِظ أَبي عبدِ الله " محمّد بن يَزيدَ " الرَّبَعِيّ " القَزْوينيّ صاحِب " التفسير والتاريخ و" السُّنَن " ... " لا جَدُّه " أَي لا لَقبُ جَدِّه كما زَعمه بعضٌ . قال شيخُنا : وما ذَهبَ إِليه المُصنّف فقد جَزَم به أَبو الحسن القَطّان ووافقَه على ذلك هِبَةُ الله بنُ زَاذانَ وغيرُه ، قالوا : وعليه فيُكتَب " ابن ماجه " بالأَلف لا غير . وهناك قول آخرُ ذَكره جماعةٌ وصَحَّحوه وهو أَن " ماجَه " اسمٌ لأُمّه ؛ والله أَعلم .

وقال ابن خلكان في ( وفيات الأعيان) : وماجه : بفتح الميم والجيم وبينهما ألف وفي الآخر هاء ساكنة .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فزادكم الله علما وفهما وجزاكم عنا خير الجزاء.


سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

وشكر الله لك ياشيخ عبدالله فقد استفدت من هذه الخطبة, وعدلت, وقدمت, وأخرت, واختصرت, وألقيتها الجمعة الماضية,ودعوت الله لك كثيرا


أبو البراء;10916 wrote:
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

وشكر الله لك ياشيخ عبدالله فقد استفدت من هذه الخطبة, وعدلت, وقدمت, وأخرت, واختصرت, وألقيتها الجمعة الماضية,ودعوت الله لك كثيرا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،، وحياك الله ـ أخي أبا البراء ـ وبياك ، وشكر لك ثناءك وأجاب دعاءك ، وجعل ما أفدته مباركًا نافعًا لمن سمعه .
وهل نحن إلا جامعون ومعدلون ومقدمون ومؤخرون ومختصرون ومستفيدون ومستفاد منا ؟؟ فالله المستعان وعليه التكلان ، ونسأله التوفيق والسداد ، وأن يزرقنا وإياكم الصبر ويعيننا على حمل الأمانة ويعفو عن تقصيرنا .