حج 1441 ووباء كورونا

حج 1441 ووباء كورونا[1]
 الحمدلله، أمر عباده بحج بيته الحرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً، أما بعد:
فيا عباد الله: إنَّ الله فرض على عباده حج بيته الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً مرة واحدة في العمر، قال تعالى: {وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]  وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا" فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ" ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ" (أخرجه مسلم)
وتعلمون يا عباد الله انتشار وباء كورونا في العالم وعدم إيجاد لقاح أو علاج له، فكان من أمر القيادة الحكيمة الاقتصار على حجاج الداخل من مواطنين ومقيمين بأعدادٍ محدودة؛ حفظاً للأنفس وحرصاً على صحة الحجاج وسلامتهم، وحفظ النفس من الضروريات الخمس، قال الشاطبي رحمه الله: "اتفقت الأمة -بل سائر الملل- على أنَّ الشريعة وُضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل" (الموافقات (1/ 31).
وقد أيدت هيئة كبار العلماء ما قرَّرته حكومة المملكة العربية السعودية بأن يكون حج هذا العام 1441 بعدد محدود جدا من داخل المملكة حيث قالت في بيانها: "ولأهمية إقامة شعيرة الحج دون أن يلحق ضرر بأرواح الحجاج ودون أن تكون هذه الشعيرة العظيمة سبباً في زيادة انتشاره، فإنَّ الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، لذلك كله من النصوص الشرعية والمقاصد والقواعد الكليَّة، فإنَّ هيئة كبار العلماء تؤيد ما قرَّرته حكومة المملكة العربية السعودية بأن يكون حج هذا العام 1441هـ بعدد محدود جدا من داخل المملكة حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم"[2].
عباد الله: من تأخر عن حج الفريضة مع استطاعته، فليبادر بالحج هذا العام، مع أهمية الأخذ بالأسباب الشرعية والالتزام الكامل بالتعليمات والتقيد بكافة الاحترازات الوقائية للحد من انتشار هذا الوباء مع كامل التوكل على الله تعالى.
عباد الله: إنَّه لا يُصاب أحد بهذا الوباء إلا بقدر الله ونعلم يقيناً أنَّه لا رافع له إلا الله تعالى، وقد رأى العالم أجمع عجز الطب الحديث عن اكتشاف دواء ولقاح له، ولله الحكمة البالغة في ذلك، فتضرعوا إليه سبحانه وتعالى بأن يرفع هذا الوباء، وأن يجعله رحمة على عباده، واستغفروه وأكثروا من دعائه، وتوبوا إلى الله توبة نصوحاً، قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]
نسأل الله أن يوفق حجاج بيته الحرام لأداء مناسك حجهم براحة وطمأنينة، وأن يكون حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
[1] 05/11/1441هـ جامع بلدة الداخلة في سدير, عمر المشاري.
[2] ينظر بيان هيئة كبار العلماء الصادر يوم الاثنين 01/11/1441هـ نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس على الرابط https://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=2100976
المرفقات

حج-1441-ووباء-كورونا

حج-1441-ووباء-كورونا

المشاهدات 658 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


وإياك.