ختام رمضان واستقبال العيد 26 رمضان 1437 هـ

مبارك العشوان
1437/09/25 - 2016/06/30 18:05PM
إن الحمدَ للهِ...أما بعدُ: فاتقوا الله... مسلمون.
عبادَ الله: اعتبروا بِمُرُورِ الأيام، وَتَقَضِّي الشُهورِ والأعوام واعلموا أنَّكمْ مُذْ خُلِقتُمْ في سَيْرٍ حَثِيْثٍ، مُنتهاهُ نَعِيمٌ للأتقياء وجحيمٌ للأشقياء: ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود 106 ـ 108 اللهم إنا نسألك من فضلك ونعوذ بك من عذابك.
عبادَ الله: لم يبقَ من شهرِكم إلا ثلاثَ ليالٍ أو أربع، وهيَ وإنْ كانت قليلة؛ إلا أنها بالخيراتِ مَلِيئة، وبالبركاتِ حَرِيَّة، فَتَدَارَكُوا ما بَقِي، استمرُّوا على الإحسانِ، والزموا طاعةَ الرحمن، وَسَلُوهُ تعالى القبولَ والغُفران.
ثمَّ خُذوا مِنْ شهرِكُم دُرُوساً في حُبِّ الطاعاتِ وَإِلْفِهَا، والجَلَدِ والصبرِ عليها، وكذا في كُرْهِ المعاصي والتَّوَحُشِ مِنها والصَّبرِ عنها، أنيبوا أيُّها الناسُ لِرَبِّكُم واستغفروه، تُوبوا إليهِ تعالى؛ فَهُوَ يُحِبُّ التوابين، ويغفرُ ذنوبَ المذنبين؛ جاءَ في الحديثِ القدسي أنَّ اللهَ تعالى يقول: ( يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكمْ ...) الحديث رواه مسلم. فإذا انقضى رمضانُ عباد الله: وقد رَوَّضَ النفوسَ على الخيرِ فلا تَرُدُّوها بَعْدُ إلى الشر، فإنهُ لا يَحْسُنُ بِمُسلِمٍ، أو يَلِيقُ بِهِ أن يَزْهَدَ في القُرُبَاتِ، ويتجرأُ على المحرماتِ لانقضاءِ مَوسِمٍ مِنَ المواسم. ثم لْتحرصوا كُلَّ الحرص أن يبقى لرمضانَ أثرٌ في حياتكم، وأنْ تكونوا بعدَهُ خيراً منكم قبله.
عبادَ الله: ثمَّ لْتعلموا رَحِمكمُ اللهُ أنَّ اللهَ شَرَعَ لنا في خِتامِ شهرِنا عباداتٍ جليلة؛ بِها تَزْكُوا النفوس، و بِها تَكْمُلُ العِبَادَاتِ؛ فَشَرَعَ سبحانهُ زكاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً للصائمين، وَطُعْمَةً للمساكين، وهي فريضةٌ على كُلِّ مسلمٍ يَجِدُ مَا يَفْضُلُ عن قُوْتِهِ وَقُوْتِ عِيالِهِ يومَ العيدِ وليلته؛ يُخرِجُها عن نفسهِ وعن مَنْ تلزَمُهُ مَؤُونَتُهُم مِنَ المسلمين، ولا تَجِبُ عنِ الحَمْلِ الذي في البطنِ إلا أنْ يُتَطَوَّعَ بها، وَلْيَحْرِصِ المسلمُ وَلْيَجتهِد في إيصالها لمستحقها.
أمَّا جِنسُها فقال أبو سعيد الخُدْرِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ: ( كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ ) متفق عليه.
تُخرَجُ مِنْ طعامِ بني آدم، ومن ذلكَ: الأُرُزِّ والبُرِّ ونحوها.
طِيبُوا بِهَا نفساً، ولْتُكُن مِنَ الجيد الذي تُحِبُّونَ؛ لِتنالوا البِرَّ في قولِهِ تعالى: { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }آل عمران92 ووقتُ إخراجِها: صباحَ العيدِ قبلَ الصلاة، وهوَ أفضلُ، ويجوزُ قبلَ العيدِ بيومٍ أو يومين، ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ بِلا عُذْرٍ، فإنْ أخرَّها مِنْ غيرِ عُذرٍ أَثِمَ وعَلَيهِ التوبةُ والاستغفارُ، ويلزمُهُ إخراجُها قضاءً.
أمَّا مقدارُها فهو صاعٌ عن كلَّ واحدٍ من المسلمينَ، وهوَ بالوزنِ ما يُقارِبُ ثلاثة كيلوات.
عباد اللهَ: ومما شُرعَ لنا في ختامِ شهرِنا التكبير: ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) ويجوز غيرها من الصفات، ووقتهُ من غروبِ الشمسِ ليلةَ العيدِ إلى صلاةِ العيد، قال الله تعالى: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة:185
فلتجتهدوا وفقكم الله في إحياء هذه السنة، ولتجهروا بها ولترفعوا أصواتكم مكبرين في بيوتكم وأسواقكم ومساجدكم، شكراً لربكم، وإظهاراً لشعيرة من شعائر دينكم.
بارك الله لي ولكم في القرآن ...


الخطبة الثانية:
الحمد لله...أما بعد: فينبغي لنا ونحنُ نستقبلُ العيدَ، ونستعدُّ لهُ أنْ نجعلَهُ فرصةً لتصفيةِ قلوبنا من البغضاءِ والأحقادِ؛ مَنْ كانَ بينهُ وبينَ قريبٍ أو بعيدٍ من المسلمينَ شحناءَ فليبادِر بإزالتِها، لِيُبادِر بالعفوِ والصفحِ، فاللهُ تعالى عفوٌ يحبُّ العفوَ، مَنْ كانَ هاجراً لمسلمٍ، مَنْ كانَ قاطعاً لرحمٍ، أقبَلَ العيدُ فاتقوا اللهَ وأصلِحُوا ذاتَ بينِكم: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الحجرات 10
عبادَ الله: لا تجعلوا عيدَكم عُذراً، ومُبَرِّراً لارتكابِ المُخالفاتِ الشرعية؛ سواءً فيما يتعلقُ بالزينةِ، أو ما يتعلقُ بالأغاني وسماعِها، أو ما يتعلقُ بالتبذيرِ والإسراف.
عبادَ الله: وفي ليلةِ العيدِ وأيامِهِ يكثُرُ إطلاقُ الألعابِ الناريةِ وعبثُ الأطفالِ بها، ولا يَقْوَى أحدُنا أنْ يمنعَ أولادَه منها، بِحُجَةِ أنها أيامَ عيد..! وَهَلْ أيامُ العيدِ تدفعُ أضرارَ هذهِ الألعاب، أليسَ لنا في غيرِنا عبرة..! كَم مِنَ الأطفالِ كانت أيامُ عيدِهِ على سريرِ المستشفى، إصابةٌ في عينهِ، أو حروقا في جسدِه.
ثمَّ كم يضيعُ مِنَ المالِ في شرائِها؛ وقد كَرِهَ اللهُ لنا إضاعة المال. وكم يحصلُ بها من إيذاءِ الناسِ وترويعهم.
فاتقوا الله: وارعوا ما حُمِّلتُم من الأمانة.
عباد الله: ونحنُ نستقبلُ العيدَ، ونستعدُّ له فعلينا أن نعلم أنه لا ينبغي لمكلفٍ من الرجالِ الأحرارِ المستوطنين أن يتخلفَ عن صلاة العيد.
واعلموا أن من آدابها: التجملُ وأخذُ الزينةِ بالاغتسالِ والطيبِ ولُبسِ أحسنِ الثيابِ دونَ إسرافٍ ولا كِبرياءٍ، ولا مُخالفةٍ للسنة. أمَّا المرأةُ فتخرجُ إلى المُصلى غيرَ متطيبةٍ ولا متبرجةٍ بزينة. ومن الآدابِ ما روى أنس رضي الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَقَالَ مُرَجَّأُ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا ). رواه البخاري. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا غدا يومَ الفطرِ ويومَ الأضحى يجهرُ بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام فيكبر بتكبيره ).
ومنها: أنْ يذهبَ إلى الصلاةِ من طريقٍ ويرجعَ من طريقٍ آخر.
نسأل الله تعالى لنا ولكم القبول، وأن يختم لنا شهر رمضان بالرضوان والعتق من النيران.
اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا...
عباد الله صلوا وسلموا ... اذكروا الله العظيم...
المشاهدات 1090 | التعليقات 0