خصائص يوم الجمعة وفضلها

طلال شنيف الصبحي
1439/02/07 - 2017/10/27 00:58AM

خصائص يوم الجمعة  7 / 2 / 1439ه

الحمد لله جعل يوم الجمعة عيدًا لأهل الإسلام، وأمرنا فيه بذكره والإكثار من الصلاة والسلام على سيد الأنام، أحمده سبحانه وتعالى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله عليه الصلاة والسلام، خيرة خلق الله وقدوة الأنام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين..( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) أما بعد: عباد الله:لقد اختص الله سبحانه وتعالى بعض الأيام بمزيد من الشرف والتفضيل، فكان لها في النفوس الأثر الكبير من الرفعة التكريم، ومن تلك الأيام المباركة من الله جل وعلا يوم الجمعة، يوم عظيم,وموسم كريم, قد ضلت عنه الأمم قبلكم وهداكم الله له.فجعله الله عيدًا للمسلمين، يتكرر عليهم كل أسبوع, وقد ودلت النصوص الصحيحة على أنه خير يوم طلعت عليه الشمس, وأنه اليوم الذي خلق الله فيه آدم, وفيه تاب عليه, وفيه أهبط, وفيه قبض, وفيه تقوم الساعة, وفيه ساعة لا يصادفها عبد مؤمن وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه, والمراد بقوله: "وهو يصلي", أي: أنه في المسجد ينتظر الصلاة. والمراد بساعة الاستجابة: آخر ساعة بعد العصر. وقيل أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة. فكم نحن غافلون يا عباد الله عن هذه الساعة كم نغفل عن عصر يوم الجمعة! أين نحن عنها وعن فضلها؟ أين أصحاب الحاجات؟ أين المرضى؟ أين المضطرون؟ أين التائبون؟ أين أصحاب الهموم والآلام والنوائب والأحزان؟ أين هم عن هذه الساعة؟ أين هم عن التضرع فيها  إلى الله عز وجل. وكان من هدي النبي r تعظيم هذا اليوم, وتخصيصه بعبادات يختَصُّ بها عن غيره: فكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجر الجمعة بسورتي السجدة وهل أتى على الإنسان, لاشتمالهما على خلق آدم وذكر يوم القيامة وحشر العباد. ومن ذلك: استحباب الاغتسال والتنظف والتطيب والسواك ولبس أحسن الثياب, لأنه يوم اجتماع المسلمين, وعيد الأسبوع, فينبغي للمسلم أن يكون على أحسن حال. ومن ذلك: استحباب التبكير بالذهاب لصلاة الجمعة, لقوله r( مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ فَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍأَجْرُ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) رواه أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وغيرهم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه الألباني, وفي هذا الحديث قال بعض الأئمة لم نسمع في الشريعة حديثا صحيحا مشتملا على مثل هذا الثواب, فالله أكبر! كل خطوة إلى الجمعة تعدل صيام سنة وقيامها! فأين السابقون إلى تلك الهبات؟ وأين المتعرضون لتلك النفحات؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم! وفي الصحيحين عن أبي هريرة t أن رسول الله rقال:(من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح. فكأنما قرب بدنة. ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة. ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن. ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة. ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر),وفي رواية عند ابن خزيمة:( فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر ).وبعض الناس هداهم الله لا يدخلون المسجد إلا بعد ما تطوي الملائكة صُحُفَها, وهذا من الحرمان وتثبيط الشيطان.ومن آداب يوم الجمعة استحباب قراءة سورة الكهف, روى الحاكم في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري tأن النبي rقال "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" ومن خصائص يوم الجمعة: أن فيه الخطبة التي هي شرط من شروط صحة الجمعة, وحضورها واستماعها أمر مقصود ومتأكد في حق المصلين,ويُشرَع لمن حضر الخطبة أن يستمع وينصت إليها, فلا يتكلم, ولا يعبث حال الخطبة, ولا يرد السلام, ولا يشمت العاطس, ولا يوجه مَنْ بجانبه فمن قال لصاحبه أنصت فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له, وَمَن دخل والإمام يخطب, فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين خفيفتين, حتى ولو دخل والمؤذن يؤذن للصلاة فإنه ينبغي له أن يصلى ولا ينتظر فراغ المؤذن, كي يتمكن من سماع الخطبة.ومن خصائص يوم الجمعة: صلاة الجمعة التي هي من آكد فرائض الإسلام ومن أعظم مجامع المسلمين. من تركها مرة متعمداً فقد ارتكب موبقة من الموبقات, ومن تركها ثلاث جُمَع بلا عذر, طُبِع على قلبه والعياذ بالله. ومن طبع الله على قلبه عميت بصيرته وساء مصيره، روى مسلم في صحيحه أن رسول الله قال: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين))، ومعنى ودعِهم أي: تركهم الجمُعات أو التخلف عنها وروى الإمام أحمد بإسناد حسن، والحاكم وصححه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه)). أي: ختم على قلبه نسأل الله السلامة والعافية. فاتقوا الله عباد الله، واشهدوا الجُمَع والجماعات، واحذروا من التهاون بها أو التشاغل عن أدائها,أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) بارك الله لي ولكم

الخطبة الثانية

عباد الله: اعلموا أن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى وقد تمت جمعته, ومن بقي عليه أقلُّ من ركعة, فقد فاتته الجمعة, فيدخل بنية الظهر ويصلي أربع ركعات. ومن دخل المسجد فلا يجوز له أن يتخطى رقاب الناس لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك, ولا يجوز له أن يحجز مكاناً في المسجد ويحرم الناس منه, إلى إذا كان قد سبق إلى المكان وجلس فيه, ثم عرض له عارض فقام ثم عاد قريباً فهو أحق بمكانه. ثم اعلموا رحمكم الله أن من أفضل الأعمال الصالحة يوم الجمعة وليلتها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الهدى ، فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن أوس بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ))، وروى البيهقي وغيره بإسناد حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال:(أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة). ويقول الله عز وجل (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً)

 

المشاهدات 883 | التعليقات 0