حسبنا الله ونعم الوكيل
عوض القحطاني
1437/05/03 - 2016/02/12 04:09AM
حَسْبُنَااللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ3-5-1437هـ الخطبة الأولى
الحمد لله الذي من علينا فهدانا ، وأطعمنا وسقانا ، واصطفانا على الأمم واجتبانا ، أحمده سبحانه علىما أسبغ من النعم وأعطانا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو حسُبناومولانا ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله أفضل العالمين بيانا ، وأصدقهم لسانا ، صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد : فاتقوا الله أيها المؤمنونحق التقوى .
معاشرالمسلمين :إِذَانَطَقَتْ بِهَا الأفواه، هَزَّتْ فِي النُّفُوسِ وِجْدَانَهَا، وَتَعَلَّقَتِالأرواح خَارِجَ عَالَمِهَا.
هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا ضَاقَتِ الكُرُوبُ،وَهِيَ مَلاذُنَا إِذَا عَظُمَتِ الخُطُوبُ.
هِيَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَقِفُ عَلَىطَرَفِ اللِّسَانِ حِينَ يَأْخُذُ الخَوْفُ وَالحُزْنُ مَكَانَهُ فِيالقَلْبِ.
وَهِيَ العِبَارَةُ الَّتِي تَلُوحُ أَمَامَنَا حِينَ تَنْقَطِعُ وَتَتَخَلَّى عَنَّاالأسباب الأرضية.
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، مَاأَكْبَرَ مَعْنَاهَا! وَمَا أَعْظَمَ دَلالَتَهَا! وَمَا أَشَدَّأَثَرَهَا!
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، اسْتَشْعَرَهَا إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُحِينَ حَمَلَهُ أَهْلُ الإشْرَاكِ لِيُلْقُوهُ فِي النَّارِ، فَلَمَّا بَصُرَتْعَيْنُهُ النَّارَ، رَدَّدَ بِلِسَانِهِ، وَقَدْ مُلِئَ قَلْبُهُ تَوْحِيدًا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، فَقَالَ اللهُ:(يَا نَارُ كُونِي بَرْدًاوَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)(الأنبياء: 69)
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ،اسْتَشْعَرَهَا مُحَمَّدٌ rبَعْدَ غَزْوَةِأُحُدٍ، فَقِيلَ لَهُ وَقَدْ تَجَمَّعَتْ عَلَيْهِ الكُلُومُ وَالهُمُومُ:(إِنَّالنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ )فقال هو وأصحابه :حَسْبُنَا اللَّهُوَنِعْمَ الْوَكِيلُ ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْيَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)آل عمران: 173 - 174 حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ، نَلُوذُ بِهَا،وَنَعْتَصِمُ بِهُدَاهَا فِي أَحْوَالِنَا كُلِّهَا.
هِيَ سِلاحُنَا قَبْلَ القُوَّةِالمَادِّيَّةِ، وَالأسْبَابِ الأرْضِيَّةِ.
هِيَ هُتَافُنَا .... حِينَ نَرَى تَسَلُّطَ أَهْلِ الطُّغْيَانِ عَلَى رِقَابِا لمُسْتَضْعَفِينَ.
نُرَدِّدُهَا ....حِينَ نَسْمَعُ تَسَافُلَ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ عَلَى شَرَائِعِ الدِّينِ، وَمَقَامِ وَقَامَاتِ المُرْسَلِينَ.
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَسَلْوَانَا .... إِنْ قَلَّتْ أَمْوَالُنَا، وَجَفَّتْ مَوَادُّنَا، وَشَحَّتْمَصَادِرُنَا، هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا عَمَّتِ الشَّهَوَاتُ، وَتَعَلَّقَتِالقُلُوبُ بِالفِتَنِ وَالمُغْرِيَاتِ.
فَلا شَيْءَ إِلا اللهَ، لا حَوْلَإِلا حَوْلَهُ، لا قُوَّةَ إِلا قُوَّتَهُ، لا إِرَادَةَ إِلاإِرَادَتَهُ.
)حَسْبُنَا اللهُ): كَلِمَةُ الْتِجَاءٍ يَسْتَشْعِرُ فِيهِ العَبْدُ اسْمَاللهِ الحَسِيبِ، وَالحَسِيبُ هُوَ: الكَافِي، فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَافٍ مَنْتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ.
وَإِذَاالعِنَايَةُ لاحَظَتْكَ عُيُونُهَا ** نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُنَّأَمَانُ
هُوَ سُبْحَانَهُيَكْفِي عَبْدَهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ ضُرٍّ، وَيَجْلِبُ مَا رَجَاهُ مِنْخَيْرٍ.
(وَنِعْمَالوِكْيلُ): أَيْ كَفِيلٌ عَلَى أُمُورِنَا، قَيِّمٌ عَلَى مَصَالِحِنَا، قَالَابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَيِ اللهُ وَحْدَهُ كَافِينَاكُلَّنَا.حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ: عَقِيدَةٌ رَاسِخَةٌ، تَعْنِي: تَوَكُّلَ العَبْدِ عَلَى رَبِّهِ، وَالْتِجَاءَهُ إِلَيْهِ، وَافْتِقَارَهُلِعَوْنِهِ وَتَسْدِيدِهِ، وَمَدَدِهُ وَتَوْفِيقِهِ.
إِنْ مَسَّنَاالضُّرُّ أَوْ ضَاقَتْ بِنَا الحِيَلُ **فَلَنْ يَخِيبَ لَنَا فِي رَبِّنَاأَمَلُ
اللهُ فِي كُلِّخَطْبٍ حَسْبُنَا وَكَفَى ** إِلَيْهِ نَرْفَعُ شَكْوَانَاوَنَبْتَهِلُ
وَمَنْ نَلُوذُبِهِ فِي كَشْفِ كُرْبَتِنَا **وَمَنْ عَلَيْهِ سِوَى الرَّحْمَنِنَتَّكِلُ
فَافْزَعْ إِلَيْهِوَأقْرِعْ بِابَ رَحْمَتِهِ **فَهْوَ الرَّجَاءُ لِمَنْ أَعْيَتْ بِهِالسُّبُلُ
فَيَا أَهْلَالتَّوْحِيدِ، هَذَا أَصْلُ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُ بِاللهِ - جَلَّ جَلالُهُ،وَارْتِبَاطُ القُلُوبِ بِخَالِقِهَا وَمُوجِدِهَا، وَبِالذَّاتِ إِبَّانَمَصَائِبِهَا وَمِحَنِهَا وَأَزَمَاتِهَا، فَلا خَلاصَ وَلا نَجَاةَ مِنْ مِحَنِالدُّنْيَا إِلا بِحَبْلِ السَّمَاءِ؛ (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْكُلِّ كَرْبٍ) (الانعام: 64)
إِذَا تَعَلَّقَتِ القُلُوبُ، بِحَوْلِوَقُوَّةِ عَلامِ الغُيُوبِ، تَنَاهَتْ فِي ذُلِّهَا وَعُبُودِيَّتِهَا، فَصَغُرَوَضَعُفَ كُلُّ شَيْءٍ إِلا حَوْلَهُ وَقُوَّتَهُ.
إِذَا الْتَجَأَتِ الأفْئِدَةُ،بِرَبِّهَا اسْتَشْعَرَتْ هَيْمَنَةَ اللهِ عَلَى الحَيَاةِ، فَلا يَجْرِي فِيالكَوْنِ شَيْءٌ إِلا بِعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ،فَحُقَّ لِلْقُلُوبِ بَعْدَهَا أَنْ تَعِيشَ مَسَاحَاتٍ مِنَ التَّوَكُّلِوَتَفْوِيضِ الامُورِ للهِ.
وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ، فَهُوَأَهْلٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ؛ ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران159
مَنْ كَانَهَذَا مَخْبَرَهُ، فحري أَنْ يَحْفَظَهُ رَبُّهُ وَيَكْفِيهِ؛(وَمَنْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
يَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُبِاللهِ عِزٌّ وَاسْتِعْلاءُ كَرَامَةٍ، وَالتَّعَلُّقُ بِمَا دُونِ اللهِ ضَعْفٌوَهَوَانٌ وَمَهَانَةٌ.
التَّعَلُّقُ بِاللهِ هُوَ وَرَبِّي بُرْهَانُ التَّوْحِيدِ، وَدَلِيلُالايمَانِ، يُحْيِي الهِمَمَ الفَاتِرَةَ، وَيُوقِظُ النُّفُوسَ الغَافِلَةَ،وَيَقْذِفُ فِي القُلُوبِ شُحْنَاتٍ مِنَ التَّذَلُّلِ وَالافْتِقَارِ، وَتِلْكَوَاللهِ مَقَامَاتٌ يُحِبُّهَا اللهُ وَيَرْضَاهَا، وَيَجْزِي أَهْلَهَا الجَزَاءَالاوْفَى.
عِبَادَاللهِ: مَنْأَعْظَمُ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ ؟ مَنْ أَشَدُّ مَنْ فَوَّضَأَمْرَهُ لِخَالِقِهِ وَاعْتَصَمَ بِهِ ؟
إِنَّهُمْ رُسُلُ اللهِ، صَفُوَتُهُ مِنْخَلْقِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ عِبَادِهِ.
اسْتَعْرِضُوا حَيَاتَهُمْ كَمَا قَصَّهَاالقُرْآنُ، لِتَرَوْا أَنَّ التَّعَلُّقَ بِاللهِ وَحْدَهُ هُوَ رَفِيقُهُمْ،وَبَثَّ الشَّكْوَى إِلَيْهِ هُوَ حُدَاؤُهُمْ.
كَمْ تَعَرَّضُوا فِي حَيَاتِهِمْ لِمِحَنٍوَإِحَنٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَشِمَالا، وَإِنَّمَا شَمَخَتْجِبَاهُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَسْتَمْطِرُونَ الفَرَجَ وَالمَخْرَجَ وَرَفْعَالعَنَاءِ.
سُفِّهَنُوحٌ فِي عَقْلِهِ، وَزُجِرَ وَعُنِّفَ، حَتَّى أَيِسَ مِنْ قَوْمِهِ، وَضَاقَعَلَيْهِ كَرْبُهُ، فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالدُّعَاءِ؛ قَالَ اللهُ عَنْهُ: (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُأَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) [القمر: 9، 10]، (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌفَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِالْعَظِيمِ) [الصافات: 75، 76]
صَرَخَ قَوْمُ مُوسَى: ( إِنَّالَمُدْرَكُونَ ) [الشعراء: 61]، فَقَالَ كَلِيمُ اللهِ - وَقَدِ امْتَلأ قَلْبُهُتَعَلُّقًا وَيَقِينًا -: (كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 62]،قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [الصافات: 114-115).
رَكِبَيُونُسُ بْنُ مَتَّى مَعَ الرَّاكِبِينَ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ،فَأُلْقِيَ فِي لُجَجِ البِحَارِ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ الضُّوءُ وَالنَّهَارُ،فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالاعْتِرَافِ؛ (فَنَادَى فِيالظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَالظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَنُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الانبياء: 87، 88].
مَرِضَ أَيُّوبُ، وَطَالَ عَلَيْهِالدَّاءُ؛ فَفَزِعَ إِلَى رَبِّ الأرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّوَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فقال الله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُفَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ) تَأَلَّمَ يَعْقُوبُ لِفَقْدِ يُوسُفَ،وَلازَمَتْهُ أَحْزَانُهُ، حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ، مِنْ كَثْرَةِتَضَرُّعِهِ لِرَبِّهِ وَشَكْوَاهُ، فَبَرَّدَ اللهُ عَلَيْهِ حَرَّ فِرَاقِالوَلَدِ، وَأَذْهَبَ عَنْهُ أَلَمَ الكَآبَةِ وَالكَمَدِ.
تَعَرَّضَتْ لِيُوسُفَ فِتْنَةُالشَّهَواتِ، وَتَهَيَّأَتْ لَهُ كُلُّ صُوَرِ المُغْرِيَاتِ، فَمَا عَصَمَهُ مِنْهَذَا البَلاءِ إِلا التَّعَلُّقُ بِاللهِ وَالدُّعَاءُ؛ (وَإِلا تَصْرِفْعَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [يوسف33]
إِنَّهَاقُلُوبٌ تَعَلَّقَتْ بِاللهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، كَانُوا مَعَ اللهِ، فَكَانَ اللهُمَعَهُمْ،
فَلَيْتَكَ تَحْـلُو وَالحَيَاةُ مَـرِيرَةٌ ** وَلَيْتَكَ تَرْضَىوَالأنَامُ غِضَابُ
إِذَا صَحَّ مِنْكَ الوُدُّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ ** وكُلُّالَّذِيفَوْقَ التُّرَابِتُرَابُ
التَّعَلُّقُبِاللهِ مَبْدَأٌ رَبَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ rصَحَابَتَهُ t وَزَكَّى أَرْوَاحَهُمْ بِهَذِهِالعَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ، ثَقُلَ عَلَى الصَّحَابَةِ قَوْلُ نَبِيِّهِمْ r:(كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدْ الْتَقَمَالقَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإذْنَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخَ))،فَتَأَثَّرَ الصَّحَابَةُ مِمَّا سَمِعُوا، حَتَّى رُؤِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ،فَقَالُوا: كَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: قُولُوا: (حَسْبُنَا اللهُوَنِعْمَ الوَكِيلُ).
هَذِهِ التَّرْبِيَةُ المُحَمَّدِيَّةُ فِي التَّعَلُّقِ بِاللهِ شَمِلَتْجَمِيعَ الصَّحَابَةِ عَلَى اخْتِلافِ أَعْمَارِهِمْ، قَالَ لِصَاحِبِهِوَرَفِيقِهِ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ عَلَتْهُ الاحْزَانُ فِي الغَارِ: (لا تَحْزَنْإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].
وَقَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الشَّابُّ:(اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ)
وَأَوْصَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ غُلامٌ: (تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِيالشِّدَّةِ(
عِبَادَ اللهِ: الالْتِجَاءُ إِلَى اللهِ وَالتَّعَلُّقُ بِهِ، لَيْسَ خَاصًّا فِي حَالِالضَّرَّاءِ، بَلْ يُسْتَصْحَبُ حَتَّى فِي حَالِ طَلَبِ الخَيْرَاتِ،وَاسْتِجْلابِ المَنَافِعِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَاآتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُمِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) [التوبة:59]
وَهَذَانِالحَالانِ - أَعْنِي: اسْتِشْعَارَ جُمْلَةِ: (حَسْبُنَا اللهُ) حَالَ طَلَبِخَيْرٍ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ - ذَكَرَهُمَا المَوْلَى تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: (قُلْأَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّهَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُرَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر: 38]
بَارَكَ اللهُلِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ...
الحَمْدُ للهِوَكَفَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ المُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِوَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى، أَمَّا بَعْدُ فَيَا إِخْوَةَ الإيمَانِ، لَقَدْأَطْلَقَتْهَا حَنَاجِرُ الأبْطَالِ فِي الشَّامِ، أَطْلَقُوا عَقِيدَةَالتَّوْحِيدِ وَالتَّعَلُّقِ بِاللهِ، لَقَدْ قَالُوا بِصَرَاحَةٍ وَوُضُوحٍ: مَالَنَا غَيْرُكَ يَا أللهُ!
قَالُوهَا .... بَعْدَ أَنِ انْقَطَعَتِ الآمَالُ بِالشَّرْقِ وَالغَرْبِالَّذِي لا يَتَحَرَّكُ إِلا وَفْقَ مَصَالِحِهِ.
رَدَّدُوهَا .... بَعْدَ أَنْ تَخَلَّىعَنْهُمْ غَالِبُ المُسْلِمِينَ، وَاكْتَفَتْ جُمُوعُهُمْ يَرْمُقُونَهُمْبِأَعْيُنِهِمْ، وَيُحَوْقِلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ.
أَعْلَنُوهَا ... بَعْدَ أَنْ حُرِمُوامِنْ أَبْجَدِيَّاتِ الحَيَاةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالمَاءِ، وَالدَّوَاءِوَالكَهْرُبَاءِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِلاالهَوَاءُ.
صَرَخُوا بِهَا .... بَعْدَ أَنْ قُصِفَتْ بُيُوتُهُمْ، مَسَاجِدُهُمْ،مَآذِنُهُمْ، وَقُطِّعَتْ أَشْلاؤُهُمْ أَمَامَأَعْيُنِهِمْ.
نَعَمْ لَقَدْ عَجَّتْ بِهَا حَنَاجِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَوُاالعِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةَ ، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهَا الرَّحْمَةُوَالانْسَانِيَّةُ، فَلَمْ يَرْأَفُوا بِشَيْخٍ وَلا رَضِيعٍ، وَلا امْرَأَةٍأَوْ وَدِيعٍ!
فَيَا للهِ! قَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِr- مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا مِنَ الطُّيُورِ غَرَضًا؛ (أَيْ: هَدَفًا يَرْمِيهِ بِلاقَصْدِ الصَّيْدِ).
وَعِصَابَاتُ الإجْرَامِ تُمْطِرُ بالصَّوَارِيخِ وَالمِدْفَعِيَّةِوَأَنْوَاعِ الأسْلِحَةِ نُفُوسًا بَشَرِيَّةً بَرِيئَةً، حُرْمَتُهَا أَعْظَمُعِنْدَ اللهِ مِنْ هَدْمِ الكَعْبَةِ، وَلَزَوَالُ الدُّنْيَا أَعْظَمُ عِنْدَاللهِ مِنْ قَتْلِهَا.
هَذَا الالْتِجَاءُ وَالتَّعَلُّقُ بِاللهِ مِنْ أَبْطَالِ الشَّامِ هُوَالخُطْوَةُ الاولَى لِلنَّصْرِ الحَقِيقِيِّ، حِينَ لا يَبْقَى فِي القُلُوبِأَمَلٌ إِلا بِاللهِ، حِينَ تَيْئَسُ النُّفُوسُ مِنْ مَجْلِسِ الامْنِ، وَمِنْهَيْئَةِ الامَمِ، وَمِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.
حِينَ تَيْئَسُ القُلُوبُ مِنْ تَخَاذُلِالسَّاسَةِ القَاعِدِينَ، وَمِنَ الشُّعُوبِ اللاهِينَ، فَلا يَبْقَى إِلابَابُ السَّمَاءِ للإيواء وَالاسْتِنْصَارِ، وَمَنْ آوَى إِلَى اللهِ، فَقَدْآوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛ (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِالْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].
هَذَا المَلِكُ العَظِيمُ الرَّحِيمُ،السَّمِيعُ البَصِيرُ العَلِيمُ، حَاشَاهُ حَاشَاهُ أَنْ يَتَخَلَّى عَمَّنِاسْتَنْصَرَ بِهِ، حَاشَاهُ أَنْ يَخْذُلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، لَكِنَّهُسُبْحَانَهُ لَهُ حِكَمٌ عَظِيمَةٌ فِي تَأْخِيرِ النَّصْرِ، وَإِنْزَالِالعُقُوبَةِ عَلَى أَهْلِ الظُّلْمِ، قَدْ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ .
أَلَمْ يَقُلِاللهُ تعالى: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَبَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)[محمد: 4)
أَلَيْسَ مِنْ سُنَنِ اللهِ: (وَلَقَدْفَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواوَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 3]،
أَمَا قَالَ الحَقُّ: (وَلِيَعْلَمَاللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّالظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140]، وَقَالَ أَيْضًا: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىنَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)محمد: 31]، إِنَّهَا إِرَادَةٌ إِلَهِيَّةٌ؛ (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَىالْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَالَّذِينَ نَافَقُوا) (آل عمران: 166، 167) فَأَبْشِرُوا يَا أهل السلام فَوَاللهِ مَا تَعَلَّقَتْ قُلُوبٌ بِخَالِقِهَا صِدْقًا وَحَقًّاإِلا ثَبَّتَهَا اللهُ بِالسَّكِينَةِ، وَأَذْهَبَ عَنْهَا الخَوْفَ،وَبَلَّغَهَا رَجَاءَهَا، وَأَعْطَاهَا فَوْقَ مُنَاهَا.
وَأَخِيرًا يَا أَهْلَ الإيمَانِ،اسْتَدْفِعُوا طُوفَانَ البَلاءِ عَنْ أنفسكم وعن إِخْوَانِكُمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ،وَإِصْلاحِ الحَالِ، وَالاسْتِكْثَارِ مِنَ القُرُبَاتِوَالطَّاعَاتِ.
صلوا وسلموا .....
الحمد لله الذي من علينا فهدانا ، وأطعمنا وسقانا ، واصطفانا على الأمم واجتبانا ، أحمده سبحانه علىما أسبغ من النعم وأعطانا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو حسُبناومولانا ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله أفضل العالمين بيانا ، وأصدقهم لسانا ، صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد : فاتقوا الله أيها المؤمنونحق التقوى .
معاشرالمسلمين :إِذَانَطَقَتْ بِهَا الأفواه، هَزَّتْ فِي النُّفُوسِ وِجْدَانَهَا، وَتَعَلَّقَتِالأرواح خَارِجَ عَالَمِهَا.
هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا ضَاقَتِ الكُرُوبُ،وَهِيَ مَلاذُنَا إِذَا عَظُمَتِ الخُطُوبُ.
هِيَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَقِفُ عَلَىطَرَفِ اللِّسَانِ حِينَ يَأْخُذُ الخَوْفُ وَالحُزْنُ مَكَانَهُ فِيالقَلْبِ.
وَهِيَ العِبَارَةُ الَّتِي تَلُوحُ أَمَامَنَا حِينَ تَنْقَطِعُ وَتَتَخَلَّى عَنَّاالأسباب الأرضية.
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، مَاأَكْبَرَ مَعْنَاهَا! وَمَا أَعْظَمَ دَلالَتَهَا! وَمَا أَشَدَّأَثَرَهَا!
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، اسْتَشْعَرَهَا إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُحِينَ حَمَلَهُ أَهْلُ الإشْرَاكِ لِيُلْقُوهُ فِي النَّارِ، فَلَمَّا بَصُرَتْعَيْنُهُ النَّارَ، رَدَّدَ بِلِسَانِهِ، وَقَدْ مُلِئَ قَلْبُهُ تَوْحِيدًا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، فَقَالَ اللهُ:(يَا نَارُ كُونِي بَرْدًاوَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)(الأنبياء: 69)
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ،اسْتَشْعَرَهَا مُحَمَّدٌ rبَعْدَ غَزْوَةِأُحُدٍ، فَقِيلَ لَهُ وَقَدْ تَجَمَّعَتْ عَلَيْهِ الكُلُومُ وَالهُمُومُ:(إِنَّالنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ )فقال هو وأصحابه :حَسْبُنَا اللَّهُوَنِعْمَ الْوَكِيلُ ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْيَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)آل عمران: 173 - 174 حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ، نَلُوذُ بِهَا،وَنَعْتَصِمُ بِهُدَاهَا فِي أَحْوَالِنَا كُلِّهَا.
هِيَ سِلاحُنَا قَبْلَ القُوَّةِالمَادِّيَّةِ، وَالأسْبَابِ الأرْضِيَّةِ.
هِيَ هُتَافُنَا .... حِينَ نَرَى تَسَلُّطَ أَهْلِ الطُّغْيَانِ عَلَى رِقَابِا لمُسْتَضْعَفِينَ.
نُرَدِّدُهَا ....حِينَ نَسْمَعُ تَسَافُلَ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ عَلَى شَرَائِعِ الدِّينِ، وَمَقَامِ وَقَامَاتِ المُرْسَلِينَ.
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، هِيَسَلْوَانَا .... إِنْ قَلَّتْ أَمْوَالُنَا، وَجَفَّتْ مَوَادُّنَا، وَشَحَّتْمَصَادِرُنَا، هِيَ مَفْزَعُنَا إِذَا عَمَّتِ الشَّهَوَاتُ، وَتَعَلَّقَتِالقُلُوبُ بِالفِتَنِ وَالمُغْرِيَاتِ.
فَلا شَيْءَ إِلا اللهَ، لا حَوْلَإِلا حَوْلَهُ، لا قُوَّةَ إِلا قُوَّتَهُ، لا إِرَادَةَ إِلاإِرَادَتَهُ.
)حَسْبُنَا اللهُ): كَلِمَةُ الْتِجَاءٍ يَسْتَشْعِرُ فِيهِ العَبْدُ اسْمَاللهِ الحَسِيبِ، وَالحَسِيبُ هُوَ: الكَافِي، فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَافٍ مَنْتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ.
وَإِذَاالعِنَايَةُ لاحَظَتْكَ عُيُونُهَا ** نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُنَّأَمَانُ
هُوَ سُبْحَانَهُيَكْفِي عَبْدَهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ ضُرٍّ، وَيَجْلِبُ مَا رَجَاهُ مِنْخَيْرٍ.
(وَنِعْمَالوِكْيلُ): أَيْ كَفِيلٌ عَلَى أُمُورِنَا، قَيِّمٌ عَلَى مَصَالِحِنَا، قَالَابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَيِ اللهُ وَحْدَهُ كَافِينَاكُلَّنَا.حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ: عَقِيدَةٌ رَاسِخَةٌ، تَعْنِي: تَوَكُّلَ العَبْدِ عَلَى رَبِّهِ، وَالْتِجَاءَهُ إِلَيْهِ، وَافْتِقَارَهُلِعَوْنِهِ وَتَسْدِيدِهِ، وَمَدَدِهُ وَتَوْفِيقِهِ.
إِنْ مَسَّنَاالضُّرُّ أَوْ ضَاقَتْ بِنَا الحِيَلُ **فَلَنْ يَخِيبَ لَنَا فِي رَبِّنَاأَمَلُ
اللهُ فِي كُلِّخَطْبٍ حَسْبُنَا وَكَفَى ** إِلَيْهِ نَرْفَعُ شَكْوَانَاوَنَبْتَهِلُ
وَمَنْ نَلُوذُبِهِ فِي كَشْفِ كُرْبَتِنَا **وَمَنْ عَلَيْهِ سِوَى الرَّحْمَنِنَتَّكِلُ
فَافْزَعْ إِلَيْهِوَأقْرِعْ بِابَ رَحْمَتِهِ **فَهْوَ الرَّجَاءُ لِمَنْ أَعْيَتْ بِهِالسُّبُلُ
فَيَا أَهْلَالتَّوْحِيدِ، هَذَا أَصْلُ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُ بِاللهِ - جَلَّ جَلالُهُ،وَارْتِبَاطُ القُلُوبِ بِخَالِقِهَا وَمُوجِدِهَا، وَبِالذَّاتِ إِبَّانَمَصَائِبِهَا وَمِحَنِهَا وَأَزَمَاتِهَا، فَلا خَلاصَ وَلا نَجَاةَ مِنْ مِحَنِالدُّنْيَا إِلا بِحَبْلِ السَّمَاءِ؛ (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْكُلِّ كَرْبٍ) (الانعام: 64)
إِذَا تَعَلَّقَتِ القُلُوبُ، بِحَوْلِوَقُوَّةِ عَلامِ الغُيُوبِ، تَنَاهَتْ فِي ذُلِّهَا وَعُبُودِيَّتِهَا، فَصَغُرَوَضَعُفَ كُلُّ شَيْءٍ إِلا حَوْلَهُ وَقُوَّتَهُ.
إِذَا الْتَجَأَتِ الأفْئِدَةُ،بِرَبِّهَا اسْتَشْعَرَتْ هَيْمَنَةَ اللهِ عَلَى الحَيَاةِ، فَلا يَجْرِي فِيالكَوْنِ شَيْءٌ إِلا بِعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ،فَحُقَّ لِلْقُلُوبِ بَعْدَهَا أَنْ تَعِيشَ مَسَاحَاتٍ مِنَ التَّوَكُّلِوَتَفْوِيضِ الامُورِ للهِ.
وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ، فَهُوَأَهْلٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ؛ ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران159
مَنْ كَانَهَذَا مَخْبَرَهُ، فحري أَنْ يَحْفَظَهُ رَبُّهُ وَيَكْفِيهِ؛(وَمَنْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
يَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ، التَّعَلُّقُبِاللهِ عِزٌّ وَاسْتِعْلاءُ كَرَامَةٍ، وَالتَّعَلُّقُ بِمَا دُونِ اللهِ ضَعْفٌوَهَوَانٌ وَمَهَانَةٌ.
التَّعَلُّقُ بِاللهِ هُوَ وَرَبِّي بُرْهَانُ التَّوْحِيدِ، وَدَلِيلُالايمَانِ، يُحْيِي الهِمَمَ الفَاتِرَةَ، وَيُوقِظُ النُّفُوسَ الغَافِلَةَ،وَيَقْذِفُ فِي القُلُوبِ شُحْنَاتٍ مِنَ التَّذَلُّلِ وَالافْتِقَارِ، وَتِلْكَوَاللهِ مَقَامَاتٌ يُحِبُّهَا اللهُ وَيَرْضَاهَا، وَيَجْزِي أَهْلَهَا الجَزَاءَالاوْفَى.
عِبَادَاللهِ: مَنْأَعْظَمُ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ وَالْتَجَأَ إِلَيْهِ ؟ مَنْ أَشَدُّ مَنْ فَوَّضَأَمْرَهُ لِخَالِقِهِ وَاعْتَصَمَ بِهِ ؟
إِنَّهُمْ رُسُلُ اللهِ، صَفُوَتُهُ مِنْخَلْقِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ عِبَادِهِ.
اسْتَعْرِضُوا حَيَاتَهُمْ كَمَا قَصَّهَاالقُرْآنُ، لِتَرَوْا أَنَّ التَّعَلُّقَ بِاللهِ وَحْدَهُ هُوَ رَفِيقُهُمْ،وَبَثَّ الشَّكْوَى إِلَيْهِ هُوَ حُدَاؤُهُمْ.
كَمْ تَعَرَّضُوا فِي حَيَاتِهِمْ لِمِحَنٍوَإِحَنٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَشِمَالا، وَإِنَّمَا شَمَخَتْجِبَاهُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَسْتَمْطِرُونَ الفَرَجَ وَالمَخْرَجَ وَرَفْعَالعَنَاءِ.
سُفِّهَنُوحٌ فِي عَقْلِهِ، وَزُجِرَ وَعُنِّفَ، حَتَّى أَيِسَ مِنْ قَوْمِهِ، وَضَاقَعَلَيْهِ كَرْبُهُ، فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالدُّعَاءِ؛ قَالَ اللهُ عَنْهُ: (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُأَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) [القمر: 9، 10]، (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌفَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِالْعَظِيمِ) [الصافات: 75، 76]
صَرَخَ قَوْمُ مُوسَى: ( إِنَّالَمُدْرَكُونَ ) [الشعراء: 61]، فَقَالَ كَلِيمُ اللهِ - وَقَدِ امْتَلأ قَلْبُهُتَعَلُّقًا وَيَقِينًا -: (كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 62]،قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [الصافات: 114-115).
رَكِبَيُونُسُ بْنُ مَتَّى مَعَ الرَّاكِبِينَ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ،فَأُلْقِيَ فِي لُجَجِ البِحَارِ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ الضُّوءُ وَالنَّهَارُ،فَالْتَجَأَ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالاعْتِرَافِ؛ (فَنَادَى فِيالظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَالظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَنُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الانبياء: 87، 88].
مَرِضَ أَيُّوبُ، وَطَالَ عَلَيْهِالدَّاءُ؛ فَفَزِعَ إِلَى رَبِّ الأرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّوَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فقال الله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُفَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ) تَأَلَّمَ يَعْقُوبُ لِفَقْدِ يُوسُفَ،وَلازَمَتْهُ أَحْزَانُهُ، حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ، مِنْ كَثْرَةِتَضَرُّعِهِ لِرَبِّهِ وَشَكْوَاهُ، فَبَرَّدَ اللهُ عَلَيْهِ حَرَّ فِرَاقِالوَلَدِ، وَأَذْهَبَ عَنْهُ أَلَمَ الكَآبَةِ وَالكَمَدِ.
تَعَرَّضَتْ لِيُوسُفَ فِتْنَةُالشَّهَواتِ، وَتَهَيَّأَتْ لَهُ كُلُّ صُوَرِ المُغْرِيَاتِ، فَمَا عَصَمَهُ مِنْهَذَا البَلاءِ إِلا التَّعَلُّقُ بِاللهِ وَالدُّعَاءُ؛ (وَإِلا تَصْرِفْعَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [يوسف33]
إِنَّهَاقُلُوبٌ تَعَلَّقَتْ بِاللهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، كَانُوا مَعَ اللهِ، فَكَانَ اللهُمَعَهُمْ،
فَلَيْتَكَ تَحْـلُو وَالحَيَاةُ مَـرِيرَةٌ ** وَلَيْتَكَ تَرْضَىوَالأنَامُ غِضَابُ
إِذَا صَحَّ مِنْكَ الوُدُّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ ** وكُلُّالَّذِيفَوْقَ التُّرَابِتُرَابُ
التَّعَلُّقُبِاللهِ مَبْدَأٌ رَبَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ rصَحَابَتَهُ t وَزَكَّى أَرْوَاحَهُمْ بِهَذِهِالعَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ، ثَقُلَ عَلَى الصَّحَابَةِ قَوْلُ نَبِيِّهِمْ r:(كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدْ الْتَقَمَالقَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإذْنَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخَ))،فَتَأَثَّرَ الصَّحَابَةُ مِمَّا سَمِعُوا، حَتَّى رُؤِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ،فَقَالُوا: كَيْفَ نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: قُولُوا: (حَسْبُنَا اللهُوَنِعْمَ الوَكِيلُ).
هَذِهِ التَّرْبِيَةُ المُحَمَّدِيَّةُ فِي التَّعَلُّقِ بِاللهِ شَمِلَتْجَمِيعَ الصَّحَابَةِ عَلَى اخْتِلافِ أَعْمَارِهِمْ، قَالَ لِصَاحِبِهِوَرَفِيقِهِ الصِّدِّيقِ، وَقَدْ عَلَتْهُ الاحْزَانُ فِي الغَارِ: (لا تَحْزَنْإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].
وَقَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الشَّابُّ:(اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ)
وَأَوْصَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ غُلامٌ: (تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِيالشِّدَّةِ(
عِبَادَ اللهِ: الالْتِجَاءُ إِلَى اللهِ وَالتَّعَلُّقُ بِهِ، لَيْسَ خَاصًّا فِي حَالِالضَّرَّاءِ، بَلْ يُسْتَصْحَبُ حَتَّى فِي حَالِ طَلَبِ الخَيْرَاتِ،وَاسْتِجْلابِ المَنَافِعِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَاآتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُمِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) [التوبة:59]
وَهَذَانِالحَالانِ - أَعْنِي: اسْتِشْعَارَ جُمْلَةِ: (حَسْبُنَا اللهُ) حَالَ طَلَبِخَيْرٍ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ - ذَكَرَهُمَا المَوْلَى تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: (قُلْأَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّهَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُرَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر: 38]
بَارَكَ اللهُلِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ...
الخُطْبَةُالثَّانِيَةُ
قَالُوهَا .... بَعْدَ أَنِ انْقَطَعَتِ الآمَالُ بِالشَّرْقِ وَالغَرْبِالَّذِي لا يَتَحَرَّكُ إِلا وَفْقَ مَصَالِحِهِ.
رَدَّدُوهَا .... بَعْدَ أَنْ تَخَلَّىعَنْهُمْ غَالِبُ المُسْلِمِينَ، وَاكْتَفَتْ جُمُوعُهُمْ يَرْمُقُونَهُمْبِأَعْيُنِهِمْ، وَيُحَوْقِلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ.
أَعْلَنُوهَا ... بَعْدَ أَنْ حُرِمُوامِنْ أَبْجَدِيَّاتِ الحَيَاةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالمَاءِ، وَالدَّوَاءِوَالكَهْرُبَاءِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِلاالهَوَاءُ.
صَرَخُوا بِهَا .... بَعْدَ أَنْ قُصِفَتْ بُيُوتُهُمْ، مَسَاجِدُهُمْ،مَآذِنُهُمْ، وَقُطِّعَتْ أَشْلاؤُهُمْ أَمَامَأَعْيُنِهِمْ.
نَعَمْ لَقَدْ عَجَّتْ بِهَا حَنَاجِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَوُاالعِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةَ ، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهَا الرَّحْمَةُوَالانْسَانِيَّةُ، فَلَمْ يَرْأَفُوا بِشَيْخٍ وَلا رَضِيعٍ، وَلا امْرَأَةٍأَوْ وَدِيعٍ!
فَيَا للهِ! قَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِr- مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا مِنَ الطُّيُورِ غَرَضًا؛ (أَيْ: هَدَفًا يَرْمِيهِ بِلاقَصْدِ الصَّيْدِ).
وَعِصَابَاتُ الإجْرَامِ تُمْطِرُ بالصَّوَارِيخِ وَالمِدْفَعِيَّةِوَأَنْوَاعِ الأسْلِحَةِ نُفُوسًا بَشَرِيَّةً بَرِيئَةً، حُرْمَتُهَا أَعْظَمُعِنْدَ اللهِ مِنْ هَدْمِ الكَعْبَةِ، وَلَزَوَالُ الدُّنْيَا أَعْظَمُ عِنْدَاللهِ مِنْ قَتْلِهَا.
هَذَا الالْتِجَاءُ وَالتَّعَلُّقُ بِاللهِ مِنْ أَبْطَالِ الشَّامِ هُوَالخُطْوَةُ الاولَى لِلنَّصْرِ الحَقِيقِيِّ، حِينَ لا يَبْقَى فِي القُلُوبِأَمَلٌ إِلا بِاللهِ، حِينَ تَيْئَسُ النُّفُوسُ مِنْ مَجْلِسِ الامْنِ، وَمِنْهَيْئَةِ الامَمِ، وَمِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.
حِينَ تَيْئَسُ القُلُوبُ مِنْ تَخَاذُلِالسَّاسَةِ القَاعِدِينَ، وَمِنَ الشُّعُوبِ اللاهِينَ، فَلا يَبْقَى إِلابَابُ السَّمَاءِ للإيواء وَالاسْتِنْصَارِ، وَمَنْ آوَى إِلَى اللهِ، فَقَدْآوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛ (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِالْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].
هَذَا المَلِكُ العَظِيمُ الرَّحِيمُ،السَّمِيعُ البَصِيرُ العَلِيمُ، حَاشَاهُ حَاشَاهُ أَنْ يَتَخَلَّى عَمَّنِاسْتَنْصَرَ بِهِ، حَاشَاهُ أَنْ يَخْذُلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، لَكِنَّهُسُبْحَانَهُ لَهُ حِكَمٌ عَظِيمَةٌ فِي تَأْخِيرِ النَّصْرِ، وَإِنْزَالِالعُقُوبَةِ عَلَى أَهْلِ الظُّلْمِ، قَدْ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ .
أَلَمْ يَقُلِاللهُ تعالى: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَبَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)[محمد: 4)
أَلَيْسَ مِنْ سُنَنِ اللهِ: (وَلَقَدْفَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواوَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 3]،
أَمَا قَالَ الحَقُّ: (وَلِيَعْلَمَاللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّالظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140]، وَقَالَ أَيْضًا: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىنَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)محمد: 31]، إِنَّهَا إِرَادَةٌ إِلَهِيَّةٌ؛ (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَىالْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَالَّذِينَ نَافَقُوا) (آل عمران: 166، 167) فَأَبْشِرُوا يَا أهل السلام فَوَاللهِ مَا تَعَلَّقَتْ قُلُوبٌ بِخَالِقِهَا صِدْقًا وَحَقًّاإِلا ثَبَّتَهَا اللهُ بِالسَّكِينَةِ، وَأَذْهَبَ عَنْهَا الخَوْفَ،وَبَلَّغَهَا رَجَاءَهَا، وَأَعْطَاهَا فَوْقَ مُنَاهَا.
وَأَخِيرًا يَا أَهْلَ الإيمَانِ،اسْتَدْفِعُوا طُوفَانَ البَلاءِ عَنْ أنفسكم وعن إِخْوَانِكُمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ،وَإِصْلاحِ الحَالِ، وَالاسْتِكْثَارِ مِنَ القُرُبَاتِوَالطَّاعَاتِ.
صلوا وسلموا .....
المشاهدات 2648 | التعليقات 2
يا اخوان فيه صعوبة في فتح وقراءة الخطب لماذا وفقكم الله
عوض القحطاني
هذه الخطبة يعود فضلها لمن أعدها وما أنا إلا عالة على أهل الفضل والعلم أمثالكم
تعديل التعليق