حقيقة حب النبي صلى الله عليه وسلم

أسامة عبدالله الشرعبي
1436/03/09 - 2014/12/31 18:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته،ويزكيهم ،ويعلمهم الكتاب، والحكمة،هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،وصفيه من خلقه وخليله،أقوم الناس قيلاً،وأهداهم سبيلاً،وأرشدُهم طريقاً،أعرفُ الناس بربه،وأتقاهم لخالقه؛فصلوات ربي وسلامه عليه وآله،وأصهاره،وأصحابه،وأحبابه من سار على نهجه،وتبعه على ذلك إلى يوم الدين.
يارب صل على النبي المصطفى
ما أمت الزوار مسجــد يثربــــا
يـــارب صل على النبــي وآلـــه
ما قال ذو كرم لضيـــف مرحبـــا
أما بعد:
عباد الله:أوصيكم ونفسي الخاطئة المذنبة المقصرة بتقوى الله عز وجل القائل((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
أيها الأحبة الكرام :- لنا في هذه الجمعة المباركة في هذا المكان المبارك موضوع أكثر بركة وأعظم من ذلك كله.
نتحدث اليوم ونتذاكر ونتذكر شخصية عظيمة،عن الرحمة المهداة،عن النور الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور،إنه حبيبنا،وعظيمنا،وقائدنا،ومرشدنا،ونبينا محمد-صلى الله عليه وسلم.
إنا إذا تذكرناه-صلى الله عليه وسلم- تذكرنا تلك الأخلاق الطيبة،وتلك المعاملات الحسنة.
نتذكر حكمته،وحلمه،وصدقه،ووفاءه،وكل أخلاقه،وصفاته
نتذكر تلك السيرة النبوية العطرة المليئة بالتضحيات التي قدمها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لأجل هذه الأمة وهذا الدين.
يُؤذى ويتعرضُ لألوانٍ من الأذى،والسب والشتم،والإساءة إلى شخصيته المباركة عليه الصلاة والسلام،وتنفير الناس عنه وعما يدعو إليه.
ويُكذب،ومرة يقال له ساحر،ومرة كاهن،وأخرى شاعر،وتارة يُوصف بالجنون،ويقال بأن القرآن إلا خرافات وأساطير الأولين
أبوجهل عليه من الله ما يستحق يُلقي سلا الجزور على ظهره الشريف وهو ساجد عند الكعبة،ويأتي عقبة ويبصق في وجهه الشريف ،ويأتي أحدهم يخنقه،ويذهب إلى الطائف يدعو الناس فيجمع له أهل الطائف المجانين والأطفال يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه وشج رأسه-فداه أبي وأمي-،وتكسر رباعيته في غزوة أحد وتدخل حلقة من حلقات المغفر في وجنته الشريفة.وكم من التضحيات التي تحملها النبي-صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه.
لماذا كل هذا؟؟لماذا تحمل الرسول كل هذه الأعباء؟من أجل من؟؟كل ذلك من أجلنا،ومن أجل أن يصل دين الله إلينا،حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على هدايتنا..
ولقد وصل إلينا هذا الدين والحمدلله...ولكن كيف تعاملنا مع هذا الدين؟أين موقعه من حياتنا؟هل قمنا به كما أريد منا؟هل اتبعنا ما أمرنا به؟واجتنبنا ما نهانا عنه؟
والله يا أخوة.. ما وصل إلينا هذا الدين بسهولة قُدمَ من أجله كلُ غالٍ ونفيس،قُدمت أنفس وأُريقت دماء، وأنفقت أموال،
فلماذا نأتي نحن ونضيع هذا كله؟ ونترك هذا الدين؟ ونبتعد عنه؟ ونهمله؟ فعاقبنا الله بهذه البلايا والأزمات والمشكلات...التي لا مفر منها ولا مخرج إلا الرجوع إلى تعاليم هذا الدين الحنيف.
يدعونا الرسول لهذا الدين ونحن نقصر فيه﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
نعم..هذا رسول الله،هذا الرحمة المهداة فصلوات ربي وسلامه عليه
يارب صل على النبي المصطفى
ما غردت في الأيك ساجعة الربى
أيها الأخوة الأكارم :-في أحد الأيام قبل عشرات القرون،ومئات السنين ؛تنطفئ نار المجوس، وتنار الأرض مشارقها،ومغاربها؛؛؛
ما الذي حدث؟وماذا جرى؟وماذا؟وماذا؟ولماذا؟
لقد وُلد محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه؛ولد النور فأنار الله به بقاع الأرض ليمحو هذا النورُ ظلماتِ الجهل، والشرك،وُلد هذا الهدي الرباني ليطفئ نار العبودية لغير الله.
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفـــــــــــــم الزمان تبســم وثنـــــــاء
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا
يوم يتيه على الزمان صباحه
ومساؤه بــــمحـــــمــــد وضــــاء
الحق عالي الركن فيه مظفر
في الملك لا يعلو عليه لواء
يولد عليه الصلاة والسلام،ويذهب به جده عبدالمطلب إلى جوف الكعبة،وكان أبوه قد مات قبل أن يولد؛ ليتربى يتيماً بلا أب،ويسميه جده محمد حمداً لله،وثناءاً،وكان أول ثدي رضع منه ثدي أمه آمنة بنت وهب،ولم يشاركه في ذلك أحد،أي لم يكن له أخوة من الرضاعة بل لم يرضع أحداً من ثدي أمه آمنة قبله ولا بعده أحد.
ثم يرضع من ثويبة،ثم من حليمة السعدية في البادية كعادة العرب.
وتنال حليمة من البركات الكثير والكثير في فترة رضاعه صلى الله عليه وسلم منها،ويأتيه الملك فيشق صدره ويخرج قلبه ويغسله بالماء والثلج والبرد،ليطهر ذلك القلب الطاهر والشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.
وتموت أمه وهو في سن السادسة من عمره ليصبح يتيم الأبوين،ويربيه جده ،ثم يموت عنه،ويربيه عمه أبو طالب وظل يدافع عنه وعن دعوته حتى مات عمه في عام الحزن الذي ماتت فيه أيضاً زوجه خديجة بنت خويلد-رضي الله عنها وأرضاه-.
وكان آنذاك يحب الخلوة والانفراد،وكان ينعزل عن قريش ومجالسها وينفرد في غار حراء،وقد تكفل الله بإعداد وتربية الأنبياء ومنهم حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال:((فإنك بأعيننا)).
واشتهر عند قريش بأخلاقه،ومحاسنه،فكانوا يدعونه الصادق الأمين وكانوا يحتكمون له في قضاياهم ويدخرون عنده ودائعهم.
ثم يبعث في سن الأربعين صلى الله عليه وسلم ويأتيه جبريل في غار حراء لأول مرة يرى فيها النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على هيئته الحقيقية
ويخاف،ويرتعب،ويذهب إلى زوجه خديجة-رضي الله عنها-فكانت تؤيه وتخفف عليه،في بداية الدعوة إذ بأت دعوته سرية ثم بدأ مع عشيرته الأقربين ثم جهر بالدعوة على جبل الصفا إذ دعا قريش وجمعها بطناً بطنيا وقبيلة قبيلة يا بني عبد مناف،يابني هاشم،يا بني زهرة،كل باسم قبيلته حتى اجتمعوا له فقال لهم أرأيتم لو قلت لكم أن خيلاً ستعدو عليكم من وراء هذا الجبل أكنتم مصدقي؟؟قالوا:نعم..قال:"فإني نذير لكم من بين يدي عذاب شديد."فقال له أبولهب:تباً لك ألهذا جمعتنا؟؟؟
وتبدأ قصة الأذى للحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم من أقرب الناس إليه وهو عمه أبو لهب..ويتحمل الأذى ويكابده كل ذلك لأجل ومن أجل أمته من أجل أن يخرجنا من الظلمات إلى النور ولكننا نريد أن نعود إلى تلك الظلمات مبتعدين عن هديه-صلى الله عليه وسلم.
أيها الأخوة في الله:-دعوني أضرب لكم مثالاً؛وأعيروني سمعكم وأبصاركم وأفئدتكم.أرأيتم لو أنك وقعت في حريق نعم..حريق شديد ونار مرتضمة شديدة الحرارة واللهب لا تدع شيئاً إلا أحرقته وأنت بداخل هذا الحريق.
لا تدري من أين تفر؟ولا كيف تفر؟ولا تعرف المخرج؟والنار تكاد تلتهمك!والحر الشديد يزداد!إذا لم تخرج وتنقذ نفسك!ستحرق-لا شك- في هذا الحريق؛وفجأة!!إذا بك وجدت ما يعينك على الخروج!يأتي شخص من الأشخاص وينقذك!!آه..آه يأتي شخص ينقذك نعم..ينقذك!لا تصدق ما ترى؟!فكيف سيكون شعورك تجاه هذا الشخص المنقذ الذي أنقذك من هذه النار الملتهبة!لا شك أنك ستحبه،وتحترمه كثيراً!اما إذا كنت عديم الحياء ليس في قلبك ذرةً من الأخلاق لن يؤثر فيك الموقف!ولا يعنيك في شيء.هذا مثالاً حياً لحبيبي وحبيبك محمد-صلى الله عليه وسلم-لإنقاذك من نار الآخرة وليس من نار الدنيا إذ أن نار الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم فهذا المنقذ العظيم-عليه الصلاة والسلام-أنقذك من الظلمات ليخرجك إلى النور؛؛فكم بالله عليك مقدار محبته عندك؟؟!!هل تحبه وتعمل بمقتضيات حبه؟؟!أسأل نفسك وكل واحدٍ منا يسأل نفسه هذا السؤال؛هل أنا أحبه حباً يفوق حبي لنفسي،ووالدي وولدي والناس أجمعين؟!لا تخدع نفسك بالإجابة وكن صادقاً مع نفسك؟أحبه أكثر من حبي لنفسي، وأبي وأمي وابني وكل الناس؟!أم لا؟وابحث عن إجابة دقيقة لهذا السؤال!إذا كانت إجابتك لا.فانتبه فأنت في خطر؟!لا إيمان لمن لا يحبه أكثر من حبه لنفسه على حسب حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم-الذي يرويه أنس بن مالك-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال))لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))
فاللهم اجمعنا بحبيبنا محمد في جناتك جنات النعيم،أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية
الحمدلله،والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وأصحابه ومن والاه
أما بعد:-
عبادالله:أوصيكم مرة ثانية وثالثة ومرات ومرات بتقوى الله عز وجل
((يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ))
أيها المسلمون أحبتي في الله:
المرفقات

حقيقة حب النبي صلى الله عليه وسلم.docx

حقيقة حب النبي صلى الله عليه وسلم.docx

المشاهدات 2146 | التعليقات 0