حياة بلا قات

علي محمد خواجي
1433/06/13 - 2012/05/04 02:59AM
عنوان الخطبة: حياة بلاقات
الجامع الشرقي بالشقيري
رقم الحصر:3432
الخطيب: علي محمد خواجي


الخطبة الأولى :

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وميزه بالعقل واللسان عن الحيوان البهيم ، وحذره من زيغ وتزييف وكيد الشيطان الرجيم ، أحمده سبحانه على إحسانه ، وأشكره على مزيد فضله وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، واعترافا بعظمته وسلطانه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى الحق والهدى ، ومخرج أمته من الضلالة والغواية والردى ، إلى طريق الرشاد ، للنجاة في يوم المعاد ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أما بعد
عباد الله : اتقوا الله تعالى حق التقوى واعلموا أن أجسادنا على النار لاتقوى
خطبة اليوم يتحدث فيها تائب وفقه الله للإقلاع عن أكل القات يقول في حديثه: وأخيراً تركت القات
أي شي تغير في حياتنا ؟.. أي نعمة نشعر بها جميعاً ؟..أي أسرة نحن الآن ؟
كان قراراً صائباً قوياً هذا الذي اتخذته.
كنت أفكر فيه منذ زمن طويل, لكنني عجزت عن تحقيقه في الماضي.
أما الآن فقد عزمت ونفذت وتركت القات وأرجو أن يكون إلى غير رجعه إن شاء الله.
وإذا سألتموني لماذا تركت القات فسأجيبكم
- لقد سئمت مالا نفع فيه ومللت جلسات طويلة لا يعقبها إلا ندم .. نعم .. ندم
- لقد رأيت الفوضى في حياة أسرتي وفي نظام بيتي..
- لقد لمست معاناة زوجتي فعلاً ..كم تحملت وكم صبرت وكم اشتكت وكم بكت؟ وكم.. وكم؟
- كبر أبنائي فخفت عليهم قرناء السوء, وسوء التربية بعيداً عن عيني ...
- كاشفني بعض أقاربي بمشكلات حصلت للأولاد فندمت وندمت...!!
- نظرت في حالي وأنا موظف منذ عشرات السنين.. فإذا أنا لا أتقدم خطوة واحدة في أموري المالية.. المنزل كما هو بل يسوء.. الديون تزيد وتتراكم ... حاجات الأسرة تزيد كل سنه وكل موسم.. فشعرت بالأسف أن يضيع جزء من مالي في جلسات لا خير فيها نعم.. لا خير فيها..
- حتى صحتي تأثرت فمع القات والشيشة والدخان بدأت أعاني من مشكلات الوهن في الجسم والتهابات في الصدر ,وعسر الهضم والإمساك أثر علي فلا أعيش إلى على المسهلات... بل أرعبني قصص مدمني القات والدخان مع حصى الكلى والفشل الكلوي والتهابات الفم الموصلة إلى السرطان
- بل حتى مزاجي تغير..لمس ذلك بعض أصدقائي..بل شعر به الأقربون ( أولادي و زوجتي )..
- لقد بلغ عمري الأربعين ولا يكاد يمر يوم إلا وتفوتني إحدى الصلوات إما العصر أو المغرب وغالباً ما يكون الفجر وهكذا..فخفت وخفت !!
- لقد خفت الله وتذكرت ..
- مشاجراتي مع زوجتي مستمرة وصلت إلى حد خروجها من المنزل وأنا السبب..
أهملتها ووبختها .. لم أتحمل مسؤولياتها تركتها تصلى بجحيم مشكلات الأولاد والبنات....
لم أعطها وقتاً إلا قليلاً ولم أشاركها همومها إلا نادراً.
ومع توتر أعصابي كنت أتلفظ عليها بما لا يليق بين الزوجين.
لأجل كل ذلك قررت أن أعود إلى حياتي الطبيعية وأن أقبل التحدي مع نفسي..
واليوم: كم هو السرور الذي يشعر به أولادي,
أجلس معهم كثيراً, نتحدث سوياً في أمور مختلفة..
أبادلهم الرأي، أشاركهم حل الواجبات, وأتبادل معهم الأخبار والمعلومات,
نجلس سوياً على سفرة الطعام أسرة واحدة في سعادة وسكينة وراحة لا تنسى.
حتى إن ابنتي تقول وهي تبكي لماذا لم تفعل هذا معنا منذ زمن يا أبي ؟
لكنني ألتزم الصمت ولا أجيب فلا جواب عندي !!
زوجتي عادت من جديد.. والبسمة على شفتيها فسرها أن أكون معها...
أن أشاركها همومها.. بل أن اجلس معها وألاطفها في راحة بال وسعة صدر.
(وماذا بعد)
لقد قلّت خلافتنا ومشاجرتنا كثيراً وكثيراً جداً,
وها نحن الآن نفكر في البحث عن أرض لنشتريها ,
ونجتهد في توفير بعض مالنا لذلك حتى لو احتجنا لسنوات أخرى ونسأل الله التيسير.
وأكثر من ذلك وأهم .. أنني أشعر بتوبتي وصدقي مع الله عز وجل ,
فلم أعد أضيع الأوقات والصلوات والحمد الله على كل حال.
أشعر أنني أقوم بمسؤولياتي تجاه زوجتي وأبنائي الكبار والصغار وأرعاهم،
وأرجو من الله أن يتجاوز عما كان مني من خطأ وقصور،
وأن يكون حالي كل يوم أصلح وأفضل وإلى الأمام دائماًَ..
إنها سعادة غامرة ,,,ومشاعر صادقه لا توصف.........
وحياة جديدة.. حياة بلا قات..
وأخيرا أذكر إخواني بهذا الحديث العظيم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟، وعن شبابه فيم أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟، وعن علمه ماذا عمل به؟
فهل أعددنا للسؤال جوابا وللجواب صوابا
فاتقوا الله عباد الله : واعلموا أن الله تعالى يقول :
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه تعالى جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه وارجوه إنه هو الغفور الرحيم .

المشاهدات 1739 | التعليقات 0