ختام الشهر وزكارة الفطر

حسام الحجي
1443/09/26 - 2022/04/27 10:37AM

الْحَمْدُ للهِ الْمُتَفَضِّلِ الْمُنْعِمِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَهُ، خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَبِكُلِّ شَيْءٍ يَعْلَمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلّى عَلَيْهِ رَبِّي وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، فَالْعُمْرُ يَمُرُّ وَالْوَقْتُ سُرْعَانَ مَا يَمْضِي، وَحَيَاتُكُمُ الدُّنْيَا إِلَى فِنَاءٍ وَسَتَنْتَهِي، وَالْعَاقِلُ الْفَطِنُ الْكَيِّسُ، مَنْ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا فِي آخِرَتِهِ سَيُلَاقِي، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾.

أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: كَأَنَّنَا مِنْ سُوَيْعَاتٍ قَلِيلَةٍ سَمِعْنَا: جَاءَكُمْ ضَيْفٌ عَزِيزٌ فَأَكْرِمُوهُ، وَتَلَوْنَا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ ، وَالْيَوْمَ نَرَى هَذَا الضَّيْفَ يُلَمْلِمُ حَاجِيَّاتِهِ عَازِمًا عَلَى الرَّحِيلِ، وَكُلٌّ يَعْلَمُ مَاذَا قَدَّمَ لَهُ، أَكَثِيرٌ أَمْ قَلِيلٌ، وَالْحِسَابُ عَلَى اللهِ الْعَزِيزِ الْجَلِيلِ، لَكِنْ هَلْ مِنْ فُرْصَةٍ لِلتَّعْوِيضِ وَالْخُرُوجِ مِنْ شَهْرِ الرَّحْمَةِ بِشَيْءٍ جَزِيلٍ قَبْلَ تَمَامِ الرَّحِيلِ؟ نَعَمْ، ثُمَّ نَعَمْ، جَاءَ بِذَلِكَ الصَّحِيحُ وَالتَّنْزِيلُ، ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ [لا تُعْجَبوا بعملِ أحدٍ حتى تنظرُوا بما يُخْتَمُ لهُ، فإن العاملَ يعملُ زمانًا من دهرِهِ، أو بُرهةً من دهرهِ بعملٍ صالحٍ لو ماتَ عليه دخلَ الجنةَ، ثم يتَحوّلُ فيعملُ عملا سيئًا، وإنَّ العبدَ ليعملُ زمانًا من دهرهِ بعَملٍ سيّئٍ لو ماتَ عليه دخلَ النارَ، ثم يتحّولُ فيعملُ عملا صالحًا، وإذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعملَهُ قبلَ موتهِ فوَفَّقَهُ لعملٍ صالحٍ ثم يقبضهُ عليهِ].
فَعُدْ وَارْجِعْ يَا مَنْ أَهْمَلَ وَقَصَّرَ، وَاسْتَمِرَّ وَزِدْ يَا مَنْ عَلِمَ وَاسْتَبْصَرَ، فَالَّذِي قُدِّرَ لَهُ بِالْأَمْسِ أَنْ يَحْضُرَ، هَا هُوَ بِالرَّحِيلِ غَدًا يُؤْمَرُ، فَلَا تَخْسَرْ، رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الثَّانِيَةِ:
الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى وَالصَّلَاةُ ثُمَّ السَّلَامُ عَلَى الْمُصْطَفَى وَبَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ: وَقْتُ رَحِيلِ الْمَحْبُوبِ عَنْ مُحِبِّيهِ أَزِفَ، وَكَمْ مِنْ نَفْسٍ لِفِرَاقِهِ سَتَرْتَجِفُ، وَكَمْ عَينٍ لِلدَّمْعِ سَتَذْرِفُ، كَيْفَ لَا! وَللهِ مِنْهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنَ النَّارِ عُتَقَاءُ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ مِنْ فَضْلِكَ يَا كِرِيمَ الْعَطَاءِ، وَفِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ، يَارَبِّ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْمَحْرُومِينَ أَجْمَعِينَ، وَقَبْلَ أَنْ أَخْتِمَ، أَوَدُّ أَنْ أَذَكِّرَ بِالطُّهْرِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ عَنِ الصَّائِمِ، وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ [فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ]. وَيَجُوزُ غَيْرُ هَذَينِ الصِّنْفَيْنِ لِحَدِيثٍ آخَرَ وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، أَنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَوَقْتُهَا: قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَمِقْدَارُهَا: صَاعٌ، وَالصَّاعُ يُسَاوِي: ثَلَاثَةَ كِيلُوات عَلَى الْوَزْنِ الْحَالِيِّ، وَيُخْرِجُهَا الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ الَّذِينَ تَحْتَ يَدِهِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَعَنِ الْحَمْلِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَكِنْ إنْ أَخْرَجَهَا فَلَا بَأْسَ لِفِعْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَعَفَا عَنَّا وَعَنْكُمْ، إِنَّهُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ السَّامِعُ.

المشاهدات 773 | التعليقات 0