حِفْظُ الضَّرُورَاتِ وَخَطَرُ المخَدِّرَاتِ 10 رَجَب 1443هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/07/08 - 2022/02/09 17:04PM

حِفْظُ الضَّرُورَاتِ وَخَطَرُ المخَدِّرَاتِ 10 رَجَب 1443هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي أَحَلَّ لِعِبَادِهِ الطَّيِّبَاتِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَالْمُنْكَرَاتِ، الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ التَّوَاب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَاب، ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ شَرِيعَتَنَا الغَرَّاءَ وَمِلَّتَنَا السَّمْحَاءَ جَاءَتْ بِحفْظِ خَمَسِ ضَرُوراتً لَا غِنَى لِلإِنْسَانِ عَنْهَا, وَهِيَ الدِّينُ والنَّفْسُ وَالنَّسْلُ وَالمالُ والعَقلُ, فَأَمَّا الدِّينُ فَأَمْرَ اللهُ تَعَالى بعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ دَونَ مَنْ سِواهُ وَحَرَّمَ الشِّرْكَ, قَالَ اللهُ تَعَالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}, وَكَذِلَكَ فَقَدْ أَمَرَ بِاتَّبَاعِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ وَحَّرَمَ البِدْعَةَ, قَالَ اللهُ تَعَالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}, وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وَأَمَّا النَّفْسُ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}, وَأَمَّا حِفْظُ العِرْضِ وَالنَّسْلِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ الزِّنَا وَقُرْبَانَهُ, فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}, وَأَمَرَ بِغَضِّ البَصَرِ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِحِفْظِ الفَرْجِ, فَقَالَ عَزَّ وِجَلَّ { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}, وَقَالَ بَعْدَهَا {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}, وَأَمَّا المالُ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}, وَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ حِفْظًا لِمَالِ الآخَرِينَ, قَالَ جَلَّ وَعَلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

وَأَمَّا الخَامِسُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا غِنَى لِلإِنْسَانِ عَنْهَا فَهُوَ العَقْلُ, وَلَمَّا كَانَ شَأْنُهُ خَطِيرًا وَالخَلَلُ فِيهِ كَبيرًا جَعَلْنَا الخُطْبَةَ عَنِ الدَّاءِ الذِي يُفْسِدُهُ وَيُهْلِكُهُ وهي الْمُخَدِّرَات.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ مُصِيبَةٌ لا كَالْمَصَائِبِ وَدَاءٌ عَظِيمٌ لا كَالْأَدْوَاءِ ، بَلِيَّةٌ وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ شَرٍّ وَبَلِيَّةٍ، إِنَّهَا رِحْلَةٌ مَرِيرَةٌ .. مَعَ دَاءٍ عَاقِبَتُهُ اضْمِحْلَالُ الْإِيمَانِ وَإزِهْاَقُ النُّفُوسِ الْبَرِيئَةِ، وَانْتِهَاكِ الْأَعْرَاضِ الْعَفِيفَةِ، وَضَيَاعٌ لِلشَّبَابِ وَفُقْدَانٌ لِلْهَوِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، إِنَّهُ دَاءٌ يُؤَدِّي إِلَى فَقْدِ كُلِّ مَعَانِي الْإِنْسَانِيَّةِ، وَزَوَالِ كُلِّ مَعَالِمِ الرُّوحِ الْبَشَرِيَّةِ فَمَا أَخْطَرَهُ مِنْ دَاءٍ عَظِيمٍ وَمَا أَشَدَّهُ مِنْ بَلاءِ جَسِيمٍ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْمُخَدِّرَاتِ آفَةٌ خَطِيرَةٌ وَسِلَاحٌ فَتَّاكٌ يَسْتَهْدِفُ الْأَفْرَادَ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَبِهِ تَضِيعُ الْعُقُولُ، وَتُهْدَرَ الْأَمْوَالُ، وَتَتَرَدَّى الْأَخْلَاقُ، وَأَشَدُّ صَرْعَى هَذِهِ الآفَةِ، هُمُ الشَّبَابُ وَالْفَتَيَاتُ الذِينَ هُمْ هَدَفُ أَعْدَاءِ الْأُمَّةِ.

إِنَّ الْمُخَدِّرَاتِ آفَةٌ تَبْدَأُ بِالاسْتِطْلَاعِ، وَمِنْ ثَمَّ التَّعَاطِي، ثُمَّ تَنْتَقِلُ إِلَى الْإِدمَانِ، وَلَمَّا كَانَ التَّعَاطِي يَنْتَقِلُ إِلَى الشَّخْصِ مِنْ خِلَالِ الرُفَقَاءِ، فَإِنَّ عَلَى الشَّبَابِ أَنْ يَحْذَرُوا مُرَافَقَةَ أَهْلِ السُّوءِ.

إِنَّ الْبَعْضَ مِنَ الشَّبَابِ فِي الْبِدَايَةِ لا يَعرِفُونَ مَعْنَى الْمُخَدِّرَاتِ، لَكِنَّهُمْ يَنْحَرِفُونَ شَيْئًا فَشَيْئًا إِذَا عَاشَرُوا قُرَنَاءَ السُّوءِ، وَتَصِلُ الْحَالُ بِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إِلَى أَنْ يَعْتَزِلُوا أَهْلَهُمْ وَوَالِدَيْهِمْ نَتِيجَةَ تَعَاطِيهِمُ الْمُخَدِّرَات.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ نِهَايَةٌ حَتْمْيَّةٌ تُجْبِرُ الشَّابَّ عَلَى أَنْ يَخْسَرَ مَالَهُ وَوَظيِفَتَهُ وَسُمْعَتَهُ، وَصِحَّتَهُ وَأَهْلَهُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَمَا يَتَعَاطَى الْمُخَدِّرَ وَلا سُيُولَةَ فِي يَدِهِ، يُحَاوِلُ أَنْ يُوجِدَهَا مِنْ خِلَالِ السَّرِقَةِ أَوِ الْرِشْوَةِ أَوِ حَتَّى الْبِغَاءِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الطُّرُقِ غَيْرِ الْمَشْرُوعَةِ.

وَإِنَّ مُدْمِنَ الْمُخَدِّرَاتِ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَبِيعَ كَرَامَتَهُ وَشَرَفَهُ، لِيَحْصُلَ عَلَى لَذَّةِ سَاعَةٍ، ثُمَّ يَعُودَ لِيَعْرِضَ مَا تَبَقَّى مَا عِنْدَهُ مِنْ شَرَفٍ لِيَبِيعَهُ، أَوْ يَنْتَحِرَ فَيَلْحَقُهُ غَضَبُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالانْتِحَارُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:َ"مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

 إِنَّ الْمُخَدِّرَاتِ بِأَنْوَاعِهَا خَطِيرَةٌ وَجَرِيمَةٌ فِي حَقِّ الدِّينِ وَالْوَطَنِ، وَأَضْرَارُهَا عَلَى الْأُسْرَةِ وَالْمُجْتَمَعِ وَخِيمَةٌ، فَأَمَّا الضَّرَرُ الْأُسَرِيُّ، فَهُوَ مَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَوْلادِ مِنْ إِسَاءَاتِ، فَيْنَقَلِبُ الْبَيْتُ جَحِيمًا لا يُطَاقُ مِنْ جَرَّاءِ التَّوَتُّرَاتِ الْعَصَبِيَّةِ وَالْهَيَجَانِ وَالسَّبِّ وَالشَّتْمِ، وَتَرْدَادِ عِبَارَاتِ الطَّلَاقِ وَالْحَرَامِ، وَالتَّكْسِيرِ وَالْإِرْبَاكِ، وَإِهْمَالِ الزَّوْجَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَنْزِلِ، وَقَدْ تُؤَدِّي الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ إِلَى إِنْجَابِ أَوْلادٍ مُعَاقِينَ مُشَوَّهِينَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنِّي وَاللهِ لا أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ لَكُمْ أَحْدَاثًا مُؤْلِمَةً وَقِصَصًا مُفْجِعَةً وَلَكِنِّي أَجِدُ نَفْسِي مُضْطِرًّا لِأَذْكُرَ لَكُمُ الْيَسِيرَ مِنْهَا لِأُشْعِرَكُمْ بِمَدَى خُطُورَةِ هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ عَلَى شَبَابِنَا وَمُجْتَمَعِنَا.

أَمَا بَلَغَكُمْ خَبَرَ الْمُدْمِنِ الذِي نَحَرَ ثَلاثَةً مِنْ أَطْفَالِهِ. أَوَمَا قَرَأْتُمْ فِي الصُّحُفِ خَبَرَ مُدْمِنٍ قَامَ بِرَمْيِ أُمِّهِ مِنَ الدُّورِ الثَّانِي، وَمُدْمِنٌ آخَرُ يَقْتُلُ وَالِدَهَ ذَا التِّسْعِينَ مِنْ عُمْرِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي .. وَآخَرُ يَحْرِقُ زَوْجَتَهُ وَاثْنَيْنِ مِنْ أَطْفَالِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُمْ يَضْطَرِبُونَ وَيَسْتَمِعُ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ، وَيَنْتَهِي بِهِ الْمَطَافُ إِلَى مُسْتَشْفَى الْأَمْرَاضِ الْنَفْسِيَّةِ، وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ الْمُفْجِعَةَ لَيْسَتْ مِنْ نَسْجِ الْخَيَالِ لِتَرْهِيبِكُمْ مِنْ خُطُورَةِ هَذَا الدَّاءِ الْعُضَالِ.. أَلَا وَإِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْحَوَادِثِ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَكَّةَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ.. إِنَّهَا حَوَادِثُ مُؤْلِمَةٌ وَمَآسِي مُحْزِنَةُ تُدْمِي الْقُلُوبَ وَتَفُتِّتُ الْأَكْبَادَ .. فَلا عَجَبَ وَاللهِ مِنْ لَعْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذِهِ الْخَمْرِةِ وَمَا شَابَهَهَا فِي الْإْسَكَارِ وَتَغْيِيبِ الْعَقْلِ,

عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : لَعَنَ النَّبِيُّ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا وُمْعَتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمَشْتَرِيَ لَهَا وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ).

وَلا رَيْبَ أَنَّ الْمُخَدِّرَاتِ الْمُسْكِرَةَ تَأَخْذُ حُكْمَ الْخَمْرِ، فَكِلَاهُمَا فِي الْأَثَرِ وَاحِدٌ، بَلْ إِنَّ الْمُخَدِّرَاتِ أَعْظَمُ خَطَرًا وَأَشَدُّ أَثَرًا مِنَ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرَاتِ, فَكُلَّ مَنْ تَعَاطَى شَيْئًا يُسْكِرُهُ فَيَغِيبَ بِهِ عَقْلُهُ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا أَوْ حَقْنًا أَوِ اسْتِنْشَاقًا أَوْ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً أَوْ نَقْلًا أَوْ تَدَاوُلًا فَهُوَ مَلْعُونٌ بِلِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولُ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُون*}

أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُمْهِلُ وَلَكِنَّهُ لا يُهْمِلُ، وَإِذَا أَخَذَ انْتَقَمَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} , فَبَادِرْ بِالتَّوَبَةِ يَا مَنْ قَدْ وَقَعْتَ فِي شِيئٍ مِنْ ذَلِكَ, وَأَبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ المتَطَهْرِينَ, وَيَقْبَلُ التَّائِبِينَ, قال سبحانه {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ التَّكَاتُفُ وَالتَّعَاوُنُ مِنْ أَجْلِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الْخَطِيرَةِ، لِكَيْ نَصِلَ إِلَى مُجْتَمَعٍ بِلا مُخَدِّرَاتٍ وَبِلَا مُدْمِنِينَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ التَّعَاوُنِ مَعَ الْجِهَاتِ الرَّسْمِيَّةِ الْمَسْؤُولَةِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ الْخَاصّةِ وَالْجَمْعِيَّاتِ لِوَقْفِ وَمُحَارَبَةِ هَذَا الْوَبَاءِ الذِي يُهَدِّدُ مُجْتَمَعَنَا، وَيَؤَدِّي إِلَى ضَيَاعِ الشّبَابِ وَهَلاكِهِ، وَمِنَ الْمُهِمِّ شَغْلِ أَوْقَاتِ النَّشْءِ وَالشَّبَابِ بِالنّافِعِ وَالْمُفِيدِ.

فَاَسْأَلُ اللهُ أَنْ يُحْسِنَ خَاتِمَتِي وَإِيَّاكُمْ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا! اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.

المرفقات

1644426289_حِفْظُ الضَّرُورَاتِ وَخَطَرُ المخَدِّرَاتِ 10 رَجَب 1443هـ.doc

المشاهدات 2451 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا