حلقات تحفيظ القرآن، أهميتها ونشأتها وأشهر مؤسسيها
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
1432/10/17 - 2011/09/15 05:16AM
حَلَقَاتُ تَحْفِيظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ (1)
أَهَمِّيَّتُهَا، وَنَشْأَتُهَا، وَأَشْهَرُ مُؤَسِّسِيهَا
18/10/1423
الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، /font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ[/font][/color][font=traditional arabic{العلق:1-3}، نَحْمَدُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ وَكِفَايَتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَرِعَايَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حِفْظِ القُرْآنِ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِهِ؛ يَخْشَى نِسْيَانَهُ حَتَّى نَهَاهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَكَفَلَ عَزَّ وَجَلَّ إِيدَاعَهُ فِي صَدْرِهِ، وَعَلَّمَهُ كَيْفَ يَتَلَقَّى القُرْآنَ حَالَ إِنْزَالِهِ؛ /font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ ١٧ فَإِذَا قَرَأۡنَٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ ١٨ ثُمَّ إِنَّ عَلَيۡنَا بَيَانَهُۥ[/font][/color][font=traditional arabic{القيامة:16-19}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِهِ، وَعَظِّمُوا كِتَابَهُ، وَوَقِّرُوا حُفَّاظَهُ؛ فَإِنَّ تَوْقِيرَ حَمَلَةِ القُرْآنِ وَمُعَلِّمِيهِ مِنْ إِجْلاَلِ اللهِ تَعَالَى؛ فَهُمْ حَمَلَةُ النُّورِ فِي صُدُورِهِمْ، وَهُمْ حُرَّاسُ القُرْآنِ فِي حَلَقَاتِهِمْ؛ /font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِين[/font][/color][font=traditional arabic {المائدة:15}.
أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ أَذِنَ اللهُ تَعَالَى بِحِفْظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: /font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ[/font][/color][font=traditional arabic{الحجر:9}، هَيَّأَ الأَسْبَابَ لِذَلِكَ، فَشَرَعَ القِرَاءَةَ فِي الصَّلاَةِ، وَرَتَّبَ الأُجُورَ العَظِيمَةَ عَلَى تِلاوَةِ القُرْآنِ، فَصَارَتْ آيَاتُ القُرْآنِ يُجْهَرُ بِهَا فِي المَسَاجِدِ، فَيَتَلَقَّاهُ المُسْلِمُونَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَفِي كُلِّ الأَزْمَانِ؛ قِرَاءَةً وَسَمَاعًا جِيلاً عَنْ جِيلٍ، وَأُمَّةً عَنْ أُمَّةٍ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ أَوْ يَنْقُصَ مِنْهُ، وَلاَ يُعْلَمُ كَلامٌ فِي تَارِيخِ البَشَرِ كَانَ لَهُ هَذَا الشَّأْنُ، وَلاَ عُنِيَ بِمِثْلِ هَذَا الحِفْظِ!
وَلَمَّا كَانَ حِفْظُ القُرْآنِ وَضَبْطُهُ وَإِقْرَاؤُهُ لِلنَّاسِ بِهَذِهِ الأَهَمِّيَّةِ الكَبِيرَةِ، تَوَجَّهَتْ هِمَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ذَلِكَ، فَمَنَعَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ كِتَابَةَ شَيْءٍ غَيْرَ الْقُرْآنِ؛ لِيَحْصِرَ اهْتِمَامَ الصَّحَابَةِ فِيه؛ قِرَاءَةً وَحِفْظًا، وَضَبْطًا وَفَهْمًا، وَكَانَ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، وَيَسْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ حُفَّاظِهِ الْمُتْقِنِينَ، كَمَا اسْتَمَعَ لِقِرَاءَةِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- بَلْ وَقَرَأَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقُرْآنَ عَلَى أُبِيِّ بْنِ كَعْبٍ بَأَمْرٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ فَبَكَى أُبَيُّ لَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَكَانَ يُرْسِلُ الْقُرَّاءَ الْمُتْقِنِينَ مَعَ الْوُفُودِ الَّتِي تَفِدُ عَلَيْهِ لِيُقْرِئُوهُمُ الْقُرْآنَ؛ وَذَلِكَ لِضَرُورَةِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ، فَالصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ لَا قِيَامَ بِهَا إِلَّا بِحِفْظِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ الصَّحَابَةُ مُتَفَاوِتِينَ فِي حِفْظِهِمْ لِلْقُرْآنِ، وَذَكَرَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَرْبَعَةً مِمَّنْ حَفِظُوا الْقُرْآنَ كَامِلاً قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَشْهَرُهُمْ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَخْذِ الْقُرْآنِ عَنْ أَرْبَعَةٍ؛ فَقَالَ:«اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ؛ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ»؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَمِنْ مَشَاهِيرِ قُرَّاءِ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَمُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَكَانَ عُثْمَانُ يُقْرِئُ النَّاسَ الْقُرْآنَ، وَعَنْهُ أَخَذَ الْقُرْآنَ مَشَاهِيرُ مِنْ قُرَّاءِ التَّابِعِينَ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ- لَكِنَّ عُثْمَانَ شُغِلَ بِالْخِلَافَةِ وَالْقِيَامِ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ- اتَّسَعَتْ حَلَقَاتُ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ بِسَبَبِ اتِّسَاعِ الْفُتُوحِ، وَازْدِيَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْحَلَقَاتُ مُخْتَصَّةً فِي إِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَحِفْظِهِ، وَهِيَ امْتِدَادٌ لِإِقْرَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَتَحْفِيظِهِمْ كَلَامَ اللهِ تَعَالَى، وَلِإِرْسَالِهِ الْقُرَّاءَ مَعَ الْوُفُودِ الَّتِي أَسْلَمَتْ لِتَعْلِيمِهَا الْقُرْآنَ.
وَمِنَ الصَّحَابَةِ مَنِ انْقَطَعَ لِهَذَا العَمَلِ الجَلِيلِ، وَأَسَّسَ مَشْرُوعَاتٍ ضَخْمَةً لِإِقْرَاءِ النَّاسِ، وَتَحْفِيظِهِمْ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى، وَكَانَ أَشْهَرَ أُولَئِكَ وَأَعْظَمَهُمْ أثرًا فِي هَذَا المَجَالِ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
أَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ فِي مَكَّةَ، وَانْفَرَدَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرًا لِيَأْخُذَ عَنْهُ وَحْدَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعُ إِلَى قِرَاءَتِهِ وَيَبْكِي، وَيَكْفِي فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا نَزَلَ، فَلْيَقْرَأْهُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ»؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَيَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ بِالْقُرْآنِ قَوْلُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ»؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَلَمَّا أُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّ رَجُلاً يُقْرِئُ القُرْآنَ وَيُمْلِي المُصْحَفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ انْتَفَخَ غَضَبًا، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ ابْنُ مَسْعُودٍ سُرِّيَ عَنْهُ، وَقَالَ:«مَا أَعْلَمُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ».
مَكَثَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِإِقْرَاءِ النَّاسِ القُرْآنَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي أَسَّسَ مَدَارِسَ التَّحْفِيظِ فِي الكُوفَةِ، وَمِنْهَا انْتَشَرَ إِقْرَاءُ القُرْآنِ فِي العِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَهَا عَلَى أَيْدِي طُلَّابِهِ الحَفَظَةِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ:«كُنَّا نَعْرِضُ الْمَصَاحِفَ عَلَى عَبْدِ اللهِ»، وَمَرَّةً زَارَ حَلَقَاتِهِ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ مُتَسَائِلاً:«كُلُّ هَؤُلاَءِ يَقْرَأُ كَمَا تَقْرَأُ؟ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَمَرْتَ بَعْضَهُمْ فَقَرَأَ عَلَيْكَ، قَالَ: أَجَلْ؟ فَأَمَرَ أَحَدَهُمْ فَقَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ مَرْيَمَ، فَقَالَ خَبَّابٌ: أَحْسَنْتَ».
وَأَمَّا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: فَاشْتُهِرَ بِحُسْنِ الصَّوْتِ فِي التِّلاَوَةِ، حَتَّى إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَمَعَ لِقِرَاءَتِهِ لَيْلَةً، وَقَالَ لَهُ:«يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعْنَ إِلَى تِلَاوَتِهِ لِلْقُرْآنِ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ أَبُو مُوْسَى رُبَّمَا قَالَ لَهُ:«ذَكِّرْنَا يَا أَبَا مُوْسَى، فَيَقْرَأُ».
وَمِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ يَتَمَنَّى بَعْضُهُمْ تَطْوِيلَهُ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا قَالَ الْمُخَضْرَمُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:«إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ».
وَلَّاهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ؛ فَأَسَّسَ فِيهَا حَلَقَاتِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ الْأَمِيرُ، قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:«كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يَطُوفُ عَلَيْنَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، يَعْقِدُ حِلَقًا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ بُرْدَيْنِ أَبْيَضَيْنِ يُقْرِئُنِي الْقُرْآنَ».
وَمَرَّةً جَمَعَ أَبُو مُوسَى الَّذِينَ أَتْقَنُوا الْقُرْآنَ، فَإِذَا هُمْ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ، فَعَظَّمَ الْقُرْآنَ فِي نُفُوسِهِمْ وَوَعَظَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثِمِائَةُ هُمْ مِمَّنْ أَتْقَنُوا الْقُرْآنَ، سِوَى مَنْ حَفِظُوا أَكْثَرَهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَلَا يُعْلَمُ عَدَدُهُمْ!
وَفِي طَرِيقَتِهِ لِلْإِقْرَاءِ قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ:«كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ اسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ رَجُلاً رَجُلاً يُقْرِئُهُمْ».
وَيَبْدُو أَنَّ هِمَّتَهُ -وَهُوَ أَمِيرٌ- اتَّجَهَتْ لِذَلِكَ؛ فَانْتَشَرَ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي الْبَصْرَةِ بِسَبَبِهِ، قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:«بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟ قُلْتُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ القُرْآنَ».
وَاسْتَمَرَّ فِي الْإِقْرَاءِ بَعْدَ انْتِقَالِهِ لِلشَّامِ فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَيَكُونُ قَدِ اشْتَغَلَ بِإِقْرَاءِ النَّاسِ الْقُرْآنَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً.
وَأَمَّا أَبُو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَهُوَ مِمَّنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَأَتْقَنَهُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ كَانَ يَقُولُ:«لَوْ أُنْسِيتُ آيَةً لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُذَكِّرنِيهَا إِلاَّ رَجُلاً بِبَرْكِ الْغَمَادِ رَحَلْتُ إِلَيْهِ»، وَبَرْكُ الغَمَادِ: مَوْضِعٌ فِي الْيَمَنِ.
وَلَمَّا اتَّسَعَ الْإِسْلَامُ فِي الشَّامِ، احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى مَنْ يُقْرِئُهُمْ؛ فَأَرْسَلَهُ عُمَرُ مَعَ عُبَادَةَ وَمُعَاذٍ لِإِقْرَاءِ النَّاسِ، فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِي دِمَشْقَ، وُعُبَادَةُ فِي حِمْصَ، وَمُعَاذٌ فِي فِلَسْطِينَ، وَأَسَّسَ أَبُو الدَّرْدَاءِ حَلَقَاتِ التَّحْفِيظِ فِي دِمَشْقَ، وَكَانَ بَارِعًا فِي إِدَارَتِهَا وَتَنْظِيمِهَا، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ خَرَّجَتْ حَلَقَاتُهُ جَمًّا غَفِيرًا مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ، قَالَ مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ:«قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: اعْدُدْ مَنْ يَقْرَأُ عِنْدِي الْقُرْآنَ، فَعَدَدْتُهُمْ أَلْفًا وَسِتِّمِائَةٍ وَنَيِّفًا، وَكَانَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ مُقْرِئٌ، وَكَانَ أبَوُ الدَّرْدَاءِ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ قَائِمًا يَسْتَفْتُونَهُ فِي حُرُوفِ الْقُرْآنِ، فَإِذَا أَحْكَمَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ تَحَوَّلَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ»، وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:«كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ؛ فَكَانَ يَجْعَلُهُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَيَجَعَلُ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ عَرِيفًا، وَيَقِفُ هُوَ قَائِمًا فِي الْمِحْرَابِ يَرْمُقُهُمْ بِبَصَرِهِ، وَبَعْضُهُمْ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا غَلَطَ أَحَدُهُمْ رَجَعَ إِلَى عَرِيفِهِمْ، فَإِذَا غَلَطَ عَرِيفُهُمْ رَجَعَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ»، وَنَقَلَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ هُوَ الَّذِي سَنَّ هَذِهِ الحِلَقَ لِلْقِرَاءةِ، وَاسْتَمَرَّ فِي إِقْرَاءِ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، حَتَّى تُوُفِّيَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.
وَصَارَتْ هَذِهِ الْحَلَقَاتُ الْمُبَارَكَةُ لِإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَتَحْفِيظِهِ سُنَّةً مُتَّبَعَةً، وَجَادَّةً لِلْخَيْرِ مَطْرُوقَةً إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، يَنْقَطِعُ لِلْإِقْرَاءِ فِيهَا ثُلَّةٌ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، مِمَّنِ اسْتَوْدَعَ اللهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ فِي صُدُورِهِمْ، وَضَبَطُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؛ فَجَزَاهُمُ اللهُ تَعَالَى عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَكَثَّرَ فِي الْأُمَّةِ أَمْثَالَهُمْ، وَحَقُّهُمْ عَلَيْنَا إِجْلَالُهُمْ وَدَعْمُهُمْ وَتَأْيِيدُهُمْ؛ /font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡر[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs] فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيم[/font][/color][font=traditional arabic {البقرة:215}.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ [وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيٓ أُعِدَّتۡ
لِلۡكَٰفِرِينَ ١٣١ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ] {آل عمران:131-132}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: بِحِفْظِ اللهِ تَعَالَى لِلْقُرْآنِ حُفِظَ لِسَانُ العَرَبِ، وَلَوْلَا الْقُرْآنُ لَمَا بَقِيَتِ الْعَرَبِيَّةُ، وَبِحِفْظِ الْقُرْآنِ حُفِظَ الْإِسْلَامُ وَشَعَائِرُهُ، وَكَانَ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ حِفْظِ الْقُرْآنِ حَلَقَاتُ التَّحْفِيظِ الَّتِي أَسَّسَهَا الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَأَخَذَهَا عَنْهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَتَتَابَعَ أَهْلُ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
وَأَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ يُدْرِكُونَ أَنَّ سِرَّ قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَكْمُنُ فِي الْقُرْآنِ، وَأَنَّ آيَاتِهِ حِينَ تَقْرَعُ أَسْمَاعَهُمْ تَسْرِي فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةُ الدِّينِيَّةُ، وَتَبْعَثُ هِمَّتَهُمْ لِلدِّفَاعِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَرَدِّ الْعُدْوَانِ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا عَاثَ الْمُسْتَعْمِرُونَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ -إِبَّانَ سُقُوطِ خِلَافَةِ بَنِي عُثْمَانَ- تَوَجَّهَتْ هِمَّتُهُمْ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْكَتَاتِيبِ وَحَلَقَاتِ الْقُرْآنِ، فَعَلَ الْفَرَنْسِيُّونَ ذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ الْعَرَبِيِّ، وَأَلْغَوْا كَتَاتِيبَ الْقُرْآنِ، وَاسْتَبْدَلُوا بِهَا التَّعْلِيمَ الْفَرَنْسِيَّ، حَتَّى كَادَ يُمْحَى اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ، إِلَّا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَشْعَلَ جَذْوَةَ الْقُرْآنِ فِي قُلُوبِ الْمَغَارِبَةِ عَلَى أَيْدِي الْعُلَمَاءِ وَالْمُقْرِئِينَ، فَطَرَدُوا الاسْتِعْمَارَ الْبَغِيضَ، وَعَادَتْ حَلَقَاتُ التَّحْفِيظِ مَرَّةً أُخْرَى، وَكَثُرَ الْمُتْقِنُونَ لِلْقُرْآنِ مِنَ الْمَغَارِبَةِ، وَنَافَسَوا إِخْوَانَهُمُ الْمَشَارِقَةَ أَوْ فَاقُوهُمْ.
وَكَانَ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِ الاسْتِعْمَارِ الإنْجِلِيزِيِّ لِمِصْرَ - مَحْوُ الْقُرْآنِ، وَالقَضَاءُ عَلَى تَحْفِيظِهِ، وَلَكِنَّ الْمُسْتَعْمِرِين فَشِلُوا، وَبَقِيَ الْقُرْآنُ يُتْلَى وَيُحْفَظُ فِي أَرْضِ الْكِنَانَةِ!
وَكَانَ الشُّيُوعِيُّونَ أَشَدَّ الْكُفَّارِ عَلَى الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ، فَلَمَّا قَامَتْ دُوَلُهُمْ فِي الاتِّحَادِ السُّوفْيِتِّيِّ وَأُورُبَّا الشَّرْقِيَّةِ، أَتْلَفُوا نُسَخَ الْقُرْآنِ، وَأَغْلَقُوا كَتَاتِيبَهُ، وَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ أَوْ تَعْلِيمِهِ تَصِلُ إِلَى الْإِعْدَامِ، وَدَامَ ذَلِكَ سَبْعِينَ سَنَةً، حَتَّى جَهِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ وَكِتَابَ رَبِّهِمْ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَلَكِنْ بَقِيَتْ بَاقِيَةٌ لَمْ تُطْفَأْ جَذْوَةُ الْقُرْآنِ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَيَتَعَلَّمُونَهُ وَيَحْفَظُونَهُ بَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ الشُّيُوعِيِّينَ وَجَوَاسِيسِهِمْ، وَيَخْتَلُونَ بِالْقُرْآنِ فِي الْأَقْبِيَةِ وَالْمَغَارَاتِ واَلصَّحَارِي، وَبِمُجَرَّدِ سُقُوطِ الشُّيُوعِيَّةِ ظَهَرَ حُفَّاظُ الْقُرْآنِ الَّذِينَ حَفِظُوهُ فِي مَدَارِسَ سِرِّيَّةٍ فِي الْمَغَارَاتِ وَالْأَقْبِيَةِ، وَتَنَاقَلُوهُ أَبًا عَنْ جَدٍّ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ رُبَّمَا اشْتَغَلَ بِرَعْيِ الْغَنَمِ وَهُوَ غَنِيٌّ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيُقْرِئَهُ غَيْرَهُ فِي الْبَرَارِي، بَعِيدًا عَنِ الْأَعْيُنِ فِي قَصَصٍ عَجِيبَةٍ هِيَ أَقْرَبُ لِلْخَيَالِ مِنَ الْوَاقِعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ اللهِ تَعَالَى لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ!
إِنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ لَا يَأْلُونَ جُهْدًا فِي حَرْبِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ، وَلِأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ مُبَاشَرَةً وَبِالْقُوَّةِ الْقَاسِيَةِ، فَإِنَّهُمْ لَجَؤُوا إِلَى الْقُوَّةِ النَّاعِمَةِ بِتَجْفِيفِ مَنَابِعِ الْقُرْآنِ، وَتَشْوِيهِ حَلَقَاتِ تَحْفِيظِهِ، وَوَصْمِهَا بِكُلِّ نَقِيصَةٍ؛ لِتَنْفِيرِ النَّاسِ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ.
وَأَبْلَغُ رَدٍّ عَلَيهِمْ، وَنِكَايَةٍ بِهِمْ نَصْرُ الْقُرْآَنِ وَنَشْرُهُ، وَإِشَاعَةُ ثَقَافَةِ الْإِقْرَاءِ، وَدَعَمُ حَلَقَاتِ الْقُرْآَنِ، وَتَوقِيرُ حَمَلَتِهِ، وَإِلْحَاقُ الْأَوْلَادِ بِمَدَارِسِهِ وَدَوْرِهِ وَحِلَقِهِ؛ فَإِنَّ بِنَاءَ عُقُوْلِ الْنَّاشِئَةِ بِالْقُرْآَنِ يَحْمِيهِمْ مِنَ الانْحِرَافِ، وَيُفْسِدُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِيْنَ خُطَطَهُمْ فِي تَغْرِيبِ الْمُسْلِمِيْنَ وَإِفْسَادِهِمْ
إِنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ الطَّعْنَ الْمُبَاشِرَ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ عُمُومَ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ فَطَعَنُوا فِي حَمَلَتِهِ وَمَصَادِرِ تَحْفِيظِهِ وَتَلْقِينِهِ، وَايْمُ اللهِ تَعَالَى إِنَّ طَعْنَهُمْ فِيهِمْ لَا يُرِيدُونَ مِنْهُ إِلَّا الطَّعْنَ فِي الْقُرْآنِ، وَالْقَضَاءَ عَلَيْهِ، وَسَيبْقَى لِأَعْدَاءِ اللهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مَا يَسُوءُهُمْ -بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى- فَلَا يُحَارِبُ الْقُرْآنَ وَأَهْلَهُ جَبَّارٌ إِلَّا قَصَمَهُ اللهُ تَعَالَى وَأَذَلَّهُ وَأَهَانَهُ؛ [وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن
مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ]؛ {الحج:18}.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا.
المرفقات
حلقات تحفيظ القرآن الكريم1.doc
حلقات تحفيظ القرآن الكريم1.doc
1 حَلَقَاتُ تَحْفِيظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.doc
1 حَلَقَاتُ تَحْفِيظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.doc
حَلَقَاتُ_تَحْفِيظِ_القُرْآنِ_الكَرِيمِ_(1).doc
حَلَقَاتُ_تَحْفِيظِ_القُرْآنِ_الكَرِيمِ_(1).doc
المشاهدات 5080 | التعليقات 4
خطبة مميزة
نفع الله بك
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
المشايخ الكرام والإخوة الفضلاء: فهد بن غنيم وخطيب وشبيب: شكر الله تعالى لكم مروركم وتعليقكم واستجاب دعواتكم المباركة، وأجزل مثوبتكم، ونفغ بكم الإسلام والمسلمين.. اللهم آمين
فهد بن غنيم
الله الله عليك
أيها الخطيب المبارك
خطبة جميلة جدًا لافض فوك
أيضا هي في الوقت المناسب وهذا من ذكاء الخطيب
بارك الله فيك
تقبل مروري
تعديل التعليق