حماية الله للدين والأنفس والأموال والأعراض والعقول
منديل الفقيه
1435/07/13 - 2014/05/12 08:04AM
حماية الله للدين والأنفس والأموال والأعراض والعقول
الخطبة الأولى:
الحمد لله القوي العظيم يقضي بالحق ويحكم بالعدل وهو العليم الحكيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه ربه بالهدى ودين الحق فدعا الناس إلى الهدى ودلهم على الصراط المستقيم صلى الله وسلم عليه وعلى آله ومن سار على طريقه إلى يوم الدين .
أما بعد : اتقوا الله عباد الله ففيها السلامة والنجاة { وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } واشكروه على ما أنعم به عليكم من حماية الدين والنفس والمال والعرض والعقل ، لقد حمى الله الدين بما أقام عليه من الآيات البينات حتى تتمسكوا به عن علم وبصيرة ، وحماه بما رتبه من الجزاء الوافر على فعل الحسنات لترغبوا فيها وتقيموها ، وحماه لكم بما حذركم به من عقوبة المخالفات لترهبوا منها وتحذروا من الوقوع فيها ، وحماه بما أقامه من الجهاد بالنفس والمال .
وحمى الله الأنفس فأكد تحريمها في كتابه وعلى لسان رسوله وجعل القتل قرين الشرك فقال { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } وقال { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وعَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الهك عنه عَنَْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا » البخاري ومسلم وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الهف عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ » قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ « الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ » البخاري ومسلم.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» البخاري .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الها عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ » مسلم .
ومن أجل حرمة النفس وتحريمها فقد رتب الله على قتلها عقوبات أخروية وعقوبات دنيوية فأما العقوبات الأخروية فقد قال تعالى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } وفي هذه الآية أربع عقوبات كل واحدة منها توجل القلب وتفزع النفس وترهبها " فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا " فيا ويله ما أصبره على نار جهنم التي فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءا " وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " وبئسما حصل لنفسه من غضب الله عليه " وَلَعَنَهُ " فطرده وأبعده من رحمته " وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " فويل لقاتل المؤمن التعمد من هذه العقوبات النار وغضب الجبار واللعنة والعذاب العظيم وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الهل عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ » البخاري ومسلم . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ« يَأْتِي الْمَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الأُخْرَى يَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْعَرْشَ، فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِلَّهِ: رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ» الطبراني وصححه الألباني.
وعن أَبَي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ» الترمذي وصححه ابن حبان والألباني .
أيها المسلمون : هذه عقوبة قاتل النفس بغير حق في الآخرة إن لم يتب أو يقم عليه الحد فالله قال في شأن التائبين { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الهُ عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: « تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ » البخاري ومسلم .
وأما عقوبته في الدنيا فالقصاص كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى }{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }النفس بالنفس جزاءا وفاقا كما فعل بأخيه المسلم وأفقده حياته فجزاؤه أن يفعل به كما فعل . وقد جعل الله لولي المقتول سلطانا شرعيا وسلطانا قدريا أي قدرة في شرع الله وقضاءه وقدرة على قتل القاتل كما قال تعالى { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } فهذه الآية كما تدل على أن الله جعل لولي القاتل سلطانا شرعيا في قتل القاتل فقد يفهم منها أن الله جعل له سلطانا قدريا بحيث يكون قادرا على إدراك القاتل وقتله فهيأ له من الأسباب ما يتمكن بها من إدراكه والله على كل شيء قدير وبكل شيء محيط .
أيها المسلمون : ومع كل ذلك إلا أن الله تعالى قد سمى القاتل أخا لولي المقتول { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } فيا ولي المقتول اعلم أن عتق الرقبة من أعظم القربات عند الله بل هي من الأعمال التي تجتاز بها عقبة هذه الحياة الدنيا { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ } والمراد عتق الرقبة وعتقها بأحد أمرين فإما أن تكون هذه الرقبة عبدا أو أمة فيعتقها إن كانت ملكا له أو يشتريها ثم يعتقها وإما أن تكون الرقبة قاتلا وله عليه سلطان في القصاص فيتنازل عن قتله ويعفو عنه ويكون بذلك قد جاز العقبة ، ولئن كان ولي الدم قد فقد قريبا وعزيزا لديه إلا أن القصاص لن يعوضه عن قريبه وعزيزه مع أنه حق له ولكن الله قد قال { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } فالعفو العفو أخي المسلم إن كان لك دم عند أحد من إخوانك المسلمين من جيرانك أو أقربائك فإن العفو خير لك من القصاص وستبقى بعد العفو صاحب فضل وصاحب منة وحسنة لا ينساها لك من قتل قريبك .
والعفو خير من القصاص إذا كان المقتول ذا أسرة وعليه دين فيلجأ إلى الدية لتبرأ ذمة المقتول من الدين فإنه مرهون في قبره بدينه حتى يسد عنه وإن نبينا قد قال فيما روي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءِ قَالَا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ » المسند وصححه شعيب الأرنؤوط.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين ....
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون : ذكرت في الخطبة الأولى أن الله أنعم علينا بحماية الدين والنفس والمال والعرض وبقي الحديث عن حماية المال والعرض والعقل فأقول : لقد حمى الله تعالى أموالنا ومن حمايته لأموالنا أن جعل عقوبة السارق قطع يده إذا تمت الشروط { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } بل أمر صلى الله عليه وسلم بقطع يد جاحد العارية فلو استعار منك شخص شيئا يساوي ما تقطع به يد السارق ثم جحده وأنكر وقال ما استعرت منك شيئا فثبتت عليه العارية فإنه تقطع يده لجحوده ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رضي الهق عنها قَالَتْ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَلَّمُوهُ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ». فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِىُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَإِنِّى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا » وأما حماية الله للأعراض فقد ذكر الله جانبا كبيرا منها في سورة الحجرات { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الهل عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ » وأوجب الحد ثمانين جلدة على من قذف محصنا بالفاحشة وأوجب الحد على الزاني إن كان محصنا بالرجم بالحجارة حتى الموت وإن كان غير محصن لم يتزوج بالجلد مائة جلدة وتغريب عام وأما حد اللوطي وهو إتيان الرجل الرجل فهو القتل إذا كانا بالغين غير مجنونين سواء كانا متزوجين أم لا فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الهن عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ »المسند وصححه الحاكم والألباني.
وقد أجمع الصحابة على مقتضى هذا الحديث ، ومن حماية الله للأعراض أن أمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وأوجب على النساء الحجاب والتستر وحرم عليهن إبداء شيء من زينتهن ومنع الرجال من الدخول على النساء وبين أن دخول الرجال على النساء هو الموت ففي الصحيحين عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ » وحرم الاختلاط وكل ما من شأنه ضياع الأعراض وانتهاكها وكذلك حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية وهي التي يجوز له أن يتزوج بها عاجلا أو آجلا بل حرم سفر المرأة بدون محرم كل ذلك صيانة للأعراض وحماية لها من عبث العابثين وتآمر الليبراليين والعلمانيين المنافقين فاحمدوا الله أيها المسلمون على هذه الحماية لدينكم وأنفسكم وأموالكم وأعراضكم وسلوه أن يوفقكم للقيام بشكره وامتثال أمره واجتناب نهيه ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة وأما حماية الله للعقل فلها حديث آخر إن شاء الله اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك اللهم املأ قلوبنا بخشيتك وأقبل بها على طاعتك واحشرنا في زمرة الصالحين صلوا وسلموا على رسول الله ......
الخطبة الأولى:
الحمد لله القوي العظيم يقضي بالحق ويحكم بالعدل وهو العليم الحكيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه ربه بالهدى ودين الحق فدعا الناس إلى الهدى ودلهم على الصراط المستقيم صلى الله وسلم عليه وعلى آله ومن سار على طريقه إلى يوم الدين .
أما بعد : اتقوا الله عباد الله ففيها السلامة والنجاة { وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } واشكروه على ما أنعم به عليكم من حماية الدين والنفس والمال والعرض والعقل ، لقد حمى الله الدين بما أقام عليه من الآيات البينات حتى تتمسكوا به عن علم وبصيرة ، وحماه بما رتبه من الجزاء الوافر على فعل الحسنات لترغبوا فيها وتقيموها ، وحماه لكم بما حذركم به من عقوبة المخالفات لترهبوا منها وتحذروا من الوقوع فيها ، وحماه بما أقامه من الجهاد بالنفس والمال .
وحمى الله الأنفس فأكد تحريمها في كتابه وعلى لسان رسوله وجعل القتل قرين الشرك فقال { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } وقال { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } وعَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الهك عنه عَنَْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا » البخاري ومسلم وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الهف عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ » قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ « الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ » البخاري ومسلم.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» البخاري .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الها عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ » مسلم .
ومن أجل حرمة النفس وتحريمها فقد رتب الله على قتلها عقوبات أخروية وعقوبات دنيوية فأما العقوبات الأخروية فقد قال تعالى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } وفي هذه الآية أربع عقوبات كل واحدة منها توجل القلب وتفزع النفس وترهبها " فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا " فيا ويله ما أصبره على نار جهنم التي فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءا " وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " وبئسما حصل لنفسه من غضب الله عليه " وَلَعَنَهُ " فطرده وأبعده من رحمته " وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " فويل لقاتل المؤمن التعمد من هذه العقوبات النار وغضب الجبار واللعنة والعذاب العظيم وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الهل عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ » البخاري ومسلم . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ« يَأْتِي الْمَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الأُخْرَى يَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْعَرْشَ، فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِلَّهِ: رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ» الطبراني وصححه الألباني.
وعن أَبَي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ» الترمذي وصححه ابن حبان والألباني .
أيها المسلمون : هذه عقوبة قاتل النفس بغير حق في الآخرة إن لم يتب أو يقم عليه الحد فالله قال في شأن التائبين { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الهُ عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: « تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ » البخاري ومسلم .
وأما عقوبته في الدنيا فالقصاص كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى }{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }النفس بالنفس جزاءا وفاقا كما فعل بأخيه المسلم وأفقده حياته فجزاؤه أن يفعل به كما فعل . وقد جعل الله لولي المقتول سلطانا شرعيا وسلطانا قدريا أي قدرة في شرع الله وقضاءه وقدرة على قتل القاتل كما قال تعالى { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } فهذه الآية كما تدل على أن الله جعل لولي القاتل سلطانا شرعيا في قتل القاتل فقد يفهم منها أن الله جعل له سلطانا قدريا بحيث يكون قادرا على إدراك القاتل وقتله فهيأ له من الأسباب ما يتمكن بها من إدراكه والله على كل شيء قدير وبكل شيء محيط .
أيها المسلمون : ومع كل ذلك إلا أن الله تعالى قد سمى القاتل أخا لولي المقتول { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } فيا ولي المقتول اعلم أن عتق الرقبة من أعظم القربات عند الله بل هي من الأعمال التي تجتاز بها عقبة هذه الحياة الدنيا { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ } والمراد عتق الرقبة وعتقها بأحد أمرين فإما أن تكون هذه الرقبة عبدا أو أمة فيعتقها إن كانت ملكا له أو يشتريها ثم يعتقها وإما أن تكون الرقبة قاتلا وله عليه سلطان في القصاص فيتنازل عن قتله ويعفو عنه ويكون بذلك قد جاز العقبة ، ولئن كان ولي الدم قد فقد قريبا وعزيزا لديه إلا أن القصاص لن يعوضه عن قريبه وعزيزه مع أنه حق له ولكن الله قد قال { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } فالعفو العفو أخي المسلم إن كان لك دم عند أحد من إخوانك المسلمين من جيرانك أو أقربائك فإن العفو خير لك من القصاص وستبقى بعد العفو صاحب فضل وصاحب منة وحسنة لا ينساها لك من قتل قريبك .
والعفو خير من القصاص إذا كان المقتول ذا أسرة وعليه دين فيلجأ إلى الدية لتبرأ ذمة المقتول من الدين فإنه مرهون في قبره بدينه حتى يسد عنه وإن نبينا قد قال فيما روي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءِ قَالَا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ » المسند وصححه شعيب الأرنؤوط.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين ....
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون : ذكرت في الخطبة الأولى أن الله أنعم علينا بحماية الدين والنفس والمال والعرض وبقي الحديث عن حماية المال والعرض والعقل فأقول : لقد حمى الله تعالى أموالنا ومن حمايته لأموالنا أن جعل عقوبة السارق قطع يده إذا تمت الشروط { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } بل أمر صلى الله عليه وسلم بقطع يد جاحد العارية فلو استعار منك شخص شيئا يساوي ما تقطع به يد السارق ثم جحده وأنكر وقال ما استعرت منك شيئا فثبتت عليه العارية فإنه تقطع يده لجحوده ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رضي الهق عنها قَالَتْ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَلَّمُوهُ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ». فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِىُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَإِنِّى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا » وأما حماية الله للأعراض فقد ذكر الله جانبا كبيرا منها في سورة الحجرات { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الهل عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ » وأوجب الحد ثمانين جلدة على من قذف محصنا بالفاحشة وأوجب الحد على الزاني إن كان محصنا بالرجم بالحجارة حتى الموت وإن كان غير محصن لم يتزوج بالجلد مائة جلدة وتغريب عام وأما حد اللوطي وهو إتيان الرجل الرجل فهو القتل إذا كانا بالغين غير مجنونين سواء كانا متزوجين أم لا فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الهن عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ »المسند وصححه الحاكم والألباني.
وقد أجمع الصحابة على مقتضى هذا الحديث ، ومن حماية الله للأعراض أن أمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وأوجب على النساء الحجاب والتستر وحرم عليهن إبداء شيء من زينتهن ومنع الرجال من الدخول على النساء وبين أن دخول الرجال على النساء هو الموت ففي الصحيحين عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ » وحرم الاختلاط وكل ما من شأنه ضياع الأعراض وانتهاكها وكذلك حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية وهي التي يجوز له أن يتزوج بها عاجلا أو آجلا بل حرم سفر المرأة بدون محرم كل ذلك صيانة للأعراض وحماية لها من عبث العابثين وتآمر الليبراليين والعلمانيين المنافقين فاحمدوا الله أيها المسلمون على هذه الحماية لدينكم وأنفسكم وأموالكم وأعراضكم وسلوه أن يوفقكم للقيام بشكره وامتثال أمره واجتناب نهيه ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة وأما حماية الله للعقل فلها حديث آخر إن شاء الله اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك اللهم املأ قلوبنا بخشيتك وأقبل بها على طاعتك واحشرنا في زمرة الصالحين صلوا وسلموا على رسول الله ......
المشاهدات 3886 | التعليقات 6
شبيب القحطاني;21753 wrote:
جزاك الله خيرا
آمين وإياك وأسعد بمرورك فأهلاً بك
سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر
أشكر جميع اﻹخوة الذين عبروا عن إعجابهم بالخطوة والله أسأل أن ينفهنا وينفع بنا
الشكر للشيخ منديل والتقدير للأخ القدير وعودا حميدا شيخ منديل كنت بالأمس قد اتصلت بك ولكن للأسف كان جوالك مغلقا وكل ما في الأمر أطمئن عليك بعد الغياب.
زياد الريسي;22209 wrote:
الشكر للشيخ منديل والتقدير للأخ القدير وعودا حميدا شيخ منديل كنت بالأمس قد اتصلت بك ولكن للأسف كان جوالك مغلقا وكل ما في الأمر أطمئن عليك بعد الغياب.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق