خطباؤنا و ظاهرة اللحن

أبو عبد الرحمن
1430/10/08 - 2009/09/27 08:26AM
خطباؤنا و ظاهرة اللحن

الحمد لله و كفى و الصلاة و السلام على حبيبه المصطفى و على الآل و الصحب الكرام و من سار على نهجهم وأثَرَهُم اقتفى, أما بعد :
(ف) لقد انتشرت ظاهرة اللحن على ألسن الناس , و لكن المشكلة تكمن في تفشي هذه الظاهرة بين أصحاب المنابر و خطباء الجمع و الوعّاظ و المرشدين و من لهم صوت مسموع في المجتمع .
حتى أصبح البعض خاصة في يوم الجمعة يترك المسجد المجاور لمنزله و يذهب لمسجد آخر ربما يكون بعيداً عنه و ذلك تفادياً لما يقع فيه بعض الخطباء من اللحن أثناء الخطبة .
و قد لاحظت هذه الظاهرة عند كثير من الخطباء و الدعاة سواءً على المنابر أو في الأشرطة الإسلامية حتى عددت على أحدهم في محاضرة مدتها ساعتين تقريباً ما يقارب الخمسين خطئاً في اللغة , إما برفع منصوب أو نصب مجرور أو غير ذلك .
و للأسف فإن هذه الظاهرة لم تُعطُ حقّها من الاهتمام , لا أدري ما السبب , ربما أن من يخطئ لا يدرك هذا الخطأ ! و إن كان كذلك فأين الألوف ممن يستمعون لهذه الخطب و المواعظ ألم يفطنوا لبعض هذه الأخطاء ؟!
قبل أيام استمعت لأحد البرامج الإذاعية , و كان الحديث حول أهمية خطبة الجمعة و عن دور الخطيب و الصفات التي يجب أن يتحلى بها حتى يكون خطيباً ناجحاً , أذكر أن البرنامج أتى على كل صغيرة و كبيرة ينبغي أن يدركها خطيب الجمعة , لكنه لم يهمس ببنت شفة عن أهم صفة ينبغي أن يلتزم بها الخطيب و هي الإلمام بمبادئ اللغة العربية , فلم يتعرض مقدم البرنامج و لا الضيف لشيءٍ من هذا القبيل .
و للأسف فإن هذه الأخطاء ليست أثناء الخطبة أو المحاضرة فقط بل حتى أثناء دعاء القنوت في رمضان , فقد صليت خلف أحدهم و عندما رفع يديه كدت أقطع صلاتي و أخرج من المسجد لكثرة الأخطاء اللغوية .
بل تجاوز الأمر ذلك إلى أن يخرج شريط مدته تقارب الساعتين يتكلم فيه المحاضر عن موضوع ديني و اجتماعي و قد عددت له ما يقارب الخمسين خطئاً كما أسلفت .
فيا ترى من المسؤول عن هذه الظاهرة ؟
أهو الشخص نفسه ؟ أم وزارة الشؤون الإسلامية ؟ أم أفراد المجتمع ؟
لا شك أن المسئولية مشتركة بين الجميع , فعلى الخطيب أن يُمكِّن نفسه لغوياً كما و علمياً , و على الجهات المختصة أن تعقد دورات و محاضرات في اللغة العربية حتى تصلح ذلك الخلل , كما ينبغي أن تعقد اختباراً في اللغة قبل أن تُولِّي أيّ شخص هذه المسئولية العظيمة , كما أن أبناء المجتمع عليهم دور تنبيه الخطيب و الواعظ و المتكلم إن لحن و عليه أن يتقبل منهم .
يعلم الله أني لا أقصد بهذه الكلمات أن أتهجم على أحد أو أقلل من شأنه , فلا شك أن خطبائنا و مشائخنا هم نواة المجتمع و حراس سفينته من الغرق , فما هي إلا زفرات و آهات غيرةً على اللغة من الضياع فما عزّت لغة قوم إلا عزّوا و ما ذلت إلا ذلّوا و خابوا , كما أنها محاولة لإصلاح شأن المجتمع .
فالله اسأل أن ينفعني و ينفعكم بما كتبت , و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .
(من يراع أنس بن عبد الله - شبكة الفصيح)
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=35134&highlight=%CE%D8%C8%C7%C4%E4%C7

(تنبيه : لم يسلم كاتب الموضوع من اللحن والخطأ في الأسلوب والإملاء في عدة مواضع وهذا دليل على استيلاء النقص على جملة البشر فرفقا بإخوانكم )
المشاهدات 3483 | التعليقات 1

ما ذكره الكاتب من كثرة الخطأ بين الخطباء والمتكلمين أمر لا ينكره إلا جاهل باللغة فعلاً أو متساهل لا يهمه أمرها .


ومع أن الكمال محال ، إلا أن طلب القدر الممكن منه متعين على من صعد المنبر فخطب أو تقدم فأم الناس .


ومع إيماننا بكثرة أسباب انتشار الخطأ وتعدد عوامل فشو اللحن وتداخلها ، إلا أن للمتلقي دورًا كبيرًا في استساغة الملقي للخطأ وعدم تحرجه من تكراره ، فلو أن هذا الملقي كلما نزل من منبره وجد من يصوبه ويصحح مسيرته اللغوية ، ويقول له هذا خطأ فاحش ، وذاك لحن جلي ، وهذه سقطة ، وتلك ورطة ، وحبذا لو أبدلت بهذه الكلمة أفصح منها ، أقول : لو أنه وجد ذلك لنال من هذا التصحيح قدرًا كبيرًا من الفائدة ولاضطر إلى أن يبحث بنفسه عن الصواب ويدقق في الخطاب .


وكم استفدنا ممن صلى خلفنا واستمع لنا من تصويبات وتصحيحات !! ولو شاء بعضنا لعد أخطاءه واحدًا وحدًا ، ولتذكر أولئك المخلصين الموفقين ممن لم يمنعهم حياء ولا وجل من بذل النصيحة وإرجاع المخطئ إلى الجادة .


ومن ثم فإن المسؤولية على من آتاه الله حسًّا لغويًّا مرهفًا وتمكن من قدر من اللسان يلحظ به الخطأ ، عليه أن يبذل النصيحة بشروطها وآدابها لكل من وجده يخطئ أو يستبدل بالفصيح ما دونه ، وإنا إن فعلنا ذلك وجدنا له أثرًا ، أما الاتكالية والتساهل ، والانخداع ببعض الدعوات المميتة للغة المقللة من شأنها ، فن يزيد الطين إلا بلة ، وإنها لمصيبة أن تروج مثل هذه الدعوات على الخطباء والدعاة والمصلحين والمتكلمين .


فهيا ، ولنكن يدًا واحدة ، وليعن بعضنا بعضًا على إتقان لساننا ، فإن ذلك من حقوق كتاب ربنا علينا .