حسنُ الظنِ باللهِ

محمد محمد
1446/09/27 - 2025/03/27 07:54AM

حسنُ الظنِ باللهِ-28-9-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

يومٌ أو يَومَانِ بقيتْ مِن رَمَضَانَ، وَفيها خَيرٌ كَثِيرٌ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ وَاغتَنَمَها، وَالأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَالعِبرَةُ بِكَمَالِ النِّهَايَاتِ لا بِنَقصِ البِدَايَاتِ، وَاللهُ-تَعَالى-جَوَادٌ كَرِيمٌ، وَالتَّوبَةُ تـَمْحو مَا قَبلَهَا، وَرُبَّ رَكعَةٍ فِيمَا بَقِيَ مِن رَمَضَانَ تُقُبِّلَتْ، أَو دَعوَةٍ صَالِحَةٍ رُفِعَتْ، أَو صَدَقَةٍ خَالِصَةٍ أُمضِيَتْ، أَو دَمعَةٍ خَاشِعَةٍ أُخفِيَتْ، فَكَتَبَ اللهُ بِوَاحِدَةٍ مِنهَا لِعَبدِهِ مِنَ الأَجرِ مَا لا يَخطُرُ لَهُ عَلَى بَالٍ، وأَحَلَّ بِهَا عَلَيهِ رِضوَانَهُ إلى يَومِ الـمآلِ، فَمَا أَحسنَ أَن نَصبِرَ وَنُصَابِرَ وَنُرَابِطَ، وَأَن نُجَدِّدَ العَزمَ وَنُقَاوِمَ وَنُجَاهِدَ، وَأَلاَّ نَركَنَ إِلى كَسَلٍ أَو خُمُولٍ، وَأَن يَجعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا أَمَامَ عَينَيهِ أَنَّهُ سَيَهِلُّ هِلالُ العِيدِ، وَقَومٌ قَد أُعتِقَت رِقَابُهُم مِنَ النَّارِ، وَجَمَعُوا ملايينَ مِنَ الحَسَنَاتِ؛ بـِمَا قَدَّمُوهُ مِن أَعمَالٍ صَالِحَةٍ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ، فَيَسْأَلُ اللهَ أَن يَكُونَ مِن أُولَئِكَ الفَائِزِينَ، ويتذكرُ أَنَّ رَمَضَانَ هَذَا سَوفَ يَكُونُ لناسٍ هُوَ آخِرَ شَهرٍ يَصُومُونَهُ وَيَقُومُونَهُ مَعَ الـمُسلِمِينَ، لأَنَّهُم اليَومَ في الدُّنيَا، وَغَدًا سَيَكُونُونَ مِن أَصحَابِ القُبُورِ، وَمَن يَضمَنُ أَلاَّ يَكُونَ مِن أُولَئِكَ الَّذِينَ قَد دَنَت آجَالُهُم، وَحَتَّى وَإِن لم يَكُنْ أَحَدُنَا مِنهُم هَذَا العَامَ، فَسَيَكُونُ مِنهُم في يَومٍ منَ الأيامِ، ولِذا فَإِنَّ مِنَ الخَيرِ لأَحَدِنَا أَن يُصَلِّيَ فِيمَا بَقِيَ صَلاةَ مُوَدَّعٍ؛ فقدْ تكونُ له آخرَ صلاةٍ، وَأَن يَصُومَ صِيَامَ مَن رُبـَّما لا يُدرِكُ رَمَضَانَ مَرَّةً أُخرَى، وَأَن يَبذُلَ بَذلَ مَن رُبـَّما لا تُتَاحُ لَهُ الفُرصَةُ ثانيةً.

وَأَمرٌ آخَرُ عَظِيمٌ، ما أحسنَ أنْ تتَذَكَّرُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَهُوَ إِحسَانُ الظَّنِّ بِرَبِّكُمُ الكَرِيمِ، وَالرجاءُ أَنَّ عملَكم الصالحَ الذي أَرَدتُم بِهِ وَجهَ اللهِ، أَنَّهُ قَد تَقَبِّلَه بِرَحمَتِهِ، فَإِنَّهُ-تَعَالى-عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ، وَالـمُسلِمُ لا يَظُنُّ بِرَبِّهِ إِلاَّ خَيرًا، فَاللهُ هَدَاهُ لِلإِسلامِ، وَحَبَّبَ إِلَيهِ الإِيـمَانَ، وَزَيَّنَ في قَلبِهِ الطَّاعَةَ، ويسَّرَ له العبادةَ، وَجَعَلَهُ مِن الـمُصَلِّينَ الصَّائـمينَ، وَجَعَلَ يَدَهُ تـَمتَدُّ لِتُعطِيَ، وَرِجلَهُ تَخطُو لِيُصَلِّيَ، وَوَفَّقَهُ لِيَفتَحَ مُصحَفَهُ فَيَتلُوَ، وَفَتَحَ عَلَيهِ بِدَعَوَاتٍ وَأَذكَارٍ، وَتَسبِيحٍ وَاستِغفَارٍ، لم يُعطِهِ ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ أَن يُعَذِّبَهُ، بَلِ الظَّنُّ الحسنُ باللهِ أَنَّهُ وفقَهُ لِذَلِكَ لِيَقبَلَهُ وَيُثِيبَهُ، قَالَ-سُبحَانَهُ-: "فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَحْ صَدرَهُ لِلإِسلامِ"، "مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"، "وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيكُم"، "وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلًا وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".

إخواني: قَد صُمتُم رَمَضَانَ، وَمَن كَانَ مِنكُم قَد قَامَ رَمَضَانَ كُلَّهُ مَعَ إِمَامٍ، فَهُوَ قَد قَامَ رَمَضَانَ وَأَدرَكَ لَيلَةَ القَدرِ-إنْ شاءَ اللهُ-، فَهَنِيئًا لَكُم بِشَارَةُ الرسولِ-عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيـمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، وَمَن قَامَ رَمَضَانَ إِيـمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، وَمَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيـمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ".

ثُمَّ كَم سَجدَةً سَجَدَهَا مَن قَامَ مَعَ الإِمَامِ غيرَ صَلَوَاتِهِ الخَمسِ؟! قَالَ الرسولُ-عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئَةً".

إخواني: قَد خَتَمتُم كِتَابَ اللهِ مرةً أو مراتٍ؟! فأبشِروا، قالَ الرسولُ-عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: "مَن قَرَأَ حَرفًا مِن كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا، ...". والختمةُ فيها أكثرُ من ثلاثةِ ملايينَ ونصف من الحسناتِ.

إخواني: قَد دَعَوتُم رَبَّكُم في شَهرِكُم، في صَلاتِكم عَامَّةً، وَفي سُجُودِكم خَاصَّةً، وَبَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَعِندَ فِطرِكم، وَفي وَقتِ السَّحرِ، وَفي انفِرَادٍ، وَمَعَ جماعةٍ وإِمَامٍ، فأبشروا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ قالَ الرسولُ-عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: "مَا مِن مُسلِمٍ يَدعُو بِدَعوَةٍ لَيسَ فِيهَا إِثمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلاَّ أَعطَاهُ اللهُ بِهَا إِحدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَن تُعَجَّلَ لَهُ دَعوَتُهُ، وَإِمَّا أَن يَدَّخِرَهَا لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَن يَصرِفَ عَنهُ مِنَ السُّوءِ مِثلَهَا، قَالُوا: إِذَن نُكثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكثَرُ".

وَهَكَذَا مَن وُفِّقَ لِلصَّدَقَةِ في شَهرِ الخَيرِ وَالبِرِّ، فَهُوَ عَلَى أَجرٍ عَظِيمٍ.

وَيَكفِيكُم أَنَّكُم صَبَرتُم، وَإِنّـَمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حَسَابٍ، وَالصَّومُ مِن أَعظَمِ مَا يَظهَرُ فِيهِ الصَّبرُ، قالَ اللهُ-عَزَّ وَجَلَّ-: " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشرُ أَمثَالِهَا، إلى سَبعِ مِئَة ضِعفٍ، إلاَّ الصَّومَ فإنَّه لي وَأَنَا أَجزِي به، يَدَعُ شَهوَتَهُ وَطَعَامَهُ وشرابَه مِن أَجلِي، لِلصَّائِمِ فَرحَتَانِ: فَرحَةٌ عِندَ فِطرِهِ، وَفَرحَةٌ عِندَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

مَا أَجمَلَ أَن يَعيشَ الصَّابِرُونَ قَولَ اللهِ-تَعَالى-في الأَبرَارِ: "وَجَزَاهُم بـِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا*مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَونَ فِيهَا شَـمسًا وَلا زَمهَرِيرًا*وَدَانِيَةً عَلَيهِم ظِلالُهَا وَذُلِّلَت قُطُوفُهَا تَذلِيلًا*وَيُطَافُ عَلَيهِم بِآنِيَةٍ مِن فِضَّةٍ وَأَكوَابٍ كَانَت قَوَارِيرَا*قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقدِيرًا*وَيُسقَونَ فِيهَا كَأسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا*عَينًا فِيهَا تُسَمَّى سَلسَبِيلًا*وَيَطُوفُ عَلَيهِم وِلدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيتَهُم حَسِبتَهُم لُؤلُؤًا مَنثُورًا*وَإِذَا رَأَيتَ ثَمَّ رَأَيتَ نَعِيمًا وَمُلكًا كَبِيرًا*عَالِيَهُم ثِيَابُ سُندُسٍ خُضرٌ وَإِستَبرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَابًا طَهُورًا*إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً وَكَانَ سَعيُكُم مَشكُورًا".

اللَّهُمَّ كَمَا أَعَنتَنَا والـمُسلمينَ فَصَبَرنَا فتَقَبَّلْ مِنَّا ومنهم.

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمُسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فما أجملَ أنْ تـختِمُوا شَهرَكُم بِـما تَقدِرُونَ عَلَيهِ مِن عَمَلٍ صَالِحٍ، وَتُداوِمُوا عَلَى مَا أَنتُم عَلَيهِ، فَإِنَّ العبادُ خُلِقُوا لِعِبَادةِ اللهِ، وَمَا في الدُّنيَا من الـمباحاتِ مـِمَّا يُعِينُ عَلَى العبادةِ فَهُوَ عبادةٌ، وَمَا لَيسَ كَذَلِكَ فَإِنـَّمَا هُوَ لَهوٌ وَلَعِبٌ وَغُرُورٌ، "يَا قَومِ إِنّـَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ*مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَمَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ يُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ حِسَابٍ ".

اللَّهمَّ لكَ الحمدُ، وإِليكَ الـمُشتكى، وأَنتَ الـمُستَعانُ، وبِكَ الـمُستغاثُ، وعليكَ التُكْلان، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ.

اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، وفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.

اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا الـمُرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبالـمسلمينَ على كُلِّ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ أحسنْتَ خَلْقَنا فَحَسِّنْ أخلاقَنا.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ، والهُدى والسَّدادَ، والبركةَ والتوفيقَ، وَصَلَاحَ الدِّينِ والدُنيا والآخرةِ.

اللَّهُمَّ يا شافي اِشْفِنا وأهلَنا والـمسلمينَ والـمسالِمين.

اللَّهُمَّ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالـمينَ.

المرفقات

1743156479_حسنُ الظنِ باللهِ-28-9-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ.docx

1743156479_حسنُ الظنِ باللهِ-28-9-1446هـ-مستفادة من خطبة أحدِ الشيوخِ.pdf

المشاهدات 231 | التعليقات 0