( خِتَامُ رَمَضَانَ وَاسْتِقْبَالُ العِيدِ ) 1446

مبارك العشوان 1
1446/09/27 - 2025/03/27 08:09AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَالِاعْتِبَارِ بِسُرْعَةِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، وَالشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ.

وَهَكَذَا هِيَ أَعْمَارُنَا؛ تَمْضِي سَرِيعًا، وَتَنْقَضِي جَمِيعًا؛ وَلَا يَبْقَى إِلَّا مَا قُدِّمَ فِيهَا.

قَبْلَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِبَعِيدٍ؛ اسْتَقْبَلْنَا هَذَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ؛ الشَّهْرَ المُبَارَكَ؛ الَّذِي مَنْ صَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ وَمَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ وَفِيهِ لَيْلَةُ القَدْرِ؛ وَمَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

الشَّهْرَ المُبَارَكَ؛ الَّذِي فُتِّحَتْ فِيهِ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ.

ثُمَّ هَا نَحْنُ فِي خِتَامِ شَهْرِنَا، وَقَدْ عَرَفَ قَدْرَهُ مُوَفَّقُونَ  فَتَزَوَّدُوا مِنْ تَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ فَعَكَفُوا عَلَى طَاعَتِهِ  وَاجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ، حَفِظُوا صِيَامَهُمْ عَنِ المُفَطِّرَاتِ  وَجَوَارِحَهُمْ عَنِ المُحَرَّمَاتِ.

لَازَمُوا صَلَاةَ اللَّيلِ؛ وَقِرَاءَةَ القُرْآنِ، وَلَزِمُوا ذِكْرِ اللهِ.

أَطْعَمُوا الطَّعَامَ، وَفَطَّرُوا الصُّوَّامَ، وَوَصَلُوا الأَرْحَامَ.

فَهَنِيئًا لِهَؤُلَاءِ تَوْفِيقُ اللهِ لَهُمْ؛ وَهَنِيئًا لَهُمْ جَزَاءُ أَعْمَالِهِمْ.

عِبَادَ اللهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ لِهَذَا الشَّهْرِ حَقَّهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْهُ قَدْرَهُ؛ ثَقُلَتْ عَلَيهِمْ أَيَّامُهُ؛ فَأَهْدَرُوهَا فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ حَتَّى عَنْ صَلَوَاتِهِمْ.

وَثَقُلَتْ عَلَيهِمْ لَيَالِيهِ؛ فَأَهْدَرُوهَا فِي لَهْوٍ وَلَعِبٍ.

وَهَا هُوَ رَمَضَانُ يَرْتَحِلُ عَمَّنْ غَنِمَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهُ؛ وَمَنْ أَحْسَنَ فِيهِ وَمَنْ أَسَاءَ.

فَاحْمَدِ اللهِ أَيُّهَا المُحْسِنُ، وَاسْتَمِرَّ فِي إِحْسَانِكَ، وَتَزَوَّدْ مِنْ صَالِحِ العَمَلِ، وَلَا تُعْجَبْ بِنَفْسِكَ، أَوْ تَغْتَرَّ بِعَمَلِكَ، وَسَلِ اللهَ تَعَالَى القَبُولَ وَالغُفْرَانَ.

وَيَا مَنْ فَرَّطْتَ فِي هَذَا الشَّهْرَ؛ انْدَمْ عَلَى تَفْرِيطِكَ، ثُمَّ لَا تَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَا تَيْأَسْ مِنْ رَوْحِ اللهِ.

خَلِّصْ نَفْسَكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي حَرَمَتْكَ الطَّاعَةَ، وَتَدَارَكْ مَا بَقِيَ؛ وَلَوْ لَحْظَةً.

وَاعْلَمْ أَنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، قَرِيبٌ مِمَّنْ دَعَاهُ   يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ( يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا  فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ... ) [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ]

أَلَا فَتُوبُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ -  إِلَى اللهِ؛ تُفْلِحُوا وَتَسْعَدُوا؛ تُوبُوا إِلَى اللهِ يَغْفِرْ ذُنُوبَكُمْ، وَيَسْتُرْ عُيُوبَكُمْ،  وَيَرْفَعْ دَرَجَاتِكُمْ  تُوبُوا إِلَى اللهِ؛ يُبَدِّلْ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ.

بَادِرُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ -  بِالتَّوْبَةِ؛ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرُوا بِالأَجَلِ.

مَنْ بَدَرَتْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ؛ فَلْيُبَادِرْهَا بِتَوبَةِ؛ وَلْيُبْشِرْ بِعَظِيمِ الجَزَاءِ مِنْ رَبَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [ آل عمران 135- 136 ]

اِغْتَنِمُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - حَيَاتَكُمْ قَبْلَ اِنْقِضَائِهَا، وَنِعَمَكُمْ قَبْلَ زَوَالِهَا، وَعَافِيَتَكُمْ قَبْلَ تَحَوُّلِهَا.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

عِبَادَ اللهِ: وَفِي خِتَامِ شَهْرِنَا؛ شَرَعَ اللهُ لَنَا َزكَاةَ الفِطْرِ.

يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ( فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].

تُخْرَجُ زَكَاةُ الفِطْرِ مِنْ قُوتِ البَلَدِ؛ وَيُحْرَصُ عَلَى مِقْدَارِهَا وَعَلَى وَقْتِهَا، وَعَلَى إِيْصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا.

عِبَادَ اللهِ: وَإِذَا ثَبَتَ العِيدُ؛ بِالرُّؤْيَةِ، أَوْ بِإِكْمَالِ الشَّهْرِ؛ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ العِيدِ إِلَى صَلَاةِ العِيدِ، فَلْنُحْيِي هَذِهِ السُّنَّةَ  وَلْنَجْهَرْ بِالتَّكْبِيرِ فِي بُيُوتِنَا وَأَسْوَاقِنَا وَمَسَاجِدِنَا.

عِبَادَ اللهِ: وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ العِيدَ، وَنَسْتَعِدُّ لَهُ؛ فَلْيَكُنْ عِيدَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَطَهَارَةٍ لِلْقُلُوبِ، وَصِلَةٍ لِلرَّحِمِ، وَنَبْذٍ لِلشَّحْنَاءِ وَالقَطِيعَةِ.

لِنَسْعَدْ بِعِيدِنَا، وَلْنَلْتَزِمْ حُدُودَ مَا شَرَعَ اللهُ لَنَا؛ وَلْنَحْذَرْ مِنَ  المُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ وَالَّتِي قَدْ يَتَسَاهَلُ بِهَا البَعْضُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ خُصُوصًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّجَمُّلِ فِي جَسَدٍ أَوْ لِبَاسٍ.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَمِّلَنَا بِطَاعَتِهِ؛ وَيُجَنِّبَنَا مَعْصِيَتَهُ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[الأحزاب 56 ]

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

 

المرفقات

1743052161_خِتَامُ رَمَضَانَ وَاسْتِقْبَالُ العِيدِ 1446هـ.pdf

1743052171_خِتَامُ رَمَضَانَ وَاسْتِقْبَالُ العِيدِ 1446هـ.docx

المشاهدات 866 | التعليقات 0