خطبة : آخر جمعة من رمضان

تركي العتيبي
1443/09/26 - 2022/04/27 08:17AM

الحمد لله الذي وفق لبلوغ رمضان، وأعان على صيامه وقيامه وتلاوة القرآن، والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان، خير من صلى وصام،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سبيلهم بإحسان.

أما بعد، فاتقوا الله تعالى عباد الله، وتفكروا في سرعة مرور الليالي والأيام، واعلموا أنها تنتقص بمرورها من أعماركم، وتطوى بها صحائفُأعمالكم.

 


معشر المؤمنين، كنا قبل أيام نستبشر بقدوم رمضان، وها نحن اليوم نرى قربَ رحيله، وأزوف تحويله، وهو راحلٌ عنا بما قدمنا فيه، فيا ليتشعري ماذا أودعنا فيه وبأي شيء سنودعه أتراه يرحل شاهداً لنا أم علينا؟ جاء عن ابن مسعود وغيره أنه كان يقول في أخر رمضان: يا ليتشعري من هذا المقبول فنهنِّيَه، ومن هذا المحروم منا فنُعزِّيَه؟

فهنيئًا لمن كان شهرُه شاهدا له عند ربه بالخيرات، شافعاً له بدخول الجنة والعتق من النار، وويل لمن كان شاهدا عليه بتفريطه وتضييعه،فودّعوا شهركم بخير ختام؛ فإن الأعمال بالخواتيم، فمن كان محسنًا فيما مضى من شهره فيا أحسن التمام! ومن كان مسيئًا فما أجملالتوبة واستدراكَ ما بقي من الليالي والأيام.

عباد الله: لقد شَرع لنا ربُنا عزّ وجلّ في ختام شهر رمضان عبادات جليلة، تتوج أعمال العابدين، ويزداد بها الإيمان، وتتمم بها العبادات،وعلى رأس هذه العبادات الجليلة:

زكاة الفطر التي فرضها رسول الله ﷺ صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعيرٍ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغيروالكبير من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، كما رواه ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، وعن ابن عباس قال: "فرض رسول الله زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدالصلاة فهي صدقة من الصدقات". رواه أبوداود بإسناد حسن.

فأخرجوا زكاة الفطر طيبة بها نفوسكم، وطاعةً لنبيكم، ومقدار ما يخرج عن الشخص الواحد صاع بصاع النبي ﷺ من طعام البلد وقوتالناس من الأرز أو التمر أو غيره من الطعام، ومقدار الصاع بالوزن المعاصر ما يقارب ثلاث كيلو جرامات تقريبا، وتُعْطَى زكاة الفطر للفقراءوالمساكين خاصة، والأقاربُ المحتاجون أولى من غيرهم، كما تُعطى المدينين والغارمين الذين لا يجدون ما يخرجونه بأنفسهم.

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، أي في اليوم الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، إلى صلاة العيد، كما صح عن ابن عمر رضيالله عنهما؛ كما في البخاري، وأفضل أوقاتها أن تُخرج قبل الصلاة، ما بعد صلاة الفجر وقبل أن تُقضى صلاة العيد، ومن أخّرها إلى مابعد الصلاة لغير عذر فهي صدقة من الصدقات.

والأفضل إخراج صدقة الفطر في البلد الذي أدرك الإنسان العيدَ فيه، ولا بأس أن يوكل الإنسان غيره في إخراج الفطرة لو أراد السفر أوخشي من انشغاله، وإن وكل الجمعيات الخيرية الموثوقة فحسن.

ومن العبادات التي شرع لكم أن تختموا بها شهركم، عبادة التكبير، التي حثّنا ربُّنا عليها بقوله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْوَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، فكبّروا الله تعالى شكرا له على نعمة إكمال شهر الصيام والقيام من حين يبلغكم خبر دخول العيد، إلى دخول الإمام لخطبةالعيد، كبّروا على نعمة الهداية لهذا الدين، والذي ما كنتم لتهدوا لولا أن هداكم له، كبروا الله في المساجد والبيوت والأسواق، وذكروا الناسبها ، وأذيعوا هذه السنة في الجوالات والتطبيقات.

 الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد يجهر به الرجال، وتُسِر به النساء.

وتاج هذه العبادات صلاة العيد التي أمر بها النبيُّ ﷺ الرجالَ والنساء، حتى العواتق وذوات الخدور اللاتي ليس لهن عادة في الخروج، بلحتى الحُيّض اللاتي ليس عليهن صلاة أُمرن أن يشهدن دعوة المسلمين، ويعتزلن مصلى العيد، ففي الصحيحين من حديث أم عطية رضيالله عنها قالت: " أَمرنا رسول الله ﷺ أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق، والحيض، وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة

وصح عنه ﷺ أنه كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً ثلاثا أو خمساً أو سبعًا، فاقتدوا به امتثالا لقول ربكم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ...

الخطبة الثانية:

الحمد لله، وكفى وسمع الله لمن دعا، وبعد عباد الله: فهذا شهر رمضان أزف على الرحيل، وفي بقية أيامه ولياليه للنادمين مستعتَب، وللتائبينمسترجَع، عسى توبة ترفو من الصيام كلما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسيرَ الخطايا يُطلَق، عسى من استوجبالنار يُعتق، فاللهم اجعلنا من عبادك المعتَقين. ونسأل الله كما بلغنا هذه اللحظات، أن يتم علينا النعمة ببلوغ آخره، وأن يقبل منا ما الصياموالقيام، واغفر لنا ما وقع منا من زلل وتقصير. اللهم اختم شهرنا برضوانك والعتق من نيرانك،

عباد الله لم يبقى الا ان نذكركم بوقت ومكان صلاة العيد

سوف تقام في ........

 


تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال واعاده الله علينا وعليكم اعواما عديدة وازمنة مديدة

المشاهدات 1132 | التعليقات 0