ختام رمضان-25-9-1442هـ-مستفادة من خطبتي الشيخين محمد الشرافي ومنصور الصقعوب

محمد بن سامر
1442/09/25 - 2021/05/07 03:24AM

ختام رمضان-25-9-1442هـ-مستفادة من خطبتي الشيخين محمد الشرافي ومنصور الصقعوب

    إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.

"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد: فيا إخواني الكرام:

تمرُّ الأيام مرًا، وتمضي الشهور ركضًا، وتطوينا الأوقات طيًّا؛ نستقبل وجه الصباح فإذا بنا في المساء، ونُحَيِّي مطلع الشهر فإذا بنا في آخره.

اليومَ آخرُ جمعةٍ من رمضانَ، نودع شهرًا سيعودُ، لكنّ منا من سيموتُ قبلَ أن يدركَه.

فهنيئًا لمن أحسنَ فيه، وأما منَ قصرَ فيه ففيه بقيةٌ، والأعمالُ بالخواتيم، وأشرفُ كُلِّ زمانٍ فاضلٍ آخرُه.

أيها المبارك: حين ترى اللهَ وفقك للخيرِ، وبلّغك آخرَ الشهرِ فاحمدْ اللهَ-سبحانه-أن وفقكَ، ودلَّكَ على الخيرِ، فما عملتَ إلا بتوفيقِهِ، فالمنةُ والفضلُ للهِ لا لكَ، فلولا اللهُ ما اهتديتَ، ولا صمتَ ولا صليتَ "وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا"، "بلِ اللهُ يـَمُنُّ عليكم أنْ هداكم للإيمانِ".

والأعمالُ ليست بكثرتِها ولا بصورِها، بل بقبولِ اللهِ لها، فلا تَمَلَّ أنْ تسألَ اللهَ-جلَّ وعلا-أن يقبلَ عملَك الصالحَ، ولا يَكِلَك إلى نفسِكَ، والموفقُ من يعبدُ اللهَ وهو خائفٌ مشفقٌ أن تُرَدَّ أعمالُه ولا يُلتَفتُ لِقُرُباتِهِ، "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ*أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ".

قالَ عليُ بنُ أبي طالبٍ-رضيَ اللهُ عنه-: "كونوا لقبولِ العملِ أشدَّ اهتمامًا منكم بالعملِ، ألم تسمعوا إلى قولِ اللهِ-عزَّ وجلَّ: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ"، وأهلُ الجنةِ كانوا خائفينَ مشفقينَ من ردِ أعمالِهم وعدمِ قبولِها، "قالوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ*فمَنَّ اللهُ علينا ووقانا عذابَ السمومِ".

ومع هذا-يا مباركُ-فالمؤمنُ يـُحْسِنُ الظنَ بربِهِ، واللهُ عندَ ظنِّ عبدِهِ بهِ، فيا من رفعتَ الأكفَ بالدعواتِ أحسن الظن باللهِ أنه سيجيبُها أو يصرفُ عنك من السوءِ مثلَها، أو يدَّخِرُها لك في الآخرة.

يا من صمتَ نهارَك، وقمتَ ليلَك، واتقيتَ ربَّك، أحسن الظن باللهِ أنه يقبل طاعاتك، واسألْهُ أنْ يتقبلَ منك، فـ "إنما يتقبلُ اللهُ من المتقينَ".

     وليُعلمْ أنه يُشْرَعُ لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ: هِيَ: زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَالتَّكْبِيرُ، وَصَلَاةُ الْعِيدِ.

     فَأَمَّا الأولُ وهو زكَاةُ الْفِطْرِ: فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ-واجبةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ-تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ.

     وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيبدأُ وقتُ إِخْرَاجِها، وَالأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعِيدِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَلا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلا تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ.

     وَأَمَّا الْحِكْمَةُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ: فَهِيَ التَّعَبُّدُ للهِ، وَالاتِّبَاعُ لِلنَّبِيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-، وَطُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ-المعاصي والسيئاتِ-، وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَدٌّ لِجُوْعِهم.

     وَأَمَّا مِقْدَارُهَا، وَمِنْ أَيِّ الأَشْيَاءِ تُخْرَجْ؟ فَيُبَيِّنُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-حَيْثُ قَالَ: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ".

     وَعَلَى هَذَا فَتُخْرَجُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ الذِي يَأْكُلُونَهُ عَادَةً، وَالْغَالِبُ-عِنْدَنَا-أَنَّ النَّاسَ يَأْكُلُونَ الرُزَّ أَوِ الْبُرَّ، فَيُخْرَجُ صَاعٌ مِنَ الرُزِّ أَوِ الْبُرِّ الوسطِ الجيدِ عَنْ كُلِّ شَخْصٍ، يُخرجَ الـمُزَكِّي عن كلِّ فردٍ من أفرادِ أسرتِه صاعًا-أربعةَ أمدادٍ: أربعَ حفناتٍ بيديه-وهو أسهلُ وأيسرُ.

     ثَانِيًا: مِمَّا يُشْرَعَ لَنَا فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ: التَّكْبِيرُ، قَالَ اللهُ-تَعَالَى-: "وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"، وصفته: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.

     وَالْمَقْصُودُ مِنَه تعظيمُ اللهِ وتمجيدُه عَلَى مَا مَنَّ بِهِ وَيَسَّرَه مِنْ إِكْمَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهَذَا التَّكْبِيرُ مُطْلَقٌ في كلِّ وقتٍ، وَلَيْسَ مُقَيَّدًا بِالصَّلَوَاتِ، ووَقْتُهُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ، وَلا يُشْرَعُ بَعْدَهَا.

أستغفر اللهَ لي ولكم وللمسلمين...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ ثَالِثَ مَا يُشْرَعُ لَنَا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ: صَلاةُ العِيدِ، وَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ، مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينَ تَعَبُّدًا للهِ، وَاتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-.

وصَلاةِ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ عَلَى كلِّ رجلٍ قادرٍ من الرِّجَالِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، قالت أُمِّ عَطِيَّةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيِّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيِّضُ اَلْمُصَلَّى"، وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ وَلَا مُتَزَيِّنَةٍ.

وَمِنْ سُنَنِ عِيدِ الفطرِ: أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ تَمْرَاتٍ أَفْرَادًا: ثَلاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-لاَ يَخرجُ لصلاةِ عيدِ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا.

وَمِنْ سُنَنِه: أَنْ يَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابَهُ، وَأَنْ يَتَنَظَّفَ ولو اغتسلَ فهو أحسنُ، وَيَتَطَيَّبَ، وَأَنْ يُخَالِفَ الطَّرِيقَ فَيَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ آخَرَ.

وأولًا وأخيرًا، ودائمًا وأبدًا يجبُ أَنْ يُحَافِظَ الْمُسْلِمُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ على التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ، فَإِنَّها مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ وَأَمَرَ بِه، قَالَ اللهُ-تَعَالَى-: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وقَالَ اللهُ-تَعَالَى-الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: "يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ".

وَقَدْ أَمَرَ اللهُ بالاستغفارِ بعد الانتهاءِ من العبادةِ، ففي الحجِ قَالَ: "ثم أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وَثَبَتَ عَنْ النبيِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-أَنَّهُ إِذَا انْتَهَى مِنْ صَلَاةِ الفَرِيْضَةِ اسْتَغْفَرَ اللهَ ثلاثَ مراتٍ، ويفرحُ اللهُ بتوبةِ عبدِه أكثرُ من فرحِ من فقدَ دابته في الصحراءِ ،وعليها طعامُه وشرابُه وكلُ ما يحتاجُه، فبحثَ عنها فلم يجدْها فيئس منها واستسلمَ للموتِ، ثم وجدها فقالَ وأخطأَ من شدةِ الفرحِ: "اللهم أنتَ عبدي، وأنا ربُك".

لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا اللهُ ربُ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُ السماواتِ وربُ الأرضِ وربُ العرشِ الكريمِ، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كنا من الظالمينَ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ، وأصلحْ بطانتَهم، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اهدنا والمسلمين لأحسن الأخلاق والأعمال، واصرف عنا وعنهم سيئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمهم واجعلهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمين، اللهم إنَّا نسألُك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ، اللهمَ اسقنا وأغثنا(ثلاثًا).

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ وأنبياءِ ورسلِه وآلِهِ وصحبِهِ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1620357880_ختام رمضان-25-9-1442هـ-مستفادة من خطبتي الشيخين محمد الشرافي ومنصور الصقعوب.docx

1620357885_ختام رمضان-25-9-1442هـ-مستفادة من خطبتي الشيخين محمد الشرافي ومنصور الصقعوب.pdf

المشاهدات 703 | التعليقات 0