حِفظ الضروريات الخمس والتحذير من المخدرات

عايد القزلان التميمي
1443/07/10 - 2022/02/11 04:46AM
الحمد لله الذي جعل الإنسان خليفة في الأرض ليعمرها ، وملَّكه جوها وبرها وأبحرها ، وزينه بالعقل وأكرمه بالعلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وهداه بالدين إلى الصراط المستقيم ، وجعل الإسلام دينا جامعا بين مصالح الدنيا والآخرة ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الكريم صلى الله وسلم عليه ، وعلى آله وصحبه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، أفضل صلاة وتسليم .
أَمَّا بَعْدُ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا * يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا﴾
عباد الله : إن شريعة الإسلام، جاءت لجلب المصالح أو تَكْمِيلها ودَفْع المضَار أو تَقْلِيلها وهي مبنية بناء متينا حكيما، لأنها من العزيز الحكيم الحميد، فما من مصلحة في الدنيا و الآخرة إلا وأرشدت إليه ودلت عليه، وهذا عامٌ يشمل كلما يحتاج الإنسان إليه في أمور دينه ودنياه ولذلك اعتنت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس والتي هي: حِفظ الدين، وحِفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال . 
 وممّا دلّ على الضروريات الخمس قول الله تعالى (قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ*وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّـهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ*وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ )) .
أيها المسلمون: لقد اهتمت الشريعة بحفظ تلك الضرورات اهتماما بالغا، فأوجب الإسلام على الناس حفظ الدين بالعمل به، والدعوة إليه، والحكم به . وحفظ الدين أولها، لأن الغاية التي خُلِقَ الخَلْقُ لها قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )) .
و يُعَدّ حفظ الدين أهمّ الضروريات الخمس، ويُقصَد به : تثبيت أركان الدين، وأحكامه، والحِرص على أدائها.
أيها المسلمون: ومن الضرورياتِ التي فرضهَا الإسلام، لرعايةِ حقوقِ الإنسان, حفظُ النفس، فحرّمَ الاعتداءَ عليها، أو فيما يُعرّضها للخطر والتلف بلا حاجة, وحرّم قتل النفس التي حرّم الله بغير حق ، فقد قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، وقال أيضًا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، ومن الأحكام الشرعية التي بُنيت على ضرورة حفظ النفس تشريع القصاص والديات، ومن التطبيقات المعاصرة على حفظ النفس تطبيق الحجر الصحي عند حدوث الأوبئة وما شابه ذلك.
عباد الله : ومن الضروريات التي اهتم الإسلام بها لكفالة حق الإنسان في الحياة حفظ النسل،
وشرع لذلك الوسائل الكفيلة بحفظه فرغب في كثرته، ورغب في النكاح الذي به يحفظ النسل وشرّع الإسلام الأحكام الشرعية للحفاظ على النسل ومنع اختلاط الأنساب، ومن هذه الأحكام تحريم الزنا وارتكاب الفواحش،  وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، وقال أيضًا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا )).
عباد الله: ومن الضروريات التي اهتم الإسلام بها لكفالة حق الإنسان في الحياة حفظ المال،
 فالمال من أساسيات الحياة، وقد وصفه الله بذلك بقوله  ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً .
من التطبيقات العملية على حفظ المال وكونه ضرورة من الضروريات الخمس تحريم إتلافه، وتحريم الإسراف وبيان خطورة أكل مال اليتيم ونقص المكيال والميزان، والدعوة إلى الاستقامة في هذه الأمور جميعها، وقد قال تعالى (( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ )).
بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية
 الحمد لله العليم الحكيم؛ أحل لعباده من المآكل أطيبها، وحرم عليهم خبائثها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المؤمنون : من الضروريات التي اهتمت الشريعة بحفظها صيانة لحقوق الإنسان حفظ العقل، الذي هو أعظم نعم الله على العبد، فبه يميز بين الخير والشر، والضار والنافع، ولذا حرص الإسلام على حمايته وحفظه مما يفسده فقال تعالى:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ﴾
وقد جاء عنه –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة قال –صلى الله عليه وسلم-: «كلُّ شرابٍ أسكَرَ فهو حرامٌ»  وهذا نص يدل على تحريم الخمر وعلى تحريم كل ما غيب العقل، ومن ذلك ما انتشر في الزمان المعاصر من المخدرات التي تسكر العقل وتذهبه .
أيها الشبابُ، اتقوا الله عز وجل، واشكروه على نِعَمِه، نِعمَةِ ديننا الإسلامي الذي أُحِلَّتْ لنا فيه الطيباتُ، وحُرمت علينا فيه الخبائثُ، واشكروا الله عز وجل على نعمةِ العقل، وزورا مرّةً واحدةً فقط مستشفى الصحةِ النفسيةِ؛ لتروا شبابًا ، اختلت عقولُهم بسببِ حبةٍ أو سيجارةٍ أو شرابٍ، واعتبروا بغيرِكم قبل أن يعتبِرَ بكم غيرُكم.
عباد الله إن المواظبة على الصلوات وتنشئة الأبناء على الأخلاق الحميدة أعظم حماية يقي من الشرور، كذلك الحرص على الصحبة الصالحة سواءً للكبار أو الصغار، وكذلك متابعة الأبناء ومعرفة أصدقائهم، وعدم السماح لهم بالسهر لأوقات متأخرة من الليل، وتجنيب الأبناء المشاكل الأُسْرِيّة.
عباد الله ومن علمتم من أبنائكم أو من تحت أيديكم أنه ابْتُلِي بآفة المخدرات فعليكم المبادرة بعلاجه في المستشفيات المتخصصة لعلاج تلك الآفة .
والتعاون يدًا واحدة مع رجال الأمن في التبليغ عن المروجين ومحاربتهم لاستئصال الشر من جذوره، عسى الله أن يحفظنا وإياكم بحفظه.  
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات

1644554744_حفظ الضروريات الخمس والتحذير من أضرار المخدرات.doc

المشاهدات 5021 | التعليقات 0