خطبة آخرجمعة في رمضان 2

علي محمد خواجي
1433/09/25 - 2012/08/13 03:30AM
[font="]خطبة [/font][font="]آخر جمعة في رمضان 1433[/font]
[font="]الخطبة الأولى[/font]
[font="]الحمد لله الذي رفع قدر ذوي الأقدار عن الركون إلى هذه الدار، ومنح صفاء إحسانه لأهل تلك الدار، ونزَّل تصاريف الأقدار في أهل الجنة والنار، فسبحان مَن يسَّر كلاً لما خُلق له والذي قال: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}, أحمده سبحانه وأشكره وللشكر على أصحاب الشكر آثار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الناصح الأمين والبشير النذير، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.[/font]
[font="]أما بعد: عباد الله، اتقوا الله تعالى حق التقوى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[/font]
[font="]أيها المؤمنون: كنا بالأمس القريب نتلقى التهاني ونبارك لبعضنا بدخول شهر رمضان المبارك هذا الموسم العظيم للمسلمين، وها نحن الآن على مشارف وداعه ونتلقى التعازي على فراقه، وهذه الجمعة هي آخر جمعة في هذا الشهر المبارك لهذا العام، فسبحان مصرف الشهور والأعوام ومدبر الليالي والأيام، وسبحان الذي كتب الفناء على كل شيء وهو الحي القيوم الدائم الذي لا يزول،[/font][font="]الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا[/font][font="][[/font][font="][الفرقان:62]. فلا إله إلا الله كم من الذين يتمنون حضور هذا الشهر ولكن حال بينهم وبينه هادم اللذات ومفرق الأحباب والجماعات، وكم من الذين حضروه ولكنهم لم يقيموا له قدرًا ولا وزنًا، سهر بالليل على المحرمات أو المكروهات، ونوم بالنهار عن الذكر والتلاوة وجميع الطاعات، قد بلغوا الغاية في التفريط بأثمن الأوقات، ألا يعلم كل مفرط في هذا الموسم العظيم أنه ربما يأتيه رمضان القادم وهو تحت أطباق الثرى؟! فهل ينفع الندم على التفريط بعد فوات الأوان؟! [/font][font="]حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[/font][font="] [المؤمنون:99، 100]. يقول المفرطون بعد الموت إذا رأوا الحسرات على التفريط، يقولون: ربنا أعدنا إلى الدنيا فسوف نجتهد بالأعمال الصالحة، بالصلاة والصيام والقيام والصدقة ولا نفرط في شيء أبدا، فهل يعودون؟ لا والله، بل هم مرتهنون في حياة برزخية، إما في روضة من رياض الجنة أو في حفرة من حفر النار والعياذ بالله من ذلك. فلو كان أهل القبور ينطقون لقالوا للأحياء: تزوّدوا فإن خير الزاد التقوى.[/font]
[font="]وأوصيكم ونفسي المقصرة باغتنام ما بقي من ساعات هذا الشهر، فما بقي منه إلا القليل، فاجتهدوا رحمكم الله، وارفعوا أكف الضراعة إلى الله، وادعوه مخلصين له الدين؛ لعلكم أن توافقوا ساعة إجابة، فتكون سعادتكم في الدنيا والآخرة.[/font]
[font="]أيها الإخوة في الله، إن رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق من ساعاته إلا القليل.[/font]
[font="]سلام من الرحمن كل أوان على خير شهر قد مضى وزمان[/font]
[font="]لئن فنيت أيامك الغر بغتة فما الحزن من قلبِي عليك بفان[/font]
[font="]أيها الإخوة في الله، إن قلوب الصالحين إلى هذا الشهر تحنّ، ومن ألم فراقه تئن، وكيف لا وقد نزلت فيه رحمة رب العلمين؟! كيف لا تدمع على فراقه عيون المحبين وهم لا يعلمون هل يعيشون حتى يحضرونه مرةً أخرى أم لا يعيشون؟![/font]
[font="]تذكـرت أيـامًا مضت ولياليـا خلت فجرت من ذكرهنّ دمـوع[/font]
[font="]ألا هل لَها من الدهـر عـودة؟! وهل لي إلى وقت الوصال رجوع؟![/font]
[font="]وهل بعد إعراض الحبيب تواصل؟! وهل لبـدور قد أفلـن طلـوع[/font]
[font="]نعم ولله يا إخوة الإسلام، إن القلوب لتحزن عند فراق هذا الحبيب، شهر الصيام والقيام، شهر المحبة والألفة شهر الرحمة والغفران، شهر البركة وانشراح الصدور، شهر رفع أكف الضراعة إلى الله، شهر العبرات والبكاء من خشية الله، فكم من معرض عن الله عاد إلى الله في هذا الشهر، وكم من إنسان مستوجبٍ دخول النار أعتقه الله من دركاتها، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من العتقاء من النار.[/font]
[font="]أيها المؤمنون، وإن مما شرع الله لكم في ختام هذا الشهر المبارك صدقة الفطر لتكون آية على الشكر وسببا لتكفير الإثم والوزر وتحصيل عظيم الأجر وطعمة للمساكين ومواساة لفقراء المسلمين، وهي زكاة بدن تلزم كل مسلم يفضل عن قوته وقوة أهله ومن تلزمه نفقتهم، وهي صاع من طعام تخرج عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، وخصها رسول الله [/font]][font="]من القوت لأنه هو الذي تحصل به المواساة، فتخرج من قوت البلد، وإن كان من الأنواع المنصوصة فهو أفضل، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نعطيها ـ يعني صدقة الفطر ـ في زمان رسول الله [/font][font="]صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب ، فإن لم توجد يخرج من بقية أقوات البلد، فإن المقصود مواساة الفقراء وسد حاجة المساكين يوم العيد لقوله [/font][font="]: ((أغنوهم في هذا اليوم عن الطواف))، ولكن تذكروا قول الله عز وجل: [/font][font="]لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[/font][font="]][/font][font="] [آل عمران:92].[/font]
[font="]عباد الله، المقدار الواجب من زكاة الفطر صاع، وذلك يساوي حوالي كيلوين ونصفًا تقريبًا، وأفضل وقت لإخراجها بعد غروب شمس ليلة العيد، ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، وتدفع لمستحقيها من أصناف الزكاة الثمانية، وأولاهم الفقراء والمساكين.[/font]


[font="]فاتقوا الله عباد الله، وتقربوا إلى الله بما شرع لكم، وتذكروا أن الآجال قواطع الآمال، واستحضروا سرعة الوقوف بين يدي الكبير المتعال، [/font][font="]][/font][font="]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ[/font][font="][][/font][font="] [آل عمران:30].[/font]
نَفَعني الله وإيّاكُم بهديِ كتابِه وبِسنّةِ نبيِّه ، أَقولُ قَولي هَذَا، وَأستَغفِر اللهَ العَظيمَ الجَليلَ لِي وَلَكم ولسائِرِ المسلِمين من كلِّ ذنب فاستغفِروه، إنّه هو الغفور الرحيم



الخطبة الثانية
الحمدُ لله الذِي جعل رمضان سيّد الأيام والشهور، وضاعف فيه الحسنات والأجور، أحمده سبحانه وأشكره وهو العزيز الغفور، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له يعلم خائنةَ الأعين وما تخفي الصدور، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله بعثه الله بالهدى والنور، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم النشور.[font="] أما بعد أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى حق التقوى[/font]
[font="]عباد الله: ما أشد وقع الوداع على النفس،وما أعظم ألم الفراق ،ضيف كريم ،بالأمس القريب يهنئ بعضنا بعضا بقدومه ،واليوم نعيش في جمعته الأخيرة..فما أسرع انقضائه.. وما أعظم مرارة رحيله.
لقد كان السلف الماضين ولازال الصالحون وأهل الخير يشق عليهم تصرم أيامه، ويشتد عليهم مفارقته..كيف لا؟! وهو شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران..شهر القرآن والبر والإحسان..[/font]
[font="]ترحل شهر الصبر والهفاه و انصرما ... و اختص بالفوز في الجنات من خدما
و أصبح الغافل المسكين منكسرا ... مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما ... تراه يحصد إلا الهم و الندما[/font]
[font="]هاقد قارب الحبيب على الرحيل شاهدا لنا أوعلينا بما أودعناه فيه من أعمال..لقد كان مضمارا وميدانا يتسابق فيه المتسابقون ،ويتنافس فيه المتنافسون ،فسبق أقوام ففازوا ،وتأخر أقوام فخسروا [/font]
رمضان الحبيب:
زرتنا ففرحنا بك واستبشرنا بمقدمك وأقمت عندنا فأنِسنا بك واستمتعنا بصحبتك، كنت لنا نعم الصديق ونعم الجار ونعم المعين.
وها أنت ترحل عنّا .. وكلّنا يقين بأن أرواحنا بعدك لن تكون كأرواحنا فيك وأنفسنا بعدك لن تكون كأنفسنا فيك وأجسامنا بعدك لن تكون كأجسامنا فيك ... هكذا هي الحياة.
نودّعك رمضان:
بقلوب وجلة وعيون دامعة وأيادٍ إلى الله ضارعة أن يكون الله قد تقبلنا فيك وعفا عنّا وتاب علينا وأعتق رقابنا من النار.
رمضان الحبيب:
سلام عليك ما أحييت قلوبنا .. سلام عليك ما أخذت بأيدينا إلى الله .. سلام عليك ما جمعتنا على الطاعة .. سلام عليك ما أحييت إيماننا .. سلام عليك ما أيقظتنا من غفلتنا .. سلام عليك ما أتيت بنا إلى المسجد في جنح الظلام .. سلام عليك ما جمعتنا في القيام وعلى مأدبة القرآن .. سلام عليك ما أجريت ألسنتنا بالدعاء .. سلام عليك ما كسوتنا من خشوع وخضوع .. سلام عليك ما أسلت مدامعنا .. سلام عليك ما ملأت قلوبنا بحب الله العظيم وحب نبيه الكريم وحب كتابه المبين وحب عباده المؤمنين .. سلام عليك ما أطلقت أيدينا بالصدقات .. سلام عليك ما أعتقتنا من إسار الشهوات .. سلام عليك ما حررت قلوبنا من الأهواء .. سلام عليك ما شفيت أمراض قلوبنا .. سلام عليك ما يسرت لنا فعل الخيرات .. سلام عليك ما يسرت لنا ترك المنكرات .. سلام عليك .. سلام عليك .. سلام عليك.
ها هو ذا رمضان يمضي،
وقد شهدت لياليه أنين المذنبين، وقصص التائبين،
وعبرات الخاشعين،
وأخبار المنقطعين.
وشهدت أسحاره استغفار المستغفرين،
وشهد نهاره صوم الصائمين وتلاوة القارئين،
وكرم المنفقين.
إنهم يرجون عفو الله،
علموا أنه عفو كريم يحب العفو فسألوه أن يعفو عنهم
رمضان أيها الحبيب
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإني على فراقك يا رمضان لمحزونون جِدُّ محزونون ولا نقول إلا ما يرضي الرب (إنا لله وإنا إليه راجعون)
نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
اللهم اجعل هذا الشهر شاهداً لنا ، وحجة لنا لا حجة علينا ، اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثله فأحسن عملنا فيه ، وإن قضيت بقطع آجالنا فأحسن الخلافة على باقينا ، وأوسع الرحمة على ماضينا ، وعمنا برحمتك وغفرانك ، واجعل الموعد بحبوح جنتك ورضوانك .
ألا وصلوا عباد الله على خير الورى فقد أمركم بذلك المولى جل وعلا (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يارب العالمين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،وأذل الشرك والمشركين ،ودمر أعداء الدين،اللهم ألف بين قلوب المسلمين ،ووحد صفوفهم وأصلح قادتهم واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين
اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ووفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله:اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون





















المشاهدات 3910 | التعليقات 1

أسأل الله أن ينفع بهذه الخطبة