حديث : ( سبعة يظلهم الله في ظله ... ) 1 إمام عادل 2 شاب نشأ في عبادة الله

مبارك العشوان
1437/03/06 - 2015/12/17 22:17PM
إن الحمد لله ... أما بعد: فإن أمامَنا عبادَ الله يومٌ عصيبٌ، يعظُمُ فيه الخطب، ويشتدُ الكرب، تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، قَالَ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا؛ فرحماك يا رحيم، وعفوك يا رب يا عفو يا كريم.
عباد الله: وفي ذلك الهول العظيم يظل الله قوما في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ جعلنا الله وإياكم منهم، إنه سميع قريب ـ .
عباد الله: روى البخاري في صحيحه من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إني أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ) أول أولئك السبعة (إمام عدل ) وفي رواية:
( عادل ) وما أشدَّ حاجة الأمم في كل عصر و مصر إلى الإمام العادل، الذي يعرف حقوقَ الله، وحقوقَ عباده، كتب الحسن البصري إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمهما الله جميعا يصف له الإمام العادل، فكان مما قال: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادلَ قوامَ كُلِّ مائل، وقصدَ كل جائر ، وقوةَ كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، وهو كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعى ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنفها من أذى الحر والقر، الإمام العادل كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارا، ويعلمهم كبارا، يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته، وهو كالأم الشفيقة البَرَّةِ بولدها، حملته كرها، ووضعته كرها، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، والإمام العادل يا أمير المؤمنين وَصِيُّ اليتامى، وخازن المساكين، وهو كالقلب بين الجوانح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده ... إلى أن قال : فإياك يا أمــير المؤمنين أن تكون فيما ملكك الله كعبدٍ ائتمنه سيده واستحفظه مالَهُ وعيالَه، فبددَ المال، وشرَّد العيال، واعلم أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاها من يليها ... ) الخ.
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ) رواه مسلم .
فاللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك .
بارك الله... وأقول ما تسمعون...



الخطبة الثانية:
الحمد لله... أما بعد فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله: ذلك الشاب المسلم، الذي تعلق قلبه بربه، فنشأ في عبادته واستقام على طاعته، تتجاذبه مزالق الشهوات، ومتطلبات الجسد وتعرض له الدنيا بزخرفها، وتجمع له لذائذها، وتحيط به المغريات من كل جانب، لكنه يعلم أنه لن تزول قدماه يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، فلم يغرق مع من غرق في شهواته وملذاته، ومع من أهدر شبابه في لهو ولعب، متابعة للقنوات، وسهر على المحرمات، وتتبع لكل جديد وتشجيع، وتفحيط، ومهاتفات، ومغازلات .
أيها المؤمنون: إن على كل شاب مسلم أن يحفظ شبابه فيما يقربه إلى ربه، وأن يغتنمه قبل هرمه، وعلى كل من يتولى التربية من الوالدين، أو المعلمين، والمجتمع، أن يسعوا حثيثا في تنشئة الشباب على طاعة الله، وإبعادهم عما حرم الله، وعن كل وسيلة تربيهم على الشر وسوء الخلق، ونبذ العفة والحياء والجرأة على حدود الله، من جلساء سوء، وقنوات فضائـية وصور خليعة، وأغانٍ ماجنة.
روى البخاري في صحيحه من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَــــلَّى اللَّهُ عَلَـــيْهِ وَسَلَّمَ يَقــولُ: ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ ) رواه البخاري.
ثم صلوا عباد الله وسلموا ... عباد الله : اذكروا الله ...[/size][/size]
المشاهدات 1986 | التعليقات 0