حقوق كبار السن

د. ماجد بلال
1443/06/10 - 2022/01/13 15:03PM

خطبة حقوق كبار السن

ماجد بلال / جامع الرحمن بتبوك 10/6/1443هـ

الخطبة الأولى :               لــ/ محمد مبارك الشرافي بتصرف

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله واعلموا أن الله قد أعطى حقوقاً لكبار السن من الوالدين وغيرهم،

قال الله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، فأوجب حق الوالدين ثم أوصى ربنا عز وجل بهم وصية خاصة حين يكبران، وذلك أن تقدم السن موجب للضعف والحاجة، فما أجمل بر الوالدين وما أعظم الإحسان لهما حال الكبر والضعف.

وهكذا جاء ديننا بحفظ حق كبير السن باحترامه وإجلاله بالقول والفعل، يعطى اسم العم، و يقدم في الدخول، والكلام عن أَبي أُمامة قال : أَنس بن مالك رضي الله عنه، فوجدناهُ يصَلي العصرَ، فقلتُ: يا عمِّ! ما هذه الصلاةُ التي صلَّيتَ؟ رواه البخاري.

وفي الصحيحين في قصةٍ قال فيها سهل بن أبي حثمة : فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لَيَتَكَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (كَبِّرْ كَبِّرْ) يُرِيدُ: السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ.

أيها المسلمون : ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على حقوق الكبار – وهذا شامل للرجال والنساء – فعن عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنهم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا) رواه أبو داود  وصححه الألباني.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُم) رواه ابن حبان في صحيحه،

وَعَنِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ الله إكْرامَ ذِي الشَّيبةِ المسلمِ، وَحَامِلُ الْقُرْآنِ غَيْرَ الْغَالِي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامُ السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وحسنه الألباني.

 

 

أيها المسلمون : من حقوق الكبار علينا رجالا ونساء بدؤهم بالسلام، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لِيُسَلِّمِ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ...)، ومن حقوقهم أن لا نتكلم بحضرتهم في الكلام العام إلا بإذنهم وإشارتهم، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ) قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ (هِيَ النَّخْلَةُ) متفق عليه، فانظر أدب ابن عمر رضي الله عنهما لم يتكلم بحضرة الأكابر.

ومن حقوقهم الاتيان إليهم في بيوتهم وزياتهم، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ يَقُودُهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَلَا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيَهُ فِيهِ؟) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَمْشِي إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ، فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِهِ وَقَالَ لَهُ (أَسْلِمْ) فَأَسْلَمَ. رواه أحمد.

ومن حقوقهم: إكرامهم في المجالس والجلوس أمامهم بأدب وأن لا تمد رجليك أمامهم، وتُعاملهم بلطفٍ وشفقة وحنوٌ ورفقٍ ورحمة، ومن المهم جدا أن لا تشتغل بين يديهم بجوالك وتنشغل عنهم ، ومن المؤسف أن بعض الناس يزور والديه أو أقاربه من كبار السن أو غيرهم، ثم بعد السلام يخرج جواله ويصير يتنقل بين البرامج واحدا بعد الآخر ويتركهم ينظرون إليه  بحسرة وأسف.

ومن حقوقهم : مراعاتهم في الصلاة من أصحاب الفضيلة أئمة المساجد، فلا يطيل بما يخالف السنة ويشق عليهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.            

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروا إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

من صور إكرام كبير السن، أن توضع لهم المنزلقات عند المداخل والخارج، وأن توضع لهم الحواجز المساندة وما تسمى بالدرابزين عند أعتاب الدرج، وأن تمد له يدك حتى يتوكأ عليها ولا تنتظر سؤاله ولا طلبه، فإنه قد يستحي من الطلب وقد يسقط لا قدر الله، فلا تحوجه للسؤال وطلب المساعدة، وبادر أنت إليها،

ومن صور الآداب أن تفتح له الباب وأن تنتظره حتى يدخل، وأن توفر لهم المشروبات الخالية من السكر، وأن يسألوا عن حاجتهم لدورات المياه وأن تهيأ لمساند للجلوس والنهوض، وتوفير جهاز غسل القدمين للوضوء، وأن توفر لهم الكراسي في المساجد وأن تقرَّب لهم، ومن صور الاحترام الانصات إلى حديثهم وعدم التغافل عنهم، وعدم اسماعهم كلمة (الشايب) أو (العجوز) أو (العود) مما قد يشعرهم بعدم الاحترام، والعناية الطبية بهم، تفقد أقدامهم من الرطوبة المؤدية إلى الغرغرينة –لا قدر الله- خاصة مرضى السكر، خاصة في هذا الشتاء القارس، تهميز أقدامهم والمساج المريح لهم، إجراء الفحوصات الطبية ومرافقتهم في المستشفى ونقلهم من عيادة لأخرى، وعدم الاكتفاء بإيصالهم أو تركهم مع الخدم ولا حتى الأحفاد،

وقد أولت الحكومة وفقها الله لهم أهمية كبرى، كفرض راتب التقاعد عند بلوغ السن النظامي، وعيادات للنقاهة لمن لا قريب لهم، وتقديم كافة الخدمات الطبية والحكومية لهم في المنازل عبر عربات مجهزة بالكامل، وتخصيص أماكن لوقوف سياراتهم، وجمعيات لممارسة الأنشطة المختلفة، وغيرها من الخدمات التي يشكر القائمون عليها.

صلو وسلموا ....

المرفقات

1642086181_خطبة حقوق كبار السن ماجد بلال.pdf

1642086183_خطبة حقوق كبار السن ماجد بلال.docx

المشاهدات 1205 | التعليقات 0