خذوا زينتكم عند كل مسجد ١٤٤٥
يحيى جبران جباري
#الخطبة الأولى:
الحمدلله تفضل بالطيبات،أحمده سبحانه وأشكره على النعم الوافيات، وأستعينه هو المعين وأستهديه هو الهادي،وأستغفره من كل إثم فات،وأعوذ به من كل ذنب آت،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فاطر الأرض والسماوات، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله وخير البريات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الفوات .
ثم أما بعد: فأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المقصرة بتقوى الله الذي به تؤمنون، في كل ماتقولون وما تفعلون، وكل ماتظهرون وما تبطنون، واحذروا الدنيا التي فيها تحيون، قبل الموت الذي ستلاقون، والقبر الذي فيه تدفنون، واليوم الذي فيه تنشرون، وعلى ربكم تعرضون(﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُم إِنَّ زَلزَلَةَ السّاعَةِ شَيءٌ عَظيمٌ يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾ [الحج: ١-٢]
أيها المسلمون: اعلمو يارعاني ورعاكم رب العالمين أن دينكم كله عظيم،ومن أعظم عظائم هذا الدين، الصلاة، التي هي الركن الثاني من أركانه، والصلة بين العبد وإلاهه،وأعظم أسباب سعادة المسلم في حياته وبعد مماته، وكم وكم أمر الله بها في كتابه ، وآخر ما وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عليه قبل وفاته
( الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم ) ولها نصيب وافر من كتاب ربكم وآياته ( وأقيموا الصلاة ) ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا قُمتُم إِلَى الصَّلاةِ) ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كانَت عَلَى المُؤمِنينَ كِتابًا مَوقوتًا﴾ ]ولذلك كانت المواقع التي تؤدا فيها ، لها خاصيتها ومزيتها وفضلها على غيرها، فهي أحب البقاع إلى الله،وأطهرها في أرض الله، لأن كل مافيها خاص لله ومن أجل الله (﴿وَأَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدعوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨] ) هذه مقدمة، الكل يعي ماحوته ويفهمه، وما سردتها إلا للعلاقة الوطيدة بينها وبين ذكرى مقبلة ، يقول من له الحياة الدائمة ﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ قُل هِيَ لِلَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [الأعراف: ٣١-٣٢] أيها الأحبة: إن المطيع لربه ، المتبع لأمره ، لايأتي إلى صلاته مع جماعة المسلمين في بيوت رب العالمين ، إلا في ملابس نظيفة، ورائحة زكية، بل وزينة، وقد قال العارفون بما نزل في الكتاب المبين ، أن الزينة:هي كل مايضاف إلى الشيء من غير أصله، وهو في ابن آدم ، اللباس ، والطيب، وكل ما يجعل الشكل للناظر يطيب،فنظافة الجسم، والملبس، وحب الطيب ،أمر فطري،والشذوذ عكسه،وهو على كل حال مطلوب،ولقاصد بيت الله جاء ذلك بالتأكيد، فمن يعرف للصلاة فضلها،ولبيوت الله قدرها وللملائكة والجماعةحقها، لن يأتى إليهم وإليها، إلا وقد طهر نفسه ونظفها، وأخذ من الثياب أحسنها، وإن تيسر له طَيبها، ومن يرى بأن ذلك من الكِبر،فقدخالف الدليل والحق أنكر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم. وأفضل حالات الجمال، عندما تكون طاعة لذي العزة والجلال، وعلى المسلم أن يعلم بأن لبيوت الله عماراً من الملائكة والجن، كما لها عمار من الإنس وكلهم يتأذون مما يتأذى منه ابن آدم، ولذلك جاء النهي عن الذهاب إلى المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلا ، فكيف بمن كان متسخاً نتنا،فهذا ولاشك من باب أولى، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:مَن أكَلَ ثُومًا أوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا) رواه البخاري. وهذا ومثله،من الأمر والنهي، مما تهاون به الناس في هذا الزمان،والله المستعان،وقد اشتكت نفسي لنفسي في رمضان الماضي،من شخص كان بجواري،دخل في الصلاة بعدي، لولا الخشية من أن يحمل عليَّ في نفسه ، لقطعت صلاتي وانتقلت من جواره، بسبب رائحة نَفَسِه،وكم في مساجد المسلمين من أمثاله، ليس تعمدا،وإنما جهلاً وربما تهاونا، وصنف آخر ، أدنى من ألاول حكما، وأكثر عددا، وهم أناس يذهبون للمسجد بلباس مبتذل ، ينأى به عن كل مناسبة ومحفل ، ويلبسه لبيت الله عز وجل ،وهذا الصنف دائما متواجد،ولا أقول بعدم صحة صلاة هؤلاء، إنما أقول : بأنهم لم يطبقوا ما أمر به باسط الأرض ورافع السماء كما جاء. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾ [الأعراف: ٣١] أقول ماتسمعون وأستغفرالله العظيم الجليل الكريم لي ولكم ولسائرالمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات من كل ذنب فاستغفروه إنه هوالغفورالرحيم.
#الخطبة الثانية:
الحمدلله عظَّم في أرضه المساجد ، أدوم له شاكر حامد، وبالالوهية له وحده شاهد،وبالرسالة لعبده محمد من جمع المحامد، صلى الله وسلم عليه مادام ملك لله في السماء ساجد،وبعد يامن على مايسمع شاهد، اتق الله فمن اتقاه ذاك هو الراشد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَكُم فُرقانًا وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾ [الأنفال: ٢٩] عبادالله: إن المسلم الحق ، هو من استسلم لأمر الله ، وأتى بالمطلوب كما قال الله،وكما وجه به رسول الله ، وأخذ الزينة عند الذهاب لبيوت الله ، من تعظيم شعائره، وقدقال في ذلك سبحانه(﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾ [الحج: ٣٢]) فالتزموا عند ذهابكم لبيوت ربكم ، بالنظافة التامة ، والملابس الحسنة، والرائحة الطيبة، فإن لذلك وقعه في بيوت الله وأثره، أسأل الله لي ولكم من العمل أصلحه وأحسنه واخلصه.
ثم الصلاة والسلام أكمله ** على الذي ربي بوصف كمله ** مالهجت ألسننا بالبسملة.
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.