ختام شهر رمضان المبارك 23/ رمضان / 1436هـ

محمد البدر
1436/09/23 - 2015/07/10 07:38AM
[align=justify]الْخُطْبَةُ الْأُولَى :
أما بعد عباد الله : قال تعالى:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }.
عباد الله :اجْتَهِدُوا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي المُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ اللَّيَالِي، فقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْيِيهَا وَيَعْتَكِفُ فِيهَا الْتِمَاسًا لِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا تُفْلِحُوا قال تعالى :{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} بقيت أيام وليلٍ ونودع هذا الشهر المبارك ولعلها تكون آخر خطبة في رمضان ، وقد أحسن فيه أناس وأساء آخرون، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يتجاوز عنا وعنكم وأن يعيننا على تمامه وحسن العمل فيه .
عباد الله:لقد شرع لكم مولاكم في ختام شهركم أعمالاً عظيمة، فمن هذه الأعمال صَدَقَةِ الْفِطْرِ ( زكاة الفطر ) يخرجها المسلم شكرا لله على نعمة التوفيق لصيام رمضان وقيامه إضافة إلى ذلك ففيها إحسان إلى الفقراء و المحتاجين وكف لهم عن السؤال أيام العيد ،ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورِهم ، ويكون العيد للجميع وتجب زكاة الفطر على كل نفس من المسلمين ، غربت عليها شمس آخر يوم من رمضان وهي حيَّة .
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أما مقدارها فقد ورد تحديده في حديث أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ حين قال:«كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أما الجنين الذي في بطن أمه فلا تجب عليه الزكاة وإن زكي عنه فهو أفضل لفعل عثمان رَضِي اللَّهُ عَنْهُ ،ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بل يجب أن تكون طعاما يؤكل يخرج من غالب قوة أهل البلد، فإخراجها نقدا فيه مخالفة لأمر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي يقول :« مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ومما شرعه الله في نهاية هذا الشهر المبارك التكبير :ابتداءً من غروب شمسِ آخر يومٍ من رمضان إلى حضور الإمام إلى مصلى العيد وصفة التكبير (اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ) ويستحب جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت .
ومما شرعه الله في نهاية هذا الشهر صلاة العيد ، والتي هي فرض عين على الرجال الأحرار وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله ، ولا يجوز التخلف عنها إلا بعذر كمرض أو سفر أو غير ذلك وحكمها حكم صلاة الجمعة .
فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ : «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ومن السنة : الخروج إلى المصلى خارج البنيان فإن لم يوجد فإلى المسجد ،فإذا وصل المصلى جلس ولم يصلي لأنه وقت نهي لا تجوز فيه النافلة ،وفي حال جلوسه يسن له التكبير ،حتى يخرج الإمام ويمكن له أن يقرأ القرآن أو يذكر الله بالأذكار المختلفة وعلى المسلمين أن يحذروا من التكبير الجماعي الذي أحدثه المبتدعة حيث يكبر منهم واحد والناس له تبع يكبرون بالألحان وبصيغ لم ترد في الشرع وهم لا يفقهون من تكبيرهم شيئا .ويسن للمسلم أن يفطر على تمرات ، قبل خروجه إلى المصلى، ويستحب أن تكون وترا واحدة أو ثلاثا أو خمسا ، فعَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
ومن البدع أخذ التمر إلى المسجد وأكله بعد الخطبة.
ومن السنة في العيد أن يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا» رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.
ويُسن إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِى أَخَذَ فِيهِ ،فعَنْ جَابِرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ومن السنة إظهار الفرحة بالعيد لا تخلصا من العبادة ، ومن مظاهر الفرحة لبس الجديد من الثياب أن أمكن ، وإدخال السرور على الأطفال والأرحام والأصدقاء ، وكذلك إدخال السرور والفرح على اليتامى والفقراء والمساكين .أَقُولُ قَوْلِي ...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
ومن الملاحظ توجه بعض الناس إلى المقابر بعد الفراغ من صلاة العيد فما حكم الشرع في هذا العمل؟ يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله: هذا العمل بدعة لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يعتاد زيارة القبور في يوم العيد وإنما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بزيارة القبور أمراً مطلقاً عاماً فقال عليه الصلاة والسلام (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا ) فينبغي للإنسان أن يزور القبور كل وقت سواء في الليل أو في النهار وليس ذلك مقيداً بوقت من الأوقات لا في يوم الجمعة ولا في يوم العيد .
ألا وصلوا عباد الله ...
[/align]
المشاهدات 1409 | التعليقات 0