حسن الجوار و حقوق الجار

الحمد لله الذي أمرنا بالبرّ و الصلة و نهانا عن العقوق، و جعل حقّ المسلم على المسلم من آكد الحقوق، و جعل للجار حقّا على جاره و إن كان من أهل الكفر و الفسوق.

أحمده تعالى أن سلك بنا مسالك الأبرار، و دعانا إلى احكام الصلة بالأهل و الأجوار، و وعد الصادقين الطائعين النجاة في الدنيا و الفوز بالنعيم في دار القرار.

و نشكره تبارك و به الوثوق، و نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له هو الخالق و كل شيء سواه مخلوق، شهادة تزيدنا من الله قربا و تنمي ما اشتملت عليه جوانحنا إخلاصا إليه و حبّا. لا زالت حليفة القلب و اللسان، خاتمة قولنا في الدنيا و يوم الفزع و يوم عرضنا على الملك الديان، فتجمعنا بحبيبنا و من سبقونا في أعلى جنان.

و نشهد أنّ سيدنا محمدا عبده و رسوله الصادق المصدوق، نبيّ دعا لربه ليلا و نهارا، و بلّغ رسالته سرّا و جهارا فكان أفضل الخلق جارا، و أرجاهم لله وقارا. اللهم فصل و سلم و بارك على سيدنا محمد الناطق بأفضل منطوق، صلاة لا ينقطع لها مدد، و لا يحصر لها حدّ و لا عدد، و على آله و صحبه المؤدين للحقوق، و على التابعين لهم بإحسان من سابق و مسبوق.

عباد الرحمان، حقّ الجار على جاره مؤكد بالآيات و الأحاديث، و ما زال جبريل يوصي محمدا صلى الله عليه و سلم بالجار حتى ظنّ أنّه سيشركه في المواريث، و لا يسيء الجوار و يؤذي الجار إلاّ لئيم خبيث، غمّاز همّاز لمّاز منّاع للخير معتد أثيم، بكل فساد في الأرض يعيث، سيره في الخير بطيء و سيره في الشرّ حثيث.

لذلك كان الإسلام دينا داعيا إلى الحياة المدنية، مفضلا لها على الحياة البدوية، هو دين الإستقرار و النظام لا دين التهميش و الفوضى، و إنّ الحياة في البادية و المدينة لتيسّر للناس أسباب التعاون، و تساعدهم على التساند و التلاحم و التقارب و الإلتقاء في الأفكار و الأفعال، و تمهد لهم تبادل المنافع و إقتسام الأدوار الفاعلة في الحركة الحياتية اليومية. و قد كان العرب في الجاهلية و الإسلام يحمون الذّمار، و يتفاخرون بحسن الجوار، و على قدر الجار يكون ثمن الدار. و الإسلام يأمر بحسن الجوار و المجاورة و لو مع الكفار. و شرّ الناس من تركه الناس إتقاء شرّه، و تباعد عنه من يعرفه تجنبا لضرّه. و أخبث الجيران من يتتبّع العثرات، و يتطلّع إلى العورات في سرّه و جهره. و ليس بمأمون على دين و لا نفس و لا أهل و لا مال. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:{{من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم جاره. و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه. و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت \\\" وقال عليه الصلاة و السلام: \\\" المؤمن من أمنه الناس، و المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده،والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنّة من لا يأمن جاره بوائقه. قالوا: و ما بوائقه ؟ قال: شرّه \\\".

و بما أن المجتمع الإسلامي يعتبر الجار فردا من أفراد العائلة لا يخفى عليه الأمر حتى ينكشف له، و لا تتستّر عليه دخائل بيت جاره حتى تستبين، و كما يعتبر الجار في السكن فكذلك الجار في المتجر و السوق، هو جارك تطّلع على مشترياته و بيوعاته و تعرف زبائنه، فله حقوقه. و كذلك جارك في مكتب عملك لشدّة الإتصال المكاني بينكما هو جارك، و له حقوقه. و قد ربّى الإسلام المؤمنين على أمر جوهري:

هو كفّ الإذاية بأن لا تتخذ من معرفتك لأحوال جارك سبيلا لطعنه من خلف، و للإعتداء عليه، و من عوراته بابا تنفّذ منه أغراضك. فقد أخرج البخاري عن أبي شريح أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال: \\\" و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن قيل و من يا رسول الله ، قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه \\\".رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي هو أعرف الناس برّبه و أكثرهم تعظيما لمولاه و تقديرا لخالقه، يقسم بالله ثلاثة أيمان متتالية، يقسم بأنه غير مسلم و غير مؤمن، بأنه بعيد عن جماعة المؤمنين و بأنه سيحشر في النار مع المكذبين الضالين. و يحلف دون أن يبيّن هذا الذي خسر دنياه و أخراه، و يجيب عندما سأله الصحابة عن هذا الهالك: ذلك الذي لا يأمنه جاره، ذلك الذي يخافه جاره يخاف المهالك التي يتسبّب له فيها.نعوذ بالله من غضب الله، أي خزي أكبر من هذا، أكبر من إذاية الجار و الصديق و ابن الحيّ و القريب و ابن الأهل و ابن الأحباب. و إذاية الجار أنواع:منها الحديث بما يجري في بيته، و كشف أسراره للناس، أو تسرقه أو تسمعه ما يكره.

عار عليك أيها المسلم أن تبيت متأخما شبعان، و جارك طاو جوعان، و عار عليك أن تلبس الجديد و تبخل بما أبليت من ثيابك على ذوي الخصاصة من جيرانك، و عار عليك أن تتمتّع بالطيّبات من مشموم و مطعوم و جيرانك يشتهون العظام و كسر الطعام، و أنت تعلم قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: \\\" يا نساء المسلمات لا تحقرنّ جارة لجارتها و لو فرسن شاة \\\".و أنّه قال لأبي ذرّ رضي الله عنه: \\\" يا أبا ذرّ إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها و تعهّد جيرانك \\\". كيف يليق بك أيها المؤمن أن تقيم في بيتك الأفراح، و في البيت الذي بإزائك مآتم الموت و الأتراح، هل تجرّدت من العواطف و الشعور، و هل نسيت أوامر الدين و عادات آبائك الأكرمين أيها المغرور. إنّ من حقّ جارك عليك أن تسلّم عليه إذا لقيته، و أن تعوده إذا مرض، و تشيّعه إذا مات، و تكون لأولاده بعد وفاته كما كان لهم في حياته، و أن تقف إلى جانبه في السرّاء و الضرّاء و الشدّة و الرّخاء. و في المثل السّائر\\\" من فاته نفع إخوانه، فلا يفوتنّه نفع جيرانه \\\" و قال صلى الله عليه و سلم \\\" خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، و خير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره \\\".

حرام عليك أيها المسلم أن تنظر في بيت جارك وهو غافل أو تخونه في أهله، و من نظر في بيت جاره بغير إذنه ملأ الله عينه من نار جهنّم. روى الشيخان عن ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم قال: \\\" أن تجعل لله ندّا وهو خلقك \\\" قلت ثم أي؟ قال: \\\" أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك\\\" قلت ثم أي؟ قال:\\\" أن تزاني حليلة جارك \\\". فهذه ثلاث مراتب ذكرها ابن مسعود وهو يسأل و رسول الله يجيب بوحي من ربّه.أكبر الذنوب و أعظمها الشرك بالله. و بعد ذلك قتل النفس. و يصدر في الحديث قتل النفس بكونه أن يقتل الإنسان ولده خوف الفقر. و الطّامة الثالثة و الكبيرة التي بعد ذلك: أن تزني بزوجة جارك. و الزنا بزوجة الجار فيه ذنبان: الأول هو الزنا. و الثاني هو خيانة الأمانة. و هذا دليل على خسّة النفس و فقد النبل. و نحن هنا لا ننفي مسؤولية زوجة الجار، فعلى المرأة أن تعلم أن جارها أجنبيّ عنها، يجب أن لا تبتذل نفسها أمامه بل عليها أن تأخذ نفسها بالحشمة و الستر و المروءة أمام الجار. فإنّ الذباب لا يقع على الطهر و إنما على العسل السائل و السكر المفتوح و القذارة المنكشفة. فعلى كل إمرأة أن تساعد نفسها على حفظ كرامتها و شرفها و عزّة زوجها و صيانة مكانته في المجتمع الذي يعيش فيه. و لا نرى أفضل و لا أكبر مناعة لذلك لتحاشي مجرّد الكلام و التلسين، عدم السماح لأي كان بدخول العشّ المقدّس للزوجية في غياب ربّ البيت، و خصوصا إذا كان ابن خال أو ابن عمّ أو ما شابه ذلك (بإستثناء المحرم).

و لا نظنّ أنّ هذه الحقوق هي للجار الذي تربطنا به قرابة أو مودّة، و إنما هي حقوق تفرض نفسها بمقتضى الجوار و الجوار وحده. و هذا ما فهمه الصحابي الجليل عمرو بن العاص. فقد روى الترمذي عنه، أنّ شاة ذبحت له في أهله. فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي ؟ أهديتم لجارنا اليهودي ؟ أهديتم لجارنا اليهودي ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: \\\" مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه \\\".

عباد الرحمان، ماذا نستخلص من خطبتنا اليوم؟ و ما يمكن لكل مؤمن أن يتدبر في المواعظ و العبر التي أتينا عليها اليوم؟ و من لم يتعظ، و لم يتدبر، فكأنما لم يحضر الجمعة. فخلاصة خطبتنا تتمحور في مفهوم الحديثين الشريفين، أو الوصيّتين الذي خصّ بهما سيدي رسول الله صلى الله عليه و سلم، الرجال و النساء من أمّته. الوصية الأولى خصّ بها الصحابي أبي ذرّ الغفاري حين قال له: يا أبا ذرّ إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها و تعهد جيرانك. وفي الوصيّة الثانية ينبّه رسول الله صلى الله عليه و سلم نساء المؤمنين: يا نساء المسلمات لا تحقرنّ جارة لجارتها و لو فرسن شاة، أي لو طبخن كراع شاة . لقد خصّكن بالوصاية و في ذلك شرف لكل إمرأة سمعت كلام رسول الله فامتثلت و علمت هديه فاتبعت ما جاء فيه. أوصاكن بأن لا تحقر الجارة شيئا من جارتها . و كأنّه صلى الله عليه و سلم أراد أن يوصيكنّ بأن لا تتأخر إحداكن على إعانة و مساعدة جارتها، ألاّ تحقّرها إن طلبت مساعدة بسيطة ( كراس بصل أو كعبة طماطم أو قرن فلفل و هكذا)..أن لا تحقر جارتها إذ هي أهدتها شيئا حقيرا، فيجود الكريم بما عنده، و كم من هدية بسيطة قليلة صادقة هي أعمق و أفضل من هدية ثمينة يراد التعالي و التبرّج بها، و إنما خصّ النساء بمزيد الوصيّة، لأن النساء كثيرا ما يظهر منهن إحتقار الجارة إذا كانت فقيرة.فاتقين الله يا نساء الإسلام و لتعلمنّ أن المال غاد و رائح، و أن العار ليس في الفقر و إنما العار كل العار في التباهي بالغنى الذي هو نعمة من نعم الله و توظيفه في التعالي على الفقراء و إحتقارهم، و لا تنسوا جميعا أن الله هو الغنيّ و أنتم فقراء. فلا إله إلاّ الله يغني من يشاء و يفقر من يشاء و في ذلك حكمة لا يعلمها إلاّ هو.

يا أيها الذين آمنوا، استمعوا لكلام الله، فإن آياته تزيد المؤمنين إيمانا و تظلّهم سحائبه رحمة و خيرا و إيمانا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: \\\" و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و بالوالدين إحسانا و بذي القربى و اليتامى و المساكين و الجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل \\\".النساء 36  صدق الله العظيم.

أقول ما سمعتم فإن كان حسن فمن الله و إن كان سيئ فمن نفسي و من الشيطان، و استغفر الله العظيم لي و لكم و لوالدي و لوالديكم و لجميع المسلمين و المسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم و لا حول و لا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

الثــــانيـــة

الحمد لله الذي جعل الأمانة حملا ثقيلا، و دعا الجار للقيام بها لأنه كان ظلوما جهولا، و مدح القائمين بأماناتهم و الموفين بعهد الله، فأثنى عليهم ثناء جميلا. و ذمّ المخلّين بها الذين يشترون بعهد الله و بآياته ثمنا قليلا. \\\" وهو الله في السماوات و الأرض يعلم سرّكم و جهركم و يعلم ما تكسبون \\\".

نحمده تعالى و نسأله العفو و العافية و برّه و إحسانه، و نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، أمرنا بحفظ أمانة الجوار و نهانا عن خيانتها و إحتقارها.

و نشهد أنّ سيدنا محمدا عبده و رسوله المبعوث بخير شريعة و أفضل ديانة، و القائل صلى الله عليه و سلم: \\\" اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، و أعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة \\\"، و حاشا رسول الله أن يظلم أو يخون.

اللهم فصلّ و سلم على سيدنا محمد المنجز وعده، و الموفي بعهده، و على آله و صحبه من بعده، و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم يبعثون.

أيها الناس، أعلموا أن الجوار أمانة، و إن أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة، و آخر ما يبقى فيهم الصلاة، و لا خير فيمن لا أمانة له و إن أقام الصلاة و إن آتى الزكاة، فالخائن مبغوض عند الله و ملائكته و الناس أجمعين، متهاون بدينه و دنياه، قبيح المعاشرة، سيئ المعاملة، منزوع البركة في بيعه و شرائه، حلاّف مهين، مستخفّ باليمين، يقول في كل شيئ لا و الله و بلى و الله {{ اتخذوا أيمانهم جنّة فصدّوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون }}. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: \\\" أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، حفظ أمانة، و صدق حديث، و حسن خليقة، و عفّة في طعمة \\\" فاعتبروا يا أهل الإيمان. و آية المنافق ثلاث \\\" إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا أؤتمن خان \\\" و يوم القيامة ينصب لكل خائن غادر لواء يعرف به، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان، و من غشّنا فليس منا، و من شهر علينا السلاح فليس منا و إن أكثر من التسبيح و التهليل و تلاوة القرآن \\\" يخادعون الله و الّذين آمنوا و ما يخدعون إلاّ أنفسهم و ما يشعرون \\\".

قال رجل يا رسول الله إنّ فلانة تذكر من كثرة صلاتها و صدقتها و صيامها، غير أنها تؤذي جيرانها، قال: هي في النار، قال يا رسول الله فإن فلانة تذكر من قلّة صلاتها و صيامها و أنها تتصدّق بالأثوار من الأقط و لا تؤذي جيرانها، قال هي في الجنة.

أربع من السعادة : المرأة الصالحة، و المسكن الواسع، و الجار الصالح، و المركب الهنيء. و أربع من الشقاوة : الجار السوء، و المرأة السوء، و المركب السوء، و المسكن الضيّق. و الله تعالى يحبّ جارا صبر على أذيّة جاره حتى يكفيه الله إياه بتحوّل أو موت. و حذار من الدخول في مهاترات المحاكم من جرّاء خصومات النساء أو مشاجرات الصبيان. و الرسول صلى الله عليه و سلم كان يقول:اللهم إنّي أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحوّل. و قال عليه الصلاة و السلام: إتق المحارم تكن أعبد الناس، و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا، و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، و لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

يا إخواني في الدين، بعض الناس لا يبالي بغيره إذا تمت راحته، و لا يهمه أن يكون عباد الله كلهم ساخطين عليه و أن تدنّس ساحته، ما دام ينال قصده و يصل إلى مراده و يتمتّع بشهواته و لو كان في ذلك هلاك غيره. لذلك تراه بغيضا في إخوانه ممقوتا في جيرانه، و خفيفا في ميزانه و سخيفا عند من يعرفه من أهل زمانه.يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: \\\" إنّ الله قسّم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم، و إن الله تعالى يعطي الدنيا من يحبّ و من لا يحبّ، و لا يعطي الدين إلاّ من أحب، فمن أعطاه الدين فقد أحبّه، و الذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه و لسانه و لا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه \\\".

جعلني الله و إياكم من خيار خلقه، و بارك لي و لكم في الطيّبات من رزقه، و أجارني و إياكم من أذيّة الجار و التهاون بحقّه آمين يا رب العالمين.

عباد الرحمان، كل شيء دون الله باطل، و كل نعيم دون نعيم الجنة زائل، فتحبّبوا إلى الله بإقامة الفروض و تقرّبوا إليه بالنوافل، فإنّه من أحبّه كان سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها، و رجله التي يمشي بها، و إذا سأله أعطاه ما هو سائل، و إذا استعاذ به أعاذه من مكروه العاجل و الآجل، فعامل الله يا عبد الله و أعلم أنك إليه واصل، و من هذه الدنيا راحل، كما رحل الأوائل، و لا يخدعنّك الشيطان بزخارف الدنيا و ما فيها، و لا يصرفنّك عن الآخرة فإنّك آتيها. و اتّق الله و أصلح الأعمال فإنّك ملاقيها، و عند الحكم العدل ستوافيها.. رحم الله من خالف الشيطان، و جانب العصيان، و اتقى النيران، و أكثر الإحسان، و أدام ذكر الرحمان..رحم الله من اعتصم بالله و أناب إلى الله، و توكل على الله و اشتغل بذكر الله..رحم الله من زهد في الدنيا، و رغب في الآخرة، وصبر على الأذى و شكر على النعماء، و اشتغل بذكر المولى.. رحم الله عبدا إجتنب الطاغوت، و قنع من الدنيا بالقوت، و اشتغل بذكر الحي الذي لا يموت..فقولوا لا إله إلاّ الله..

فاتقوا الله أيها الناس و صلوا و سلموا على سيد رسله و خاتم أنبيائه و الشافع المشفع عند الله يوم نلقاه،، المنزل عليه إرشادا و تعليما و تشريفا له و تعظيما \\\" إنّ الله و ملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلوا تسليما \\\" اللهم فصل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه الذين هم فيما عند الله راغبون و مما لديه راهبون.. اللهم أعز الإسلام و المسلمين، و اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.. اللهم انفعنا بكتابك نفعا يصقل إيماننا، و يجدّد حماسنا، و يرجع للدين سلطانه.. اللهم إن الأمم قد تداعت على أمة الإسلام، و إن الكفرة الملاحدة قد اندسّوا في صفوفنا، فأيّد عصابة الخير على عصابة الشرّ، و انصر الإسلام على الكفر، و بصّرنا بالحق و يسّر لنا سبل العمل به، و تمثّله غاية دائما يا رب العالمين.. اللهم اغفر لنا ما أنت أعلم به منا، فإن عدنا فعد علينا بالمغفرة..اللهم اغفر لنا ما وأينا من أنفسنا و لم تجد له وفاء عندنا.. اللهم اغفر لنا ما تقربنا به إليك بألسنتنا ثم خالفته قلوبنا.. اللهم اغفر لنا رمزات الألحاظ، و سقطات الألفاظ، و شهوات الجنان، و هفوات اللسان..اللهم أمدد بنصرك و توفيقك و حسن تأييدك رئيسنا زين العابدين بن علي لما فيه خير الوطن و الدين، اللهم أره الحقّ حقّا و ارزقه اتباعه، و أره الباطل باطلا و ارزقه اجتنابه..اللهم احفظ بلادنا و اصلح أولادنا و لا تسلب نعمتك عنا و كن معنا حيث كنا..اللهم إن أمة البغي قد تألّبت على أمة الإسلام و دبّروا مكائدهم في ظلام، فأنقض اللهم ما أحكموه من خطط، و اضرب على بصائرهم بحجاب يوقعهم مواقع الردى.. اللهم زلزل تحصيناتهم و اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم شتّت شملهم، و فرّق كلمتهم، و انصر جيوش المسلمين على أعدائك الصهاينة المعتدين.. اللهم طهّر الأقصى من الأنجاس و نقّه من الأدناس و من مواليهم و أنصارهم الأخساس.. يا من خضعت كل الأشياء لعزته، و عنت الوجوه لعظمته، يا أرحم الراحمين.. اللهم إليك خرجنا و بفنائك أنخنا، و إيّاك أمّلنا و ما عندك طلبنا و لإحسانك تعرّضنا و لرحمتك رجونا، و من عذابك أشفقنا، و لبيتك الحرام اشتقنا و حججنا، يا من يملك حوائج السائلين، و يعلم ضمائر الصامتين، يا من ليس معه رب يدعى، و لا إله يرجى، و لا فوقه خالق يخشى، و لا وزير يؤتى، و لا حاجب يرشى، يا من لا يزداد عن السؤال إلاّ كرما و جودا، و على كثرة الحوائج إلاّ تفضلا و إحسانا، يا من ضجّت بين يديه الأصوات، و سكبت الدموع بالعبرات و الزفرات، ملحين بالدعوات، حاجتي إليك يا رب مغفرتك و رضى منك عني، لا سخط بعده، و هدى لا ضلال بعده و علم لا جهل بعده و حسن الخاتمة و العتق من النار و الفوز بالجنة.. يمّن كتابنا، يسّر حسابنا، فكّ أسرنا، استر عوراتنا، اغفر زلاّتنا، اغسل حوباتنا، أذقنا حلاوة القرب منك يا رب..و صل و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

عباد الرحمان، إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاي ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله يذكركم و اشكروه عل آلائه يزدكم و لا ذكر الله أكبر و أعلى و أعظم و الله يعلم ما تصنعون و قوموا إلى صلاتكم إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر..

    الشيخ محمّد الشاذلي شلبي

            الإمام الخطيب

المشاهدات 2315 | التعليقات 0