حق المسلم على المسلم ست ( الجزء الخامس ) (( وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ ))
مبارك العشوان
1438/08/14 - 2017/05/10 06:26AM
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ ...عبدُهُ ورَسُولُهُ.أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ... مُسْلِمُون.
عِبَادَ اللهِ: رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ ) وَذَكَرَ مِنْهَا: ( وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ..).
عِيَادَةُ المَرِيضِ رَحِمَكُمُ اللهِ: حَقٌ مِنْ حُقُوقِ المُسْلِمِ عَلَى أخِيهِ المُسْلِمِ، وَقَدْ كَانَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ يَعُودُ المَرْضَى، وَيَحُثُّ عَلَى عِيَادَتِهِم، وَيُبَيِّنُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ فَضْلَ هَذَا العَمَلَ وَمَنْزِلَتَه.
يَقُولُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،: مَرِضْتُ مَرَضًا، فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِي أُغْمِيَ عَلَيَّ،...) الخ رواه البخاري.
بَلْ كَانَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَعُودُ بَعْضَ مَرْضَى المُشْرِكِينَ رَجَاءَ إِسْلَامِهِم؛ يَقُولُ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: ( أَسْلِمْ )، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: ( الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري.
وَلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ( يَا عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ ... ) الخ رواه مسلم
عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِالأَمْرِ الصَّرِيحِ بِعِيَادَةِ المَرِيضِ؛ كَمَا قَالَ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ( أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ... ) الخ رواه البخاري ومسلم.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّـَمَ: ( أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ ) رواه البخاري
عِبَادَ اللهِ: ثُمَّ إنَّ فِي عِيَادَةِ المَرِيضِ أجُوراً عَظِيمَةً؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ) رواه مسلم وَفِي رِوَايَةٍ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: ( جَنَاهَا )
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِــمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَـوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ ... ) الخ رواه مسلم قَال النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا أَضَافَ الْمَرَضَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْمُرَادُ الْعَبْدُ تَشْرِيفًا لِلْعَبْدِ وَتَقْرِيبًا لَهُ.
قَالُوا وَمَعْنَى وَجَدْتنِي عِنْدَهُ أَيْ: وَجَدْتَ ثَوَابِي وَكَرَامَتِي.
عِبَادَ اللهِ: وَكَمَا أنَّ فِي عِيَادَةِ المَرْضَى أجُوراً عَظِيمَةً؛ فَإِنَّ فِيهَا مَصَالِحُ كَثِيرَةٌ؛ مَصَالِحُ لِلمَرِيضِ، وَمَصَالِحُ لِلْعَائِدِ، وَمَصَالِحُ لِلمُجْتَمَعِ كُلِّهِ، يَقُومُ المُسْلِمُ بِحُقُوقِ إخْوَانِهِ، وتَقْوى بَيْنَهُم المَحَبَّةُ، وَتَتَحَقَقُ الأُخُوَّةِ: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } الحجرات 10
فِيهَا إينَاسٌ لِلمَرِيضِ وَتَخْفِيفٌ لِمُصَابِهِ، وَإزَالَةٌ لِوَحْشَتِهِ، فِيهَا تَذْكِيرٌ لِلصَّحِيحِ بِنِعْمَةِ العَافِيَةِ، وَتَنْبِيهٌ لَهُ بِاغْتِنَامِهِا قَبَلَ فَقْدِهَا. عِيَادَةُ المَرْضَى رَحِمَكُمُ اللهُ: عَمَلٌ جَلِيلٌ؛ يَنْبَغِي لِلمُسْلِمِ أنْ يَحْرِصَ عَلَيهِ وَألَّا يَغْفَلَ عَنهُ.
سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابَتَهُ يَوماً:
( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ ) ( مَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ ) ( مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ ) ( مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ ) وَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْـــرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) . وَالحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِم.
البَعْضُ بَلِ الكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ لَا يَعُودُ مِنَ المَرْضَى إِلَّا مَنْ لَهُ بِهِ صِلَةٌ، مِنْ قَرَابَةٍ أوْ صَدَاقَةٍ، أوْ جِوَارٍ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْـلِمِ ) .
وَالأَعْجَبُ مِنْ هَذَا؛ أمْرٌ نَلْحَظُهُ فِي المُسْتَشْفَيَاتِ: يَعُودُ أحَدُهُمْ قَرِيباً أو صَدِيقاً، وَيَجْلِسُ مَعَهُ، وَيُحَادِثُهُ، وَفِي السَّرِيرِ الذِي بِجَانِبِهِ مَرِيْضٌ آخَرُ؛ فَلَا يَعُودُهُ، أوْ يَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ، بَلْ وَلَا يَلْتَفِتُ إِليَهِ؛ فَتَنَبَّهُوا رَحِمكُمُ اللهُ؛ وَقُومُوا بِحُقُوقِ إخْوَانِكُمْ.
بَارَكَ اللهُ... وَأقُولُ مَا تَسْمَعُونُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلهِ... أَمَّا بَعْدُ: وَقَدْ تَذَاكرنَا فَضْلَ عِيَادَةِ الْمَرْضَى ؛ فَمنْ هُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي يعاد ؟ يَقُولُ الشَّيخُ ابنُ عُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: المُرَادُ مَنْ مَرِضَ مَرَضاً يَحْبِسُهُ عَنِ الخُرُوجِ مَعَ النَّاسِ.
عِبَادَ اللهِ: ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ آداباً تَنْبَغِي مُرَاعَاتُهَا: أَوَّلُ هَذِهِ الْآدَاب: الْإِخْلَاصُ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ شَرْطٌ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، قَال تَعَالَى: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } أيْ: أخْلَصَهُ وَأَصْوَبَهُ.
وَمِنَ الآدَابِ: اخْتِيَارُ الوَقْتِ المُنَاسِبِ؛ فَتَجَنَّبْ وَقْتَ نَومِ المَرِيضِ وَوَقْتَ أكْلِهِ وَنَحْوِهَا.
وَكَذَلِكَ: عَدَمُ الْإِطَالَةِ عِنْدَ الْمَرِيضِ إِطَالَةً تُسَبِّبُ لَهُ الْحَرَجَ وَتَمْنَعُهُ مِمَّا قَدْ يَحْتَاجُهُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ.
أَوْ زِيَارَة نِسَاءٍ قَرِيبَاتٍ، أوْ ضِيقٍ فِي المَكَانِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
يَقُولُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: حَمَاقَةُ الْعَائِدِ أَشُرُّ عَلَى المَرْضَى مِنْ أَمرَاضِهِمْ، يَجِيئُونَ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ، وَيُطِيلُونَ الْجُلُوسَ.
وَمِنَ الآدَابِ: تَكْرَارُ عِيَادَةِ المَرِيضِ؛ وَالعِيَادَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ العَوْدِ، وَهُوَ: الرُّجُوعُ لِلشَّيءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَالْأمْرَاضُ تَخْتَلِفُ، وَمِنْهَا مَا يَطُولُ وَيَحْتَاجُ المَرِيضُ إلَى تَكْرَارِ عِيَادَتِهِ.
وَيُرَاعَى فِي هَذَا كُلِّهِ مَصْلَحَةُ الْمَرِيضِ وَعَدَمُ الْمَشَقَّةِ عَلَيهِ.
وَمِنَ الْآدَابِ: أَلَّا تُتْعِبَ الْمَرِيضَ بِكَثْرَةِ الْأسْئِلَةِ، أوْ تُحْرِجُهُ بِبَعْضِهَا، لَا تُذَكِّرِ المَرِيضَ بِمَا يُحْزِنُهُ، لَا تَسْأَلْهُ هَلْ زَارَكَ فُلَانٌ، وَلَمَ لَمْ يُرَافِقْ مَعَكَ فُلَانٌ؛ بَلْ أَدْخِلِ السُّرُورَ عَلَى قَلبِهِ، وَاخْتَرْ الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَةِ وَقَصَصِ المَرْضَى الَّذِينَ أُصِيبُوا بِأشدَّ مِنْ مَرَضِهِ, وَمَنَّ اللهُ عَلَيهِمْ بِالشِّفَاءِ.
دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبدِ العِزِيزِ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ؛ فَسَأَلَهُ عَنْ عِلَّتِهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ الزَّائِرُ: إنَّ هَذِهِ العِلَّةَ مَا شُفِيَ مِنْهَا فُلَان، وَمَاتَ مِنْهَا فُلَان. فَقَالَ عُمَرُ: إذاَ عُدَّتْ مَرِيضَا فَلَا تَنْعَ إِلَيْهِ الْمَوتَى، وَإذاَ خَرَجْتَ عَنَّا فَلَا تَعُدْ إِلَينَا.
وَمِنَ الْآدَابِ: الدُّعَاءُ لِلْمَرِيضِ؛ وَهُوَ مِمَّا يُدخِلُ السُّرُورَ عَلَى المَرْضَى، وَمِنْ أَنفِعِ الْأدْعِيَةِ مَا جَاءَ فِي الْحَديثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ) أخرجه أبو داود وصححه الألباني وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ، قَالَ: أَذْهِبِ الْبَأْسَ، رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ، اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغادِرُ سَقَمًا ). أخرجه البخاري وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ : ( لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ ) . أخرجه البخاري.
وَمِنْ ذَلِكَ تَذْكِيرُهُ بِحَدِيثِ: ( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ. ثَلاَثًا.َقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ). رواه مسلم وَتَذْكِيرُهُ بِالدُّعَاءِ { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } النمل 62
وَمَنْ كَانَ يُحْسِنُ الرُّقْيَةَ فَلْيَرْقِ، وَمَتَى عَلِمَ رَغْبَةَ المَرِيضِ فِي الرُّقْيَةِ؛ فَلْيُبَادِرْهُ بِهَا؛ حَتَّى لَا يُحْوِجَهُ لِطَلَبِهَا.
وَمِنْ آدَابِ زِيَارَةِ المَرِيضِ: تَذْكِيرُهُ بِأجْرِ الصَّبْرِ عَلَى المَرَضِ، وَجَزَاءِ الصَّابِرِينَ: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } البقرة 155 - 157
وَيُذَكَّرُ بِبَعْضِ الأحَادِيثِ؛ كَحَدِيثِ: مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري
وَهَكَذَا يُذَكَّرُ بِاللهِ تَعَالَى، وَبِاغْتِنَامِ الوَقْتِ بِذِكْرِ اللهِ وَتَسْبِيحِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ. وَيُحَسَّنُ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
فَإنْ رَأى عَلَيهِ عَلَامَاتِ المَوْتِ؛ لَقَّنَهُ لَا إلَهَ إلا اللهُ.
عِبَادَ اللهِ: ثُمَّ إنَّ هُنَاكَ بَعْضَ التَّنبِيهاتِ حَولَ عِيَادَةِ المَرِيضِ:
فَمِنهَا: تَّكَلُفُ بَعْضُ الزُّوَّارِ فِي الهَدَايَا للمَرِيضِ، وَالتَّقلِيدُ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي نَوعِ تِلكَ الهَدِيَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَخَطِّي أنْظِمَةَ الزِّيَارَةِ؛ سَوَاءً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ ابْتِدَائِهَا وَانْتِهَائِهَا، أو مَا يَتَعَلَّقُ بِاصْطِحَابِ الأَطْفَالِ، أوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِإدْخَالِ المَأكُولَاتِ التِي مَنَعَ مِنَهَا الأطِبَّاءُ.
وَهَذَا كُلُّهُ لِمَصْلَحَةِ المَرِيضِ فَتَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ.
وَمِنَ التَّنبِيهَاتِ: مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مُرَافِقِي أوْ مُرَافِقَاتِ المَرْضَى بَعْدَ انْتِهَاءِ وَقْتِ الزِّيَارَةِ؛ يَجُوبُونَ غُرَفَ المَرْضَى وَيُشْغِلُونَهُمْ، وَرُبَّمَا أيْقَظُوهُمْ مِنَ نَوْمِهِم.
وَمِنْ ذَلِكَ: تَدَخُّلُ بَعْضِ الزُّوَّارِ أو غَيرِهِمْ فِي مُعَالَجَةِ المَرِيضِ، فَيُشَخِّصُ المَرَضَ، وَرُبَّمَا وَصَفَ العِلَاجَ بِنَاءً عَلَى التَّجْرُبَةِ، أوْ عَلَى مَا يَسْمَعُ مِنَ النَّاسِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَأتِي إلَى المَرِيضِ المُنَوَّمِ فَيُكْثِرُ عَلَيهِ، وَيُقْنِعُهُ لِيَخْرُجَ مِنَ المُستشفَى، وَقَدْ يَضُرُّ المَرِيضَ وَهُوَ يُرِيدُ نَفْعَهُ.
ألَا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ؛ وَاحْرِصُوا عَلَى: عِيَادَةِ المَرْضَى، احرِصُوا عَلَى هَذِهِ السُّنة، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِهَا.
ثُمَّ صَلُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ وَسَلِّمُوا ....
اللهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِين...اللهُمَّ أعِزَّ الإسلَامَ...
اللهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا.... عِبَادَ اللهِ: اذكُرُوا اللهَ...