خطبة:حالنا مع الأجهزة الذكية

عمر الدهيشي
1432/06/22 - 2011/05/25 14:38PM
خطبة:حالنا مع الأجهزة الذكية

عباد الله.. في الفضاء الفسيح،وفوق الغلاف الجوي لكوكب الأرض آلات وتقنيات،وموجات وذبذبات استطاع البشر في إيجادها بعد تيسير سبلها لبني الإنسان وإعانة من خالق الإنسان سبحانه وتعالى حيث بلغت التحديات وتوصلت التجارب والعمل الدؤوب إلى إطلاق أول قمر صناعي روسي إلى الفضاء وذلك عام ألف وثلاثمائة وستة وسبعين من الهجرة تقريباً ثم تلتها أقمار أخرى أمريكية وغيرها وقد انحصر استخدامها في بادئ الأمر على الأغراض العسكرية فقط مثل أعمال الملاحةالبحرية والمراقبة الجوية وعمليات التجسس، حتى تتطورت وتنوعت و أصبحت تمثل جزءاً ضرورياً منحياتنا اليومية،وتعددت استخداماتها لتشمل مجالات عدة مثل الاستعانة بها للتنبؤبالأحوال الجوية والاستقبال التلفزيوني الفضائي فضلاً عن الاتصالات الهاتفية التيتتم بين الملايين من الناس بمختلف دول العالم.
عباد الله.. إذا كانت تلك الأقمار وهذه التقنية مما تحار فيها العقول وتهتال منها النفوس وذلك من عجيب واسع علمها ودقة تنظيمها وسرعة استحضار معلوماتها من شتى أقطار المعمورة فإن ذلك كله داخل تحت قوله تعالى: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ، فسبحان الله العليم ما أعظم شأنه! سبحان الله العظيم ما أعظم علمه! سبحان الله العظيم ما أعز سلطانه! وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.
عباد الله.. وإن هذه التقنية بتلك الدقة وسرعة الحصول على المعلومة التي أصبح العالم الأرضي معها كالقرية الصغيرة التي يتناقل فيها كل خبر ويعلم مَنْ فيها كل ما فيها قد أخبر عنه المصطفى ﷺ قبل أربعة عشر قرنا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ (يتقارب الزمان وينقص العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج) متفق عليه وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان،فتكون السنة كالشهر،ويكون الشهر كالجمعة،وتكون الجمعة كاليوم،ويكون اليوم كالساعة،وتكون الساعة كاحتراق السعفة) رواه الإمام أحمد. فالإذاعات والأجهزة الذكية أبهرت العقول في تقريب البعيد حيث أمسى من في أقصى المشرق يخاطب من في أقصى المغرب كما يخاطب الرجل جليسه،والمشاهِد لشاشات البث الحي يتنقل بين المحطات الفضائية الشرقية والغربية في لحظة واحدة ويشاهد الأحداث والفعاليات في زمن واحد وكأن الجميع حاضر بين يديه، فحقاً وتصديقاً (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
عباد الله.. ومع تيسر هذه الخدمة وشيوع تلك التقنية أبدع الإنسان في اختراع الأجهزة الذكية والوسائل المتطورة للاستفادة من الخدمات المتوفرة حتى وصلتنا أجهزة بتقنية عالية وخدمات متطورة بأحجام محمولة وغالبها مضمنة تقنية الاتصال والتواصل مع الآخرين سواء عن طريق الاتصال والاتصال المرئي أو بأسلوب المحادثة فضلا عن اشتمالها على تقنية التصوير ذات الدقة العالية وغيرها من الخدمات ،حتى شاعت هذه الأجهزة وبيعت بأرخص الأثمان مما سهل اقتناؤها للصغير والكبير والغني والفقير والابن والبنت مما يستدعي على أولياء الأمور والمربين والموجهين توجيه تلك التقنية وترشيد استخدامها فيما ينفع وينمي الخير ويبعد الضار ويقلل الشر لننال خيرها ونسخرها فيما يعود علينا وعلى أبناءنا بالخير والنماء.
عباد الله.. وإن تلك الأجهزة المحمولة تتجدد بين الفينة والأخرى وتتنوع خدماتها مما يستوجب على ولي الأمر أن يحرص على متابعة أولاده وإرشادهم للنافع وترك الضار بأسلوب الحوار وسؤالهم سؤال المسترشد حتى يتعلم تلك التقنية التي بَزَّ فيها الجيل الصاعد على من سبقه ويتمكن من الاطلاع على ما في مكنون الأجهزة التي بحوزة أولاده وما اشتملت عليه من ملفات ومقاطع ورسائل وغيرها بطريق غير مباشر التي ربما تناقلها الشباب فيما بينهم وقد اشتملت على محاذير لا ترضي الرب وتغضب الأب ،فالأولاد هم فلذة الأكباد ومهجة الفؤاد، وشياطين الإنس لهم بالمرصاد ، وإمامهم قد أخذ الميثاق على إغوائهم وضلالهم (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وقد قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته،والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته)رواه الشيخان، ونحن في زمن .. الجوال مرآة لصاحبه.
عباد الله.. وإن الناظر في تعاملنا مع هذه التقنية يلمس تساهلاً في استخدامها، ومن ذلك الاستهانة في التعامل مع تقنية التصوير، فتجده يصور كلَّ ما بدا له حتى ربما بلغ به الحال إلى تصوير عائلته ومقتنياته الخاصة التي لا يرغب ولن يرضى في أن يشاهدها غيره، فيفاجأ بعد تخلصه من تلك الصور والملفات لصيانة الجهاز أو بيعه أنه بإمكان الطرف المقابل استرداد جميع الملفات والصور حتى وبعد الحذف و بتقنية متيسرة، فكم جلب ذلك التساهل ابتداء من أمراض نفسية ومصائب اجتماعية يندى لها الجبين ويعتصر لها القلب، وقد أمرنا الباري بأخذ الحذر وتوخي وسائل السلامة في شؤوننا كلها قال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم).
ومن ذلك أيضاً التهاون في تبادل عناوين البريد الالكتروني الخاصة أو ما يسمى (بالكود) بين الأبناء والبنات مما يسهل على الطرف الآخر إرسال ما أراد من صور ومقاطع وملفات بعيداً عن عين الرقيب واطلاع المتابع، وقد يستخدمه آخرون عن طريقهم لأغراض مشبوهة ومقاصد رذيلة، فلننبه أولادنا بالمحافظة على العناوين الخاصة وعدم إفشائها إلا لأشخاص موثوقين وفي دائرة ضيقة،حتى لا يتسع الخرق على الراقع ويحصل ما لا تحمد عقباه، وقل مثل ذلك في غرف المحادثة الالكترونية المسماة (بالدرداشة) والتواصل المباشر بتقنية الكتابة وتبادل الصور والملفات.
ومن ذلك أيضاً.. ترك الحبل على الغارب ببقاء تلك الأجهزة مفتوحة وميسرة بين يدي الأبناء والبنات جميع الأوقات في التنقل بين برامجها المتنوعة وتطبيقاتها المختلفة ،مما يؤثر سلباً على الجسم من خلال ضعف البصر وتقوس الظهر ، ويورث العدوانية وربما الصرع وشد الأعصاب عند التفاعل مع بعض البرامج والألعاب ، ويقلل الجلوس مع الوالدين والأهل، ويضعف القدرة على التواصل مع الآخرين والحديث معهم ، فضلا عن تدني المستوى الدراسي للطالب وضياع الأوقات هدرا فيما لا ينفع وربما عادت عليه بالضرر.
ومن ذلك أيضاً..التساهل في الاشتراك مع القنوات الفضائية المفتوحة أو البرامج المحذورة التي يمكن مشاهدتها من خلال الجهاز المحمول ، وقد تشتمل تلك القنوات أو البرامج على محاذير الشرعية أو مخالفات قانونية أو تجاوزات تربوية مما ينمي ضعف الوازع الديني والتمرد الخلقي مع مرور الوقت ، ويحصل كل هذا على وجه العزلة والانكفاء الشخصي الذي يكون الشيطان والنفس الأمارة بالسوء أقوى تأثير من حال الاجتماع ومشاهدة الآخرين معه في مكان عام، فلنبعد أنفسنا ونحفظ أبناءنا عن كل ما يسوء ويخدش الحياء لنبقى أصفياء القلوب مستحضرين اطلاع علام الغيوب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين صلى أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى.
عباد الله.. إن هذه التقنية المتقدمة والأجهزة الذكية منها سلاح ذو حدين إن أحسنا استعمالها عادت علينا وعلى أولادنا بالخير،وحققنا بها العوائد الربحية المباركة بإذن الله في ديننا وقيمنا وأخلاقنا وتقدمنا، فهي آلة العصر ولغة التواصل،حيث لا يمكن الاستغناء عنها ،والاكتفاء بغيرها دونها،إلا أن هذا لا يمنع من تقنين استخدامها وترشيد استعمالها خاصة مع الجيل الصاعد ليأخذوا خيرها وينهلوا من جنى نفعها ، ويسخروا جهدهم فيما ينفع ويعود عليهم بالخير والنماء ،مع غرس مراقبة الله تعالى في نفوسهم واستحضار قوله سبحانه (ألم يعلم بأن الله يرى) والتواصل معهم بين الفينة والأخرى ومتابعتهم فيها، فالنفس أمارة بالسوء وشياطين الإنس لن يألوا جهدا في ضلالهم وإضلالهم،والنفوس مجبولة على روح المغامرة والاطلاع على كل ما هو جديد فضلا عن كل ما هو ممنوع،إلا إذا وجهت تلك الرغبة ووجد البديل الصالح النافع حفظنا الله وإياكم من كل مكروه وجنبنا كل سوء
هذا وصلوا..
المرفقات

105.doc

105.doc

المشاهدات 13672 | التعليقات 1

الموضوع في أصله موفق والحاجة إليه قائمة وملحة حقيقة ...
ولكن عندي أنك أطلت النفس في وصف هذه الأجهزة وواقعها وحاضرها وماضيها وكأنه تقرير .... مجرد رأي !!!