حرمة المسجد وجريمة التفجير في جامع الرضا بالأحساء
سعود المغيص
1437/04/25 - 2016/02/04 20:04PM
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّـهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى ﴾ .
أَلا وإنَّ منْ تعظيمِ كلامِ اللهِ تعالى تحريمَ مَا حرّمَ من الدماءِ المعصومةِ، واستعظامَ سفكِهَا بغيرِ حقٍ، وَفي القرآنِ [ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا و] قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا".
وفي القرآنِ أيضًا: أمرٌ باحترامِ المساجدِ وتوقيرِهَا وعِمارتِهَا؛ لأنها محلُّ عبادةِ اللهِ تعالى وذكرِهِ، فَلا يُباعُ فيها ولا يُشترَى، ولا تُنشدُ فيها الضالةُ.
وَعمارتُها بالصلاةِ والذِّكرِ دليلُ الإيمانِ [ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ ] ومن أعظمِ الظلمِ منعُ المسلمينَ منْ مساجدِهم، وأعظمُ منهُ هدمُها أو حرقُها أو تخريبُها أو قصدُها بالتفجيرِ، وقصدُ المصلينَ بالقتلِ والترويعِ، ولا يفعلُ ذلك ولا يُبِيحُهُ وَلا يَفرحُ به منْ لهُ مِسكةُ عَقلٍ، وَلا منْ لَديهِ أَثَارَةٌ منْ علمٍ؛ فهوَ إِجْرامٌ وإفسادٌ أيًّا كان فاعلُه – عليه من الله ما يستحق- لأنَّ اللهَ تَعالى يقولُ في محكمِ التنزيلِ { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أيْ: لا أحدَ أظلمُ ممنْ منعَ الناسَ منَ المساجدِ، وَلا أحدَ أظلمُ ممن سعى في خرابِها، وتوعَّدهمُ اللهُ تعالى بالخزيِّ في الدنيا والعذابِ العظيمِ في الآخرة.
هذا في حقِ منْ منعَ الدخولَ للمسجدِ للصلاةِ فيهِ، ومنْ سَعى في هدمِهِ وليس فيهِ أحدٌ؛ فالآيةُ تُفيدُ بأنهُ لا أحدَ أظلمُ منهُ، فكيفَ بمنْ قَصَدَ المصلينَ في المساجدِ وهم وقوفٌ في الصلاةِ يتلونَ القرآنَ، أو وهمْ رُكَّعٌ يُسبِحونَ اللهَ تعالى ويُعظِمُونَهُ، أو وهم سُجَّدٌ عَفَّرُوا وجوهَهُم له يَدْعونَهُ، في فريضةٍ من فرائضهِ يُؤَدُونَها، فَنَسَفَهم بالمتفجراتِ، فقتلَ منهم منْ قُتلَ! وجُرحَ منْ جُرح! ورُوَّعَ منْ روَّع!!
نعوذُ بالله تعالى من ذلك، ونَسألهُ أن يَكبِتَ المفسدينَ، ويَردَّهم على أعقابهم خاسرين .
عباد الله : إنَّ شأنَ المسجدِ عظيمٌ، وزوّارَهُ للصلاة فيه هم زوّارُ اللهِ تعالى، وهم في ضيافتِه، فمن قصدَهمْ بأيِّ نوعٍ منَ الأذى فإنهُ إنما يُؤذي اللهَ تعالى، ويستحلُ محاربتَه.
إنَّ المفسدينَ في هذا العصرِ قد أَحدثوا حدثًا عظيمًا في المساجدِ؛ وذلك بقصدِها وهي آهلةٌ بالمصلينَ للتفجيرِ فيهَا.
هذَا النوعُ من الإِفسادِ هو من أعظمِ المنعِ من مساجدِ اللهِ تعالى أنْ يُذكرَ فيها اسمُه ؛ لأَنهم حوّلوا المساجدَ وهي محلُّ الأمنِ إلى أماكنِ خوفٍ، فيعزفُ عنها بعضُ المصلينَ خوفًا من التفجيرِ، ويحضرُ الصلاةَ فيها منْ يحضرُها وهم خائفون مترقبون.
وهو فعلٌ ينطوي على خرابِ المساجدِ بتدميرِها وحرقِها وإتلافِ مصاحفِها وقتلِ المصلينَ فيها. وكلُ جريمةٍ من هذه الجرائمِ أعظمُ من أختِهَا.
وجريمةُ قتلِ مؤمنٍ وهو يؤدي فريضةً من الفرائضِ من أفحشِ الجرائمِ وأشدِّها، نَقلَ القاضي عياضٌ رحمهُ اللهُ تعالى عن المحققينَ منْ أهلِ العلمِ قولهَم: « الَّذِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ اسْتِبَاحَةَ دِمَاءِ الْمُصَلِّينَ المُوَحّدِين خَطَرٌ، وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ مِحْجَمَةٍ مِنْ دَمٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « فَإِذَا قَالُوهَا- يَعْنِي الشَّهَادَةَ - عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ..» انتهى كلامه رحمهُ اللهُ .
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ إنه على ذلك قدير وبالاجابة جدير.
أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
لقدِ تَكَالَبَ الْأَعْدَاءُ عَلَى بلادنا، وَكَادُوا لَهَا، وَمَكَرُوا بِهَا، وَتَآمَرُوا عَلَيْهَا، وَبَلَغَ مَكْرُهُمْ أَنْ جَنَّدُوا بَعْضَ شَبَابٍ مِنْهَا ضِدَّهَا بِالْإِفْسَادِ فِيهَا، وَاسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ، وَبَثِّ الْخَوْفِ، فِي مُحَاوَلَاتٍ تِلْوِ مُحَاوَلَاتٍ لِزَعْزَعَةِ الْأَمْنِ فيها، وَلَوْ عَلِمَ هَؤُلَاءِ الْأَغْرَارُ المَخْدُوعُونَ حَجْمَ جَرَائِمِهِمْ فِي الْإِفْسَادِ فِي بِلَادِنا ، وَتَفْجِيرِ المَسَاجِدِ، وَقَتْلِ النَّاسِ؛ لَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ، فَكَمْ جَنَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَبلادهم وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ! وَكَمْ خُدِعُوا مِمَّنْ يُجَنِّدُونَهُمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ!
عباد الله : علينا أن ندرك الخطر وأن نستشعر المسؤولية الدينية والوطنية تجاه أمن بلادنا ووحدة صفنا وأن نكون على بصرية مما يحاك بيننا وحولنا من أصحاب الأفكار الضالة والمقاصد الخبيثة من خوارج هذا العصر ومن وراءهم من دعاة الطائفية .
عباد الله : إن ما حدث الجمعة الماضية في مسجد الرضاء في محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية جريمة منكرة وحادثة شنيعة الهدف منها اثارة الفتنة واشعال نار الطائفية في هذه الظروف العصيبة والمملكة تدافع عن حدودها الجنوبية مع عدو خارجي وتقوم بواجبها في حفظ الأمن واستتبابه مع أعداء في الداخل تنكروا للجميل وشقوا العصا وفارقوا الجماعة .
وبلادنا ولله الحمد متماسكة ومجتمعه على الدين الحق وتحت قيادة حكيمة دينها الإسلام وشرعها سنة خير الأنام وتسعى إلى توحيد المجتمع وتقوية روابطه وتدافع عنه وتحميه بإذن الله ولن تأخذها في الله لومة لائم .
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْبِتَ المُفْسِدِينَ، وَأَنْ يُعْلِيَ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَالْدِّينِ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ وَالْحَاقِدِينَ، وَأَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ بلادنا بِالْقَتْلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَالتَّخْرِيبَ فَاهْتِكْ سِتْرَهُ، وَاكْشِفْ أَمْرَهُ، وَاكْفِ بلادنا شَرَّهُ; إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ مَسَاجِدَنا بِالتَفْجِيرِ فَأَهْلِكُهُ قَبلَ فِعْلِهِ، واكفِ بلادنا شرَّه.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بلادنا وأمننا وإيماننا واستقرارنا ورخائنا وولاة أمرنا وشعب هذه البلاد والمقيمين فيها بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَاجْعَلْهُ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ
اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ شَبَابَهُمْ وَشَيْبَهُمْ، وَرِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ.
اللهم انصرجنودنا في الجنوب على الحويثيين المعتدين ومن عاونهم وساندهم يارب العالمين .
الا وصلوا ..
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّـهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى ﴾ .
أَلا وإنَّ منْ تعظيمِ كلامِ اللهِ تعالى تحريمَ مَا حرّمَ من الدماءِ المعصومةِ، واستعظامَ سفكِهَا بغيرِ حقٍ، وَفي القرآنِ [ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا و] قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا".
وفي القرآنِ أيضًا: أمرٌ باحترامِ المساجدِ وتوقيرِهَا وعِمارتِهَا؛ لأنها محلُّ عبادةِ اللهِ تعالى وذكرِهِ، فَلا يُباعُ فيها ولا يُشترَى، ولا تُنشدُ فيها الضالةُ.
وَعمارتُها بالصلاةِ والذِّكرِ دليلُ الإيمانِ [ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ ] ومن أعظمِ الظلمِ منعُ المسلمينَ منْ مساجدِهم، وأعظمُ منهُ هدمُها أو حرقُها أو تخريبُها أو قصدُها بالتفجيرِ، وقصدُ المصلينَ بالقتلِ والترويعِ، ولا يفعلُ ذلك ولا يُبِيحُهُ وَلا يَفرحُ به منْ لهُ مِسكةُ عَقلٍ، وَلا منْ لَديهِ أَثَارَةٌ منْ علمٍ؛ فهوَ إِجْرامٌ وإفسادٌ أيًّا كان فاعلُه – عليه من الله ما يستحق- لأنَّ اللهَ تَعالى يقولُ في محكمِ التنزيلِ { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أيْ: لا أحدَ أظلمُ ممنْ منعَ الناسَ منَ المساجدِ، وَلا أحدَ أظلمُ ممن سعى في خرابِها، وتوعَّدهمُ اللهُ تعالى بالخزيِّ في الدنيا والعذابِ العظيمِ في الآخرة.
هذا في حقِ منْ منعَ الدخولَ للمسجدِ للصلاةِ فيهِ، ومنْ سَعى في هدمِهِ وليس فيهِ أحدٌ؛ فالآيةُ تُفيدُ بأنهُ لا أحدَ أظلمُ منهُ، فكيفَ بمنْ قَصَدَ المصلينَ في المساجدِ وهم وقوفٌ في الصلاةِ يتلونَ القرآنَ، أو وهمْ رُكَّعٌ يُسبِحونَ اللهَ تعالى ويُعظِمُونَهُ، أو وهم سُجَّدٌ عَفَّرُوا وجوهَهُم له يَدْعونَهُ، في فريضةٍ من فرائضهِ يُؤَدُونَها، فَنَسَفَهم بالمتفجراتِ، فقتلَ منهم منْ قُتلَ! وجُرحَ منْ جُرح! ورُوَّعَ منْ روَّع!!
نعوذُ بالله تعالى من ذلك، ونَسألهُ أن يَكبِتَ المفسدينَ، ويَردَّهم على أعقابهم خاسرين .
عباد الله : إنَّ شأنَ المسجدِ عظيمٌ، وزوّارَهُ للصلاة فيه هم زوّارُ اللهِ تعالى، وهم في ضيافتِه، فمن قصدَهمْ بأيِّ نوعٍ منَ الأذى فإنهُ إنما يُؤذي اللهَ تعالى، ويستحلُ محاربتَه.
إنَّ المفسدينَ في هذا العصرِ قد أَحدثوا حدثًا عظيمًا في المساجدِ؛ وذلك بقصدِها وهي آهلةٌ بالمصلينَ للتفجيرِ فيهَا.
هذَا النوعُ من الإِفسادِ هو من أعظمِ المنعِ من مساجدِ اللهِ تعالى أنْ يُذكرَ فيها اسمُه ؛ لأَنهم حوّلوا المساجدَ وهي محلُّ الأمنِ إلى أماكنِ خوفٍ، فيعزفُ عنها بعضُ المصلينَ خوفًا من التفجيرِ، ويحضرُ الصلاةَ فيها منْ يحضرُها وهم خائفون مترقبون.
وهو فعلٌ ينطوي على خرابِ المساجدِ بتدميرِها وحرقِها وإتلافِ مصاحفِها وقتلِ المصلينَ فيها. وكلُ جريمةٍ من هذه الجرائمِ أعظمُ من أختِهَا.
وجريمةُ قتلِ مؤمنٍ وهو يؤدي فريضةً من الفرائضِ من أفحشِ الجرائمِ وأشدِّها، نَقلَ القاضي عياضٌ رحمهُ اللهُ تعالى عن المحققينَ منْ أهلِ العلمِ قولهَم: « الَّذِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ اسْتِبَاحَةَ دِمَاءِ الْمُصَلِّينَ المُوَحّدِين خَطَرٌ، وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ مِحْجَمَةٍ مِنْ دَمٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « فَإِذَا قَالُوهَا- يَعْنِي الشَّهَادَةَ - عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ..» انتهى كلامه رحمهُ اللهُ .
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ إنه على ذلك قدير وبالاجابة جدير.
أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ عباد الله :
لقدِ تَكَالَبَ الْأَعْدَاءُ عَلَى بلادنا، وَكَادُوا لَهَا، وَمَكَرُوا بِهَا، وَتَآمَرُوا عَلَيْهَا، وَبَلَغَ مَكْرُهُمْ أَنْ جَنَّدُوا بَعْضَ شَبَابٍ مِنْهَا ضِدَّهَا بِالْإِفْسَادِ فِيهَا، وَاسْتِحْلَالِ الدِّمَاءِ، وَبَثِّ الْخَوْفِ، فِي مُحَاوَلَاتٍ تِلْوِ مُحَاوَلَاتٍ لِزَعْزَعَةِ الْأَمْنِ فيها، وَلَوْ عَلِمَ هَؤُلَاءِ الْأَغْرَارُ المَخْدُوعُونَ حَجْمَ جَرَائِمِهِمْ فِي الْإِفْسَادِ فِي بِلَادِنا ، وَتَفْجِيرِ المَسَاجِدِ، وَقَتْلِ النَّاسِ؛ لَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ، فَكَمْ جَنَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَبلادهم وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ! وَكَمْ خُدِعُوا مِمَّنْ يُجَنِّدُونَهُمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ!
عباد الله : علينا أن ندرك الخطر وأن نستشعر المسؤولية الدينية والوطنية تجاه أمن بلادنا ووحدة صفنا وأن نكون على بصرية مما يحاك بيننا وحولنا من أصحاب الأفكار الضالة والمقاصد الخبيثة من خوارج هذا العصر ومن وراءهم من دعاة الطائفية .
عباد الله : إن ما حدث الجمعة الماضية في مسجد الرضاء في محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية جريمة منكرة وحادثة شنيعة الهدف منها اثارة الفتنة واشعال نار الطائفية في هذه الظروف العصيبة والمملكة تدافع عن حدودها الجنوبية مع عدو خارجي وتقوم بواجبها في حفظ الأمن واستتبابه مع أعداء في الداخل تنكروا للجميل وشقوا العصا وفارقوا الجماعة .
وبلادنا ولله الحمد متماسكة ومجتمعه على الدين الحق وتحت قيادة حكيمة دينها الإسلام وشرعها سنة خير الأنام وتسعى إلى توحيد المجتمع وتقوية روابطه وتدافع عنه وتحميه بإذن الله ولن تأخذها في الله لومة لائم .
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْبِتَ المُفْسِدِينَ، وَأَنْ يُعْلِيَ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَالْدِّينِ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ وَالْحَاقِدِينَ، وَأَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ بلادنا بِالْقَتْلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَالتَّخْرِيبَ فَاهْتِكْ سِتْرَهُ، وَاكْشِفْ أَمْرَهُ، وَاكْفِ بلادنا شَرَّهُ; إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ مَسَاجِدَنا بِالتَفْجِيرِ فَأَهْلِكُهُ قَبلَ فِعْلِهِ، واكفِ بلادنا شرَّه.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بلادنا وأمننا وإيماننا واستقرارنا ورخائنا وولاة أمرنا وشعب هذه البلاد والمقيمين فيها بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَاجْعَلْهُ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ
اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ شَبَابَهُمْ وَشَيْبَهُمْ، وَرِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ.
اللهم انصرجنودنا في الجنوب على الحويثيين المعتدين ومن عاونهم وساندهم يارب العالمين .
الا وصلوا ..
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
إن شاء الله تجد لها آذانا صاغية وقلوبا واعية، سلمنا الله وإياكم وجميع المسلمين من كل شر وفتنة شيخ سعود.
تعديل التعليق