حفظ الصوم وتدبر القرآن وأداء الزكاة

محمد بن عبدالله التميمي
1442/09/03 - 2021/04/15 20:11PM

  الحمد لله المبارِك، أنعم علينا ببلوغ شهر رمضان الله المبارَك، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له لا من الإنس ولا الجن ولا الملائك، وأشهد أن محمدا عبدُ الله ورسولُه خاتمُ النبيين، وأفضل أولئك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تعبهم بإحسان، أما بعد: فاتقوا الله واشكروا نعمة الله، أن بلغكم شهر رمضان، وأَقْدرَكم على الصيام القيام، فاحفظوا صيامكم، وأحسنوا قيامكم، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، بل أحيوها بالنوافل، من السنن الرواتب ومطلق السنن، وتتمة التراويح مع تقصير ما لها من الزمن، لما حل بالمسلمين من محن، توجب التضرع والافتقار لله الواحد القهار، {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فعوا وتضرعوا، ولا تكونوا من القاسية قلوبهم بما عليهم من الواجب نسوا ففسقوا {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وأنتم في شهر رمضان شهر القرآن الذي هو للقلوب مليِّن، وبمقتضى الإيمان مزيِّن، {لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَفَكَّرُونَ﴾). قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أُمِرَ النَّاسُ إِذَا نَزَّلَ عَلَيْهِمُ القرآنُ أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالْخَشْيَةِ الشَّدِيدَةِ والتخشع. عباد الله.. لقد وصف اللهُ تعالى أهلَ الإيمان بالخشيةِ والرقةِ والقشعريرةِ عند سماعِ القرآنِ كما في قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، وذمَّ الله قوما استمعوا القرآن فلم تخشع له قلوبهم، فقال تعالى: {أفَمِن هَذا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وتَضْحَكُونَ ولاَ تَبْكُونَ * وأنتُمْ سامِدُونَ}، وأخبر سبحانه عن القرآن أنّه يزيد المؤمنين إيمانًا إذا قرأوه وتدبّروا آياته فقال تعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إيمانًا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾، وإذا بقي القلب قاسيا والعين جافة استحق العبد المعاتبة على هذا الجفاء كما في قوله تعالى: {ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وما نَزَلَ مِنَ الحَقِّ ولاَ يَكُونُوا كالَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسِقُونَ}. عباد الله.. قال النبي ﷺ: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»، وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: إذا صمتَ فَلْيَصُم سمعُك وبصرُك ولسانُك من الكذب والمحارم، ودَعْ أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينة، ولا تجعل يومَ صومِك ويومُ فِطرِكَ سواء. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم الخطبة الثانية الحمد لله العلي القدير أشهد ألا إله إلا الله وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي بإذنه والسراج المنير، صلى الله وسلم عليه وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان وعلى أثرهم يسير، أما بعد: فما تقولون عباد الله فيمن أكرم آخرَ فبوَّأه منزلا، وأغدق عليه مالا كثيرا، على أن يعطيه منه الربع؟! كلكم تقولون المال ماله يشترط فيه ما شاء، وله مع ذلك المِنَّة والعطاء. فكذلك مال الله الذي ملَّكك، وبفضله خصّك، وللقليل منه ألزمك، وهذا الـمُخرَج لباقي مالك تطهير، وبه يبارك الله في المال فيُنِّمي ويَحفَظ، فأدِّ زكاة مالك، فإنها الركن الثالث، وأداؤها لمستحقيها الذين سمَّى الله، بالبحث عنهم والتحري للمحتاج منهم، وإن أنت لها دفعت وأعطيت، لولي أمرك فقد أديت، والجهاتُ الرسمية مُشرعة أبوابها، وناشرةٌ وسائلَها وقنواتِها، فالواجب بذلك يحصل، وهي لمستحقيها بإذن الله تصل.

المشاهدات 958 | التعليقات 0