حين تجتمع الحرب مع البرد

حِينَ تَجْتَمِعُ الحَرْبُ مَعَ البَرْدِ
6/3/1434

الحَمدُ للهِ القَوِيِّ العَزِيزِ، العَلِيمِ الحَكِيمِ؛ بِقُوَّتِهِ وَعِزَّتِهِ قَهَرَ خَلْقَهُ، وَقَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ بِأَمْرِهِ، وَبِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ انْتَظَمَ سَيْرُ الكَوْنِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ حَلِيمٌ عَلَى الظَّالِمِينَ، فَإِذَا أَخَذَهُمْ لَمْ يُفْلِتْهُمْ؛ [وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ] {هود:102}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَاءَ بِالإِيمَانِ وَالقُرْآنِ، فَقَضَى بِرَابِطَةِ الإِيمَانِ عَلَى رَوَابِطِ النَّسَبِ وَاللُّغَةِ وَالتُّرَابِ، وَجَعَل المُؤْمِنِينَ أُمَّةً وَاحِدَةً، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا يَكُونُ ذُخْرًا لَكُمْ، وَتَصَدَّقُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَا تَجِدُونَهُ أَمَامَكُمْ؛ [وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] {البقرة:110}.
أَيُّهَا النَّاسُ: البَرْدُ الشَّدِيدُ نَفَسٌ مِنْ أَنْفَاسِ جَهَنَّمَ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ، وَيُعَذَّبُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ، وَمِنْ نَعِيمِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنَّهُمْ [لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا] {الإنسان:13}.
وَفِي الشِّتَاءِ يَسْتَعِدُّ النَّاسُ لِلْبَرْدِ بِالغِذَاءِ وَالكِسَاءِ وَالغِطَاءِ وَوَسَائِلِ التَّدْفِئَةِ؛ لِأَنَّ البَرْدَ قَتَّالٌ، يَفْتِكُ بِالأَجْسَادِ، وَيُخَلِّفُ فِيهَا العِلَلَ وَالأَوْصَابَ، وَلاَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الاسْتِعْدَادِ لِلْبَرْدِ إِلاَّ قِلَّةُ ذَاتِ اليَدِ، وَمَنْ لَهُ مَنْزِلٌ يُكِنُّهُ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى بَرْدٍ يَجِدُهُ، وَأَعَانَهُ ذَوُوُ اليَسَارِ عَلَى مَا يَنْقُصُهُ، فَاحْتَمَلَ وَأُسْرَتَهُ الشِّتَاءَ وَالبَرْدَ، وَلَكِنَّ الدَّاهِيَةَ الكُبْرَى أَنْ يُوَافِقَ الإِنْسَانُ البَرْدَ وَهُوَ فِي العَرَاءِ مُشَرَّدٌ؛ حَيْثُ لَا سَقْفَ يُكِنُّ مِنَ المَطَرِ، وَلاَ فِرَاشَ يَقِي مِنْ صَقِيعِ الأَرْضِ، وَلاَ جُدْرَانَ يَحْتَمِي بِهَا مِنْ هَوَاءٍ بَارِدٍ لاسِعٍ؛ وَلِذَا كَانَ العَرَبُ لَا يَغْزُونَ فِي الشِّتَاءِ، وَلاَ يُسَافِرُونَ لِلْمَنَاطِقِ البَارِدَةِ فِيهِ، وَكَانَتْ رِحْلَتَا قُرَيْشٍ المَذْكُورَتَانِ فِي القُرْآنِ مُرَتَّبَتَيْنِ عَلَى الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَفِي الشِّتَاءِ تَكُونُ الرِّحْلَةُ لِلْيَمَنِ لاعْتِدَالِ جَوِّهِ فِيهِ، وَفِي الصَّيْفِ تَكُونُ الرِّحْلَةُ لِلشَّامِ لاعْتِدَالِ جَوِّهِ فِيهِ، وَسُمِّيَتْ غَزَوَاتُ الرُّومِ: الصَّائِفَةَ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنْ يَغْزُوا الرُّومَ صَيْفًا، وَيَقْفِلُوا عَنْهُمْ قَبْلَ الشِّتَاءِ؛ لِأَجْلِ البَرْدِ وَالثَّلْجِ.
وَغَزَوَاتُ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- الَّتِي كَانَتْ فِي البَرْدِ كَانَتْ أَشَدَّ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الغَزْوَ فِي البَرْدِ يَحْتَاجُ إِلَى مَؤُونَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَيُحِيطُ بِالجُنْدِ خَطَرُ البَرْدِ وَالمَطَرِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ، فَأَتَيْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَرَفٍ، فَبِتْنَا عَلَيْهِ، فَأَصَابَنَا بَرْدٌ شَدِيدٌ، حَتَّى رَأَيْتُ مَنْ يَحْفِرُ فِي الأَرْض حُفْرَةً يَدْخُلُ فِيهَا، وَيُلْقِي عَلَيْهِ الْحَجَفَةَ – يَعْنِي: التُّرْسَ»؛رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَغَزْوَةُ الأَحْزَابِ كَانَتْ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ، وَالغَزْوُ فِي البَرْدِ يَزِيدُ الخَوْفَ، وَيَزِيدُ الجُوعَ؛ وَلِذَا جَاعَ الصَّحَابَةُ فِيهَا، وَرَبَطَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- عَلَى بَطْنِهِ الحَجَرَ مِنَ الجُوعِ، قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ، فَقَالَوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا»؛رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَيَصِفُ حُذَيْفَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ الخَنْدَقِ، فَيَقُولُ: «وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْخَنْدَقِ، وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ هَوِيًّا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرَ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ يَشْرُطُ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ يَرْجِعُ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ، فَمَا قَامَ رَجُلٌ، ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرَ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ؟ ثُمَّ يَرْجِعُ يَشْرِطُ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجْعَةَ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَشِدَّةِ الْجُوعِ، وَشِدَّةِ البَرْدِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ دَعَانِي رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنَ الْقِيَامِ حِينَ دَعَانِي»؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ حُذَيْفَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ...، فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ»، أَيْ: مِنَ الدِّفْءِ الَّذِي مَنَحَهُ اللهُ تَعَالَى إِيَّاهُ.
وَغَزْوَةُ خَيْبَرَ كَانَتْ فِي البَرْدِ، وَالأَغْطِيَةُ قَلِيلَةً؛ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو رَافِعٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«أَنَّهُ أَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَهُمْ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ كَانَ لَهُ لِحَافٌ فَلْيُلْحِفْ مَنْ لَا لِحَافَ لَهُ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يُلْحِفُنِي مَعَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ فَأَلْقَى عَلَيَّ لِحَافَهُ، فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا»؛ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى.
وَفِي سَرِيَّةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ الَّتِي قَادَهَا عَمْروُ بْنُ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- احْتَلَمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الهَلاَكَ لَوِ اغْتَسَلَ فِي ذَلِكَ البَرْدِ، وَخَافَ الانْكِشَافَ لِلْعَدُوِّ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا لِتَسْخِينِ المَاءِ، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّهُ، فَكَانَ رُخْصَةً لِمَنْ خَافَ الهَلاَكَ أَوِ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَدَلَ الاغْتِسَالِ.
وَلِعَظِيمِ أَمْرِ الحَرْبِ فِي البَرْدِ، وَشِدَّةِ مَشَقَّتِهَا تَمَثَّل بِهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فقَالَ: «مَا مِنْ لَيْلَةٍ يُهْدَى إِلَيَّ فِيهَا عَرُوسٌ أَنَا لَهَا مُحِبٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ البَرْدِ، كَثِيرَةِ الجَلِيدِ، فِي سَرِيَّةٍ أُصَبِّحُ فِيهَا العَدُوَّ».
وَغَزَا جَيْشٌ لِمُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ فِيهِمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَأَصَابَهُمْ بَرْدٌ شَدِيدٌ، فَحَدَّثَ جَرِيرٌ مُعَاوِيَةَ بِحَدِيثِ: مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ لَا يَرْحَمُهُ اللهُ تَعَالَى، فقَالَ مُعَاوِيَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: لَا جَرَم لَأُوسِعَنَّهُمْ طَعَامًا وَلَحْمًا، وَلاَ يَشْتُو لِي جَيْشٌ وَرَاءَ الدَّرْبِ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ القَطَائِفَ وَالأَكْسِيَةَ وَالثِّيَابَ.
وَفِي الحِصَارِ الثَّالِثِ لِلقُسْطَنْطِينِيَّةِ عَلَى عَهْدِ الأُمَوِيِّينَ دَخَلَ فَصْلُ الشِّتَاءِ، فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنْ جُنْدِ المُسْلِمِينَ مِنَ الجُوعِ وَالبَرْدِ، فَتَوَلَّى الخِلاَفَةَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ فَأَمَرَ بِانْسِحَابِهِمْ رَأْفَةً بِهِمْ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ المُؤَنَ وَاللِّبَاسَ وَالطَّعَامَ.
وَفِي أَخْبَارِ صَلاَحِ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ فِي إِحْدَى مَغَازِيهِ دَخَلَ الشِّتَاءُ، وَتَوَالَتِ الأَمْطَارُ، وَالجُنْدُ مِنْهَا فِي ضَنْكٍ وَحَرَجٍ، وَفِي تَعَبٍ دَائِمٍ مِنْ شِدَّةِ البَرْدِ وَلُبْسِ السِّلاَحِ وَالسَّهَرِ؛ لِأَنَّ البَرْدَانَ لَا يَنَامُ، وَالمُبْتَلَّ بِالأَمْطَارِ لَا يَنَامُ، فَأَذِنَ لَهُمْ فِي العَوْدِ إِلَى بَلاَدِهِمْ لِلاسْتِرَاحَةِ وَالإِرَاحَةِ؛ لِئَلاَّ يَتْلَفَ عَسْكَرُ المُسْلِمِينَ أَوْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ.
هَذَا فِعْلُهُ مَعَ جُنْدِهِ، وَأَمَّا فِعْلُهُ مَعَ أَعْدَائِهِ الصَّلِيبِيِّينَ المُحْتَلِّينَ فَعَجِيبٌ جِدًّا؛ فَإِنَّهُ فِي غَزَاةٍ أَسَرَ جَمَاعَةً مِنَ الجَيْشِ الفَرَنْسِيِّ الصَّلِيبِيِّ، وَكَانَ البَرْدُ شَدِيدًا، فَأَطْعَمَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ وَدَفَّأَهُمْ بِالفِرَاءِ، وَضَرَبَ لَهُمُ الخِيَامَ، وَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يُرَاسِلُوا قَادَتَهُمْ لِيُحْضِرُوا لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ مِنَ الأَلْبِسَةِ وَالأَغْطِيَةِ!
قَارِنُوا هَذَا الفِعْلَ النَّبِيلَ مِنْ صَلاَحِ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِمَا يَفْعَلُهُ الفَرَنْسِيُّونَ الْيَوْمَ مِنْ تَقْتِيلِ المُسْلِمِينَ فِي مَالِي وَتَشْرِيدِهِمْ، وَمَا يُضَايِقُونَ بِهِ المُسْلِمَاتِ المُنْتَقِبَاتِ فِي بِلاَدِهِمْ، وَقَارِنُوهُ أَيْضًا بِمَا فَعَلَهُ وَيَفْعَلُهُ عُبَّادُ الصَّلِيبِ وَعُبَّادُ العِجْلِ وَوُكَلاَؤُهُمْ مِنَ البَاطِنِيِّينَ بِالمُسْلِمِينَ فِي فِلَسْطِينَ وَسُورْيَا وَالعِرَاقِ وَأَفْغَانِسْتَانَ وَالشِّيشَان وَبِلادِ البَلْقَانِ وَغْيِرِهَا أَخْزَاهُمُ اللهُ تَعَالَى وَكَسَرَهُمْ، وَأَدَالَ لِأَهْلِ الإِيمَانِ عَلَيْهِمْ، وَعَجَّلَ بِفَرَجٍ لِهَذِهِ الأُمَّةِ المُؤْمِنَةِ المُبَارَكَةِ؛ فَلَقَدْ لَقِيَتْ مِنْ أَعْدَائِهَا فِي القَرْنِ الأَخِيرِ مَا لَمْ تَلْقَهُ أُمَّةٌ سِوَاهَا، وَهَذَا مِنَ ابْتِلاَءِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ؛ لِيَهْلَكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّيَ عَنْ بَيِّنَةٍ؛ [إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ] {آل عمران:140-141}.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ [وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {البقرة:223}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: نَحْنُ أُمَّةٌ مُبْتَلاَةٌ بِأَعْدَائِنَا وَبِإِخْوَانِنَا المَنْكُوبِينَ فِي أَرْجَاءِ المَعْمُورَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ:
أَمَّا ابْتِلاؤُنَا بِأَعْدَائِنَا فَبِدَفْعِهِمْ، وَعَدَمِ طَاعَتِهِمْ، وَرَدِّ عُدْوَانِهِمْ، وَكَشْفِ بَاطِلِهِمْ، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى الحَقِّ.
وَأَمَّا ابْتِلاَؤُنَا بِإِخْوَانِنَا المَنْكُوبِينَ فَبِالإحْسَاسِ بِهِمْ، وَالوُقُوفِ مَعَهُمْ، وَالمُسَارَعَةِ فِي نُصْرَتِهِمْ، وَبَذْلِ المَالِ لِنَجْدَتِهِمْ، وَتَخْفِيفِ مُصَابِهِمْ؛ لِنَكُونَ كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أُمَّةً وَاحِدَةً، ذَاتَ دِينٍ وَاحِدٍ، وَجَسَدٍ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ.
وَمَا يَحْدُثُ الْيَوْمَ مِنَ العُدْوَانِ عَلَى المُسْلِمِينَ أَمْرٌ لَا يَرْضَاهُ اللهُ تَعَالَى، وَلاَ يَرْضَى سُكُوتَ أَهْلِ الإِيمَانِ عَنْهُ، وَلاَ يَرْضَى إِسْلاَمَ إِخْوَانِهِمْ لِأَعْدَائِهِمْ، وَصُوَرُهُمْ وَأَحْوَالُهُمْ تُنْقَلُ إِلَيْهِمْ صَبَاحًا وَمَسَاءً.
وَفِي الشَّامِ تَعْذِيبٌ وَسَحْلٌ وَاغْتِصَابٌ وَقَتْلٌ، فَفَرَّ النَّاسُ بِأَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ إِلَى المُخَيَّمَاتِ فِي شَمَالِ سُورْيَا وَالدُّوَلِ المُجَاوِرَةِ لَهَا؛ لِيَنْجُوا مِنَ القَتْلِ فَيَمُوتُوا بِالبَرْدِ!
وَفِي شَمَالِ لُبْنَانَ حَيْثُ البَرْدُ وَالصَّقِيعُ وَالجَلِيدُ طِفْلٌ سُورِيٌّ يَتَكَلَّمُ وَعَيْنَاهُ مُغْرَوْرِقَتَانِ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ وَأَخَاهُ إِلاَّ غِطَاءٌ وَاحِدٌ، قَالَ: فَيَكْشِفُنِي وَأَكْشِفُهُ، يَتَجَاذَبَانِهِ طُوَالَ اللَّيْلِ!
وَشَيْخٌ مُسِنٌّ يُعَلِّقُ فَيَقُولُ: أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا! لَا أَحَدَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى العُصْفُورُ وَهُوَ طَيْرٌ لَا يَتْرُكُ بَيْتَهُ!
وَيَقُولُ طِفْلٌ آخَرُ: نَحْنُ فِي وَضْعٍ أَصْعَبَ مِنَ المَوْتِ، لَوْ مِتْنَا فِي الدَّاخِلِ السُّورِيِّ لَكَانَ أَحْسَنَ لَنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
وَمَجْمُوعَةٌ مِنَ الأَطْفَالِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِي شِدَّةِ البَرْدِ شَيْءٌ يَقِي أَقْدَامَهُمْ إِلاَّ نِعَالاً بَالِيَةً، وَامْرَأَةٌ عِنْدَهُمْ تَقُولُ: لَمْ يَلْبَسُوا أَحْذِيَةً تُدَفِّئُ أَقْدَامَهُمْ، أَيْنَ العَرَبُ؟ أَعَجِزُوا عَنْ شِرَاءِ أَحْذِيَةٍ؟
وَصُورَةُ أُسْرَةٍ بَائِسَةٍ مُحَطَّمَةٍ يَجْلِسُ أَفْرَادُهَا عَلَى حَصِيرٍ بِلاَسْتِيكِيٍّ يُجَمِّدُهُمْ، وَعُيُونُهُمْ زَائِغَةٌ مِنْ شِدَّةِ المُعَانَاةِ.
وَلَنْ يَنْسَ النَّاسُ صُورَةَ طِفْلٍ نَائِمٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَلِيدِ إِلاَّ سِجَّادَةُ صَلاَةٍ خَفِيفَةٍ وَفَوْقَهُ مِثْلُهَا، لِيُجَمِّدَ البَرْدُ قَلْبَهُ الطَّاهِرَ!
وَمُخَيَّمُ عَتْمَةَ شَمَالَ سُورْيَا عَلَى الحُدُودِ التُّرْكِيَةِ كُسِيَ بِالجَلِيدِ، وَتَجَمَّدَ بِالصَّقِيعِ، وَفَرَّتْ إِلَيْهِ أُسْرَةٌ بِأَوْلادِهَا الثَّمَانِيَةِ مِنْ جَحِيمِ النُّصَيْرِيَّةِ، وَذَاتَ لَيْلَةٍ اشْتَعَلَتِ النَّارُ فِي خَيْمَتِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ، فَخَرَجَتِ الأُمُّ تَتَرَنَّحُ، وَتَفَحَّمَتِ الخَيْمَةُ بِمَنْ فِيهَا لِيَمُوتَ سِتَّةٌ مِنْ أَوْلادِهَا فِي الحَالِ! وَاثْنَانِ يُصَارِعَانِ المَوْتَ، أَكْبَرُهُمْ ابْنُ أَرْبَعَةَ عَشْرَ عَامًا، وَأَصْغَرُهُمْ عُمْرُهُ عَامَانِ، قَالَ ابْنُ عَمِّهِمْ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ جُثَثِ الأَطْفَالِ المُتَفَحِّمَةِ: مَاذَا أَقُولُ؟ تَرَكْنَا بُيُوتَنَا لِإِنْقَاذِ الأَطْفَالِ مِنَ القَصْفِ، وَهَا هُمْ يَمُوتُونَ بِالنَّارِ"! وَقَالَ جَدُّهُمْ: "اللهُ يُعْطِي، وَاللهُ يَأْخُذُ! أَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُعِينَنِي فِي هَذِهِ البَلِيَّةِ".
وَمِنْ مُخَيَّمَاتِ الأُرْدُنِّ يَصِيحُ لاجِئٌ سُورِيٌّ بِالمُسْلِمِينَ قَائِلاً: "مِتْنَا مِنَ البَرْدِ خَافُوا اللهَ تَعَالَى"!
لَقَدْ ذَكَرَتْ مُنَظَّمَةُ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ لِلطُّفُولَةِ: أَنَّ أَكْثَرَ مِنْ مِلْيُونَيْ طِفْلٍ سُورِيٍّ يُكَافِحُونَ مِنْ أَجْلِ الدِّفْءِ وَالجَفَافِ.
إِنَّ حَالَ الأَطْفَالِ السُّورِيِّينَ يُبْكِي الحَجَرَ قَبْلَ البَشَرِ، وُجُوهٌ شَاحِبَةٌ، وَأَبْصَارٌ زَائِغَةٌ شَاخِصَةٌ، وَنَظَرَاتٌ حَائِرَةٌ خَائِفَةٌ، وَعُيُونٌ دَامِعَةٌ، يَتَجَمَّدُ الدَّمُ فِي عُرُوقِهِمْ خِلالَ اللَّيْلِ بَعْدَمَا غَمَرَتْ مِيَاهُ الأَمْطَارِ خِيَامَهُمْ، وَأَسْلَمَتْهُمْ إِلَى العَرَاءِ.
وَفِي دَاخِلِ سُورْيَا لَمْ يَتْرُكِ النِّظَامُ النُّصَيْرِيُّ حِيلَةً لِإِبَادَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلاَّ فَعَلَهَا، وَمَعَهُ أَعْوَانُهُ مِنْ بَاطِنِيَّةِ إِيرَانَ وَالعِرَاقِ وَلُبْنَانَ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ رُوسْيَا وَالصِّينُ، وَبَقِيَّةُ العَالِمِ المُتَخَاذِلِ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ، وَبَعْدَ قَصْفِ طَوَابِيرِ مُنْتَظِرِي الخُبْزِ، وَطَوَابِيرِ مُنْتَظِرِي وَقُودِ التَّدْفِئَةِ، وَقَبْلَ يَوْمَيْنِ فَقَطْ يَقْصِفُ النِّظَامُ النُّصَيْرِيُّ طُلَّابَ جَامِعَةِ حَلَبٍ، فَتَنْتَثِرُ أَشْلاَءُ عَشَرَاتِ الطُّلاَّبِ أَمَامَ العَالَمِ، وَلاَ أَحَدَ مِنَ القَادِرِينَ يُحَرِّكُ سَاكِنًا!
فَهَلْ كُتِبَ الفَنَاءُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ دَاخِلَ سُورْيَا وَخَارَجَهَا، بِتَوَاطُئِ المُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ، وِبِخِذْلاَنِ المُسْلِمِينَ لِإِخْوَانِهِمْ، وَاكْتِفَائِهِمْ بِالفُرْجَةِ عَلَى مُصَابِهِمْ؟! وَاللهِ لَنُسْأَلَنَّ عَنْ ذَلِكَ؟ وَلَنُسْأَلَنَّ مَاذَا قَدَّمْنَا لِنَجْدَتِهِمْ وَنُصْرَتِهِمْ، والنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الإِيمَان بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الإِيمَان كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ"، فَأَغِيثُوا إِخْوَانَكُمْ، وَقِفُوا مَعَهُمْ فِي مُصَابِهِمْ، وَتَذَكَّرُوا بِمَا أَحْسَسْتُمْ بِهِ مِنْ بَرْدِ اللَّيَالِي المَاضِيَةِ أَنَّ نِسَاءَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ فِي العَرَاءِ، تَحْتَ أَرْضٍ سَالَتْ بِالمِيَاهِ ثُمَّ تَجَمَّدَتْ، وَأَمَامَ رِيَاحٍ بَارِدَةٍ تَلْسَعُ وُجُوهَهُمْ، وَلاَ ثَمَّةَ كِسَاءٌ وَلاَ غِطَاءٌ وَلاَ طَعَامٌ وَلاَ دَوَاءٌ، قَدْ ضَاقَتِ الحِيلَةُ بِرِجَالِهِمْ فَاسْتَسْلَمُوا لِلْمَقْدُورِ، وَبَكَتْ نِسَاؤُهُمْ حَتَّى جَفَّتْ مَآقِيهِنَّ مِنَ البُكَاءِ، وَأَمَّا الأَطْفَالُ فَقَدْ جَمَّدَهُمُ البَرْدُ وَهَوْلُ المُصَابُ عَنِ الكَلاَمِ وَالبُكَاءِ، وَلَكِنَّ نَظَرَاتِهِمْ تُصِيبُ القُلُوبَ بِسِهَامٍ قَاتِلَةٍ، لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ فِيهِ رَحْمَةٌ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

المرفقات

حين تجتمع الحرب مع البرد.doc

حين تجتمع الحرب مع البرد.doc

حِينَ تَجْتَمِعُ الحَرْبُ مَعَ البَرْدِ.doc

حِينَ تَجْتَمِعُ الحَرْبُ مَعَ البَرْدِ.doc

المشاهدات 4773 | التعليقات 7

جزاك الله خيرا
نسأل الله أن ينصر إخواننا في سوريا وفي كل مكان
وأن يكسو عاريهم ويطعم جائعهم ويحفظ دماءهم وأعراضهم وأموالهم ويعجل بفرجهم


نفع الله بكم يا شيخ, خطبة رائعة كعادتكم, وليتكم أسهبتم في الحديث عن مالي فهي حدث يستحق العناية والتذكير هذا الأسبوع


جزاك الله خيرا

على هذه الخطبة الرائعة وفقك الله

والاستنباطات الجميلة

كتبت فأجدت ( لافض فوك )

وسلم لنا قلمك المبدع


لاحرمك ربي أجر ما كتبت جعله المولى في موازين حسناتك


حياكم الله تعالى أيها الإخوة الكرام، وشكر لكم مروركم وتعليقكم على الخطبة وأسأله سبحانه أن ينفع بكم آمين.


جزاك الله خيرا يا شيخ على الخطبة الرائعة

ومن باب نسبة الفضل إلى أهله فقد استفدت كثيرا من خطبك يا شيخ ومنها هذه الخطبة

فنفع الله بك وبعلمك وجزاك عنا خير الجزاء


حياك الله تعالى يا شيخ عبد الله وأسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا وأن ينفع بك..